• عدد المراجعات :
  • 859
  • 5/29/2011
  • تاريخ :

توسل عمر بعم النبي العباس‏

الورد

وأعجب من ذلك: دعوى الشيخ سليمان النجدي اختصاص التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره، مع أن في صحيح البخاري: أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا صلى الله عليه وآله وسلم إذا قحطنا فسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون.

وفي خلاصة الكلام عن العلامة القسطلاني في المواهب: أن عمر لما استسقى بالعباس قال: أيها الناس إن رسول الله كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد، فاقتدوا به في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلى الله.

ففيه التصريح بالتوسل بغير النبي، لأن فعل عمر حجة عند الجميع، بل وفعل الصحابة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أصحابي كالنجوم. بأيهم اقتديتم اهتديتم.

فلو كان التوسل ونداء غير الله شركاً لما كان فرق بين المستغاث به حياً أو ميتاً، وكون الحي قادراً لا دخل له بمسألة الإيمان والكفر

ومع ذلك فهل يتوهم أن هؤلاء الذين التجوا بالنبي عند القحط أشركوا في توسلهم؟ أو أنهم أعرضوا عن قوله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ) « الاعراف: 55» وقوله تعالى: (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً) « الجن: 18».

أو أن عمر أراد من ضمه العباس في الدعاء الشرك بالله؟ أو أنه لم يعرف من معالم الدين قدر ما فهمه الوهابيون؟ كلا، إن هذا بهتان عظيم على أمناء الدين.

فلو كان التوسل ونداء غير الله شركاً لما كان فرق بين المستغاث به حياً أو ميتاً، وكون الحي قادراً لا دخل له بمسألة الإيمان والكفر ولم يذهب أحد من العلماء في أصولهم: إلى أن اعتقاد القدرة من العقائد الدينية، مع أن لازمه أنه إذا اعتقد المضطر قدرة المتوسل به وإن كان ميتاً لما كان التوسل به شركاً، أو أنه اعتقد عجز الحي والتجأ به كان شركاً، ولم يقل به أحد.

نعم: السؤال من العاجز مع إحراز عجزه لغو، لا أنه شرك، وإلّا لزم انقلاب الإيمان إلى الشرك، وبالعكس عند تبديل العجز بالقدرة والتمكن بعدم المقدرة!

فإن قلت: إن الله تعالى أعطى القادر من عباده القدرة والقوة وأنا اطلبه مما أعطاه الله تعالى.

قلت: الجواب من ذلك هو الجواب الذي قاله ابن عبد الوهاب حرفاً بحرف في الرد على من قال بصحة الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأئمة عليهم السلام.

فنقول: إن الله أعطاه القدرة، ولكن نهاك عن دعاء المخلوق في قوله "فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً" وقوله: "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً"، وقوله تعالى: "فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ"، وقوله: "وَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ".

فان قلت: إن الحول والقوة إذا كانا من جانب الله كان دعاء القادر دعاء لله لا دعاء مع الله.

قلنا: إذن لا فرق بين الوقوف بين يدي القادر المتمكن والسؤال منه‏ أو الوقوف على قبره وجعله شفيعاً إلى الله في قضاء الحوائج، ودعوى الفرق مكابرة صرفة في المهم.

فإن قلت: إن ذلك من جعل الآلهة نظير وقوف المشركين على أحجارهم وأخشابهم التي كانوا يعبدونها في الجاهلية.

قلنا: الوقوف بين يدي الحي والالتماس منه أيضاً من جعل الآلهة نظير وقوف عبده موسى وعيسى ومريم، والذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، فالوقوفان على نمط واحد؟

فما للوهابيين لا يكادون يفقهون حديثاً؟؟!!

ثمّ إن الجواب عما استدل به ابن تيمية لمنع رفع الحوائج إلى قبور الأنبياء والصالحين: أن قوله تعالى "إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... إلخ" ..

هو إنها باتفاق المفسرين واردة في خصوص الكفار والمشركين العاكفين على أصنامهم، بزعمهم أن البدائع السماوية مفوضة إلى الكواكب التي على صورتها تلك الأصنام حسب تخيلهم، فأبطل الله دعواهم بأن تلك الأصنام جماد ليس من شأنها السماع، ولا تتمكن من إجابة الدعوة، فكيف تتمكن من الأفاعيل الخارقة للعادة؟؟

ثمّ إنه سبحانه حكم بشركهم لاتخاذهم تلك الأصنام شريكاً لله في الخلق وتدبير العالم وجوزوا عبادتها خلافاً لله تعالى فيما نهاهم عنه على لسان أنبيائه بقوله تعالى: (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) وقوله سبحانه: (أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ).

وأين هذا ممن لا يعتقد في الأنبياء والصلحاء الخلق والتدبير ولا يعتقد عبادتهم؟ بل ولم يقف أمامهم إلّا بغرض الاستشفاع الذي نطق به الكتاب والسنة.

فإن الأمر وإن كان كله لله تعالى فلا يكون إلّا بإرادته ورضاه، إلّا أنه لا ينافي ثبوت الشفاعة الحسنة للأنبياء والأولياء في الدنيا والآخرة بعد الإذن من خالق البرية، كما أنه لا ينافي ثبوت الخلق وإحياء الموتى وشفاء المرضى لعيسى عليه السلام بعد الإذن من خالق السماء

 

ان الأمور بإرادته ورضاه‏

ثمّ إن للوهابية حججاً غير وافية بمقصودهم من حرمة الاستشفاع والتوسل والاستعانة.

 (أحدها) قوله تعالى:(إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ).

وفيه نظر واضح، فإن الأمر وإن كان كله لله تعالى فلا يكون إلّا بإرادته ورضاه، إلّا أنه لا ينافي ثبوت الشفاعة الحسنة للأنبياء والأولياء في الدنيا والآخرة بعد الإذن من خالق البرية، كما أنه لا ينافي ثبوت الخلق وإحياء الموتى وشفاء المرضى لعيسى عليه السلام بعد الإذن من خالق السماء فالموحدون طراً على أنه لا حول ولا قوة إلّا بالله، وأنه ما من شي‏ء إلّا عنده خزائنه وما ينزله إلّا بقدر معلوم.

لكنه تعالى مع ذلك جعل لكل شي‏ء سبباً، وأبى أن يجري الأمور إلّا بأسبابها المتعارفة، ولولاه لما قال موسى عليه السلام "هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَ أَهُشُّ بِها عَلى‏ غَنَمِي وَ لِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى" أو يقول لأهله: "امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً".

فالأنبياء مع أنهم معصومون استعانوا بغير الله تعالى، حتى نزل في حق محمد صلى الله عليه وآله وسل: "يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ".

قال ابن تيمية: إن قوله تعالى (وَ مَنِ اتَّبَعَكَ) معطوف على الكاف في حسبك، والمعنى حسبك الله وحسب من اتبعك.

الجواب: هذا خلاف لظاهر الآية ومناقض للصناعة النحوية، للزوم العطف على الضمير المجرور بلا إعادة الجار أعني المضاف وهو لفظ حسب فمقتضى ظاهر الآية كون النبي مستمداً من الله ومن المؤمنين، كاستمداد عيسى عليه السلام بالحواريين حيث قال: من أنصاري إلى الله، وكاستمداد موسى بأخيه هارون حتى نزل في حقه: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ)، وقال لوط عليه السلام "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ". وقال سبحانه: "إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ" أي قويناهما بثالث.


ادلة السنة على التفات الميت ودركه الأشياء

استنصار الله والانبياء بالمخلوقين‏

إصالة الإباحة في الأفعال والأقوال

الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله‏

الرد علي ما قاله الشيخ سليمان بن سحمان في الشفاعة 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)