• عدد المراجعات :
  • 1150
  • 12/26/2007
  • تاريخ :

فصول من السيرة العلوية (4)

بسم الله الرحمن الرحيم

الإمام علي ( عليه السلام )

 

فصول من السيرة العلوية (1)

فصول من السيرة العلوية (2)

فصول من السيرة العلوية (3)

 

 42- بعد أن تمَّت البيعة لأمير المؤمنين (ع) ، أعلن عن سياسته في إدارة شئون الحكم فكان فيما أعلنه :

أولاً:

 أنَّ الناس سواسية في الحقوق قال(ع): " فأنتم عباد الله، و المال مال الله يُـقّسم بينكم بالسوية ، لافضل لأحد على أحد و للمتقين عند الله غدًا أحسن الجزاء " .

ثانيًا:

 استرداده للأموال ، التي أقطعها عثمان لغير مستحقيها ، و إيداعها في بيت المال لصرفها في مصارفها ، يقول(ع) : " و الله لو وجدته قد تزوج به النساء ، و ملك به الإماء لرددته ، فإنَّ في العدل سعة ، و من ضاق عليه العدل فالجور عليه أضيق " ، و قال (ع) : " ألاَ أنَّ كل قطيعة أقطعها عثمان ، و كل مال أعطاه من مال الله ، فهو مردود في بيت المال ، فإن الحق القديم لا يبطله شيء.. ".

ثالثًا:

 عزل العمَّال غير المؤهلين ، يقول (ع) للمغيرة: " لايسألني الله عز و جل عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدًا ، و ما كُنتُ متخذ المضلين عضدا " . 

رابعًا:

 إقامة الحق أيَّـًا كانت كُلفته ، يقول(ع) : " إنَّ أفضل الناس عند الله من كان العمل بالحق أحبُ إليه - و إن نقصه و كرثه - من الباطل ، و إن جرَّ إليه فائدة و زاده... ".

خامسًا:

 اعتماد سياسة الصّدق و عدم المداهنة ، يقول(ع) : " ألا و لاكراهية الغدر كُنتُ من أدهى الناس ، ألا و أنَّ الغدر و الفجور و الخيانة في النار " ، و يقول(ع) : " لاأداهن في ديني ، و لاأُعطي الدنية في أمري ".

سادسًا:

 اختيار العُمّال الصالحين من ذوي الكفاءة ، يقول (ع) لمالك الاشتر : " فاصطفِ لولاية أعمالك أهل الورع و العلم و السياسة " .

سابعا:

مراقبة العمَال و محاسبتهم ، يقول(ع) : " ثم انظر في أمور عُّمالك ، فأستعملهم اختبارًا ... ، ثم تفقد أعمالهم ، و ابعث العيون من أهل الصدق و الوفاء عليهم ... ".

ثامنًا:

 معاقبة الخونة من العُّمال ، كتب (ع) لرفاعة عندما بلغه خيانة ابن هرمة : " إذا قرأَت كتابي فنحِّ ابن هرمه عن السوق و أوقفه للناس و اسجنه و نادِ عليه ... ، و إذا كان يوم الجمعة فأخرجه من السجن و اضربه خمسة و ثلاثين سوطًا و طف به في الأسواق... ".

تاسعًا:

 نهيُ العمّال عن أخذ الهدية ، يقول(ع) : " أيمُّا والٍ احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة ، و عن حوائجه و إنْ أخذ هدية ، كان غلولاً ، و إن أخذ رشوة فهو مشرك... " .

عاشرًا:

التوفيق بين الشدة و اللين ، يقول الإمام (ع) : " فالبس لهم جلبابًا من اللين تشوبه بطرفٍ من الشدة و داول لهم بين القسوة و الرأفة و امزج لهم بين التقريب و الإدناء و الإقصاء و الإبعاد... ".

حادي عشر:

 اتخاذ البطانة الناصحة دون المتزلَّفة ، يقول(ع) : " ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمرَّ الحق لك ... ، ثم رضهم على أن لايطروك ، و لايبجحوك بباطل لم تفعله ، فإنَّ كثرة الإطراء تحدث الزهو... ".

ثاني عشر:

 تّعلِيم الأمة و تربيتها ، يقول (ع): " ... ولكم عليَّ حق ، فأما حقكم عليَّ فالنصيحة لكم و توفير فيئكم ، و تعليمكم كي لاتجهلوا و تأديبكم كيما تعلموا ". و ثمة أمور أخرى كثيرة أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة ، وقد التزم الإمام (ع) بكل ما أعلن عنه بدقة بالغة كما يشهد لذلك التاريخ.

43- شقَّ على المتنفذين و أصحاب الامتيازات ما أعلنه علي (ع) من سياسةٍ لإدارة شئون الحكم ، فكانت واقعة الجمل في البصرة بعد أن بذل الإمام (ع) أقصى الجهد من أجل تجنُّب هذه الواقعة ، إلاّ أنهم بعد أن سلبوا بيت مال المسلمين في البصرة ، و مثّلوا بعامله عليها ، و بعد قتّلهم لجمع كبير من المسلمين ، و تعبئتهم لجيش كبير قوامه ثلاثين ألفًا ، لم يكن للإمام (ع) بُدٌّ من مواجهتهم ، فكان له الظفر (ع) بعد حربٍ طاحنة حصدت الآلاف من الطرفين ، و كان ذلك سنة 36 هـ.

44- و ما أن انتهت المعركة حتى تعبَّئت الشام بقيادة معاوية لمحاربة علي (ع) ، و كان قوام جيشه مائة ألف ، و كان شعاره الثأر لعثمان ، إلا أنَّ واقع الأمر لم يكن كذلك بل إنَّ من أهم أسباب قرار الحرب ، هو أنَّ الإمام علي (ع) عزل معاوية عن ولاية الشام ، و سحب تمام الامتيازات عنه ، وعدم قبول معاوية بسياسة علي (ع) في إدارة شئون الحكم ، و رغم أنَّ الإمام لم يكن مبتغيًا للحرب ، و إنما كان يُصرَّ على عزل معاوية و جميع العُّمال الفاسدين ، لذلك لم يجد بدًا من مواجهة هذا الواقع و العمل على تصحيح ما انحرف من مسار الأمة. فكانت واقعة صفين ، و التي بدأت في سنة 36 هـ ، و استمرَّت على بعض التقادير 18 شهرًا ، و حصدت الآلاف من الطرفين.

45- أوشكت المعركة أنّ تُحسم لصالح الإمام علي (ع) بقيادة مالك الأشتر ، إلا أنَّ معاوية و عمرو بن العاص دَّبرا مكيدة لإيقاف المعركة ، و هي رفع المصاحف ، فرفُعت على الرماح ، و دعوا إلى تحكيم كتاب الله عز و جل ، فاضطرب جيش عليِّ (ع) ، و رغم أنَّ عليًا (ع) أكّد لهم أنَّ تلك مكيدة ، إلاّ أنهم شهروا في وجهه اثنى عشر سيفًا ، فاضطر لقبول التحكيم.

46- اختار معاويةُ عمرو بن العاص ، ليكون ممثلاً لجيش الشام ، و اختار علي (ع) مالكَ الأشتر ، أو عبدالله بن عباس ، إلاّ أنَّ جيشه أبى عليه ، و اختاروا أبا موسى الأشعري ، فكانت النتيجة أن خُدع أبو موسى الأشعري ، فلم يقبل بنتيجة التحكيم جيشُ علي (ع) ، و قال بعضهم إننا أخطأنا ، و كفرنا ، فنتوب إلى الله تعالى من ذلك ، و قالوا لعلي (ع) اعترف بالكفر ثم تب إلى الله عز وجل.

من هنا نشأت فكرة الخوارج ، فكفّروا عليًا (ع) ، و استباحوا دمه و دماء كُلِّ من لم يقبل بقولهم ، و انفصلوا عن جيش علي (ع) ،و عسكروا في منطقة يقُال لها النهروان ، و كان قوامهم اثني عشر ألفًا ، فبعث إليهم الإمام (ع) ابنَ عباس ، فنصحهم ، و نصحهم عليّ (ع) ، و جمعٌ من أخيار المؤمنين ، فرجع منهم ثمانية الآف ، إلا أنّ أربعة الآف منهم أصّروا على موقفهم ، و كان علي (ع) يأبى انْ يقاتلهم أو يمنعهم عطاياهم ، إلاّ أنهم لمّا أن شهروا السلاح في وجوه المؤمنين ، و استباحوا دماء بعض الأخيار ، أمثال الصحابي الجليل عبدالله بن خباب عبّأ عليٌّ ما تبقى من جيشه ، و بدأهم بالنصيحة ، فلمّا أَبوا إلاّ الحرب قاتلهم فكانت معركة النهروان ، و انتهت بقتل أكثرهم . و كان ذلك سنة 38 هـ ، و قد صدقت نبوءة رسول الله (ص) ، و هو الصادق المصّدق حيث قال لعلي(ع) : " يا علي لتقاتلنّ الفئة الباغية و الفئة الناكثة و الفئة المارقة " . 

47- انتهت المعركة ، و عاد عليّ (ع) إلى الكوفة ، يسوس رعيته بالعدل ، و يأمرهم بالتقوى ، و يعلّمهم الفروض و الأحكام و الحدود ،  و في ذات الوقت كان يُعبأ جيشًا لمعاودة الحرب مع الشام ، إلاّ أنَّ فلول الخوارج ، أجمعت على اغتياله.

48- في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك سنة 40 هـ ، خرج عليٌّ لصلاة الصبح ، فكبّر في الصلاة ، ثم قرأ من سورة الأنبياء إحدى عشر آية ف، ضربه عبدالرحمن بن ملجم على رأسه بسيفٍ مسموم ، فقال عليٌّ(ع) : " فزت و رب الكعبة " ، و قِيل ضربه ، و هو ساجد، ثم حُمل إلى مصلاَّه في بيته ، ففتح عينيه ف، قال : " الرفيق الأعلى خيرٌ مستقرًا و أحسنُ مقيلا ضربةٌ بضربة أو العفو ، إنْ كان ذلك " ، ثم عرق ، ثم أفاق ، فقال: " رأيتُ رسول الله (ص) يأمرني بالرواح إليه عشاءً ثلاث مرات " ، و قال: " أطيبوا طعامه ، و ألينوا فراشه ... ، و لا تُمثّلوا بالرجل ، فأني سمعتُ رسول الله (ص) ، يقول : إيّاكم و المثلة ، ولو بالكلب العقور ".

49- هذا وقد أوصى عليٌّ ، و هو على فراشه بمجموعة من الوصايا جاء فيها ،

" سمعتُ رسول الله (ص) ، يقول صلاحُ ذاتِ البين أفضلُ من عامة الصلاة و الصيام ... ، الله الله في الأيتام ، فلاتغبُّوا أفواههم ، و لايضيعوا بحضرتكم ...، الله الله في جيرانكم ، فإنهم وصية نبيكم ... ، الله الله في القرآن لايسبقكم بالعمل به غيركم ... ، الله الله في الصلاة ، فإنها عمود دينكم .... ، الله الله في الجهاد بأموالكم و أنفسكم و ألسنتكم... ، و عليكم بالتواصل و التباذل و إياكم و التدابر و التقاطع ... ، لا تتركوا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فيولَّى عليكم شراركم ،ر ثم تدعون فلا يستجاب لكم... ".

50- في المستدرك على الصحيحين ، قال : " ما رُفع حجر بإيليا ليلة قُتل عليٌّ (ع) ، إلاّ وُجد تحته دم عبيط " ، و ذكر في موضع آخر ،  " لم يُرفع حجر في بيت المقدس إ، لا وُجد تحته دم ".

51- حُمل عليٌّ (ع) إلى الغريين بوصيةٍ منه بعد تغسيله ، و تكفينه ، و تحنيطه بفاضل حنوط رسول الله (ص) ، و قال في وصيته : " ثم اخرجا بي و احملا مؤخر السرير ، فإنكما تكفيان مقدمه ، ثم ائتيا بيَّ الغريين ، فإنكما ستريان صخرة بيضاء تلمع نورًا فاحتفرا ، فيها فإنكما تجدان فيها ساجةً "، يقول الحسن و الحسين عليها السلام ، فاحتفرنا فإذا ساجة مكتوب عليها " مما أدخر نوح لعلي بن أبي طالب ".

52- اُعفي قبر الإمام علي (ع) ، فلم يعرف أحدٌ موضعه إلا الأئمة عليهم السلام ، و بعض الخواص من شيعتهم حتى جاء زمان الإمام الصادق (ع) ، فأخبر الناس بموضعه و من ذلك الحين أصبح قبره (ع) مهوى أفئدة العاشقين.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)