• عدد المراجعات :
  • 1161
  • 10/29/2011
  • تاريخ :

كيف نلبي دعوة الله؟ أدع الله

كيف نلبي دعوة الله؟ أدع الله

لماذا كان الدعاء؟

هناك شعور مكين واحساس وجداني في كل فرد منا، فأنا وأنت نجوع وهذه حاجة إلى الطعام، وأنا وأنت والناس جميعاً نمرض ونحتاج إلى المداوي والدواء، وأنا وأنت نصاب بالبرد والحر والألم والخوف ويعترينا الجهل ونحتاج إلى معلم ومدفأة ومبرد الخ فوجودنا يضج بكل تفاصيله بالافتقار والحاجة... يا ترى لماذا؟

الجواب هو: أن اللَّه عزّ وجلّ خلقنا محتاجين إليه فقراء إليه كي يكون لنا حافز على التوجه إليه، والتضرع إليه لسد الحاجات، واغنائنا من الفقر واغاثتنا في المصائب واللهف إليه.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)1 اللَّه هو الغني... ونحن الغارقون في فقرنا، بل نحن الفقر بعينه... إلى من نلجأ لمواجهة فقرنا: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ...)2.

اللَّه يدعونا إلى أن نأتي إليه لقضاء كل حاجة ولسد كل افتقار، ويضمن الإجابة ويتعهد بذلك. ومن أوفى من اللَّه بعهده ووعده، بل إن اللَّه في تتمة الآية يعتبر من لا يدعوه مستكبراً.

(إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ)3.

فالدعاء تعبير طبيعي عن إحساسنا كبشر بوجود اللَّه وأنه مصدر الغنى والكمال والجود.

هل يحتاج اللَّه لدعائنا؟

يقول اللَّه في كتابه العزيز: (قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ...)4.

في هذه الآية إجابة على التساؤل، وهو أن اللَّه غني عنا وغني عن عبادتنا وعن دعائنا ولكن الإنسان هو المحتاج إلى اللَّه وإلى الدعاء، ولولا الدعاء لا يلتفت اللَّه إلينا ولا يعبأ بنا.

نحن نحتاج إلى الدعاء لنقترب أكثر من اللَّه، ولنتلمس وجوده بتلمس احتياجنا وافتقارنا، فنحن كما نحتاج إلى قضاء حوائجنا منه نحتاج إلى الدعاء نفسه، لأنا بالدعاء نعرف اللَّه ونرى قربه منا ونوثق علاقتنا به، لتكون ثمرة الدعاء لنا أولاً لمعرفة أنفسنا. وثانياً لقضاء حوائجنا وثالثاً لمعرفة اللَّه عزّ وجلّ وتذوق حلاوة قربه منا ومعاينة كرمه الذي لا حد له ولذا قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ).

اللَّه قريب، إذن هو يسمع، هو يعرف الحاجة وبيده قضاؤها.

(أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ).

هو يجيب، فلماذا يريدنا أن ندعوه مع أنه لا يحتاج إلى دعائنا لمعرفة حوائجنا، يجيب تعالى: (فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي) استجب إلى اللَّه بدعائه لأن ذلك يعزز الإيمان: (وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)5.

بالدعاء نتعرف على مبدأ وجودنا الذي هو اللَّه، ونعترف له بغناه ونقر بفقرنا وحاجتنا، ونمارس الثقة بكرمه وقدرته ورحمته.

وفي هذا حكمة من اللَّه الخبير بخلقه، ومن موقع تربيتنا لنصل إلى الغاية حتى لا نشعر بالاستغناء فنطغى: (كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى)6.

وحتى نبقى مرتبطين بخالقنا متوجهين ساعين إليه، ولنعمق إحساسنا بوجوده وكرمه ورحمته، ولذا ورد في الحديث "افضل العبادة الدعاء"7.

فالافتقار، والاحتياج، والآلام، والشدائد التي تمر بنا، تكشف لنا كم نحن ضعفاء وقاصرون عن تحصيل غاياتنا، فالدعاء يعوّدنا على الاتصال باللَّه، ويصلح أنفسنا ليساعدنا على اكتشاف أنفسنا، ومعرفة هذه الأنفس، ومعرفة رب الأنفس وبارئها لترتبط باللَّه، ونقمع في أنفسنا جموحها وطغيانها... معترفين بضعفنا وذنوبنا، نرغب إلى اللَّه في اصلاح هذه الأنفس وشفائها من أمراضها.

والدعاء ينمي الحب في قلب الإنسان لربه، ويقوي إحساسنا بجمال اللَّه وكرمه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "قال رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم: الدعاء سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض"8.

متى ينفع الدعاء؟

يقول اللَّه: (وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)9.

هناك حوائج وقف اللَّه قضاءها على الدعاء، ومنازل ومقامات معنوية لا تنال كذلك إلا بالدعاء.

فعن الإمام الصادق: "يا ميسر: ادع ولا تقل أن الأمر قد فرغ منه إن عند اللَّه عزّ وجلّ منزلة لا تنال إلا بمسألة ولو أن عبداً سد فاه ولم يسأل لم يعط شيئاً فسل تعط يا ميسر إنه ليس من باب يقرع ألا يوشك أن فتح لصاحبه"10.

الإجابة مضمونة للدعاء شرط أن يكون التوجه للَّه من موقع الحاجة الفعلية، وأن يكون فيما يدعو به الإنسان لنفسه مصلحة، وإذا تأخرت الإجابة فليؤمن بأن اللَّه إنما يختار لعبده ما هو أصلح له وخير له وإن أخر فلأجل مصلحة.

"ولعل الذي ابطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور"11.

وعلينا أن نلح في الدعاء وأن نقوم بما يجب علينا من عمل لا أن نجلس في بيوتنا منتظرين غير عاملين.

"الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر"12.

وعلينا أن نغتنم الظروف الملائمة لحصول التوجه القلبي إلى اللَّه. وليكن الدعاء على طهارة، وعلينا إن نكون واثقين بمن ندعو أنه سيستجيب لنا. فعن الصادق عليه السلام: "إذا دعوت فظن أن حاجتك بالباب"13.

ولنجتهد بالدعاء من الإلحاح إلى التضرع والخشوع: "ادعوا ربكم تضرعاً وخفية".

وفي حديث قدسي: "يا عيسى، ادعني دعاء الغريق الحزين الذي ليس له مغيث يا عيسى اذل لي قلبك وأكثر ذكري في الخلوات واعلم أن سروري أن تبصبص إلي وكن في ذلك حياً وتكن في ذلك ميتاً ــ واسمعني صوتاً حزين"14.

وعلينا أن نغتنم أفضل الأوقات للدعاء لا سيّما ليلة الجمعة.

فعن الإمام الباقر عليه السلام: "إن اللَّه لينادي كل ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى آخره... إلا عبد مؤمن يتوب إليَّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأزيده وأوسع عليه إلا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأعافيه إلا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من سجنه وأخلي سربه إلا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ بظلامته قبل طلوع الفجر فانتصر له وآخذ بظلامته".

قال عليه السلام: "فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر"15.

خاتمة

ولذا فتعالى أخي لا نغفل عن هذا الباب الذي فتحه لنا، وألزم نفسه أن يعطينا إن سألناه ويجيبنا إذا دعوناه، فلا نترك الدعاء لنعوّد أنفسنا على أن نلتزم بالقنوت في كل صلاة.

الذي هو دعاء مستحب يؤتى به في كل صلاة بعد قراءة الحمد والسورة وقبل الركوع، ولنختر لقنوتنا من الأدعية ما جاء على لسان أهل بيت العصمة عليهم السلام أو ما تضمنه القرآن الكريم.

وكذا فتعال نغتنم فرصة الأوقات الشريفة، فنتوجه إلى المساجد ليلة الجمعة لنشارك بدعاء كميل ولنقرأه، ونتأمل بمعانيه العظيمة، وكذلك لنتوجه ليلة الأربعاء إلى المساجد لنشارك بدعاء التوسل، لنتوسل إلى اللَّه بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت عليهم السلام الذين هم الوسيلة إلى اللَّه، ولنعوّد أنفسنا على ذلك لنواجه جنوح هذه الأنفس إلى ما يغضب اللَّه ونقمع جموحها.

خلاصة

1- نحن محتاجون فقراء جعلنا اللَّه كذلك لنتوجه إليه.

2- الدعاء وسيلة للتعرف على اللَّه وتوثيق العلاقة به.

3- الدعاء مدرسة يتربى فيها الإنسان وينمي علاقته بربه.

أسئلة

1- كيف تضمن استجابة الدعاء؟

2- اذكر فقرة من دعاء كميل تدل على فقر الإنسان وغنى اللَّه عزّ وجلّ وكرمه؟

3- أجب بـ(صح أم خطأ):

أ- الإنسان الذي لا يدعو اللّه تعالى هو في الحقيقة مستكبر.

ب- إذا لم يستجب اللّه تعالى للإنسان مباشرة فهذا يعني أن دعاؤه غير مقبول.

جــ- ينبغي أن لا نطلب من اللّه تعالى إلا الأمور المهمة والأساسية.

د- اللّه يعطي الإنسان ما يريد حتى دون الدعاء.

    للمطالعة

دشمة السيد عباس قدس سره

... كانت طائرات العدو تحلق بكثافة فوقنا، فسارع مرافقي إلى الإشارة إليّ بأن التجيء إلى أجمة حتى لا تراني طائرات العدو اليهودي.. لم نمكث طويلاً حتى أطل آمر الموقع يطمئن علينا.. وبعد حوار قصير أصدر أوامره إلينا بضرورة الإلتجاء إلى الدشمة القريبة، دشمة السيد عباس قدس سره.. فوجئت بالتسمية ولم يخامرني شك في أن السيد عباس قدس سره قد جاء إلى هنا خلال مراحل حياته الجهادية العظيمة، حيث كان من حين إلى آخر يأتي إلى محاور المقاومة، فيعيش مع المجاهدين يستمع إليهم ويستمعون إليه.. ولا شك أنه إما أن يكون جلس في هذه الدشمة، أو صلى فيها، أو شارك في بنائها.. ولم أتردد في النطق بهذه الاحتمالات.

- هل جاء السيد عباس إلى هنا وشارك في بنائها؟ كلا.

- ماذا؟ إذن هو قد صلى فيها أو جلس فيها مع المقاومين!!

- كلا مطلقاً، فالسيد الشهيد لم يأت إلى هذا الموقع مطلقاً!..

- إذن كيف هي دشمة السيد عباس؟!.

القصة أن أحد الإخوان المقاومين من أفراد الموقع مرّ بقرب الدشمة في إحدى الليالي سمع صوت دعاءٍ ينبعث من داخلها، وكان الصوت رحيماً حزيناً وعندما أصغى إليه وجد أنه صوت السيد عباس الموسوي الذي يعرفه جيداً.. ولكنه لم يكن ينتظر وجود السيد عباس في الدشمة فالسيد كان قد استشهد منذ مدة.. كذلك لم يكن فيها غيره، خصوصاً أنه دخل إليها حينئذٍ فوجدها خالية ولكن الصوت كان قد اختفى. وحتى لا يكون الصوت وهماً وخيالاً.. سمعه في اليوم الثاني وأصغى إليه.. وأخبر إخوانه بذلك.. فسموها دشمة السيد عباس.. وقد كان هذا الموقع هو الموقع الوحيد الذي لم يزره السيد الشهيد في حياته.. ولعل في ذلك تفسير لمجيئه إليها بعد شهادته16.

  اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان

الهوامش :

1-فاطر: 15.

2- غافر:60.

3- غافر: 60.

4- الفرقان:77.

5- البقرة: 186.

6- العلق: 6ـ7.

7- وسائل الشيعة، ج4، ص1088.

8- الكافي، ج2، ص468.

9- النساء: 32.

10- الكافي، ج..، ص466.

11-  تهذيب الأحكام، ج3، ص89.

12- نهج البلاغة، ج4، ص79.

13- الكافي، ج2، ص473.

14- الكافي، ج8، ص138.

15- روضة الواعظين، ص333.

16- قصص الأحرار.


كيف نلبي دعوة الله ؟ زر الله في بيته

كيف نلبي دعوة الله؟ طهر قلبك وبدنك

كيف نلبي دعوة الله؟  أقم الصلاة

علينا ان نكشف الحجب

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)