قرآن الکریم فی روایات المدرستین جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

قرآن الکریم فی روایات المدرستین - جلد 1

سیدمرتضی العسکری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


تطير من الشي ءوبالشي ءواطير اي تشاءم من الفال الردي ءوطائر الانسان عمله , ويسمى الشؤم طيرا وطـائرا وطيرة على وزن عنبة وكانت العرب في الجاهلية تتطير بالسوانح والبوارح , ومفردهما
الـسـانـح والـبـارح , وهما ما مر من الطير والوحش من يمينك الى يسارك , وكانوا ينفرون الضباء
والـطـيـور, فـان اخذت ذات اليمين , تبركوا به , ومضوا في سفرهم وحوائجهم , وان اخذت ذات
الـشـمـال رجـعـوا عـن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها, فكانت تصدهم في كثير من الاوقات عن
مصالحهم((6)) وكان بعضهم يتيمنون بالسانح , وهو الذي جاء من يمينهم الى يسارهم , ويتشاءمون
بالبارح , وهو الذي ياتي من اليسار نحو اليمين((7)) ويتطيرون من نعيق الغراب وغير ذلك .

وكان التطير قبل ذلك موجودا في المجتمعات الجاهلية السحيقة كما اخبر اللّه سبحانه عنه .

1 ـ في سورة النمل عن قوم ثمود انهم قالوا لنبيهم صالح (ع ):

(قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند اللّه بل انتم قوم تفتنون ) (الاية / 47).

اي انـهـم قـالـوا لـصالح : انا تشاءمنا بك وبمن على دينك , وذلك لانهم قحطوا وحبس المطر عنهم
وجـاعـوا, فقالوا: اصابنا هذا الشر من شؤمك وشؤم اصحابك فقال لهم صالح (ع ): طائركم عنداللّه
اي الشؤم اتاكم من عند اللّه وانتم تفتنون تمتحنون بذلك .

وكذلك معنى قول آل فرعون لموسى (ع ) كما اخبر سبحانه عنهم في سورة الاعراف :

(ولـقد اخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون * فاذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا
هذه وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه الاانما طائرهم عند اللّه ولكن اكثرهم لا يعلمون )
(الايـات / 130 , 131) مـعناه لما عاقبنا قوم فرعون بالقحط لعلهم يتفكرون في امرهم ويوحدون
اللّه , كـانـوا اذا جـاءهم الخصب والنعمة قالوا انا نستحق هذه النعمة لسعة ارزاقنا في بلادنا, ولم
يـؤمـنـوا بانها من عند اللّه ليشكروه ويعبدوه , واذا اصابهم حبس المطر وهلاك الزرع والضرع
تشاءموا بموسى ومن معه وقالوا: هذا من شؤمكم , الا وان طائرهم والشؤم الذي لحقهم هو عقاب من
عند اللّه كما وعدهم بذلك .

2 ـ اخبر عن نظير ذلك في سورة يس وقال سبحانه :

(واضـرب لهم مثلا اصحاب القرية اذ جاءها المرسلون قالوا انا تطيرنا بكم قالوا طائركم معكم )
(الايات / 13 ـ 19).

قـالـوا: انـا تشاءمنا بكم فقالت الرسل : طائركم معكم اي الشؤم كله معكم باقامتكم على الكفر باللّه
تعالى .

هكذا كان التطير من عقائد اهل الجهل في الجاهلية القديمة السحيقة وجاهلية عصر الرسول (ص )
ولا يـزال الـتطير موجودا في جاهلية عصرنا مثل تشاؤمهم برقم (13) وقد ابطل اللّه ورسوله
التشاؤم واستحسن الرسول (ص ) الفال واثبته وروي انه قال :

((لا طـيـرة وخـيـرهـا الـفـال )), قـيل : يا رسول اللّه وما الفال قال : ((الكلمة الصالحة يسمعها
احدكم ))((8)) .

وفي رواية قال : ذاك شي ء يجده احدكم في نفسه فلا يصدنكم((9)) .

وقـال ابـو عبداللّه الصادق (ع ) الطيرة على ما تجعلها ان هونتها تهونت وان شددتها تشددت وان لم
تجعلها شيئا لم تكن شيئا((0)) .

و ـ الازلام والميسر.
قال اللّه سبحانه :
1 ـ في سورة المائدة .

(حـرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما اهل لغير اللّه به والمنخنقه والموقوذة والمتردية
والنطيحة وما اكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وان تستقسموا بالازلام ذلكم فسق اليوم
يـئس الـذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي
ورضيت لكم الا سلا م دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لا ثم فان اللّه غفور رحيم ) (الاية
/ 3).

2 ـ في سورة المائدة (يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل
الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )(الاية / 90).

تفسير الكلمات :
.
ا ـ الميتة :
كل ما له نفس سائلة ـ دم يجري ـ من حيوانات البر والطير مما اباح اللّه اكله وفارقها روحها بغير
الذبح الذي شرعه اللّه .

ب ـ الدم :

كانوا يجعلون الدم في المصارين ويشوونه وياكلونه او بانواع اخرى من طبخ الدم .

ج ـ لحم الخنزير:

قال اللّه سبحانه (لحم الخنزير) ليبين انه حرام بعينه لا لكونه ميتة .

د ـ ما اهل لغير اللّه :

كان من عادة العرب في الجاهلية ان ينادوا باسم المقصود بالذبيحة من اصنامهم عند ذبحها ويقولون :
باسم اللات او العزى او غيرهما وهذا هو الاهلال بالذبيحة .

ه ـ المنخنقة :

الـحـيـوان الـذي خـنق حتى مات بحبل الصيد او غيره , وقالوا: ان بعضهم في الجاهلية كان يخنق
الحيوان احيانا ثم ياكله .

و ـ الموقوذة :

الـوقذ شدة الضرب كان بعضهم يضربون الانعام بالخشب لالهتهم , حتى يقتلوها فياكلوها او المقتول
بالرمي الذي لا يخترق الجلد.

ز ـ المتردية :

هي التي تتردى من الاعلى الى الاسفل فتموت كالتي تسقط من جبل او في بئر.

ح ـ النطيحة :

هي التي ينطحها غيرها فتموت .

ط ـ وما اكل السبع الا ما ذكيتم :

مـا افـتـرسـه اي نـوع مـن السباع , فمات الا ما ادركوه وهو جريح وقاموا بتذكيته وفق الشرع
الاسلامي .

ي ـ وما ذبح على النصب :

الـصـنـب : النصب والنصب حجر ينصب للعبادة غير منقوش عليه بصورة والصنم صورة حيوان او
انسان او شي ء آخر تخيلوا وجوده وهو غير موجود وكانوا يعبدون احجارا منصوبة حول الكعبة ,
فاذا ذبحوا, نضحوا الدم عليها.

ك ـ وان تستقسموا بالازلام , الازلام واحدة الزلم ـ قداح الميسر ـ والزلم قطع من الخشب مسواة ,
تصلح ان تكون سهما, وتستقسموا اي تطلبوا قسمة الذبيحة بالازلام وسياتي تفصيله بحوله تعالى .

ل ـ الميسر: كل قمار ميسر.

م ـ الرجس : القذر بحسب الطبع او العقل او الشرع .

تفسير الايات :
.
كانت ازلام العرب ثلاثة انواع :
ا ـ ما يتخذها الانسان لنفسه , ويحملها في خريطة معه , وكتب على احدها: امرني ربي وعلى الثاني :
نـهـاني ربي والثالث مهمل لم يكتب عليه فاذا اراد فعل شي ء ادخل يده واخرج احدها, فاذا خرج ما
عليه الامر: فعل واذا خرج ما عليه النهي امتنع .

واذا خرج المهمل ارجعه واعاد العمل((1)) .

ب ـ سـبـعـة قداح كانت عند هبل في جوف الكعبة مكتوب عليها ما يدور بين الناس من النوازل , كل
قـدح مـنـها فيه كتاب , قدح فيه العقل من امر الديات , وفي آخر (منكم ) وفي آخر (من غيركم ),
وفي آخر (ملصق ), وفي سائرها احكام المياه وغير ذلك , وكانوا.

اذا شـكوا في نسب احدهم ذهبوا به الى هبل وبمائة درهم وجزور, فاعطوها صاحب القداح الذي
يـضرب بها, ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون , ثم قالوا: يا الهنا هذا فلان بن فلان قد
اردنا به كذا وكذا, فاخرج الحق فيه ثم يقولون لصاحب القداح : اضرب , فان خرج عليه (منكم ) كان
منهم وسيطا, وان خرج (من غيركم ) كان حليفا, وان خرج (ملصق ) كان على منزلته فيهم لا نسب
له ولا حلف .

وهـذه الـسبعة ايضا كانت عند كل كاهن من كهان العرب وحكامهم على نحو ما كانت في الكعبة عند
هبل .

ج ـ قـداح الميسر وهي عشرة : سبعة منها فيها حظوظ, وثلاثة اغفال , وكانوا يضربون بها مقامرة
لهوا ولعبا, وكان عقلاؤهم يقصدون بها اطعام المساكين والمعدم في زمن الشتاء وكلب البرد وتعذر
التحرف ((2)) .

قال اليعقوبي :

كـانت العرب تستقسم بالازلام في كل امورها, وهي القداح , ولا يكون لها سفر ولا مقام , ولا نكاح ,
ولا مـعرفة حال , الا رجعت الى القداح , وكانت القداح سبعة : فواحد عليه : اللّه عز وجل , والاخر:
عليكم , والاخر: نعم , والاخر: منكم , والاخر: من غيركم , والاخر: الوعد, فكانوا اذا ارادوا امرا
رجعوا الى القداح , فضربوا بها, ثم عملوا بما يخرج من القداح لا يتعدونه , ولا يجوزونه , وكان لهم
امناء على القداح لا يثقون بغيرهم .

وكـانـت الـعرب , اذا كان الشتاء ونالهم القحط, وقلت البان الابل , استعملوا الميسر, وهي الازلام ,
وتـقـامـروا عـليها, وضربوا بالقداح , وكانت قداح الميسر عشرة : سبع منها لها انصبة , وثلاث لا
انصبة لها, فالسبع التي لها انصبة يقال لاولها الفذ, وله جزء, التوام , وله جزآن , والرقيب , وله ثلاثة
اجـزاء, والـحـلـس , ولـه اربعة اجزاء , والنافس , وله خمسة اجزاء, والمسبل , وله ستة اجزاء,
والـمـعـلـى , ولـه سـبعة اجزاء, والثلاث التي لا انصبة لها اغفال ليس عليها اسم يقال لها: المنيح ,
والسفيح , والوغد.

وكـانـت الـجزور تشترى بما بلغت , ولا ينقد الثمن , ثم يدعى الجزار, فيقسمها عشرة اجزاء فاذا
قـسـمـت اجـزاؤهـا على السواء اخذ الجزار اجزاءه , وهي الراس والارجل , واحضرت القداح
الـعـشرة , واجتمع فتيان الحي , فاخذ كل فرقة على قدر حالهم ويسارهم , وقدر احتمالهم , فياخذ
الاول الفذ, وهو الذي فيه نصيب واحد من العشرة اجزاء, فاذا خرج له جزء واحد اخذ من الجزور
جزءا, وان لم يكن يخرج له غرم ثمن جزء من الجزور, وياخذ الثاني التوام , وله نصيبان من اجزاء
الجزور, فان خرج اخذ جزئين من الجزور, وان لم يخرج غرم ثمن الجزئين .

وكانوا يفتخرون به , ويرون انه من فعال الكرم والشرف ولهم , في هذا اشعار كثيرة((3)) .

وكـانـت الـمـقـامرة من وسائل كسب الثروة , سيما في مكة كما يرى مثال ذلك في الخبر الاتي في
الاغاني :

(قامر ابو لهب العاص بن هشام في عشر من الابل , فقمره ابو لهب , ثم في عشر فقمره , ثم في عشر
فـقـمـره , ثم في عشر فقمره , ثم في عشر فقمره , الى ان اخلعه ماله فلم يبق له شي ء, فقال له : اني
ارى القداح قد حالفتك يابن عبد المطلب فهلم اقامرك , فاينا.

قـمـر كـان عبدا لصحابه , قال : افعل , ففعل فقمره ابو لهب فكره ان يسترقه , فتغضب بنو مخزوم ,
فمشى اليهم , وقال : افتدوه مني بعشر.

مـن الابل , فقالوا: لا واللّه ولا بوبرة , فاسترقه فكان يرعى له ابلا فلما خرج المشركون الى بدر
كان من لم يخرج اخرج بديلا وكان .

ابـو لـهـب عـلـيـلا فـاخـرجه وقعد, على انه ان عاد اليه اعتقه , فقتله علي بن ابي طالب (رض )
يومئذ)((4)) .

ز ـ بيع الطعام عيب في الجاهلية :
.
قال في تاريخ العرب قبل الاسلام :
والـعـادة عـند العرب ان من العيب بيع شي ء من الطعام لمن هو في حاجة اليه وهم يشعرون بالخجل
وبـالاهـانـة اذا طـلب معسر طعاما او شرابا كلبن او ماء ثم لا يجاب طلبه , او يطلب عن ذلك ثمنا
يـقـبـضه مقابل ما قدم من طعام او شراب , لان القرى واجب على كل عربي , ولا يكون القرى بثمن
فكيف يقف انسان موقف بخل وامساك ازاء مرمل محتاج((5)) .

ح ـ السرقة عيب والغارة فخر:
.
قال في تاريخ العرب قبل الاسلام :
وتعد السرقة عيبا عند العرب , لانها تكون دون علم صاحب المسروق وبمغافلته .

والمغافلة والاستيلاء على شي ء من دون علم صاحبه عيب عندهم , وفيه جبن ونذالة .

واما الاستيلاء على شي ء عنوة وباستعمال القوة , فلا يعد نقصا عندهم ولا شيئا ولا يعد سرقة , لان
الـسالب قد استعمل حق القوة , فاخذه بيده من صاحب المال المسلوب , فليس في عمله جبن ولا غدر
ولا خيانة ولذلك فرقوا بين لفظة (سرق ) وبين الالفاظ الاخرى التي تعني اخذ مال الغير, ولكن من
غـير تستر ولا تحايل , فقالوا: (السارق عند العرب من جاء مستترا الى حرز, فاخذ مالا لغيره فان
اخذه من ظاهر, فهو مختلس ومستلب ومنتهب ومحترس , فان منع ما في يده فهو غاصب )((6)) .

ولم تعد (الغارة ) سرقة ولا عملا مشينا يلحق الشين والسبة بمن يقوم به بل افتخر بالغارات وعد
المكثر منها (مغوارا), لما فيها.

مـن جراة وشجاعة واقدام وتكون الغارة بالخيل في الغالب , ولذلك قال علماء اللغة : (اغار على القوم
غـارة واغـارة دفع عليهم الخيل )((7)) , وقد عاش قوم على الغارات , كانوا يغيرون على احياء
الـعـرب , ويـاخذون ما تقع ايديهم عليه , ومن هؤلاء (عروة بن الورد), اذ كان يغير بمن معه على
احـيـاء الـعـرب , فياخذ ما يجده امامه , ليرزق به نفسه واصحابه بعد ان انقطعت بهم سبل المعيشة ,
وضاقت بهم الدنيا, فاختاروا الغارات والتعرض للقوافل سببا من اسباب المعيشة والرزق .

وذكـر اهل الاخبار اسماء رجال عاشوا على الغارات وعلى التربص للمسافرين لسلب ما يحملونه
معهم من مال ومتاع .

ط ـ الخصومات :
.
قال في كتاب تاريخ العرب قبل الاسلام :
ويقع النزاع بين الناس , ويقع بين الاهل كما يقع بين الجيران وبين الاباعد وقد يتحول الى (عراك )
والى وقوع معارك .

والـمـشاجرة الخلاف والاشتباك وقد تكون المشاجرة هينة بان يشاتم ويسابب طرف طرفا آخر
ويعبر عن ذلك باللحاء.

ونـظـرا لـجهل الناس في ذلك الوقت , فشا السباب والتشاتم بينهم بين الرجال والرجال وبين النساء
والـنـسـاء وبـين الجنسين واذا طال واشتد تدخل الناس في الامر لاصلاح ذات البين وقد تتطور
الـخـصـومة البسيطة فتتحول الى خصومة كبيرة يساهم فيها آل المتخاصمين واحياؤهم , وقد يقع
بـسـبب ذلك عدد من القتلى وقد حفظت كتب الاخبار والادب اسماء معارك وايام سقط فيها عدد من
الـقـتـلـى بسبب خصومات تافهة , كان بالامكان غض النظر عنها, لو استعمل احد الجانبين الحكمة
والعقل في معالجة الحادث ((8)) .

ي ـ السلب والنهب :
.
نذكر في هذا الباب مثالا واحدا بخبر سلب زيد وبيعه في سوق عكاظ:
ابـو اسـامـة زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي خرجت به امه سعدى بنت ثعلبة من بني معن من طي
تـزور قومها بني معن , فاغارت على بني معن خيل بني القين فاخذوا زيدا في ما اخذوا وكان عمره
ثماني سنوات .

فـقـدموا به سوق عكاظ, فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة , فوهبته للنبي (ص ) فنشا في بيت
النبي (ص ) قبل بعثته وقدم ابوه وعمه في فدائه الى مكة فدخلا على النبي (ص ) فقالا: يا ابن عبد
المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه جئناك في ابننا عندك فامنن علينا واحسن الينا في فدائه غـير ذلك ؟ قالوا: ما هو؟ قال (ص ): ادعوه وخيروه فان اختاركم فهو لكم وان اختارني فواللّه ما
انـا بالذي اختار على من اختارني احدا فـقـال : هـل تـعـرف هؤلاء؟ قال : نعم فـاخـتـرني او اخترهما فقالا: ويحك اتـخـتـار العبودية على الحرية وعلى ابيك واهل بيتك بالذي اختار عليه احدا ابدا فلما.

راى رسول اللّه (ص ) ذلك اخرجه الى الحجر ـ حجر اسماعيل ـ فقال : يا من حضر ان زيدا ابني
يرثني وارثه فلما راى ذلك ابوه .

وعمه طابت نفوسهما وانصرفا فكان يقال له بعد ذلك : زيد بن محمد (ص ) وزوجه الرسول (ص )
بـعـد هـجرته الى المدينة ابنة عمته زينب حفيدة عبد المطلب على كره من امرها فلم يطق تعاليها
عليه واستاذن النبي (ص ) في طلاقها فقال النبي (ص ) له : امسك .

عـلـيـك زوجك واوحى اللّه اليه ان يتزوجها بعد طلاقها من زيد ليكون عمله اسوة للمؤمنين فلا
يـكـون عليهم حرج في ازواج ادعيائهم وخشي الرسول (ص ) من قول الناس : انه تزوج مطلقة من
تبناه واخفى الامر في نفسه فانزل اللّه عليه :

(واذ تقول للذي انعم اللّه عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك واتق اللّه وتخفي في نفسك ما اللّه
مـبـديـه وتـخـشـى الناس واللّه احق ان تخشاه فلما قضى زيد وطرا زوجناكها لكي لا يكون على
الـمؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان امر اللّه مفعولا * ما كان على النبي
من حرج فيما فرض اللّه له سنة اللّه في الذين خلوا من قبل وكان امر اللّه قدرا مقدورا *.

الذين يبلغون رسالات اللّه ويخشونه ولا يخشون احدا الا اللّه وكفى باللّه حسيبا * ما كان محمد ابا
احـد مـن رجـالـكم ولكن رسول اللّه وخاتم النبيين وكان اللّه بكل شي ء عليما) (الاحزاب / 37 ـ
40)((9)) .

ك ـ القوي ياكل الضعيف :
.
لـم يـنـحصر كسب المال بالظلم في الجاهلية بالسلب والنهب في الغزوات , بل كان القوي منهم ياكل الـضعيف كلما سنحت له الفرصة لذلك مثل خبر الاراشي ـ من قبائل اليمن ـ مع ابي جهل كما اورده
ابن هشام((0)) في سيرته وقال :

قدم رجل من اراش ((1)) بابل له مكة , فابتاعها منه ابو جهل , فمطله باثمانها.

فاقبل الاراشي حتى وقف على ناد من قريش , ورسول اللّه (ص ) في ناحية المسجد جالس , فقال : يا
مـعشر قريش , من رجل يؤديني على ابي الحكم بن هشام , فاني رجل غريب , ابن سبيل , وقد غلبني
على حقي ؟.

قال : فقال له اهل ذلك المجلس : اترى ذلك الرجل الجالس ـ لرسول اللّه (ص ), وهم يهزءون به لما
يعلمون ما بينه وبين ابي جهل من العداوة ـ اذهب اليه , فانه يؤديك عليه .

فاقبل الاراشي حتى وقف على رسول اللّه (ص ), فقال : يا عبداللّه , ان ابا الحكم بن هاشم قد غلبتني
على حق لي قبله , وانا [رجل ] غريب ابن سبيل , وقد سالت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه , ياخذ
لي حقي منه , فاشاروا لي اليك , فخذ لي حقي منه , يرحمك اللّه .

قال : انطلق اليه , وقام معه رسول اللّه (ص ), فلما راوه قام معه , قالوا لرجل ممن معهم : اتبعه , فانظر
ماذا يصنع .

قـال وخرج رسول اللّه (ص ) حتى جاءه فضرب عليه بابه , فقال : من هذا؟ قال : محمد, فاخرج الي ,
فـخـرج اليه , وما في وجهه من رائحة((2)) , وقد انتقع((3)) لونه , فقال : اعط هذا الرجل
حقه قال : نعم , لا تبرح حتى اعطيه الذي له قال : فدخل , فخرج اليه بحقه , فدفعه اليه .

ثـم انـصرف رسول اللّه (ص ), وقال للاراشي : الحق بشانك , فاقبل الاراشي , حتى وقف على ذلك
المجلس , فقال : جزاه اللّه خيرا,.

فقد واللّه اخذ لي حقي .

قـال : وجاء الرجل الذي بعثوا معه , فقالوا: ويحك ان ضـرب عـلـيه بابه , فخرج اليه وما معه روحه , فقال له : اعط هذا حقه , فقال : نعم لا تبرح حتى
اخرج اليه حقه فدخل , فخرج اليه بحقه , فاعطاه اياه .

قال : ثم لم يلبث ابو جهل ان جاء, فقالوا له ويلك قـال : ويحكم وان فـوق راسـه لـفحلا من الابل , ما رايت مثل هامته , ولا قصرته((4)) , ولا انيابه لفحل قط,
واللّه لو ابيت لاكلني .

ل ـ اسواق العرب :
.
كـانت القبائل العربية تجتمع في الاشهر الحرم في اسواق مشهورة لبيع سلعهم سواء اكان مصدرها سـلـبـا ونـهـبـا ام تـجارة مجلوبة من بلد بعيد او قريب او حصيلة زرع لهم او ضرع وللمفاخرة
والمكاثرة .

وقد ذكر اليعقوبي عشرة اسواق للعرب يجتمعون بها في تجاراتهم وكان اشهرها سوق عكاظ باعلى
نجد.

وفـي مـادة عـكـاظ مـن معجم البلدان ما موجزه : تجتمع قبائل العرب في كل سنة فيها, يتفاخرون
ويـحضرها شعراؤهم يتناشدون ما احدثوا من الشعر وبها كانت مهادناتهم وحمالاتهم ويقيمون فيها
عشرون يوما من ذي القعدة((5)) .

وقال في مادة مجنة والمجاز ما موجزه :

ينتقلون عشرة ايام آخر ذي القعدة الى سوق مجنة باسفل مكة على قدر بريد منها, ثم ينتقلون الى ذي
المجاز موضع سوق بعرفة يبقون ثمانية ايام ثم يعرفون في اليوم التاسع من ذي الحجة .

رابعا ـ اديان العرب في العصر الجاهلي :
.
ا ـ الوثينة :
. قال ابن اسحاق واليعقوبي ما موجزه((6)) :
ان بـنـي اسـمـاعيل كانوا لا يفارقون مكة , حتى كثروا, وضاقت بهم مكة فتفرقوا في البلاد, وما
ارتحل احد منهم من مكة الا حمل معه حجرا من حجارة الحرم , وحيث ما نزلوا وضعوه , وطافوا به
كـطوافهم بالكعبة , حتى ادى بهم الى عبادته وخلف من بعدهم خلف نسوا ما كان عليه اباؤهم من دين
اسماعيل وعبدوا الاوثان .

وقالا ـ ايضا ـ ما موجزه :

ان عـمرو بن لحي ـ شيخ خزاعة ـ سافر الى الشام , وراى اهلها يعبدون الاصنام , فقال لهم : ما هذه
الاصنام التي اراكم تعبدون ؟.

فـقالوا له : هذه اصنام نعبدها, فنستمطرها, فتمطرنا, ونستنصرها, فتنصرنا, فاخذ منهم هبل واتى
به مكة ونصبه عند الكعبة .

ووضـعـوا كلا من اساف ونائلة على ركن من اركان البيت , فكان الطائف بالبيت يبدا باساف , ويقبله ,
ويـختم به , وكانت العرب عندما تحج البيت تسال قريشا وخزاعة عنها, فيقولون نعبدها لتقربنا الى
اللّه زلفى فلما رات العرب ذلك اتخذت كل قبيلة صنما لها يصلون له تقربا الى اللّه على حد زعمهم .

فـكـان لـكـلب بن وبرة واحياء قضاعة (ود) منصوبا بدومة الجندل بجرش وكان لحمير وهمدان
(نسر) منصوبا بصنعاء.

وكـذلـك ذكر اليعقوبي((7)) وابن هشام اصنام القبائل واماكنها قالا: وكان بعضها بيوت تعظمها
الـعـرب مـثل بيت اللات بالطائف , وكانت العرب اذا ارادت حج البيت , وقفت كل قبيلة عند صنمها,
وصلوا عنده , ثم تلبوا, حتى قدموا مكة وكانت تلبية قريش :

لبيك , اللّه م , لبيك وتلبية جذام : لبيك عن جذام ذي النهي والاحلام .

وتـلـبية مذحج : لبيك رب الشعرى ورب اللات والعزى((8)) وفي ذلك قال اللّه سبحانه : (وما
يؤمن اكثرهم باللّه وهم مشركون ).

(يوسف / 106).

كـانت قبائل العرب اذا دخلوا مكة للحج نزعوا ثيابهم التي كانت عليهم ولبسوا ثياب اهل مكة كراء
او عـارية , وان لم يمكنهم ذلك طافوا بالبيت عراة , وكانوا ينكرون المعاد, كما اخبر اللّه عنهم في
سورة الجاثية وقال سبحانه :

(وقـالـوا مـا هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا
يـظنون * واذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم الا ان قالوا ائتوا ببائنا ان كنتم صادقين * قل
اللّه يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم الى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن اكثر الناس لا يعلمون ) (الايات /
24 ـ 26).

وكان لهم في الجن عقائد مبهمة مشوشة كما نذكرها في ما ياتي بحوله تعالى :

ب ـ عقائد العرب في الجن والغول والسعلاة :
.
اما الجن , فكانت العرب في الجاهلية اذا نزلوا واديا وباتوا فيه قالوا: نعوذ بسيد اهل هذا الوادي من شـر اهله او بعزيز هذا الوادي او بعظيم هذا الوادي وما شاكله من الاستعاذة بعظيم الجن في ذلك
الوادي .

روى الـسيوطي في جملة اخبار الاستعاذة ما موجزه : ان رجلا من تميم نزل ليلة في ارض مجنة ,
فـقـال : اعـوذ بـسيد هذا الوادي من شر اهله , فاجاره شيخ منهم , فغضب شاب منهم , واخذ حربته
لينحر ناقة الرجل , فمنعه الشيخ وقال :

يا مالك بن مهلهل مهلا.

فدى لك محجري وازاري .

(كذا) عن ناقة الانسان لا تعرض لها الابيات .

فقال له الفتى :

اتريد ان تعلو وتخفض ذكرنا.

في غير مرزية ابا العيزار((9)) .

واما الغول , فقد قال ابن الاثير((0)) : جنس من الجن والشياطين , كانت العرب تزعم ان الغول في
الـفـلا تتراءى للناس فتتغول تغولا اي : تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم اي : تضلهم عن الطريق
وتهلكهم .

وقال المسعودي في ذلك ما موجزه((1)) :

الـعـرب يـزعـمـون ان الـغـول يـتغول لهم في الخلوات , ويظهر لخواصهم في انواع من الصور,
فيخاطبونها, وربما ضيفوها, وقد اكثروا من ذلك في اشعارهم , فمنها قول تابط شرا:

فاصبحت والغول لي جارة .

فيا جارتي انت ما اهولا.

وطالبتها بضعها فالتوت .

بوجه تغول فاستغولا.

ويزعمون ان رجليها رجلا عنز, وكانوا اذا اعترضتهم الغول في الفيافي يرتجزون ويقولون :

يا رجل عنز انهقي نهيقا.

لن نترك السبسب والطريقا.

وذلـك انـها كانت تتراءى لهم في الليالي واوقات الخلوات , فيتوهمون انها انسان فيتبعونها, فتزيلهم
عن الطريق التي هم عليها, وتتيههم وكان ذلك قد اشتهر عندهم وعرفوه , فلم يكونوا يزولون عما
كانوا عليه من القصد, فاذا صيح بها على ما وصفنا شردت عنهم في بطون الاودية ورؤوس الجبال .

وقـد ذكر جماعة من الصحابة ذلك , منهم عمر بن الخطاب (رض ) انه شاهد ذلك في بعض اسفاره
الـى الـشام , وان الغول كانت تتغول له , وانه ضربها بسيفه , وذلك قبل ظهور الاسلام , وهذا مشهور
عندهم في اخبارهم .

السعلاة :
. قال المسعودي ما موجزه((2)) :
وفرقوا بين السعلاة والغول قال عبيد بن ايوب .

ابيت بسعلاة وغول بقفرة .

اذا الليل وارى الجن فيه ارنت .

وقد وصفها بعضهم فقال :

وحافر العنز في ساق مدملجة .

وجفن عين خلاف الانس بالطول .

وقد حكى اللّه قول الجن في عملهم مع الانس وقال تعالى :

(وانه كان رجال من الا نس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا * وانهم ظنوا كما ظننتم ان لن
يـبعث اللّه احدا * وانا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد
للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا) (الجن / 6 ـ 9).

* * *.

كان ذلكم بعض اخبار عقائد العرب في الغول والسعلاة ونظائرهما وسندرس بعد هذا امر اليهودية
والنصرانية في الجزيرة العربية باذنه تعالى .

ج و د ـ اليهودية والمسيحية .

انتشرت اليهودية في بلاد اليمن ومنطقة المدينة والمسيحية في اليمن ونواحي الشام .

وبنت النصارى بعض الكنائس مضاهاة للكعبة مثل كنيسة نجران التي قال فيها الاعشى :

وكعبة نجران حتم عليك .

حتى تناخى باعتابها.

وكـنـيسة قليس التي بناها ابرهة , وامر العرب ان يحجوا اليها, فتغوط فيها بعضهم فهمه ذلك فاتى
بجيش الفيل لهدم الكعبة((3)) .

ومن معتقدات الوثنيين واهل الكتاب في الجاهلية ما اخبر اللّه عنه بقوله تعالى في سورة الانعام :

(وجـعلوا للّه شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون *
بـديع السموات والا رض انى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شي ء وهو بكل شي ء عليم *
ذلـكـم اللّه ربـكم لا اله الا هو خالق كل شي ء فاعبدوه وهو على كل شي ء وكيل ) (الايات / 100 ـ
102).

اما البنون الذين خرقوا فقد اخبر اللّه عنه في قوله تعالى :

(وقالت اليهود عزير ابن اللّه وقالت النصارى المسيح ابن اللّه ).

(التوبة / 30).

وكـانت اليهود يومذاك تزعم ان عزيرا ابن اللّه وكانت النصارى ولا زالت تقول بان المسيح عيسى
بن مريم (ع ): ابن اللّه .

اما البنات , فقد اخبر اللّه عن عقيدتهم في قوله تعالى :

(ويجعلون للّه البنات سبحانه ) (النحل / 57).

وقوله تعالى :

(فـاسـتـفتهم الربك البنات ولهم البنون * ام خلقنا الملائكة اناثا وهم شاهدون * الا انهم من افكهم
ليقولون * ولد اللّه وانهم لكاذبون * اصطفى البنات على البنين ) (الصافات / 149 ـ 153).

* * *.

تشريع الجاهليين في الاطعمة .
كذلكم يشرع الانسان الجاهلي لنفسه وفق هواه وتخيلاته , بينما شرع رب العالمين للانسان نظاما يـتـنـاسـب وفـطرته , وسماه دين الاسلام وبلغه بواسطة انبيائه (ص ), واكمله في شريعة خاتم
الانبياء (ص ), ولكن الانسان الجاهلي شرع لنفسه من الطعام حلالا وحراما في مقابل ما شرعه رب
العالمين كما اخبر اللّه تعالى عن ذلك وقال :

1 - في سورة يونس :

(قـل ارايـتـم مـا انـزل اللّه لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ءاللّه اذن لكم ام على اللّه
تـفـتـرون * ومـا ظـن الذين يفترون على اللّه الكذب يوم القيامة ان اللّه لذو فضل على الناس ولكن
اكثرهم لا يشكرون ) (الايات / 59 ـ 60).

2 ـ في سورة النحل :

(ولا تـقـولـوا لـمـا تصف السنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللّه الكذب ان الذين
يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون ) (الاية / 116).

وشرع الانسان الجاهلي ـ ايضا ـ ما اخبر اللّه عنه في الايات الاتية :

ا ـ في سورة المائدة :

(مـا جـعـل اللّه مـن بحيرة ولا سائبة وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على اللّه الكذب
واكثرهم لا يعقلون ) (الاية / 103).

ب ـ في سورة الانعام :

(وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على ازواجنا وان يكن ميتة فهم فيه شركاء
سـيـجـزيـهـم وصفهم انه حكيم عليم * قد خسر الذين قتلوا اولادهم سفها بغير علم وحرموا ما
رزقهم اللّه افتراء على اللّه قد ضلوا وما كانوا مهتدين ) (الايات / 139 , 140).

ج ـ في سورة الانعام :

(قـل تـعالوا اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا ولا تقتلوا اولادكم من
امـلاق نحن نرزقكم واياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم
اللّه الا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) (الاية / 151).

د ـ في سورة المائدة يخاطب المؤمنين :

(يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل اللّه لكم ولا تعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين * وكلوا مما
رزقكم اللّه حلالا طيبا واتقوا اللّه الذي انتم به مؤمنون ) (الايات / 87 , 88).

شرح الكلمات :
.
ا ـ البحيرة :
الـنـاقة كانت اذا ولدت في الجاهلية خمسة ابطن شقوا اذنها, واعفوها ان ينتفع بها ولا يمنعوها من
مرعى ولا ماء.

ب ـ السائبة :

البعير الذي يدرك نتاج نتاجه فيسيب , اي يترك ولايركب ولا يحمل عليه .

والـنـاقة المهملة التي كانت تسيب في الجاهلية لنذر ونحوه , فان الرجل اذا نذر القدوم من سفر او
الـب ءر من علة او ما اشبه ذلك , قال : ناقتي سائبة , فكانت السائبة كالبحيرة لا ينتفع بها ولا تمنع من
ماء وكلاء.

ج ـ الوصيلة :

كانت الشاة في الجاهلية اذا ولدت انثى , فهي لهم , واذا ولدت ذكرا, جعلوه لالهتهم .

فان ولدت تواما ذكرا وانثى قالوا: وصلت اخاها, فلم يذبحوا الذكر لالهتهم .

د ـ حام :

كـانـت العرب في الجاهلية اذا انتجت من صلب الفحل عشرة ابطن قالوا قد حمى ظهره , فلا يحمل
عليه , ولا يمنع من ماء ولا مرعى .

ويـظـهـر مـمـا جـاء في التفاسير ومعاجم اللغة انهم لم يكونوا متفقين على ما ذكرناه بل كان للحام
والوصيلة عند اقوام غير ما ذكرناه من معنى .

ه ـ وقالوا ما في بطون هذه الانعام :

يعني قال الجاهليون ما في بطون السائبة وبعض انواع الوصيلة خالصة لذكورنا لا يشركهم فيها احد
من الاناث , وان يكن الجنين ميتة فالذكور والاناث فيه سواء.

* * *.

كان ذلكم تشريع الجاهليين في الاطعمة وتشريعهم في امر الزواج كالاتي :

الانكحة في الجاهلية :
.
كـان في الجاهلية سبعة انواع من النكاح متعارف فقد روى البخاري اربعة منها عن عائشة انها قالت : ان النكاح في الجاهلية كان على اربعة انحاء فنكاح منها:

1 ـ نكاح الناس اليوم يخطب الرجل الى الرجل وليته او ابنته فيصدقها ثم ينكحها.

2 ـ ونكاح آخر كان الرجل يقول لامراته , اذا طهرت من طمثها ارسلي الى فلان , فاستبضعي منه ,
ويـعـتـزلـها زوجها ولا يمسها ابدا, حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه , فاذا تبين
حملها, اصابها زوجها اذا احب .

وانما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح : نكاح الاستبضاع .

3 ـ ونـكـاح آخـر يـجتمع الرهط ما دون العشرة , فيدخلون على المراة كلهم يصيبها, فاذا حملت
ووضـعـت ومـر عليها ليالي بعد ان تضع حملها ارسلت اليهم , فلم يستطع رجل منهم ان يمتنع , حتى
يـجـتمعوا عندها تقول لهم : قد عرفتم الذي كان من امركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان احبت باسمه , فيلحق به ولدها لا يستطيع ان يمتنع منه الرجل .

4 ـ والـنكاح الرابع يجتمع الناس الكثير, فيدخلون على المراة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا كن
ينصبن على ابوابهن رايات تكون علما فمن ارادهن دخل عليهن , فاذا حملت احداهن ووضعت جمعوا
لـها ودعوا لهم القافة , ثم الحقوا ولدها بالذي يرون , فالتاط به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك فلما بعث
محمد (ص ) بالحق هدم نكاح الجاهلية كله الا نكاح الناس اليوم((4)) .

ومـن امـثـلـة الـنكاح الثالث نكاح النابغة ام عمرو بن العاص كما رواه الزمخشري وغيره واللفظ
للزمخشري في كتاب ((ربيع الابرار)) قال :

كـانت النابغة ام عمرو بن العاص امة لرجل من عنزة , فسبيت , فاشتراها عبداللّه بن جدعان التيمي
بـمكة , فكانت بغيا ثم اعتقها فوقع عليها ابو لهب بن عبد المطلب وامية بن خلف الجمحي , وهشام بن
الـمـغـيـرة المخزومي وابو سفيان ابن حرب , والعاص بن وائل السهمي , في طهر واحد, فولدت
عمرا, فادعاه كلهم , فحكمت امه فيه , فقالت : هو من العاص بن وائل , وذاك لان العاص بن وائل .

كان ينفق عليها كثيرا.

قـالـوا: وكان اشبه بابي سفيان وفي ذلك يقول : ابو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في عمرو بن
العاص .

ابوك ابو سفيان لا شك قد بدت .

لنا فيك منه بينات الشمائل((5)) .

ومن امثلة النكاح الرابع ما رواه ابن حجر في فتح الباري وقال : (هن بغايا كن في الجاهلية معلومات
لهن رايات يعرفن بها).

وقال :

وقـد سـاق ابـن الكلبي في كتاب المثالب اسامي صواحب الرايات في الجاهلية فسمى منهن اكثر من
عشر نسوة مشهورات تركت ذكرهن اختيارا.

وذكر قبله اسم واحدة منهن((6)) .

وفي العقد الفريد ما موجزه .

كانت سمية ام زياد امة للحارث بن كلدة وزوجها عبيدا عبدا لابنته , فولدت على فراشه زيادا.

وكانت البغايا في الجاهلية لهن رايات يعرفن بها, وينتحيها الفتيان وكان اكثر الناس , يكرهون اماءهم
على البغاء والخروج الى تلك الرايات يبتغون عرض الحياة الدنيا وان ابا سفيان خرج يوما وهو ثمل
الى تلك الرايات , فوقع بسمية فولدت له زيادا على فراش عبيد((7)) .

5 ـ نكاح الشغار:

من انكحتهم نكاح الشغار: قال ابن الاثير في نهاية اللغة :

وهو نكاح معروف في الجاهلية كان يقول الرجل للرجل شاغرني اي زوجني اختك او ابنتك او من
تـلـي امـرهـا, حتى ازوجك اختي او بنتي او من الي امرها ولا يكون بينهما مهر, ويكون بضع كل
واحـدة مـنهما في مقابلة بضع الاخرى وقيل له شغار لارتفاع المهر بينهما من شغر الكلب اذا رفع
احدى رجليه ليبول((8)) .

6 ـ نكاح المقت :

نـكـاح الـمقت قال ابن الاثير في مادة (مقت ) من نهاية اللغة والمقت ان يتزوج الرجل امراة ابيه اذا
طـلـلقها او مات عنها, وكان يفعل ذلك في الجاهلية وحرمه الاسلام , ومثاله ما رواه ابن اسحاق في
سيرته وقال :

(وكان عمرو بن نفيل قد خلف على ام الخطاب بعد ـ ابيه ـ فولدت له زيد ابن عمرو وكان الخطاب
عمه واخاه لامه )((9)) .

ومثال آخر منه ما نقله ابن ابي الحديد في شرح النهج وقال :

(وصنع امية في الجاهلية شيئا لم يصنعه احد من العرب , زوج ابنه ابا عمرو امراته في حياته منه ,
فـاولـدهـا ابـا معيط بن ابي عمرو بن امية والمقيتون في الاسلام هم الذين نكحوا نساء آبائهم بعد
موتهم , فاما ان يتزوجها في حياة الاب ويبني عليها وهو يراه , فانه شي ء لم يكن قط)((0)) .

ولـم يـقتصر النكاح بالارث على نكاح الولد زوجة ابيه بعد موته بل يعم وارثي المتوفي كما رواه
الطبري وغيره في تفسير قوله تعالى (لا يحل لكم ان ترثوا النساء) وقالوا:

كان الرجل في الجاهلية يموت ابوه او اخوه او ابنه , فاذا مات وترك امراته القى الرجل عليها ثوبه ,
فورث نكاحها, وكان احق بها, وكان ذلك عندهم نكاحا فان شاء امسكها, حتى تفتدي منه .

وقـال : كـان اذا تـوفـى الرجل كان ابنه الاكبر هو احق بامراته ينكحها اذا شاء اذا لم يكن ابنها او
ينكحها من شاء اخاه او ابن اخيه .

وقال : وان كان صغيرا حبست عليه حتى يكبر فان شاء اصابها, وان شاء فارقها.

وقـال : كان الرجل اذا مات ابوه او حميمه , فهو احق بامراته ان شاء امسكها او يجلسها, حتى تفتدي
منه بصداقها او تموت فيذهب بمالها((1)) .

7 ـ نكاح البدل :

وهـو ان يـقـول الـرجل للرجل : انزل عن امراتك وانزل لك عن امراتي , وكان من هذا القبيل خبر
عيينة بن حصن شيخ قبيلة بني .

فزارة عندما دخل على رسول اللّه (ص ) بغير اذن , فقال له رسول اللّه (ص ) واين الاذن .

فقال ما استاذنت على احد من مضر وكانت عنده عائشة (رض ) قبل ان ينزل الحجاب فقال : من هذه ؟.

قال : هذه عائشة .

قال : افلا انزل لك عن ام البنين ـ زوجة عيينة ـ فتنكحها.

فغضبت عائشة (رض ) وقالت : من هذا؟.

ففال رسول اللّه (ص ): هذا احمق مطاع يعني في قومه((2)) .

وكذلك شرع الجاهليين في شان الاشهر الحرم والنسي كالاتي :

الاشهر الحرم في الجاهلية :

قال اللّه تعالى في سورة التوبة :

(انـ عـدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا في كتاب اللّه يوم خلق السموات والا رض منها اربعة
حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا
انـ اللّه مـع المتقين * انما النسي ء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما
ليواطئوا عدة ما حرم اللّه فيحلوا ما حرم اللّه زين لهم سوء اعمالهم واللّه لا يهدي القوم الكافرين )
(الايات / 36 , 37).

تفسير الكلمات :
.
فـي كـتاب اللّه : اي في ما فرض اللّه كما ياتي تحقيقه في بحث المصطلحات الاسلامية ان شاء اللّه تعالى .

اربعة حرم : اربعة اشهر الحرم فهي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب .

/ 14