و اصطلاحاً: هو علم يُعْرف به الوجوه(343) والمزايا التي تزيد الكلام حسْناً وطلاوة، وتكسوه بهاءً ورونقاً، بعدَ مُطابقته لمقتضى الحال. مع وُضوح دلالته على المراد لفظاً ومعنى.
وواضعه عبدالله بن المعتز العبَّاسي المتوفى سنة 274 هجرية. ثم اقتفى أثره فى عصره قُدَامة بن جعفر الكاتب فزاد عليها. ثم ألّف فيه كثيرون كأبي هلال العَسْكرِي وابن رشيق القِيرَوَاني، وصفِىّ الدين الحِلّي، وابن حِجَّة الحموي، وغيرهم ممَّن زَادُوا في أنواعه، ونظموا فيها قصائد تُعرف (بالبديعيَّات).
وفي هذا العلم بابان: وخاتمة.
الباب الأولفي المحسنات المعنوية
(1) التورية
التّورية: لغة: مصدر ورّيت الخبر تورية: إذا سترتَه وأظهرتَ غيره. واصطلاحاً: هي أن يذكُرَ المتكلم لفظاً مفرداً له معنيان; أحدهما قريب غير مقصود ودلالة اللفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد مقصود، ودلالةُ اللفظ عليه خَفِيَّةٌ، فيتوهَّم السَّامع: أنه يُريد المعنَى القريب، وهو إنَّما يُريد المعنى البعيد بقرينة تشيرُ إليه ولا تُظهره، وتستره عن غير المتيقظ الفطِن، كقوله تعالى:
(وَهُوَ الذي يَتَوَفّاكُم بالليْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بالنَّهَارِ)[سورة الأنعام، الآية: 60 ]أراد بقوله جرحتم معناه البعيد، وهو ارتكاب الذنوب، ولأجل هذا سُمِّيت التَّورية إيهاماً وتخييلا وكقول سراج الدين الورِّاق: [الوافر]
وكقوله: [مجزوء الكامل]
وكقوله : [الطويل]