الحرية و العبودية من منظور الشرع و الوضع
العبودية السلبية من منظور الشرع والوضع
من المقطوع به ،أن عبادة الأصنام و الخضوع لها مادية ، كانت أم بشرية، و عدم إطاعة سنن السماء ، و شرع الله، إنما هي عبادة و طاعة سلبية ، يترتب عليها آثار سلبية، و نتائجها وخيمة، و العكس صحيح، قال تعالى: ( ولو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا ، لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض) ، (1) ، فعموم الطاعة ، ترتب أثرا من سنخ الطاعة، من هنا ورد عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع): « من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق ، يؤدي عن الله عز وجل فقد عبد الله، و ان كان الناطق ، يؤدي عن الشيطان فقد عبد الشيطان» .
و لاتنحصر الطاعة في التشريعات السماوية، و إنما هي ماضية في التشريعات الأرضية أيضاً،
فاحترام القوانين الوضعية ، و تطبيق بنودها و موادها و الخضوع لمبانيها، تعتبر طاعة إيجابية ، تترتب عليها سلامة المجتمع وفق نظرة الواضعين لها، وهو ما عبر عنها الفيلسوف السويسري ، جان جاك روسو (Jean Jacques Rousseau) (ت 1778م) بقوله: "إن الحرية من دون العدالة ، هي تناقض حقيقي، فلا حرية بغير قوانين، و لاحرية عندما يكون أي شخص فوق القانون .. و الشعب الحر يطيع، لكنه لا يخدم، لديه قضاة ، لكن ليس فيه سادة، هو لايطيع شيئا سوى القوانين، و بفضل قوة القوانين ، فانه لايطيع البشر" ، و لهذا فان روسو دافع بشدة عن رأيه بأنَّ: "دافع الشهوة المجرد ، هو عين العبودية في حين أن طاعة القانون ، الذي نسنّه بأنفسنا ، هي الحرية بعينها".
فالعبودية بذاتها حقيقة مجردة من الصفات، كما يقول الصفار ، و هو فقيه عراقي: "فذات العبودية ليست حسنة ، و لا سيئة ، و إنما هي حقيقة مجردة من الصفات ، و لا تتصف بالحسن و القبح إلا إذا طرأت عليها ألوان خارجية ، فتكتسب حسنها و قبحها منها، فالعبودية لله محبوبة لأنها عبودية واقعة ، لا يستطيع أي مخلوق فكاكا عنها: « ولله يسجد مَن في السماوات و الأرض طوعاً و كرهاً و ظلالهم بالغدوّ والآصال » ، ( 2 ) ،و إن مِن شيء ، إلاّ يسبح بحمده، ولكن لا تفقهون تسبيحهم( 3 ) ،الذي بيده ملكوت كل شيء( 4 ) ... و أما العبودية للسلطان الجائر ، فإنها عبودية مبغوضة، لأنها ليست حقيقة ، و لأنها تضر و لا تنفع، و العبودية للنفس كتلك مبغوضة، لأنها تكبت الإنسان ، و تحبسه في بركة ضيقة من الرذائل و الإنحطاط المعنوي".
د. نضير الخزرجي*
وسائل الشيعة
----------------------------------
الهوامش
1- الأعراف:96 .
2- الرعد:15.
3- الإسراء:44 .
4- يس:38.
حرية الضمير والعقيدة الدينية
الديمقراطية والتحد يث الإسلامي
التعددية السياسية والحرية في الاسلام
الإسلام والنظرة الشمولية لحقوق الإنسان
المقاربة بين الأفكار
الإسلام بين غيوم التشويه وشمس الاصالة