• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 
دروس متداول> پایه سوم> بلاغت > جواهر البلاغه تمام کتاب

وأما باعتبار البديع فلا يقال إنه فصيح ولا بليغ، لأن البديع أمرٌ خارجي يُراد به تحسين الكلام لا غيرُ. إذا تقرَّر ذلك، وجب على طالب البيان أن يعرف قبل الشروع فيه معرفة معنى «الفصاحة والبلاغة» لأنهما محورهُ، وإليهما مرجع أبحاثه. فهما الغاية التي يَقِفُ عندها المتكلم والكاتب، والضالةُ التي يَنشدانها. وما عقد أَئِمَّةُ البيان الفصولَ، ولا بَوَّبوا الأبواب، إلا بُغية أن يوقفوا المُسترشد على تحقيقات، وملاحظات وضوابط، إذا رُوعيتْ في خطابة أو كتابة بلغت الحدّ المطلوبَ من سهولة الفهم، وإيجاد الأثر المقصود في نفس السَّامع، واتَّصَفت من ثَمَّ بصفة الفصاحةوالبلاغة. (1). يرى الإمام عبدالقاهر الجرجاني وجمع من المتقدمين أن الفصاحة والبلاغة والبيان والبراعة، ألفاظ مترادفة لا تتصف بها المفردات، وإنما يوصف بها الكلام بعد تحري معاني النحو فيما بين الكلم حسب الأغراض التي يصاغ لها. قال أبوهلال العسكري في كتاب الصناعتين: الفصاحة والبلاغة ترجعان الى معنى واحد، وإن اختلف أصلاهما، لأن كل واحد منهما إنما هو الإبانة عن المعنى والإظهار له. وقال الرازي في نهاية الإيجاز: وأكثر البلغاء لا يكادون يفرقون بين الفصاحة والبلاغة. وقال الجوهري في كتاب الصحاح: الفصاحة هي البلاغة.

مقدمة

(في معرفة الفصاحة والبلاغة)

الفصاحة

الفصاحة: تُطلق في اللّغة على معان كثيرة، منها: البيانُ والظُّهور، قال الله تعالى: (وأخي هارون هو أفصح مِنِّي لساناً)[القصص: 34 ]أي أبيَنُ مِنِّي منْطقاً وأظهر مِنِّي قَوْلا. ويُقال: أفصح الصَّبيُّ في منطقه. إذا بان وظهر كلامه. وقالت العرب: أفصح الصُّبح. إذا أضاء، وفَصح أيضاً. وأفصح الأعجميُّ: إذا أَبان بعدَ أن لم يكن يُفْصِح ويُبين. وفصح اللسان: إذا عبَّرَ عَمَّا في نفسه. وأظهره على وجه الصَّوَاب دون الخطأ. والفصاحة: في اصطلاح أهل المعاني، عبارة عن الألفاظ البيِّنةِ الظّاهرة، المُتَبادرةِ إلى الفهم، والمأنوسة الاستعمال بين الكتاب والشّعراء لمكان حُسنها.(1). مقدمة مشتقة من قدم اللازم، وهذه مقدمة كتاب لأنها ألفاظ تقدمت أمام المقصود لارتباط له بها وانتفاع بها فيه، بخلاف مقدمة العلم فهي معان يتوقف المشروع عليها، كبيان حد العلم المشروع فيه، وموضوعه، وغايته. واعلم أن علوم البلاغة أجل العلوم الأدبية قدراً، وأرسخها أصلاً، وأبسقها فرعاً وأحلاها جنى، وأعذبها ورداً. لأنها العلوم التي تستولي على استخراج دررالبيان من معادنها، وتريك محاسن النكت في مكامنها (ولولاها لم تر لساناً يحوك الوشي، ويلفظ الدر. وينفث السحر، ويريك بدائع الزهر، وينثر بين يديك الحلو اليانع من الثمر) فهي الغاية التي تنتهي إليها أفكار النظر واللآلىء التي تتطلبها غاصة البحار لهذا كانت منزلتها تلو العلم بتوحيد الله تعالى.