وجه تقديم الإدلّة علي الاصول
أخصّية الإدلّة غير العلميّة من الاصول
ثم إن الظن الغير المعتبر حكمه حكم الشك ، كما لا يخفى .
و مما ذكرنا - من تأخر مرتبة الحكم الظاهرى عن الحكم الواقعي ، لاجل تقييد موضوعه بالشك في الحكم الواقعي ، يظهر لك وجه تقديم الادلة على الاصول ، لان موضوع الاصول يرتفع بوجود الدليل .
فلا معارضة بينهما ، لا لعدم اتحاد الموضوع ، بل لارتفاع موضوع الاصل - و هو الشك - بوجود الدليل .
ألا ترى أنه لا معارضة و لا تنافي بين كون حكم شرب التتن المشكوك حكمه هي الاباحة و بين كون حكم شرب التتن في نفسه مع قطع النظر عن الشك فيه هي الحرمة .
فإذا علمنا بالثاني لكونه علميا و نفرض سلامته عن معارضة الاول ، خرج شرب التتن عن موضوع دليل الاول ، و هو كونه مشكوك الحكم ، لا عن حكمه حتى يلتزم فيه تخصيص و طرح لظاهره .
و من هنا كان إطلاق التقديم و الترجيح في المقام تسامحا ، لان الترجيح فرع المعارضة .
و كذلك إطلاق الخاص على الدليل و العام على الاصل ، فيقال يخصص الاصل بالدليل أو يخرج عن الاصل بالدليل .
و يمكن أن يكون هذا الاطلاق على الحقيقة بالنسبة إلى الادلة الغير العلمية ، بأن يقال : إن مؤدى أصل البراءه ، مثلا ، أنه إذا لم يعلم حرمة شرب التتن فهو محرم ، و هذا عام و مفاد الدليل