• مشکی
  • سفید
  • سبز
  • آبی
  • قرمز
  • نارنجی
  • بنفش
  • طلایی
 
 
 
 
 
 

11.وأمّا حقُّ الصَّوم فَأن تَعْلَمَ أ نـَّه حِجابٌ ضَرَبَهُ اللهُ على لِسانِكَ وسَمْعِكَ وبَصَرِكَ وفَرْجِكَ وبَطْنِكَ لِيَسْتُرَكَ به مِنَ النّارِ، وهكذا جاءَ في الحَديثِ: «الصَّومُ جُنّة مِنَ النّارِ»، فَإنْ سَـكَـنَـتْ أطرافُكَ في حَجَبَتِها رَجَوْتَ أنْ تَكُونَ مَحْجُوباً. وإنْ أنْتَ تَرَكْتَها تَضْطَرِبُ في حِجابِها وتَرْفَعُ جَنَباتِ الحِجابِ فَتُطْلِعُ إلى ما لَيْسَ لَها بِالنَّظْرَةِ الدَّاعِيَةِ لِلشَّهْوَةِ والقُوَّةِ الخارِجَة عَنْ حَدِّ التّقيّة لِلّهِ لَمْ تَأمَنْ أنْ تَخْرِقَ الحِجابَ وَتَخْرُجَ مِنْه، ولا قوَّةَ إلاّ بِالله.

12. وأمّا حَقُّ الصَّدَقَةِ فأنْ تَعْلَمَ أنّها ذُخْرُكَ عِنْدَ رَبِّكَ وَوَدِيعَـتُكَ الَّتي لا تَحْتاجُ إلىَ الإشْهادِ، فَإذا عَلِمْتَ ذلك كُنْتَ بِمَا اسْتَوْدَعْتَهُ سِرّاً أوْثَقَ بمَا اسْتَوْدَعْتَهُ عَلانِيةً وكُنتَ جَدِيراً أنْ تَكُونَ أسْرَرْتَ إلَيه أمْراً أعْلَنْتَهُ، وكانَ الأمْرُ بَيْنَكَ وبَيْنَهُ فيها سِرّاً عَلى كُلِّ حال ولَمْ تَسْتَظْهِرْ عليه فيما اسْتَوْدَعْتَهُ منها [بـ] ـإشْهادِ الأسْماع وَالأبْصارِ عليه بِها، كأنّها أوثَقُ في نَفْسِكَ، لا كَأنَّكَ لا تَثِقُ به في تَأدِيَةِ وَدِيعَتِكَ إلَيكَ. ثمَّ لَمْ تَمْتَنَّ بِها عَلى أحَد; لاِنّها لَكَ فَإذَا امْتَنَنْتَ بِها لَمْ تَأمَنْ أن تَكُونَ بها مِثْلَ تَهْجِينِ حالِكَ مِنْها إلى مَنْ مَنَنْتَ بها عليه; لاِنَّ في ذلكَ دَلِيلاً على أنَّكَ لم تُرِدْ نَفْسَكَ بِها، ولو أرَدْتَ نَفْسَكَ بها لم تَمْتَنَّ بها على أحَد، ولا قوَّةَ إلاّ بالله.

13. وأمّا حَقُّ الهَدْيِ فَأنْ تُخْلِصَ بِها الإرادةَ إلى رَبِّكَ وَالتَّعَرُضَ لِرَحْمَتِه وَقَبولِه ولا تُريدَ عُيونَ النّاظرينَ دونَهُ، فَإذا كُنْتَ كذلِكَ لم تَكُنْ مُتكلّفاً ولا مُتَصَنِّعاً وكنتَ إِنّما تَقْصُدُ إلَـى اللهِ. وَاعْلَم أنَّ اللهَ يُرادُ باليَسِيرِ ولا يُراد بِالعسِير كما أرادَ بخَلقِه التَّيْسِيرِ ولم يُرِدْ بِهِمُ التَّعْسِير وَكذلِكَ التّذلُّل أولى بِكَ مِنَ التَّدَهقُنِ; لاِنَّ الكُلْفَةَ والمؤونَةَ في المُتَدَهْقِنينَ. فأمّا التَّذَلُّلُ والَّتمسْكُنُ فَلا كُلْفَةَ فيهما ولا مؤونَةَ عليهما; لاِنَّهُمَا الخِلْقَةُ وهُما مَوْجُودانِ في الطَّبِيعَةِ، ولا قوَّةَ إلاّ بالله.

ثمَّ حقوق الأئمّة

14. فأمّا حَقُّ سائِسِكَ بالسُّلْطانِ فأَنْ تعلَمَ أنّكَ جُعِلتَ لَه فِتْنَةً، وأنـَّهُ مُبْتَلى فيكَ بما جَعَلَهُ اللهُ له عليكَ مِنَ السُّلْطانِ وأن تُخْلِصَ لَهُ في النَّصِيحَةِ وأنْ لا تُماحِكَهُ وقَدْ بُسِطَتْ يَدُهُ عَلَيْكَ فَتَكُونَ سَبَبَ هَلاكِ نَفْسِكَ وهَلاكِه. وَتَذَلَّلَ وَتَلَطَّفَ لاِِعطائِه مِنَ الرِّضى ما يَكُفُّه عَنْكَ وَلاَ يَضرُّ بِدِينِكَ وتَسْتَعينُ عليه في ذلِكَ بِاللّهِ. ولا تُعازَّه ولا تُعانِدَهُ; فَإِنّكَ إنْ فَعلتَ ذلِكَ عَقَقتَه