وجوب الاحتياط فيما لا يرتکب إلاّ تدريجاً أيضاً
قلت : إذن الشارع في أحد المشتبهين ينافي أيضا حكم العقل بوجوب إمتثال التكليف المعلوم المتعلق بالمصداق المشتبه لايجاب العقل حينئذ الاجتناب عن كلا المشتبهين .
نعم لو أذن الشارع في ارتكاب أحدهما مع جعل الاخر بدلا عن الواقع في الاجتزاء بالاجتناب عنه جاز .
فإذن الشارع في أحدهما لا يحسن إلا بعد الامر بالاجتناب عن الاخر بدلا ظاهريا عن الحرام الواقعي ، فيكون المحرم الظاهري هو أحدهما على التخيير .
و كذا المحلل الظاهري ، و يثبت المطلوب ، و هو حرمة المخالفة القطعية بفعل المشتبهين .
و حاصل معنى تلك الصحيحة ( أن كل شيء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف أن في ارتكابه فقط أو في ارتكابه المقرون مع ارتكاب غيره إرتكابا للحرام ) ، و الاول في العلم التفصيلي و الثاني في العلم الاجمالي .
فإن قلت : إذا فرضنا المشتبهين مما لا يمكن ارتكابهما إلا تدريجا ، ففي زمان ارتكاب أحدهما يتحقق الاجتناب عن الاخر قهرا .
فالمقصود من التخيير و هو ترك أحدهما حاصل مع الاذن في ارتكاب كليهما ، إذ لا يعتبر في ترك الحرام القصد ، فضلا عن قصد الامتثال .
قلت : الاذن في فعلهما في هذه الصورة أيضا ينافي الامر بالاجتناب عن العنوان الواقعي المحرم ، لما تقدم من أنه ، مع وجود دليل حرمة ذلك العنوان المعلوم وجوده في المشتبهين ، لا يصح الاذن في أحدهما إلا بعد المنع عن الاخر بدلا عن المحرم الواقعي .
و معناه المنع عن فعله بعده ، لان هذا هو الذي يمكن أن يجعله الشارع بدلا عن