الجنّة كثيرة
سيأتي بعضها في باب الجنّة، وقد مرّ بعضها في باب الركبان يوم القيامة و غيره،
كقولهم ـ عليهم السَّلام ـ في مانع الزكاة: تنهشه كلّ ذات ناب بنابها و يطؤه كلّ
ذات ظلف بظلفها، و روي الصدوق في الفقيه بإسناد عن السكوني بإسناده أنّ النبيّ ـ
صلّي الله عليه و آله ـ أبصر ناقة معقولة، و عليها جهازها، فقال أين صاحبها؟ مروه
فليستعد غداً للخصمة، و روي فيه عن الصادق ـ عليه السَّلام ـ أنّه قال: أيّ بيعر
حجّ عليه ثلاث سنين، يجعل من نعم الجنّة، و روي سبع سنين، وقد روي عن النبي ـ صلّي
الله عليه و آله ـ: استفرهوا ضحاياكم فإنّها مطاياكم علي الصراط، و روي أنّ خيول
الغزاة في الدنيا خيولهم في الجنة» (1).
العاشر:
في تأثير الإيمان بالآخرة،
ولا يخفي أنّه إذا علمنا بوجود الآخرة بعد الدنيا، و أنّ أعمالنا في هذه الدنيا
مضبوطة للمحاسبة في الآخرة، ولا يمكن إخفاؤها، و إذا علمنا أنّ الجزاء متناسب
للأعمال، و آخرتنا رهينة أعمالنا، ولا يعطي أحد فيها شيء من دون ملاحظة إيمانها،
و عمله في الدنيا، و أنّه لا مجال لإعمال القدرة في الآخرة، بل المحاسبة والجزاء
جرت من دون خطأ وانحراف، و إذا آمنّا بكلّ هذه الاُمور، واطمئنا بها ظهر أثره في
أعمالنا و عقائدنا، و أفكارنا، و نيّاتنا، ولذا أكد الأنبياء و الأولياء علي
الإيمان بالأخرة، واختصّ ثلث القرآن تقريباً بالآخرة و أحوالها، والجنّة والنار، و
مقامات الأولياء، و دركات الجحيم، والحساب والصراط و غيرها، و أوصي النبيّ و
الائمة الطاهرة ـ عليهم الصلاة والسَّلام ـ بذكر الموت و الآخرة، و منه ورد عن
النبيّ ـ صلّي الله عليه و آله ـ: «أكيس الناس من كان أشدّ ذكراً للموت» (2) ثم كلّما ازداد ذكر الموت والآخرة ازداد الصلاح و
الإصلاح؛ و لذا عرف الله تعالي عباده الصالحين