موضع الثاني: في وقوع التعبد بالظن بعد ثبوت إمکان
و قبل الدخول في صلب الموضوع لابدّ أن نبيّن ما هو الأصل في العمل بالظن حتي يکون هو المرجع عند الشکّ، فما ثبت خروجه عن ذلک الأصل نأخذ به، و ما لم يثبت نتمسک فيه بالأصل فنقول:
إنّ القاعدة الأوّلية في العمل بالظن هو الحرمة و عدم الحجّية إلاّ ما خرج بالدليل.
و الدليل عليه أنّ العمل بالظن عبارة عن صحّة إسناد مؤدّاه إلي الشارع في مقام العمل، و من المعلوم أنّ إسناد المؤدّي إلي الشارع إنّما يصحّ في حالة الإذعان بأنّه حکم الشارع و إلاّ يکون الإسناد تشريعاً دلّت علي حرمته الأدلّة الأربعة[79]، و ليس التشريع إلاّ إسناد ما لم يعلم أنّه من الدين إلي الدين.
قال سبحانه: (
قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ لَکُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَراماً وَ حَلالاً قُل ءآللهُ أَذِنَ لَکُمْ أَمْ عَلَي اللهِ تَفْتَرُونَ)(يونس/59).
فالآية تدلّ علي أنّ الإسناد إلي الله يجب أن يکون مقروناً بالإذن منه سبحانه و في غير هذه الصورة يعد افتراءً سواء کان الإذن مشکوک الوجود کما في المقام أو مقطوع العدم، و الآية تعم کلا القسمين. و المفروض أنّ العامل بالظن شاکّ في إذنه سبحانه و مع ذلک ينسبه إليه.
ثمّ إنّ الأَُصوليين ذکروا خروج بعض الظنون عن هذا الأصل. منها:
1. ظواهر الکتاب.
2. الشهرة الفتوائية.