• عدد المراجعات :
  • 2903
  • 6/21/2009
  • تاريخ :

الايمان في رؤية الامام الباقر عليه السلام

الامام الباقر

حلل الإمام الباقر (عليه السلام) حقيقة الإيمان ، و مراتبه ، و تحدث في أحاديث كثيرة عن صفات المؤمنين المتقيين ، و ما أنعم الله عليهم ، و ما إلى ذلك و هذا بعض ما أثر عنه في هذا المجال :

حقيقة الإيمان

عرف الإمام (عليه السلام) حقيقة الإيمان بقوله : ( الإيمان ثابت في القلوب و اليقين خطرات ، فيمر اليقين بالقلب ، فيصير كأنه زبر الحديد و يخرج منه ، فيصير كأنه خرقة بالية ) ، (1).

يرى الإمام ، أن الإيمان إذا استقر في أعماق القلوب ، و دخائل النفوس ، فإنها تكون في صلابتها كزبر الحديد ، تتحمل الأهوال ، و تخوض الشدائد في سبيل ما تذهب إليه، و قد كان ذلك الإيمان الراسخ ، هو السميت البارز في مسيرة الأنبياء و الأتقياء و المعلمين الشرفاء ، الذين قدموا أرواحهم قرابين لمبادئهم القويمة و آرائهم السليمة. أما إذا خرج الإيمان من القلب ، فإنه يكون خرقة بالية ، يفقد عندها صاحبه قوة الإرادة و حسن الاختيار ، و يصبح جامداً خالياً من الشعور و الإحساس.

قال تعالى واصفاً المؤمنين : ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم ) ، (2) .

و قال رسول الله (صلّى الله عليه و آله) في صفة المؤمن : ( الإيمان هيوب ) ، (3) ، و التقدير صاحب الإيمان هيوب . و العرب تقول ، الباب لئيم ، أي أنه مغلق دون الأضياف . و المراد أن صاحب الإيمان بما لديه من حواجز إيمانية ، و بصائر إيقانية يهاب تطرق الحوب ، (4) ، و مواقعة الذنوب ، فلا يقدم عليها إقدام المرتكس الهاوي و الضال الغاوي . و من الحقيقة إلى المراتب.

مراتب الإيمان

تحدث الإمام (عليه السلام) عن مراتب الإيمان ، لأن المؤمنين لهم درجات عند ربهم ، فقال ( عليه السلام ) : ( إن المؤمنين على منازل ، منهم على واحدة ، و منهم على اثنين ، و منهم على ثلاث ، و منهم على أربع ، و منهم على خمس ، و منهم على ست . فلو ذهبت تحمل على صاحب الواحدة اثنتين لم يقو ، و على صاحب الاثنتين ثلاثاً لم يقو ، و على صاحب الثلاث أربعاً لم يقو ، و على صاحب الأربع خمساً لم يقو ، و على صاحب الخمس ستاً لم يقو ، و على صاحب الست سبعاً لم يقو ، و على هذه الدرجات ) ، (5) .

إن مراتب اليقين و المعرفة بالله متفاوتة ، و ليست على درجة واحدة ، فقد أحاط الله بعض أنبيائه علماً بأسرار الكون و حقائق الوجود ، و ما يحيط في هذه الدنيا من أحداث ، بما لم يمنح به غيرهم من رسله الآخرين ، لأنهم لا يقوون على حملها .

و من هذا القبيل كان الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله) ، و مستودع أسراره و حكمه ، قد أحاط بعض جواريه كميثم التمار علماً ، بما سيجري عليه من الخطوب و الكوارث من بني أمية ، و أطلعه على كثير من الأسرار ، و على ما سيجري في آخر الزمان ، في حين أنه لم يخبر بذلك عبد الله بن عباس ، و هو حبر الأمة لعلمه (عليه السلام) بعدم قدرته على تحملها.

قال تعالى : ( أولئك هم المؤمنون حقاً لهم درجات عند ربهم و مغفرة ورزق كريم ) ، (6) من هذه الدرجات الكريمة الذين نصروا الرسول (صلّى الله عليه وآله) قال تعالى : ( والذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله و الذين آووا و نصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة و رزق كريم ) ، (7).

 وعلى مقدار الإيمان ، كانت محن الأنبياء و المصلحين من قبل الظالمين و الطغاة و المشركين متفاوتة ، و كان أشدهم إيذاءً و أعظمهم محنةً النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقد أوذي من قبل طواغيت قريش كأبي لهب و أبي سفيان... ، بما لم يؤذه أي نبي من أنبياء الله.

ثم أوذي بعد انتقاله إلى جنة المأوى بعترته الطاهرة  ،التي عانت من الظلم و التنكيل ما يذهل الألباب و يقصم الأصلاب. و لم يمض على وفاته (صلّى الله عليه وآله) إلا خمسون عاماً ف، إذا برؤوس أبنائه على الحراب ، و بناته سبايا من يثرب إلى دمشق ، فأي محنة و أي بلاء أعظم من هذه المحنة و أشد من هذا البلاء؟!

-----------------------------------------------------------------------------------------

الهوامش:

1- حلية الأولياء ج3 ص180.

2- سورة الأنفال، الآية 2.

3- المجازات النبوية ص 231 والهيوب: الخشية والخوف.

4- الحوب: الذنب والإثم قال تعالى: (إنه كان حوباً كبيراً) أي إثماً كبيراً.

5- أصول الكافي باب درجات الإيمان.

6- سورة الأنفال، الآية 4.

7- سورة الأنفال، الآية 74.

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)