• عدد المراجعات :
  • 2103
  • 9/7/2011
  • تاريخ :

"حيدر بابا" وابداعات شعر شهريار

استاذ شهريار

يصف شهرياركيف إن أهله وأصدقاءه تخلوا عنه كعشيقته في شبابه، وقد صورهذه الحادثة في ملحمته بلوحة جميلة يقول:

                                      الأحبة والأصدقاء أداروا ظهورهم

                                       فردًا فردًا عليّ يا حيدر بابا

                                       بعدما تركوني في العراء

                                       انطفأ نور بصري وبصيرتي

                                        تحول نهاري إلى ظلام دامس

                                        وحياتي إلى أسير في خرابة الشام

وهنا يشبه نفسه بأولاد الإمام الحسين وهم أسارى في بلاد الشام، ولم لا وهو من أولاده؟

عمل الشاعر محمد حسين شهريار موظفًا في أحد البنوك في طهران، ولما ذاع صيته وأصبح مشهورًا في البلاد أعفته إدارة المصرف من الدوام، مع الاحتفاظ براتبه كاملاً ليتفرغ للشعر، ثم أحيل على التقاعد ليعود إلى تبريز، ويعيش مع أسرته في هذه الدار المتواضعة، وله من الأولاد بنتان وولد واحد لا يفهم من الشعر شيئًا.

ظهر النبوغ الشعري عند شهريار في سن مبكر؛ إذ قدم لوالده- الذي كان يوكل الدعاوي القضائية (بما هو معروف اليوم المحامي) مثقفًا ومحترمًا بين قومه يعرف ب(الحاج اقا خوشكنابي)- ورقة وعليها أبيات شعرية من نظمه، فتوقع له الأب بمستقبل شعري زاهر. وكان كذلك، إذ نشر أول ديوان شعر له عام 1929م مع مقدمة تعريف كتبها ملك الشعراء (بهار).

أحب شهريار الشعر، وعاش في كيانه جاعلاً كل وقته وحياته وقفًا له، وكان يخلو للقوافي وينظم في اعتكافه يكتب في كل زمان ومكان وكأنه وحي ينزل عليه من إله الشعر.

اشتهر شهريار بالغزل. والعجيب في الأدب الفارسي والتركي، حيث يقيّم الشاعر بمقدرته في الغزل، وليس المقصود فيه أن يكون الغزل كما هو معروف عندنا، ولكن للغزل شكلاً وتركيبًا ووزنًا خاصًا به، تتراوح أبياته من ستة أبيات إلى اثني عشر بيتًا، ومن وزن الهزج، والأكثر شيوعًا هو الهزج الأخرم، وزنه مفعول مفاعيلن فعولن، وقد عرف شهريار شاعر الأدب الفارسي في عصره بلا منازع، وفي سنة 1956م سمع بأن والدته التي كان يحبها إلى درجة القدسية والعبادة تقول: لا أفهم من شعر ولدي شيئًا؛ لأنه يكتب بلغة غير لغتي، فتأثر بهذا القول جاهدًا إرضاءها، فجمع أسرته للذهاب إلى قريته التي ولد فيها، وعندما لمح بصره من بعيد جبل (حيدر بابا) أجادت قريحته بهذه الخماسية:

                                         عندما تلمع البروق يا حيدر بابا

                                         والسيول الجارفة تجري مزبدة

                                         وحينما ترى البنات بهاءها صفا صفا   

                                         سلامًا على جمعكم ومنعة دياركم

                                         ماذا يكون لو تردد اسمي بلسانكم؟

وهذه الملحمة التي أصبحت فيما بعد منال كل شاعر وأديب، وهي من روائع الشعر التركي باللهجة الأذرية التي يصفها كثير من النقاد بـ(ذخيرة الأدب العالمي)، أو (الشعر العالمي الحي)؛ لما تميزت به من المضامين الإنسانية والفلسفية، وتجاربه في الحياة والتراث، وصدق العاطفة، وجمال في الشكل والأسلوب، وهي من نوع السهل الممتنع، ومن طراز (تركيب بند) على شكل خماسي بوزن المقاطع الصوتية، وهو خاص للشعر التركي (4+4+3).

أبدع شهريار في كل مجالات الشعر الفارسي والتركي, في الغزل والمثنويات والرباعيات والشعر الخماسي والحر، ولو ألقينا نظرة إلى ديوانه التركي نجد بأن أجمل شعره هو ملحمته (حيدر بابا)، وهي أول شعره في التركية نابعة من الصميم من غير تكلف، وتعتبر الدرة اليتيمة في الأدب التركي، كما كتب الشاعر قصائد دينية؛ لأنه عاش في بيئة دينية حوزوية وله معرفة جيدة بالفنون الموسيقية الصوفية، حيث كان صديقًا حميمًا لكبار الموسيقيين في إيران، يقال: إنه كان ينظم بعض قصائده على أنغام الموسيقى عندما يعزف على الكمان صديقه الذي لا يفارقه إقبال أذر، وكما لحن بعض المقاطع من ملحمته، وتغنى في أذربيجان الشمالية.

اعداد : سيد مرتضى محمدي

القسم العربي _ تبيان


محمد حسين شهريار حلقة وصل بين الشعر الكلاسيكي والحر

القائد يعتبر تكريم الشاعر الراحل شهريار تكريماً للشعر والأدب الفارسي

شهريار واسلوبه الشعري

سيرة الشاعر محمد حسين شهريار

قصة إنشاء قصيدة علي أي هماي رحمت

الأدب الفارسي في الجامعات الأمريكية

وقفة عند غزليات حافظ الشيرازي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)