اعجاز فی دراسات السابقین نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اعجاز فی دراسات السابقین - نسخه متنی

محمد هادی معرفة

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الإمام الرازي

الاعجاز في دراسات السابقين


ولأبي عبدالله محمد بن عمر بن حسين فخر الدين الرازي (توفي سنة 606)المفسر المتكلم الأصولي الكبير، رأي في إعجاز القرآن طريف، وهو جمعه بين أمور شتى، كانت تستدعي هبوطاً في فصاحة الكلام، لو كان أحد من البشر حاول القيام بها أجمع، لولاأن القرآن كلام الله الخارق لمألوف الناس، فقد جمع بين أفنان الكلام، ومع ذلك فقد بلغ الغاية في الفصاحة، وتسنم الذروة من البلاغة، وهذا أمر عجيب!

قال: اعلم أن كونه(القرآن) معجزاً يمكن بيانه من طريقين:

الأول أن يقال: إن هذا القرآن لا يخلو حاله من أحد وجوه ثلاثة: إما أن يكون مساوياً لسائر كلام الفصحاء، أو زائداً على سائر كلامالفصحاء بقدر لا ينقض العادة، أو زائداً عليه بقدر ينقض. والقسمان الأولان باطلان فتعين الثالث.

وإنما قلنا: إنهما باطلان، لأنه لو كان كذلك لكان من الواجب أن يأتوابمثل سورة منه إما مجتمعين أو منفرجين، فإن وقع التنازع وحصل الخوف من عدم القبول، فالشهود والحكام يزيلون الشبهة، وذلك نهاية في الاحتجاج، لأنهم كانوا في معرفة اللغةوالاطلاع على قوانين الفصاحة في الغاية، وكانوا في محبة إبطال أمره في الغاية، حتى بذلوا النفوس، والأموال وارتكبوا ضروب المهالك والمحن، وكانوا في الحمية والأنفة علىحد لا يقبلون الحق فكيف الباطل. وكل ذلك يوجب الإتيان بما يقدح في قوله، والمعارضة أقوى القوادح. فلما لم يأتوا بها علمنا عجزهم عنها، فثبت أن القرآن لا يماثل قولهم، وأنالتفاوت بينه وبين كلامهم ليس تفاوتاً معتاداً، فهو إذن تفاوت ناقض للعادة، فوجب أن يكون معجزاً.

.. | واعلم أنه قد اجتمع في القرآن وجوه كثيرة تقتضي نقصان فصاحته، ومعذلك فإنه في الفصاحة بلغ النهاية التي لا غاية لها وراءها فدل ذلك على كونه معجزاً.|

أحدها: أن فصاحة العرب أكثرها في وصف مشاهدات، مثل وصف بعير أو فرس أو جارية أو ملكأو ضربة أو طعنة أو وصف حرب أو وصف غارة، وليس في القرآن من هذه الأشياء شيء فكان يجب أن لا تحصل فيه الألفاظ الفصيحة التي اتفقت العرب عليها في كلامهم.

وثانيها: أنهتعالى راعى فيه طريقة الصدق وتنزه عن الكذب في جميعه، وكل شاعر ترك الكذب والتزم الصدق نزل شعره ولم يكن جيداً، ألا ترى أن لبيد بن ربيعة وحسان بن ثابت لما أسلما نزلشعرهما ولم يكن شعرهما الإسلامي في الجودة كشعرهما الجاهلي. وأن الله تعالى مع ما تنزه عن الكذب والمجازفة جاء بالقرآن فصيحاً كما ترى.

وثالثها: أن الكلام الفصيحوالشعر الفصيح، إنما يتفق في القصيدة في البيت والبيتين والباقي لا يكون كذلك. وليس كذلك القرآن، لأنه كله فصيح بحيث يعجز الخلق عنه كما عجزوا عن جملته.

ورابعها: أنكلا من قال شعراً فصيحاً في وصف شيء فإنه إذا كرره لم يكن كلامه الثاني في وصف ذلك الشيء بمنزلة كلامه الأول: وفي القرن التكرار الكثير، ومع ذلك، كل واحد منها في نهايةالفصاحة ولم يظهر التفاوت أصلاً.

وخامسها: أنه اقتصر على إيجاب العبادات وتحريم القبائح والحث على مكارم الأخلاق وترك الدنيا واختيار الآخرة، وأمثال هذه الكلماتتوجب تقليل الفصاحة.

وسادسها: أنهم قالوا في شعر امرئ القيس: يحسن عند الطرب وذكر النساء وصفة الخيل. وشعر النابغة عند الخوف. وشعر الأعشى عند الطلب ووصف الخمر. وشعرزهير عند الرغبة والرجاء. وبالجملة فكل شاعر يحسن كلامه في فنّ، فإنه يضعف كلامه في غير ذلك الفن. أما القرآن فإنه جاء فصيحاً في كل الفنون على غاية الفصاحة:

ألا ترىأنه سبحانه وتعالى قال في الترغيب: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) وقال تعالى: (وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين).

وقال في الترهيب: (أفأمنتم أن يخسف بكم جانبالبر).

وقال: (أمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور . أم أمنتم).

وقال: (وخاب كل جبار عنيد ـ إلى قوله ـ ويتيه الموت من كل مكان).

وقال في الزجر ما لايبلغه وهم البشر، وهو قوله: (فكلاً أخذنا بذنبه ـ إلى قوله ـ ومنهم من أغرقنا).

وقال في الوعظ ما لا مزيد عليه: (أفرأيت عن متعناهم سنين).

وقال في الإلهيات: (الله يعلمما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد).

وسابعها: أن القرآن أصل العلوم كلها، فعلم الكلام كله في القرآن، وعلم الفقه كله مأخوذ من القرآن، وكذلك علم أصول الفقهوعلم النحو واللغة، وعلم الزهد في الدنيا وأخبار الآخرة، واستعمال مكارم الأخلاق.

ومن تأمل كتابنا في دلائل الإعجاز، علم أن القرآن قد بلغ في جميع وجوه الفصاحة إلىالنهاية القصوى.

الطريق الثاني: أن نقول: إن القرآن لا يخلو إما أن يقال أنه كان بالغاً في الفصاحة إلى حد الإعجاز، أو لم يكن كذلك، فإن كان الأول ثبت أنه معجز. وإن كانالثاني كانت المعارضة على هذا التقدير ممكنة، فعدم إتيانهم بالمعارضة، مع كون المعارضة ممكنة، ومع توفر دواعيهم على الإتيان بها، أمر خارق للعادة، فكان ذلك معجزاً،فثبت أن القرآن معجز على جميع الوجوه.

وهذا الطريق عندنا أقرب إلى الصواب.

وكلامه هذا الأخير لعله ترجيح للقول بالصرفة!






المصدر: التمهيد في علوم القرآن / محمد هادي معرفة

/ 1