• عدد المراجعات :
  • 2946
  • 3/9/2009
  • تاريخ :

الفرق بين الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
العقل و الدين

 

إن كثيراً من المفسرين خاصة القدماء منهم لم يفرقوا بين مسألة الدعوة ومسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتوهموا أن المسألتين مسألة واحدة يدرك ذلك من يراجع تفسير الآية الكريمة:( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) .

فعلى سبيل المثال نذكر قول ابن كثير القرشي في تفسير الآية نجده يقول:«والمقصود في هذه الآية أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن وإن كان ذلك واجباً على كل فرد من أفراد الأمة بحسبه كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، وفي رواية وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل» انتهى.

وبعدها ساق ابن كثير روايات كلها تتعلق بمسألة الأمر بالمعروف النهي عن المنكر.

واستشهاده بروايات تتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على تفسير آية تشمل الدعوة أيضاً دليل على عدم تفريقه بين المسألتين. لذلك أضربت فتواه بين الوجوب الكفائي الظاهر من الآية وبين الوجوب العيني الظاهر من الروايات.

والحق أن الروايات مدارها حول الأمر بالمعروف وليس الدعوة.

وكذلك ما ذكره جلال الدين السيوطي في )الدر المنثور( لم يخرج عما ذكره ابن كثير وتابعهما على ذلك عدد كبير من المفسرين.

لكن الواقع الذي لا ريب فيه أن ثمة فارق كبير بين مسألة الدعوة، ومسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأهم هذه الفوارق:

1 ـ اختلافهما في الآية الشريفة:

تقول الآية:( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر..) .

فإن الوصل بين جملة ( يدعون إلى الخير) وجملة يأمرون بالمعروف) بحرف العطف (واو) يدل على تباعد معنى الجملتين وإن كان الفاعل لهما واحد وهذا التباعد بين معنيي الجملتين يظهر الفارق بين الموضوعين، موضوع الدعوة وموضوع الأمر بالمعروف.

ولو كان كل منهما بمعنى الآخر وبينهما وحدة موضوع ما عطفت الثانية على الأولى لأن العطف يشير إلى اختلاف المعطوفات، وتكون الجملة على الشكل التالي (أمة يدعون إلى الخير يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)، بدون حرف العطف (الواو) وتكون جملة (يأمرون) حينئذٍ بدلاً للجملة قبلها ولكن العطف أكد اختلاف الموضوعين.

2) الاختلاف في المعنى:

فالدعوة إلى الخير الذي هو الإسلام تعني طلب الدخول في هذا الخير بكل جزئياته سواء كانت عقائدية أو تشريعية.

أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عنوانهما يتعلق بالأعمال وهي جزء من الإسلام، كالفواحش والكبائر والصغائر التي أمر الله بتركها وكالصلاة والصوم وصلة الرحم والبر وعمل الخير وغيرهما مما أمر الله بإتيانها.

3) الاختلاف في الترتيب الطبيعي:

فالدعوة – إلى الإسلام – بحسب الترتيب الطبيعي (المنطقي) مقدمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فبعد دعوة الناس للإسلام ودخولهم فيه تأتي مرحلة التبليغ – كما ذكرت سابقاً – فيصل المسلمون حينئذٍ شرائع الإسلام وتعاليمه. فيتعلم المسلم ما عليه فعله، وما عليه تركه، فإن فعل ما أمر بتركه، أو ترك ما أمر بفعله حينئذٍ يأتي دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

4) اختلافهما في ميدان التطبيق:

دائرة الدعوة وميدان العمل فيها أوسع من ميدان الأمر بالمعروف لأن الدعوة ميدانه المجتمعات الإسلامية والمجتمعات غير الإسلامية. وأما الأمر بالمعروف فميدانه المجتمع الإسلامي فقط.

مثال على ذلك:

لو رأينا شخصاً مسيحياً أو يهودياً أو ينتمي إلى دين يبيح شرب الخمر رأيناه يشرب خمراً فإنه لا يحق للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يأمره أو ينهاه.

ولكنه إذا رأى مسلماً يشرب الخمر فعليه أمره ونهيه إذا كان من الآمرين بالمعروف قس على ذلك.

5) الاختلاف في كيفية الأداء:

الدعوة تكون بالحكمة والموعظة الحسنة، والجدال الحسن، والحوار الهادف ولا سبيل للداعية بعدها على المدعو.

أما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيكون باليد (القوة) إذا كان للآمر سلطان أو اللسان أو الهجران عن الشخص المرتكب للمنكر.

ويكفي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون عارفاً بالمعروف والمنكر أما الداعية فيلزمه معارف عديدة وقدرات خاصة.

هذه هي أهم الفوارق بين الدعوة والتبليغ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


الحكم الشرعي للدعوة الإسلامية

حكم التبليغ

الأدلة النقلية على وجوب الدعوة

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)