رسوم الخزف الإيراني القديم (2)
في البداية ، كان الخزاف الايراني القديم ، يستخدم الخطوط الهندسية في رسومه على الأواني و الخزف، ثم حل محلها بعد ذلك بالتدريج تقليده للطبيعة ، يشبع ذوقه الفني، فبدأ يوجد تحويراً في تصوير الطبيعة و مخلوقاتها.
كان الخزاف ، يصور الأشياء و الحيوان و الانسان اعتماداً على مشاهداته ، فعلى سبيل المثال رسم الخطوط المتموجة المتوازية ، و وضعها داخل دائرة أو مستطيل تعبيراً عن كمية من الماء ، كما استخدم المثلث للتعبير عن الجبل ، كذلك من المحتمل ،انه حاول تصوير الأرض المزروعة برسمه لخطوط أفقية و عمودية داخل مربع.
الحيوانات ، التي وجدت صورها على الأواني الخزفية ، كانت عبارة عن العنز الجبلي و الوعل و الطيور ، و لكن خلافاً لرسوم الكهوف ، لم يكن الشكل الواقعي للحيوان محل اهتمام بقدر ما كان التعبير الرمزي له ، لأن تزيين قطعة الفخار ، يكتسب أهمية خاصة في عمل الخزاف ، إذ كان يتلاعب بالشكل الطبيعي حسب رغبته ، و يحوره الى شكل تجريدي ، لكي يتمكن من تحقيق رغبته التزيينية ، فكثيراً ما شوهدت رسوم لأعضاء من بدن الحيوان على الأواني الخزفية ، و هو بذلك يعكس صورة الواقع حسب رغبته و احساسه.
كان صناع الفخار الايراني القديم ، خاصة في «سيلك» كاشان ، ينظرون الى الحيوانات ذوات القرون نظرة مقدسة ، و يكنون لها الاحترام الفائق ، و عموماً كانت رسوم قرون الحيوانات محل احترام و تقدير لدى مختلف الشعوب ، و كانت توجد علاقة بين قرون الحيوانات و أفكار الناس ، و قد تحول ذلك بالتدريج الى ارتباط وثيق بين الانسان و العالم العلوي ، و لهذا عندما كان الانسان ، يريد أن يصور بطولة شخصية ما فانه ، كان يعبر عن ذلك برسوم القرون.
بصورة عامة نجد في الرسوم الايرانية القديمة ، سواء تلك المنحوتة على الصخور أو الموجودة على سطوح الأواني أو النقوش النسيجية ، خطاً وهمياً يدلنا من جهة على ارتباطها بالاحتياجات العاطفية لانسان هذه المناطق ، و من جهه أخرى ارتباطها بمستلزمات الحياة اليومية الضرورية.
كان الخزاف الايراني القديم ، يشعر بالمتعة من علمه ، و كان يشبع حسه الفني ، و يرضيه من خلال الأشكال و الصور ، التي يرسمها على سطوح الأواني ، و يبدو انه كان لا يستخدم في حياته اليومية قدحاً أو أناء، ما لم يحمل رسوم الحيوان الذي يقدسه أو النبات الذي يهتم به ، و هذا يعني ان الفن بالنسبة له كان وسيلة للتعبير ، عما كان يدور في مخيلته ، و ما يكمن في صدره ، و بذلك يتخذ الفن الايراني القديم شكلاً له ، و يجسد الفنان المجهول أفكاره الفنية ، فالفن يبدأ عندما يفكر الانسان بالزينة و التزيين ، و ربما كانت المرحلة الأولى ، التي حاول الانسان أن يجسد فيها احساسه هذا، هي مرحلة صناعة الخزف ، و الرسوم المتنوعة ، التي احتفظت بها ، و قد امتاز الخزاف في ابداعه الفني هذا ، بأنه لم يترك موضعاً في الاناء الخزفي دون رسوم ، كان يزين كل موضع من سطوح الأواني الخزفية بالرسوم ، و غالباً ما كانت هذه الرسوم تعكس مخاوفه و آماله و ارتباطه بقوى الطبيعه ، في صراعه الدائم في معترك الحياة.
و قديماً كانوا يعتقدون بأن الروح صعدت إلى السماوات ، و اختارت الشمس القمر و النجوم مسكناً لها ، و لعل هذا ما يفسر علاقة الانسان القديم بتصوير الشمس و الحيوانات ، التي تنسب اليها من مثل: النسر و الأسد و البقرة ، و محاولة تزيين الأواني بها ، فالمبدأ الذي يحكم هذه الرسوم هو ارتباطها بالبعد الإلهي و اهتمامها به ، و بشكل عام توزعت الأشكال و الرسوم ، التي ظهرت على الأواني الفخارية و الخزفية المتوافرة بين أيدينا ما بين الخط البسيط و الخطوط المتقاطعة و الأشكال الهندسية و رسوم الحيوانات و رسوم الشمس و القمر و رسوم الطيور و شكل الانسان ، و كانت هذه الأشكال و الرسوم ، قد ظهرت على سطوح الفخار ، الذي هو عبارة عن مزيج من التراب و الماء و النار، العناصر الثلاثة المقدسة في ايران القديمة.
- الخط البسيط:
و هو عبارة عن خط أفقي أو عمودي ، يكون أحياناً متموجاً ، و يشاهد في معظم الأواني الفخارية و الخزفية ، التي تعود إلى فترات ما قبل التاريخ ، و تتضمن هذه الخطوط فضلاً عن الجمالية، مفهوماً آخر و هو ان صانعها أراد ، أن يعبر من خلالها عن صورة المياه ، التي هي محل استفادة الانسان، و التي كان يجسد حركتها بواسطة الخط المتموج.
- الخطوط المتقاطعة:
إن الكثير من الأواني التي تم اكتشافها، قد تم تزيين سطوحها بالخطوط المتقاطعة ، و تشبه الرسوم التي تم اكتشافها إلى حد كبير صورة الخيام ، التي كان يقيمون فيها في البوادي ، و من المحتمل أن يكون الفنان ، قد استلهم ذلك من محل اقامته.
رسوم الخزف الايراني القديم(1)
الصناعات اليدوية الايرانية
«لالجين» مدينة الفن وعاصمة صناعة الخزف الايرانية
الرسوم على الأواني الخزفية الإيرانية