الشمس تتعامد فوق الكعبة المشرفة
يُعد عبور قرص الشمس فوق الكعبة المشرفة مرتين كل سنة أحد المظاهر الفلكية التي يُعنى بها كثير من المسلمين الذين يهتمون لأمر اتجاه قبلتهم وصحته
ففي هذين اليومين اللذين يوافقان 27 أو28 من مايو و15 أو 16 من يوليو من كل عام، وفقاً للسنة الكبيسة، تقف الشمس لحظة الزوال عمودية فوق الكعبة؛ فيختفي بذلك ظلها وظلال كل الأشياء الموجودة في مدينة مكة المكرمة وما حولها، وعرف العرب هذه الظاهرة قديما، ولاحظوها جلية، وسمّوا الأيام التي تصبح الشمس فيها فوق رووسهم بالأيام التي ينتعل فيها الرجل ظله.وفي الوقت ذاته، تظهر الشمس مائلة في سماوات المدن البعيدة عن مكة، وكلما زاد البعد عن مكة كان ميل الشمس في السماء أكبر، مما يجعلها تلقي للأجسام ظلالا أطول تتجه إما شمالا أو جنوبا أو شرقا أو غربا وفق موقع المدينة التي يتم رصد الشمس منها وقتئذ.وفي يومي الجمعة والسبت 27 و28 مايو 2016، وفي تمام الساعة (12:18) ظهرا (موعد أذان الظهر في مكة المكرمة) تتعامد الشمس فوق مكة، معلنة بذلك أقصى ارتفاع لها فوق الحرم المكي في طريق صعودها نحو مدار السرطان، الذي ستصله في 21 يونيو القادم، ثم تقفل عائدة في رحلتها نحو الجنوب مرة أخرى، وتتعامد فوق مكة المكرمة مرة أخرى يومي 27 و28 يوليو القادم في طريقها نحو خط الاستواء، ثم نزولا جنوبه إلى مدار الجدي.ونظرا لأن فارق التوقيت بين مكة وغرينتش ثلاث ساعات، فهذا يعني أن أذان الظهر في مكة سيكون في تمام الساعة (9:18) بالتوقيت العالمي، وبمعرفة هذا الوقت، وإضافة فرق الساعات بين توقيت أي بلد محلي وبين التوقيت العالمي نحصل على موعد أذان الظهر في مكة المكرمة بتوقيت البلد، وهي اللحظة التي يكون اتجاه الشمس فيها هو اتجاه القبلة الدقيق.فلو كنا نعيش في مسقط أو أبو ظبي بتوقيتها الذي يبعد عن غرينتش أربع ساعات، فهذا يعني أن الظهر سيوذن في مكة المكرمة في تمام الساعة (1:18) بتوقيت هاتين المدينتين، وفي هذه اللحظة يحدث التعامد فوق الكعبة المشرفة، وسيعرف الناظر إلى الشمس أنها تشير إلى اتجاه القبلة الصحيح، وهذه هي إحدى أدق الطرق التي يتم بها تحديد اتجاه القبلة.كما يمكننا من ظاهرة التعامد هذه أن نحسب محيط الكرة الأرضية، وذلك بقياس زاوية ميل ظل شاخص في أية مدينة أخرى والمسافة الدقيقة المباشرة بين مكة المكرمة وبين هذه المدينة، وهي طريقة قديمة استعملها الفلكي إيراتوس تينوس الإغريقي، وكان يعمل قيما لمكتبة الإسكندرية حين قيل له إن صورة الشمس شوهدت في مدينة أسوان منعكسة عن ماء بئر، مما يعني أنها كانت عمودية ذلك اليوم على أسوان، فقام بقياس المسافة المباشرة بين الإسكندرية وأسوان، وبعد أن حسب ميل الشمس عن الإسكندرية في ذلك اليوم استطاع أن يحسب محيط الكرة الأرضية، وهي طريقة علمية يطبقها كثيرون من طلبة المدارس في مسابقاتهم العلمية.