أسباب الصلاح خارج دائرة التربية
((كيف تجعل ولدك صالحاً؟))
قبل الولادة
أشار نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة الميامين عليهم السلام إلى عوامل توثّر في تكوين الولد الصالح قبل ولادته نعرضها في ما يلي:
الدعاء قبل الزواج
ابتدأ الإسلام في مشروع إعداد الولد الصالح من إرشاد الرجل حينما يعزم على الزواج، إلى دعاء الله تعالى أن يرزقه الولد الطيِّب فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا همَّ بذلك فليصلِّ ركعتين ويحمد الله تعالى ويقول: اللّّهمّ إنّي أريد أن أتزوّج، اللّهمّ فاقدر لي من النساء أعفّهنَّ فرجاً، وأحفظهنَّ لي في نفسها وفي مالي، وأوسَعهنَّ رزقاً، وأعظمهنّ بركة، واقدر لي منها ولداً طيّباً تجعله خلفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي"1.
اختيار الزوج والزوجة
وأكمل الإسلام خطوته في الإرشاد إلى ما يوثّر في تكوين الولد الصالح، كما نلاحظ في أحاديث المعصومين عليهم السلام ، فعن أمير المومنين عليّ عليه السلام: "إيّاكم وتزوّج الحمقاء، فإنّ صحبتها بلاء، وولدها ضياع"2.
وهذا الحديث ونحوه يتلاءم مع ما ثبت من دور الوراثة في تكوين شخصيّة الإنسان، والذي أشار إليه الحديث المعروف "العِرْق دسّاس"، كما أكَّده العلم الحديث.
يقول العالم مندل: "إنّ كثيراً من الصفات الوراثيّة تنتقل بدون تجزئة أو تغيُّر من أحد الأصلين أو منهما إلى الفرع"3.
وقد أكّد أمير المومنين عليه السلام ما للوراثة من أثر في الولد في موقفين:
الأوّل: حينما طلب من ابنه محمّد بن الحنفية يوم حرب الجمل أن يحمل على القوم، فتوقّف محمّد قليلاً، ثمّ كرَّر عليه أمره الإمام قائلاً له: "احمل" فأجابه: يا أمير المومنين، أما ترى السهام كأنّها شآبيب المطر؟!! فدفعه الإمام في صدره، وقال له: "أدركك عِرْقٌ من أمِّك"4.
الثاني: حينما أراد أن يكون له أبناء أقوياء شجعان ينصرون ولده الحسين عليه السلام في كربلاء، فقال لأخيه عقيل -وكان نسَّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم-: أبغني امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب؛ لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً، فقال له: أين أنت من فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها، ولا أفرس، فتزوّجها أمير المومنين عليه السلام فولدت له وأنجبت، وأوّل ما ولدت العبّاس5.
مباشرة الزوجة
وأرشد الإسلام إلى جملة من الأمور الموثّرة في تكوين الولد الصالح عند مباشرة الزوجة، فوجَّه إلى ما يلي:
أ- التسمية والدعاء قبل المباشرة:
فقد ورد عن عبد الرحمن بن كثير: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام جالساً فذكر شرك الشيطان فعظّمه حتى أفزعني، قلت: جعلت فداك، فما المخرج من ذلك؟ فقال عليه السلام: "إذا أردت الجماع فقل: بسم الله الرحمن الرحيم الذي لا إله إلّا هو بديع السموات والأرض، اللّهمّ إن قضيت منّي في هذه الليلة خليفة فلا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً ولا حظّاً، واجعله مومناً مخلصاً مصفىً من الشيطان ورجزه، جلّ ثناوك"6.
وعن أمير المومنين عليه السلام: "إذا جامع أحدكم فليقل: بسم الله وبالله، اللّهمّ جنّبني الشيطان وجنِّب الشيطان ما رزقتني"، قال عليه السلام: "فإن قضى الله بينهما ولداً لا يضرُّه الشيطان بشيء أبداً"7.
ب. اختيار الأوقات المناسبة:
فقد ورد في الروايات جملة من الأوقات يوثّر الجماع فيها في مستقبل الولد، ومن هذه الأوقات ما ذكره الإمام أبو جعفر عليه السلام حينما سئل، هل يكره الجماع في وقت من الأوقات؟ فقال عليه السلام: "نعم.
من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس،
ومن غياب الشمس إلى غياب الشفق،
وفي الليلة التي ينخسف فيها القمر،
وفي اليوم الذي تنكسف فيه الشمس،
وفي اليوم والليلة التي تزلزل فيهما الأرض،
وعند الريح الصفراء أو السوداء أو الحمراء...
والذي بعث محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوّة، واختصّه بالرسالة، واصطفاه بالكرامة، لا يجامع أحدٌ منكم في وقت من هذه الأوقات، فيرزق ذرية فيها قرَّة عين"8
الغذاء أيّام الحمل
نبَّه الإسلام إلى دور الغذاء في مستقبل الولد وحسنه، وقد ابتدأ بالغذاء الذي يكوِّن نطفة الرجل، وما له من أثر في الولد فمدح بعض أنواع الأغذية كالرمَّان والسفرجل، فقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أكل سفرجلة على الريق طاب ماوه وحسن ولده"9. كما ورد عن الخراساني: "أكل الرمَّان يزيد من ماء الرجل ويحسِّن الولد"10.
وأكّدت الروايات على دور الغذاء الذي تتناوله الحامل على مستقبل حملها، ونعرض في ما يلي بعض ما ورد من ذلك:
* شرب اللِّبان:
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أسقوا نساءكم الحوامل اللِّبان، فإنّها تزيد في عقل الصبي"11.
* أكل السفرجل:
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "أطعموا حَبالاكم السفرجل فإنّه يحسِّن أخلاق أولادكم"12.
* أكل البطّيخ:
فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من امرأة حاملة أكلت البطِّيخ لا يكون مولودها إلّا حسن الوجه والخلق"13.
المصادر:
شبکة المعارف الاسلامية
* كيف تجعل ولدك صالحاً، الشيخ أكرم بركات.
1- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج14، ص79.
2- لبيب بيضون، تصنيف نهج البلاغة، منشورات مكتب الإعلام الإسلامي، قم ط2، 1408هـ، ص 793.
3- القرشي، حياة الإمام الحسين عليه السلام ، منشورات دار الكتب العلمية، قم، ج1، ص43.
4- الأمين، أعيان الشيعة، منشورات دار التعارف، بيروت، ص457.
5- المصدر السابق، ج7، ص429.
6- الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج14، ص97.
7- المصدر السابق، ص96.
8- الطبرسي، مستدرك الوسائل، تحقيق ونشر موسسة آل البيتR لإحياء التراث، قم، ط1، 1407 هـ، ج14 ص223-224.
9- المجلسي، بحار الأنوار، ج104، ص81.
10- المصدر السابق، ص83.
11- الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج15، ص137.
12- الطبرسي، مستدرك الوسائل، ج15، ص135.
13- الميرزا النوري: مستدرك الوسائل، ج15، ص 214، حديث(14/18038).
أطفالنا في ظلّ التربية الإسلامية
التربية بين الدلال والإهمال والقسوة واللين
الأسلوب الاستبدادي ونتائجه السلبية