• عدد المراجعات :
  • 348
  • 1/15/2013
  • تاريخ :

العراق بين وسائل الاعلام و دسائس الدول

وسائل الاعلام

إن العراقيين يتنافسون الآن فيما بينهم بكل شيء، في السياسة والسلطة وغيرها، انهم يحاولون الان أن يتعلموا تحويل الصراع المادي الدموي الى صراع تنافسي فكري رۆيوي، وقد قطعوا في هذا الاتجاه خطوات مشجعة، تشوبها الاخطاء والعثرات (ومن لا يفشل لا ينجح، ومن لا يسقط لا ينهض)، وهم يكافحون باصرار لتجاوز خط العودة الى الوراء، الى الانقلابات العسكرية والقبض على السلطة بالقوة والاكراه والقمع والاستبداد.

تشير الوقائع منذ ما يقرب من عشر سنوات، الى أن العراقيين يكافحون من أجل تغيير منهج الكبت والقمع الى منهج آخر، أكثر قربا من الانسجام والتقارب والتفاهم، لاسيما في الحيز السياسي، لكي تتحول قضايا السلطة والوصول اليها، من أساليب القسر والاكراه والقوة الغاشمة، الى أساليب الفضاء الديمقراطي التسامحي الذي يستوعب جميع الرۆى والافكار وحتى المعتقدات، دونما صراع فعلي مادي تنتج عنه ضحايا وخسائر بالارواح والممتلكات عندما يتم الاستيلاء على السلطة بوسائل القوة الغاشمة، كما كان يحدث في التاريخ السياسي القريب للعراق في ظل الحكومات الجمهورية على وجه الخصوص.

وحتما ان المراقب لمس الاختلاف الجوهري في التعامل مع السلطة في العراق، خلال السنوات العشر الماضية، حيث الصراعات تحولت من الكبت والتكميم والصراع المسلح الدامي، الى صراع بالكلام والتصريحات السياسية والتنافس السياسي في صناديق الاقتراع وغيرها، ومع كل الهفوات الصغيرة والكبيرة التي شابت ولازالت، المشهد السياسي العراقي، إلا أنه من الغبن أن نقول بأن منهج الانقلابات العسكري للوصول الى السلطة هو الاصح والأقوم، بل منهج الديمقراطية الراهن على علاته وكبواته افضل بكثير على نحو قاطع.

ولكن لا يمكن أن نغفل التدخلات المريبة لاجندات اقليمية، وخارجية سياسية مع ماكنتها الاعلامية، تستميت من اجل خلط الاوراق، وتحويل التنافس العراقي العراقي الى صراعات متقاطعة، وقوية بين مكوناته العرقية والدينية وحتى بين طوائفه، وهذه الاجندات التي تغذيها وترعاها بعض وسائل الاعلام العربي، معروفة ومخطط لها من لدن جهات وحكومات معروفة ايضا، تحاول بقوة ان تنقل العراقيين من فضاء التنافس الحر، في الرأي والكلام الى حيز الصراع المقيت، الذي يعيدنا الى الخسائر والضحايا المادية والدموية القديمة، التي كانت تأخذ الكثير من دماء العراقيين في الانقلابات العسكرية، والصراعات الدموية الهائجة على السلطة.

إن العراقيين يتنافسون الآن فيما بينهم بكل شيء، في السياسة والسلطة وغيرها، انهم يحاولون الان أن يتعلموا تحويل الصراع المادي الدموي الى صراع تنافسي فكري رۆيوي، وقد قطعوا في هذا الاتجاه خطوات مشجعة، تشوبها الاخطاء والعثرات (ومن لا يفشل لا ينجح، ومن لا يسقط لا ينهض)، وهم يكافحون باصرار لتجاوز خط العودة الى الوراء، الى الانقلابات العسكرية والقبض على السلطة بالقوة والاكراه والقمع والاستبداد، ولكن من الملاحظ ان هناك دولا و جهات ودوائر لا يعجبها هذا المسار ولا ترغب به لانه لا يصب في صالحها، لذا تعمل بكل ما تمتلك من قدرات وامكانات خبيثة لكي تعيد العراقيين بكل مكوناتهم المتآلفة، الى فضاء وحيز الصراعات الدموية، لأن العراقيين جميعا يتعاملون الآن مع اختلافاتهم الفكرية والرۆيوية وحتى العقائدية، بنظرة عقلانية متسامحة، مستفيدين من سنوات القمع والقهر والتكميم والحرمان الذي عانوا منه كثيرا.

والآن تأتي جهات اقليمية معروفة، تستميت من اجل أن تشعل نار الفتنة بين ابناء البلد الواحد، بلد الحضارة العريقة، بلد الرافدين الذي غذّى الارض بنور الحرف والكلم منذ آلاف السنين، لذا على العراقيين جميعا، بمختلف مكوناتهم، البسطاء منهم والنخب، أن يفتحوا اذهانهم وعيونهم وبصائرهم، الى عمليات خلط الاوراق فيما يتعلق بالتنافس الطبيعي بينهم، وأن لا يسمحوا لكائن من يكون أن يتدخل بين العراقيين وما يتعلق بهم، سواء أكانت بعض وسائل الاعلام العربي او دسائس الدول الاقليمية، لأنهم يحاولون بقوة أن يحولوا منهج التنافس الحر بين مكونات المجتمع العراقي، الى منهج صراع سياسي فكري عقائدي طائفي دموي، لن يربح منه العراقيون أي شيء، بل الرابح الاكبر هم مشعلو تلك الفتن والدسائس، من الدول الاقليمية التي لا تريد الخير لجميع العراقيين، كونهم أمسكوا بزمام الامور وهم يغذون الخطى نحو سبل العيش السليم في دولة مدنية قوية ومتحضرة، طالما توافرت الارادة الوطنية الحرة.

لذا فإن الاعلام الرخيص الذي يحاول أن يصب الزيت على النار واضح ومكشوف، وخصوصا بعض الفضائيات المرفوضة جملة وتفصيلا، وما على العراقيين سوى التمسك بمنهج التنافس الحر، الذي يجعل من وحدة الشعب وحماية الوطن، على رأس الاهداف والمطالب كلها.

اعداد : سيد مرتضى محمدي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)