الأخضر على خطى الأسمر
على خطي المبعوث الأممي السابق كوفي أنان يسير السيد الأخضر الإبراهيمي محني الظهر يجول البلدان بحثا عن منفذ لطموحاته العالية علّ أمرا ما يحدث في اللحظة الأخيرة يذيب الجليد المتراكم برغم الإحتباس الحراري الذي لم يۆثر في جمود المحاولة العالمية لحل الأزمة السورية المتفاقمة، وكنت ومازلت أتخيل الإبراهيمي يقف في المكان الذي وقف فيه من قبل السيد أنان ويعلن فشل مبادرته التي تتعكز على النوايا الطيبة وتصطدم بصخور الممانعة والرغبة بالمضي نحو حل يغير شكل المنطقة لعقود قادمة.
لم ينجح الغاني المحنك والأمين العام السابق للأمم المتحدة في إستدراج طرفي النزاع في سوريا الى دائرة التسليم بضرورة الحل السلمي وفشل في إقناع الخصماء الدوليين كالروس والأمريكيين وكذا الحال مع الفرقاء الإقليميين كالترك والإيرانيين وظل يلف ويدور حول الأزمة مستأنسا بالإبتسامات التي إنهالت عليه في نيويورك ولندن وباريس وموسكو وبكين وأنقرة وطهران وبغداد حتى وصل الى مرحلة اليأس الأخيرة وأدرك إن القناعات ليست مختلفة وحسب بل ومتصادمة ومتشابكة الى حد يجعل من الحل المقبول دوليا مستحيلا للغاية وغير قابل للتحقق.
كوفي أنان نجح في تسعينيات القرن الماضي في إقناع صدام حسين بالتسليم عند مقررات مجلس الأمن الدولي والقبول بمرور فرق التفتيش الى كل المواقع التي يشتبه بوجود نشاط سري فيها، وكان أحد الإتفاقات يتضمن بندا يتعلق بثياب الرئيس فصار صدام حسين ينتقي البذلات الفاخرة مع أربطة عنق مميزة بدلا عن البذلة الزيتوني التي كان ثمرها ونتاجها في كل العراق على مدى عقدين من الزمن، ولم يكن صدام مقتنعا بحجج وبراهين السيد أنان لكنه كان يخاف الغرب وأمريكا تحديدا بعد أن جرب الوجع في حرب الخروج من الكويت ولم يكن يحتفظ بنوايا صادقة عندما إتفق مع أنان بل هو اليقين بسلوك أمريكي مختلف في حال إستمر على عناده.
بعد أن وقع أنان مع صدام وثيقة الإستسلام الجديدة نهاية تسعينيات القرن الماضي مارس لعبة الجري على شاطئ أبي نۆاس باللباس الرياضي وعاد مستأنسا وفاتحا الى نيويورك، لكنه في الحالة السورية لم يجد بشار خائفا من الأمريكيين فنظرات عيون الرجل توحي بأنه يمثل ورقة صينية روسية باهظة الثمن لايمكن أن تشترى بالصفقات والأموال ووقف عاجزا في مواجهة بشار الأسد وحار أكثر حين تأكد لديه رغبة الأمريكيين وحلفائهم العرب بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، فكان أن أعلن توبته عن الحل وودع الجميع بإبتسامة فاترة.
هذه المرة أيضا فإن الأخضر الإبراهيمي تلقى إبتسامات مماثلة في كل العواصم التي جالها ولم يجد تغييرا في المواقف. فلا الرئيس بشار الأسد براغب في ترك السلطة ولامعارضيه بموافقين على مبدأ الحوار بدون شروط ولا الأطراف الدولية والإقليمية مستعدة للتنازل عن مواقف إتخذتها وهي تدفع ثمنها الآن.
الإبراهيمي يذكرني بطالب في المدرسة دخل غرفة المدير وسأله عن النتيجة؟فأجاب المدير بوجه مكفهر، أنت راسب، ثم نادى فيه، في جميع المواد.للأسف الإبراهيمي راسب في جميع مواد الإمتحان السوري.
هادي جلو مرعي