الجيش القوي الأجهزة العسكرية المتطورة من عوامل الإنتصار العسكري في عصر الظهور
هناك جيوش قوية بأسلحتها وأعدادها إنهارت بسرعة لأنها لا تملك الإيمان الراسخ بقضيتها ولا بقدسية الهدف الذي تضحي من أجله، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإيمانها وعقيدتها وشاهِدُنا في ذلك مسلمو بدر في إنتصارهم على قريش، وغيره، ولا شك إن النصر في الحروب منوط بصفات يتصف بها الجندي المقاتل من الإيمان بالهدف والشعور بالمسؤولية تجاهه والإخلاص للقائد والتضحية من أجله، وهذه الصفات يتمتع بها جيش الإمام وأنصاره، يصفهم أمير المؤمنين عليه السلام فيقول (وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر كأنهم ليوث قد خرجوا من غاب قلوبهم مثل زُبـُر الحديد لو إنهم هموا بإزالة الجبال الرواسي لأزالوها عن مواضعها)(1) ، ويقول الصادق عليه السلام: (يخرج بجيش لو أستقبل الجبال لهدمها وأتخذ فيها طريقاً)(2)، ووصف أنصاره كذلك الإمام زين العابدين عليه السلام يقول: (إن الرجل منهم يُـعطى قوة أربعين رجلاً، وإن قلبه لأشد من زبر الحديد، ولو مروا بجبال الحديد لقطعوها).(3) وليس الجيش وحده يملك هذه الصفات بل إن له قاعدة شعبية عريضة من الموالين: قال الصادق عليه السلام: (فإذا قام قائمنا المهدي كان الرجل من محبينا أجرأ من سيف وأمضى من سنان).(4)
إن الإمام المهدي عليه السلام لا يلغي الحضارة الإنسانية التي إكتسبتها البشرية عبر تاريخها الطويل، بل إنه يوظفها لإنتصاره في حروبه المرتقبة ويجعلها عاملاً مساعداً لإدارة دولته المتراميه، فليس من الصحيح أن نفترض أن العالم يعود إلى عصر السلاح البدائي والعصا والحجارة، بل إن كل الروايات تشير إلى نشر العلم والمعارف: يقول الإمام الصادق عليه السلام: (إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم)(5)، ويقول الشيخ محمد السند: (ليس من الصحيح القول: إن الإمام يجمد العلم ويعيد الـبداوة بل إن العلم يصل إلى مرحلة متقـدمة بما يضيفـه الإمام إلى العلـوم الأخـرى ليـكـسـبـه الانتصار، وكشاهد على هذا التطور العلمي نسمع الإمام الصادق يقول: (إذا قام القائم مدّ الله عز وجل لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتى لا يكون بينهم وبين القائم بريد، يكلمهم فيسمعون، وينظرون إليه وهم في أماكنهم)، وهي إشارة واضحة إلى أجهزة الإتصال الحديثة كالنقال والأنترنيت والقنوات الفضائية، ويقول الصادق عليه السلام أيضاً (المؤمن في زمن القائم وهو في المشرق يرى أخاه الذي في المغرب وكذا الذي في المغرب يرى أخاه الذي في المشرق) وعلى صعيد التطبيق العملي لإستخدام التقنية الحديثة في عصر الإمام: يقول الإمام الصادق عليه السلام: (إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كل إقليم رجلاً يقول: عهدك في كفك فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تنظر القضاء فيه، فأنظر إلى كفك وأعمل بما فيها)،(6) وليس لهذه الرواية تفسير إلا إستعمال أجهزة الإتصال المتطورة لإدارة الدولة وأقاليمها المترامية. وفي معرض إستخدام الإمام للأجهزة لمتطورة، يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: (أما أنه سيركب السحاب ويرتقى في الأسباب) وهو دليل على إنه يعلو على السحاب بأسباب حديثة متطورة) ونستشف من حديث الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: (يركب على فرس أدهم محجل له شمراخ يزهر ينتفض به إنتفاضة لا يبقى أهل بلاد إلا أتاهم نور ذلك الشمراخ حتى يكون آية له)،(7) وهل هذه الإشارة إلى رؤية كل أهل بلد للإمام وهم في محلهم إلا إشارة إلى التلفزيون وأجهزة الإتصالات المتطورة.
المصادر:
(1) بشارة الإسلام / للكاظمي / ص247.
(2) كشف الغمة للاريلي / ج13 ص341.
(3) بحار الأنوار / للمجلسي / 52 / 308.
(4) الإمام المهدي واليوم الموعود / خليل رزق / 396.
(5) منتخب الأثر / لطف الله الصافي / ص170.
(6) الكافي للكليني ج8 ح 329 ص 241.
(7) بحار الأنوار/ ج52 باب 27 ح 214.
قدرة الإمام المهدي ( عليه السلام ) على تغيير حركة التاريخ