كيف نلبي دعوة الله؟ طهر قلبك وبدنك
ما هو باب التلبية؟
لماذا نتطهّر؟
كيف نتطهّر؟
ما هو باب التلبية؟سبق أن تحدثنا فيما سبق من الدروس أننا في حياتنا نبحث عن السعادة الحقيقية، وقلنا أن الحقيقة التي لأجلها وجدنا والسعادة العظمى التي لا شقاء معها هي معرفة اللَّه وعبادته، فهي العزّ كل العزّ والسعادة كل السعادة.
فنحن كما سبق القول مدعوون من قبل اللَّه تعالى للوفود عليه. ولقد أكرمنا اللَّه بهذه الدعوة، ولكن لنفترض أن شخصاً ما عظيم القدر والمقام دعا أحدنا إلى حفل يريد أن يكرمه به، وهو يحب هذا الشخص ويرغب بمحبته وبوده، فإنا سنراه يعتني بكل ما يجعل مظهره لائقاً بلقاء هذا الحبيب، موجباً لالتفاته إليه ورضاه عنه، وتراه يقوم بتحلية نفسه بكل ما يليق بهذا اللقاء والتكريم.
فتراه يستحم، ويتعطر، ويلبس أفخر الثياب، ويتزين بما يلائم من أنواع الزينة، وإذا علم أن المضيف وصاحب الدعوة ينفر من أمر ما فإنه يبتعد عنه.
واللَّه تعالى يريدنا أن نأتي إليه متحلين بكل ما يوجب لنا زيادة القرب والمحبة منه، يريدنا أن نخلع كل ما ينفره منا ويجعله يشيح بوجهه عنا.
وأهم أمر يريده منا أن نتنظف من الأوساخ كل الأوساخ المادية والمعنوية، لأنها تمنعنا من الوفود عليه ومن الكرامة لديه، ولذا فهو يرشدنا إلى طريق تحصيل محبته فيقول: (إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
يحب التوابين المتطهرين من الذنوب والآثام ويحب المتطهرين من القذارات والنجاسات.
ويقول كذلك: (فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ)1.
لماذا نتطهّر؟
إن الأمور المادية صورة عن الأمور المعنوية، فمثلاً، لو أن الإنسان ترك العناية بجسده، فلم يغتسل ولم يستحم وبقي على هذه الحال مدة من الزمن فإنه سيحصل له الأمور التالية:
1- اتساخ الجسد وبدو أثار ذلك على أعضائه.
2- اتساخ ثيابه وظهوره بمظهر منفر.
3- تتحول رائحة جسده وثيابه إلى رائحة نتنة.
وكل ذلك يؤدي إلى تكاثر الجراثيم، فالمرض وربما الموت فضلاً عن نفور الناس منه، وهذا يؤدي إلى شعوره بأنه مبغوض معزول عن الناس مما يؤذيه في بدنه بالمرض ويؤذيه في نفسه بشعوره بنفور الناس منه. فلأجل الحفاظ على سلامة الجسد لا بد من النظافة، ولأجل الوقاية من المرض لا بد من النظافة، ولأجل السلامة النفسية لا بد من النظافة، ولذا قال أمير المؤمنين عليه السلام: "النظيف من الثياب يذهب الهم والحزن وهو طهور للصلاة"2.
وقال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "بئس العبد القاذورة"3.
وعن أهمية النظافة البدنية ونظافة الثياب قال صلى الله عليه وآله وسلم: "الطهور نصف الإيمان"4.
ذلك لأن الإنسان له بعدان:
الأول: ظاهره وجسده.
والثاني: باطنه ونفسه.
فنظافة الثوب والبدن طهارة الظاهر، والتوبة والعمل الصالح نظافة الباطن. فكما أننا يفترض أن نعتني بنظافة أجسادنا وأثوابنا وأطعمتنا وما نشرب، كذلك يفترض أن نعتني بالعلم الذي نأخذه حتى لا نلوث بواطننا بالذنوب والآثام.
فنحن بالتطهر من الخبث الذي هو الأوساخ المادية بالماء، نحافظ على أبداننا ونكون لائقين لمقابلة الناس وعدم نفورهم منا. فكذلك الطهارة من النجاسات المعنوية.
وهي الحدث بقسميه. لأن للحدث أثراً مانعاً من اللياقة ومن أهلية أن نكون من المصلين أو الداعين أو الطائفين حول بيت اللَّه، ولأن اللَّه هو الذي يعلم بأثر النوم والبول والجنابة ومس الميت وغير ذلك، ويعلم بأنها تترك أثراً مانعاً من التشرف بعبادة اللَّه يعلمنا اللَّه كيف نزيل هذه الموانع.
قال الإمام الرضا عليه السلام في علة الوضوء: "لأن يكون العبد طاهراً إن قام بين يدي الجبار عند مناجاته إياه مطيعاً فيما أمره نقياً من الأدناس والنجاسة مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية الفؤاد للقيام بين يدي الجبار".
كيف نتطهّر؟
إن النجاسة نوعان: خبث وحدث.
الخبث: هو النجاسة المادية التي تقع على بدن أو ثوب الإنسان وهي: البول، الغائط الدم، المني، الكلب، الخنزير، الخمر، الفقاع (البيرة)، الميتة.
الحدث: نجاسة معنوية تتركها بعض الأفعال التي يقوم بها الإنسان وهو نوعان:
أصغر: وهو ما يوجب رفعه الوضوء وهي: النوم، البول، الغائط، الإغماء، الخ...
أكبر: ما يوجب رفعه الغسل وهي: الجنابة، مس الميت، الخ...
خاتمة
أيها الأخ العزيز، اتعظ مما مرّ فحياة الإنسان الحقيقية هي في قلبه وباطنه لا بجسده ــ فقط ــ فإذا كان لا بد لسلامة الجسد والظاهر من الطهارة والنظافة فإن حقيقة الإنسان بقلبه فلو أن إنساناً كان شديد النظافة والإعتناء بمظهره وكان بذيء اللسان هل يكون نظيفاً، ولو كان حقوداً مظلم القلب هل يكون نظيفاً.
للجسد والثوب النظافة، وللقلب والنفس النزاهة والطهارة، فلنكن حريصين على نظافة قلوبنا من الغفلة عن اللَّه، ولنغسلها بماء التوبة، ولنداوم على احيائها بالعلم والعمل الصالح والعقيدة الحقة.
هل غسلت قلبك بماء التوبة، هل نظفت لسانك من آثام الغيبة والكذب، هل طهرت نفسك من الحقد والحسد.
إذا فعلت فأنت من المتطهرين والتوابين الذين يحبهم اللَّه ورسوله.
كيف تتوضأ؟
- قم إلى مكان الوضوء:
1- اغسل وجهك من منبت الشعر إلى طرف الذقن طولاً وعرضاً بمساحة ما بين الإبهام والوسطى مرة واحدة تكفي.
2- اغسل يدك اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع.
3- اغسل يدك اليسرى من المرفق إلى أطراف الأصابع.
4- امسح على مقدم رأسك من الأعلى إلى الأسفل بمقدار لا يقل عن عرض اصبع.
5- امسح ظاهر قدمك اليمنى بباطن كف يدك اليمنى من أطراف الأصابع إلى قبة القدم حتى التقاء الساق بالقدم.
6- امسح ظاهر القدم اليسرى بباطن كف اليد اليسرى من أطراف الأصابع إلى قبة القدم اليسرى عند التقاء الساق بالقدم.
انتبه
1- قبل الوضوء تأكد من طهارة أعضاء الوضوء وإزالة موانع وصول الماء.
2- الماء يجب أن يكون طاهراً ومطلقاً وغير مغصوب.
3- غسل الوجه من الأعلى إلى الأسفل ولا يجوز النكس وغسل الأيادي أيضاً من المرافق إلى أطراف الأصابع والعكس غير صحيح.
4- لا يجوز النكس في مسح الرأس.
خلاصة
اللَّه تعالى يريدنا أن نأتي إليه متحلين بكل ما يوجب لنا زيادة بالقرب والمحبة منه ويريدنا أن نخلع عنا كل ما ينّفره منا ويشيح وجهه عنا، ومن هذا الارشاد أن نأتي إلى اللَّه بطهارة وتوبة.
النظافة الجسدية من الأمور المهمة التي شدد عليها اللَّه تعالى في كل الأوقات وخاصة حين القرب منه والتواصل معه. «فاللَّه يحب التوابين المتطهرين».
أسئلة
1- اذكر ثلاثة أحاديث عن النظافة؟
2- ما الفرق بين الحدث الأكبر والحدث الأصغر؟
3- أجب بـ(صح أم خطأ):
أ- اللّه تعالى أمرنا بالوضوء والغسل من أجل النظافة.
ب- أولياء اللّـه هم الذين لا يهتمـون بأجسـادهم أبداً بل يهتمـون بأرواحهم.
جـ- يتألف الوضوء من غسلتين ومسحتين.
د- يجب غسل اليداليمنى واليسرى ثلاث مرات
للمطالعة
الشيخ والصغيران
مرّ الحسن والحسين على شيخ يتوضá فوجداه لا يحسن الوضوء، وكانا L آنذاك طفلين صغيرين، إلاّ أن الواجب الديني يحتّم عليهما بأن يرشداه ويعلماه كيفية الوضوء الصحيح، ولكن كيف يعلمان بأنه لا يتأثر نفسياً إن هما أخبراه بأنَّ وضوءه غير صحيح، ولا يوّلد هذا التوجيه أثراً سيئاً في نفسه، إضافة إلى أنه ربما اعتبر هذا الارشاد بمثابة تحقير موجه إليه، فيتمادى في العناد، ويلحّ في اللجاجة.
فكرّ الطفلان مدّة، حتى انبثق في ذهنيهما أنهما يستطيعان أن يرشداه إلى الصوّاب بصورة غير مباشرة. لجئا حينئذ إلى التنازع الظاهري فيما بينهما، فأخذ كل واحد منهما يقول للآخر: أنت لا تحسن الوضوء.
وأخيراً، اتفقا على أن يجعلا الشيخ حكماً بينهما، فتقدما إليه، وقالا له: أيها الشيخ كن حكماً بيننا. وافق الشيخ على ذلك، فتوضأ كلّ منهما والشيخ ينظر، ثم قالا: أينا يحسن الوضوء. قال: إنتما تحسنان الوضوء، ولكنّ الشيخ الجاهل هو الذي لم يكن يحسن الوضوء، وتعلم منكما.
اعداد وتقديم : سيد مرتضى محمدي
القسم العربي – تبيان
هوامش
1- التوبة: 801.
2-3-4: الحقائق، ص512.
أثر الطعام في روح الانسان
الهدوء النفسي
النزاع بين الميول النفسانية والوجدان الأخلاقي
القواعد والأسس المعنوية والنفسية للتوبة الحقيقية
التغذية السليمة في القران
التحليل النفسي في الاسلام
علينا ان نكشف الحجب