• عدد المراجعات :
  • 677
  • 5/29/2011
  • تاريخ :

استنصار الله والانبياء بالمخلوقين‏

الورد

ومع هذه الآيات البينات كيف تنكر الوهابية جواز الاستمداد بالمخلوق والحال إن الله تعالى مع قوته القاهرة استنصر عباده بقوله عزّ شأنه. "إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ". وقوله تعالى: "وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ". وثانيهما ما عن بعض علماء الهند من أن الاستعانة بالمخلوق ينافي الحصر المستفاد من قوله تعالى: "إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ".

والجواب عنه أولًا: أن المقصود من الآية الاستعانة بالله في العبادة والهداية، بقرينة قوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) وقوله (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) فكأن المصلي يقول: يا رب أتيت بالعبادة وبك أستعين في إتمامها.

فإن قلت: الظاهر العموم، وأن المعنى أستعين بك يا رب في جميع أموري ولا أستعين بغيرك.

قلت: هذه المرتبة من التوكل على الله والتوسل به تعالى وإن كانت راجحة لقوله سبحانه: ومن يتوكل على الله فهو حسبه، وقوله: فإن تولوا فقل حسبي الله عليه توكلت إلّا أن الكلام في وجوبها عقلًا وسمعاً، والظاهر عدم وجوبها عقلًا بعد اعتقاد العبد أن المدبر الحقيقي هو الله، وأن الاعتماد على غيره من باب أنبت الربيع البقل، وأن الأسباب مقتضيات عادية عليها ولذا قال سبحانه: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، ولا وجوبها شرعاً وإلا لزام شرك الأنبياء حيث استعانوا بغير الله، ولزم الأمر بالشرك في قوله تعالى: "تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى".

وثانياً: إن مقتضى الآية حرمة الاستعانة بالمخلوق حيهم وميتهم وهذا ينافي التفصيل الذي ذهب إليه ابن عبد الوهاب، فإنه في رسالته في الرد على شيخ الطائفة الإمامية الشيخ جعفر النجفي عند استدلاله «قده» لجواز التوسل بالمخلوق بأن الناس يوم القيامة يزحفون إلى آدم عليه السلام ثمّ إلى نوح عليه السلام ثمّ إلى إبراهيم عليه السلام ثمّ إلى موسى ثم إلى عيسى، وكلهم يعتذرون حتى ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهذا يدل على أن التوسل بغير الله تعالى جائز وليس شركاً.

قال: الجواب أن الاستعانة بالمخلوق على ما يقدر عليه لا ننكرها، كما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحروب وغيره في أشياء يقدر عليه المخلوق، وإنما نحن أنكرنا الاستغاثة التي يفعلونها عند قبور الأولياء في غيبتهم في الأشياء التي لا يقدر عليها إلّا الله تعالى.

 

مناقضة ابن عبد الوهاب نفسه في الاستعانة

قلت: ما الوجه في الإقرار بالأول وإنكار الثاني، مع أن الدليل لا يساعد على هذا التفصيل، فإن كان منشأه عجز الميت وقدرة الحي لزمه عدم جواز التوسل بالحي في صورة عجزه، وإن كان لأجل منافاة سؤال المخلوق لدعاء الخالق فذلك يقتضي عدم جواز السؤال من الحي وإن كان قادراً.

فأين قوله «إنا لا ننكر الاستعانة بالمخلوق فيما يقدر عليه» فما ذكره ابن عبد الوهاب أشبه شي‏ء بكلام من ضاق عليه الخناق، فلا يدري ماذا يقول فيتشبث تارة بأن دعاء المخلوق وندائه عبادة له فيكون شركاً، وأخرى يكون دعاء الميت لغواً، فإن كان لغواً فمن أين يكون شركاً؟ إذ لا تلازم بين اللغوية والشرك، وإن كان شركاً فمن أين جاء التفصيل بين كون المتوسل به حياً أو ميتاً.

وحيث أنه لم يعرف معنى كلام شيخ الطائفة أورد عليه بما لا محصل له والعجب من قول ابن عبد الوهاب في رسالته: الاستغاثة بالأنبياء يوم القيامة يريدون منهم أن يدعوا الله أن يحاسب الناس حتى يستريح أهل الجنة من كرب الموقف.

فإنه يرد عليه أن الغرض من الاستغاثة بصالح المؤمنين دعائهم إلى الله لصاحب الحاجة حتى يستريح من العناء والشدة فإن لهم سلام الله عليهم دعوة مستجابة.

وأعجب من ذلك قوله في كشف الشبهات كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏ يسألونه في حياته، وأما بعد موته فحاشا وكلا، إنهم سألوه ذلك عند قبره، بل أنكر السلف على من قصد دعاء الله عند قبره فكيف دعاء نفسه؟

فإنه يرد عليه أما أولًا فلأن السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان لم ينكروا التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله حال حياته ولا بعد وفاته، بل كانوا يتوسلون به من قبل وجوده، وعليه مذهب المسلمين كافة ما عدا الطائفة الوهابية الذين عبروا عنه بالشرك الأكبر، وأباحوا لأجله دماء المسلمين وأموالهم على خلاف الكتاب والسنة وما عليه الصحابة. وذلك لما رواه البيهقي وابن أبي شيبة بإسناد صحيح كما قاله أحمد بن زيني دحلان في خلاصة الكلام من أن الناس أصابهم قحط في خلافة عمر، فجاء بلال بن الحرث إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله، وقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم هلكوا، فأتاه رسول الله في المنام فأخبره أنهم يسقون.

وليس الاستدلال من حيث الرؤيا، إذ لا يثبت بها الحكم شرعاً. وإنما الاستدلال بفعل بلال الذي من الأصحاب، فإتيانه لقبر النبي صلى الله عليه وآله وندائه وطلبه الاستسقاء لأقوى دليل على أن ذلك أمر جائز وليس من الشرك.

وفيها أيضاً رواية الطبراني والبيهقي: أن رجلًا كان يختلف إلى عثمان في زمن خلافته في حاجة، فكان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فشكى ذلك لعثمان بن حنيف فقال له: ائت الميضاة فتوضأ ثمّ ائت المسجد فصل، ثمّ قل: «اللهم أني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد، إني أتوجه بك إلى ربك لتقضي حاجتي» وتذكر حاجتك، فانطلق الرجل فصنع ذلك‏ ثمّ أتى باب عثمان فجاءه البواب فأخذه بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه وقال: أذكر حاجتك فذكر حاجته فقضاها.

وفيها أيضاً: روى البيهقي باسناد صحيح في كتاب دلائل النبوة الذي قال فيه الحافظ الذهبي: عليك به كله هدى ونور عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله: لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلّا ما غفرت لي ... الحديث.


الخلاف حول الاحتفال بذكرى الأنبياء وعباد اللَّه الصالحين

ما قاله المستشرقون حول الاسلام

ما قاله المستشرقون حول القرآن

نبذه عن المذاهب الاربعة

كيف تم حذف حي على خير العمل من الاذان

أعلام الاُمة وزيارة قبر النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)