هل يسير المغرب على خطى تونس ومصر ؟
يستعد الناشطون الداعون إلى الديمقراطية في المغرب ، الذين لم يرضوا بالتعهد الذي قطعه الملك محمد السادس على نفسه بإجراء " إصلاحات دستورية شاملة " ، للخروج في المزيد من التظاهرات هذا الشهر .
يستعد الناشطون الداعون إلى الديمقراطية في المغرب ، الذين لم يرضوا بالتعهد الذي قطعه الملك محمد السادس على نفسه بإجراء " إصلاحات دستورية شاملة " ، للخروج في المزيد من التظاهرات هذا الشهر .
وكان عشرات الألوف من المغاربة قد خرجوا إلى الشوارع في تظاهرات احتجاجية في العشرين من شهر فبراير المنصرم ألهمتهم في ذلك ثورتا تونس ومصر .
ولم تمض أسابيع ثلاثة قبل أن يصدر الملك رده على الاحتجاجات ، إذ وعد بإجراء تغييرات سياسية من شأنها إضعاف قبضته المطلقة على السلطة في البلاد .
وبينما وصف رئيس الحكومة وعود الملك بأنها " ثورة سلمية " ، أصر زعماء الحركة الاحتجاجية بأن المقترحات لا تلبي مطالبهم .
فمنتصر الإدريسي ، أحد الشباب الذين يتزعمون الحركة الاحتجاجية ، يقول : " مطلبنا الأول هو دستور للشعب ومن الشعب ، أي إصلاح جذري للدستور الحالي " .
وكانت حركة العشرين من فبراير، التي نمت بسرعة كبيرة من خلال موقع فيسبوك ، قد دعت إلى تظاهرات جديدة يوم الأحد المقبل والأسبوع الذي يليه .
وكان الملك قد أمر بإجراء سلسلة من التغييرات من خلال لجنة كلفت بإدخال إصلاحات على الدستور يجعل أحدها رئيس الوزراء منتخبا وليس معينا من قبل البلاط الملكي .
ومن المفترض أن تطرح الإصلاحات على الشعب في استفتاء عام . ولكن أعضاء اللجنة المذكورة اختارهم الملك بنفسه ، مما أقنع المحتجين بأن أية تغييرات قد تأتي بها لن تكون إلا سطحية . ولذا قرروا مواصلة التظاهر والاحتجاج .
وبينما وصف رئيس الحكومة وعود الملك بأنها " ثورة سلمية " ، أصر زعماء الحركة الاحتجاجية بأن المقترحات لا تلبي مطالبهم .
ويقول الإدريسي : " إنه من الجيد أن يمارس ضغط على اللجنة ، فإذا كان الناس راغبين بالتغيير بينما يرفضه الملك ، سيكون الملك بمفرده . لذا عليه الاستماع إلى مطالب الشعب " .
وقد انتشرت الاحتجاجات في كل زوايا العاصمة المغربية ، حيث يصعب على الزائر أن يمر في أي شارع دون أن يصادف تجمعا احتجاجيا .
فالخريجون العاطلون عن العمل يعتصمون أمام مقر البرلمان ، بينما افترش المئات من المدرسين الأرض أمام مبنى وزارة التعليم .
وتسير جماعات أخرى في تظاهرات في شارع محمد الخامس معلنة سخطها من خلال مكبرات الصوت . فليس في الرباط ثمة " ميدان تحرير " تتركز فيه الاحتجاجات بشكل يومي ومستمر ، إلا أنه مع ذلك فقد شجعت الثورات التي اجتاحت تونس ومصر وغيرهما العديد من المغاربة على المطالبة بالإصلاح بشكل لم يسبق له مثيل .
ويقول محمد البوكيلي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان " يتجرأ المغاربة على انتقاد ما لم يكونوا يجرأون على انتقاده في الماضي ، فهم يجرأون الآن على القول إنهم يريدون ملكا لا يحكم بل يكون رمزا فقط . إنهم يجرأون على المطالبة بما لم يكن مسموحا به في الماضي " .
ويشير البوكيلي إلى أن الملك محمد السادس نظر إليه عند توليه العرش بوصفه إصلاحيا مقارنة بوالده الحسن الثاني الذي تميزت ولايته بالقمع والتعذيب والاغتيالات والاختفاءات .
ولكن مع ذلك ما زالت حرية التعبير مقيدة في المغرب إلى حد بعيد . فقد تم إغلاق العديد من الصحف ، وما زال الملك يمثل أعلى سلطة سياسية ودينية في البلاد .
ولكن مع ذلك ما زالت حرية التعبير مقيدة في المغرب إلى حد بعيد . فقد تم إغلاق العديد من الصحف ، وما زال الملك يمثل أعلى سلطة سياسية ودينية في البلاد .
يقول الصحفي إدريس كسيكس (الذي حكم علية بالسجن ثلاث سنوات مع إيقاف التنفيذ عام 2007 لنشره رسوما كاريكاتيرية تسخر من السياسة والدين والجنس) : " هناك العديد من ممثلي المجتمع المدني الذين يضغطون باتجاه التغيير والإصلاح الحقيقي . هناك مطالب حقيقية من جهة وعدم توازن من جهة أخرى . فالعرش قوي جدا ، كما أن الضغوط المتأتية من الشارع المغربي قوية هي الأخرى ، نعلم أن هناك ثمة فرصة قد لا تأتي غيرها " .
ولذلك فإن حركة العشرين من فبراير تعد العدة لتحركها القادم في مكتب يقع في الطابق العلوي من مبنى اتحاد نقابات العمال الكائن في الرباط .
فقد رفضت الحركة دعوة لمناقشة الإصلاحات الدستورية المقترحة مع اللجنة التي شكلها الملك ، قائلة إن من شأن ذلك منح الشرعية لعملية فاقدة لها . وتنوي الحركة عوضا عن ذلك قيادة سلسلة من الاعتصامات والتظاهرات .
وتأمل الحركة في أن تتمكن من تحول غضب المجموعات المختلفة ذات المطالب المحددة – كالعاطلين عن العمل مثلا – إلى غضب ضد الفساد .
خريجو الجامعات الغاضبين ، الذين يقولون إنهم لا يستطيعون الحصول على وظائف بالشهادات التي حصلوا عليها ما لم يكن لديهم المال أو النفوذ ، شكلوا واحدة فقط من هذه المجموعات المختلفة التي سارت على البرلمان في الأسبوع الماضي .
فعلي ، وهو خريج دراسة إنجليزية عاطل عن العمل ، يقول : " بعد أن رأينا ما جرى في العالم العربي ، قررنا نحن أيضا المطالبة بحقوقنا . فنحن نعاني ، ولكن لم نجرؤ على البوح بذلك قبل اندلاع الثورتين في تونس ومصر . لعلنا نحصل على المزيد من الحقوق الآن " .
أما الحسين ، وهو مدرس عاطل ، فقال : " نحن هنا للاحتجاج على الكثير من الأمور بما فيها السياسية . ولكن همنا الأول هو الحصول على عمل " .
وبالرغم من الدعوات المتزايدة لتقييد السلطات التنفيذية التي يتمتع بها الملك ، فإن معظم المغاربة ما زالوا موالين للعرش الذي حكم البلاد لأكثر من ثلاثة قرون .
فالكثير منهم يحملون الحكومة أو حاشية الملك مسؤولية تدهور أحوالهم ، وليس الملك نفسه ، وهم يطالبون بالإصلاح وليس الثورة .
فكسيكس يقول " إن ما جرى في تونس لن يتكرر هنا لأن الشعب يحب ملكه . إنه الشخص الوحيد الذي يعني ما يقول . عندما يتكلم الشعب يستمع الملك " .
مع ذلك ، يمثل حجم الاحتجاجات ومداها ظاهرة جديدة في المغرب ، ولذا فإن الحكومة – وعينها على الأحداث في دول عربية أخرى – تسرع للاستجابة لمطالب المحتجين .
مع ذلك ، يمثل حجم الاحتجاجات ومداها ظاهرة جديدة في المغرب ، ولذا فإن الحكومة – وعينها على الأحداث في دول عربية أخرى – تسرع للاستجابة لمطالب المحتجين .
يقول البوكيلي : " الجميع يحاولون الاستجابة لمطالب الشباب بالتغيير " .
ويحمل البوكيلي صورا تمثل قمع الشرطة للمتظاهرين الذين خرجوا في العشرين من فبراير، ولكنه يؤكد أن رجال الشرطة لم يتدخلوا لفض الاحتجاجات التي جرت منذ ذلك الحين .
ويقول : " لا يكتفي الناس بالتغييرات الجزئية بعد الآن ، فإن هذا لن يشفي غليل المغاربة . آمل أن يفهموا ذلك ويأتون بالإجابات التي يتوقعها الشباب " .
وخلص إلى القول : " هناك حيز من الحرية لم يأت إلا عن طريق الضغط ، وآمل أن تفضي هذه الحريات إلى ديمقراطية حقيقية في المغرب " .
*سارة رينسفورد
مصدر: العالم