آية الله القاضي الطباطبائي في الاعتقال والنفي
اثر ذلك اعتقل الشهيد في 18 جمادى الثانية عام 1383هــ وسجن في إحدى المعسكرات بمدينة طهران ثم في إحدى سجونها حيث بقي فيها لمدة شهرين ونصف، وبسبب ما لاقاه من التعذيب البدني والنفسي فقد نقل إلى إحدى المستشفيات، ثم أفرج عنه بكفالة من أخيه وبشرط عدم مقابلة الناس، وكان هذا يتم بإشراف دقيق من جهاز السافاك لمدّة أربعة أشهر.. وبعد ذلك، وفي الأيام الأولى التي أطلق فيها سراح الإمام القائد بعد مجزرة 15 خرداد، سافر الشهيد إلى مدينة قم المقدسة، وقابل فيها الإمام، وتحدث معه في شؤون التحرك الإسلامي، ومن هناك تشرف بزيارة الإمام الرضا (ع) ثم عاد إلى طهران.
ومع أنّ الشهيد كان منفياً عن مدينته تبريز إلاّ أنّه غادر طهران إليها من دون إذن السافاك بتاريخ 10 ذي الحجة 1383هــ. وما أن علم أهالي تبريز وأطرافها بقدوم الشهيد حتى استعدوا لاستقباله، وكان يوماً مشهوداً في تاريخ تبريز لم تشهد مثيله، فوفاءً لهذا العالم الرباني المجاهد احتشدت مئات الألوف في الطريق ما بين محطة القطار إلى بيت الشهيد (بمسافة 6 كيلومترات) وهي تطلق الشعارات الإسلامية مثل.. الله أكبر، ونصر من الله وفتح قريب.
لم يتحمل النظام منظر الاستقبال حتى ليوم واحد، فقام بردود فعل انفعالية، وأقدم الساواك على اعتقاله في منتصف ليل يوم قدومه.. يقول الشهيد عن هذا الاعتقال: "داهم رجال السافاك منزلي وقبضوا عليّ؛ أمسكني بعضهم من رجلي وآخرون من يديّ، ونقلوني بهذا الشكل إلى رأس الزقاق، ثم أركبوني السيارة، ونقلوني إلى "سلطنت آباد" (أحد السجون) في طهران".
بعد مضي برهة من الزمن، أفرج عن الشهيد بضغط من آية الله الميلاني، فرجع إلى تبريز، إلاّ أن هذا الأمر لم يدم طويلاً، فسرعان ما ألقي القبض عليه ونقل إلى طهران من جديد.
وبسبب الضعف والمرض الذي أصابه، فقد أبقي في إحدى المستشفيات لمدة ستة أشهر تحت المراقبة المستمرة للسافاك، ثم أبعد بعد ذلك بتاريخ 27 رجب 1384هــ إلى العراق، فاغتنم هذه الفرصة بحضور الدرس في حوزة النجف الأشرف وبالأخص درس الإمام الراحل (ره).
وبعد انتهاء الإقامة الجبرية التي دامت أحد عشر شهراً عاد الشهيد إلى مدينة تبريز، وأكمل مسيرته السابقة في تبليغ الرسالة وكشف اللثام عن الوجه القبيح للنظام.
النفي إلى بافت
في خطبة عيد الفطر السعيد عام 1387هــ، ذكر الشهيد ــ ضمن حديثه عن الحكومة الإسلامية ــ الإمام الخميني بصراحة وبجّله، ثم أشار إلى العلاقات ما بين النظام وإسرائيل وأدانها، فقررت أجهزة الأمن والقضاء في جلسة مشتركة نفيه إلى مدينة بافت في محافظة كرمان لمدّة ستة أشهر.
ولم يفتر الشهيد لحظة في منفاه من فضح جرائم النظام ودعوة الناس إلى الحذر واليقظة. وإثر ذلك أصدر رئيس جهاز السافاك قراراً بمنع الشهيد من لقاء الناس نهائياً، ويطلب التحقيق مع كل فرد ينوي مقابلة الشهيد.
ومع كل هذا، فقد كان الشهيد يتبادل الرسائل مع العلماء والمراجع أمثال آية الله العظمى السيد محسن الحكيم، وآية الله العظمى المرعشي النجفي، وآية الله العظمى الميلاني، وآية الله صدوقي، وآية الله دستغيب، بشكل سرّي. كما بذل الشهيد خلال هذه الفترة، جهوداً مضنية في كشف ممارسات النظام أما أنظار الشعوب الإسلامية؛ فكان يكتب مقالات باللغة العربية، ويرسلها بالخفية إلى لبنان وسوريا والعراق حيث نشرت في الصحف، وللشهيد عدة مقالات نشرت في مجلة العرفان بصيدا في لبنان.
النفي إلى زنجان
ومع انتهاء مدة النفي في بافت، قرر السافاك نفيه من جديد بتاريخ ربيع الثاني 1389هــ إلى مدينة زنجان، إلاّ أن الشهيد غيّر مساره إلى مدينة تبريز، فاكتشف أمره على بعد 60 كيلومتراً من تبريز وأرجع إلى زنجان، فدخلها يوم 17 ربيع الآخر، وعيّن له مسكن في بيت إمام جمعة زنجان في ذلك الوقت. وقد أصدر رئيس السافاك أمراً يقضي بمراقبة كل تحركات الشهيد واتصالاته فور وصوله إلى زنجان، وقد أقلق النظام إلى حد كبير جموع الناس التي كانت تذهب لزيارته ورسائل وبرقيات العلماء والمراجع المتكررة، وقد زاد من قلق النظام عندما علم الساواك بأن للشهيد علاقات بالإمام الخميني (ره) في النجف الأشرف، وأنه بعث برسالة إلى الإمام في العراق بواسطة أحد العلماء، فشدد من رقابته عليه، وطلبوا ملخصاً عن ماضيه السياسي من محافظة آذربيجان.
المصدر: دار الولاية للثقافه و الاعلام
السيّد علي الموسوي البهبهاني(قدس سره)
الشيخ محمّد بن حسن الجبعي العاملي، حفيد الشهيد الثاني(قدس سره)
الشيخ محمد بن حسين الحارثي المعروف بالشيخ البهائي(قدس سره)
آية الله السيد صادق الحسيني الشيرازي ( دام ظله )