كيف تهنينـي الحيـاة وقلبـي |
بعد قتلى الطفوف دامـي الجراح |
بأبي من شـروا لقاء حسـين |
بفــراق النفـــوس والأرواح |
وقفوا يدرؤون سـمر العوالي |
عنـه والنبـل وقفـة الأشــباح |
فوقوه بيـض الظبا بالنحـور |
البيض والنبل بالوجـوه للصـباح |
فئة أن تعـاون النقـع ليـلاً |
اطلعوا في سـماه شـهب الرماح |
وإذا غنّت السـيوف وطافت |
أكؤس الموت وانتشسي كل صاح |
باعدوا بين قربهم والمواضي |
وجســوم الأعــداء والأرواح |
أدركوا بالحسـين أكبر عيـد |
فغدوا في منى الطفوف أضـاحي |
لست أنسى من بعدهم طود عز |
وأعاديـه مثـل سـيل البـطاح |
وهو يحمي دين النبي بعضب |
بسـناه لظلمـة الشـرك مـاح |
فتطير القلوب منـه ارتياعـاً |
كلّمـا شـد راكبـاً ذا الجنـاح |
ثمّ لمّا نال الظما منه والشمس |
ونزف الدمـا وثقـل السـلاح |
وقف الطرف يسـتريح قليلاً |
فرمـاه القضـا بسـهم متـاح |
حرّ قلبـي لزينـب إذ رأتـه |
ترب الجسـم مثخنـاً بالجـراح |
اخرس الخطب نطقها فدعتـه |
بدمـوع بمــا تجـن فصـاح |
يا منار الضلال والليـل داج |
وظلال الرميض واليوم ضـاح |
إن يكن هيناً عليـك هـواني |
واغترابي مع العدى وانتزاحـي |
ومسـيري أسـيرة للأعادي |
وركوبـي على النيـاق الطلاح |
فبرغمـي أنّـي أراك مقيما |
بين سـمر القنا وبيض الصفاح |
لك جسم على الرمال ورأس |
رفعـوه على رؤوس الرمـاح |
بأبي الذاهبون بالعز والنجدة |
والبـأس والهـدى والصـلاح |
بأبي الواردون حوض المنايا |
يوم ذيـدوا عن الفرافت المتاح |
بأبي اللابسون حمـر ثياب |
طرزتهـن سـافيات الريـاح |
اشرق الطف منهم وزهاها |
كل وجه يضـيء كالمصـباح |
فازدهت منهم بخير مسـاء |
ورجعنا منهـم بشـر صـباح |