• عدد المراجعات :
  • 1847
  • 5/14/2006
  • تاريخ :

هل ندمت المرأة علي مطالبتها بالخروج الي العمل؟

عمل المرأة

شكلت المساواة بين المرأة والرجل عنوان مسيرة طويلة وطاحنة من النضال خلال القرن الماضي، وتمكنت النساء عالميا وعربيا من إحراز خطوات متقدمة علي هذا الصعيد. فقد خرجن الي العمل وحصلن علي حقوق حجَبَها عنهن المجتمع الذكوري طويلا تحت غطاء التقاليد والأعراف، بل وبدأن ينافسنه في الكثير من المجالات،بدليل دراسات أجريت في المجتمعات المتقدمة تشير إلي ان الإناث يحققن نسبا اعلي من الذكور في المدارس والجامعات، مما يخول لهن الحصول علي وظائف مهمة بسهولة اكبر.

وعلي ضوء هذه النتائج لا حاجة للقول إلي ان الجنس اللطيف اصبح يشكل قوة اقتصادية مهمة في هذه المجتمعات، لا سيما أن نوعية الوظائف، هي الأخري، شهدت تحولا كبيرا في السنوات الأخيرة، من الأعمال اليدوية التي تتطلب قوة جسدية إلي الوظائف التي تحتاج إلي مرونة في التعامل ودبلوماسية في العلاقات العامة وغيرها.

بينت بعض الدراسات ان الشركات والمؤسسات التي تتبوأ فيها المرأة مراكز تنفيذية تحصل علي نسبة أعلي من الأرباح من الشركات والمؤسسات التي توجد بها نسبة اقل في مراكز القرارات.

وإذا كانت المرأة اصبحت تشكل تقريبا 50% من القوة العاملة في الولايات المتحدة مثلا، فإنها في الصين تشكل أكثر من ذلك، ما بين 60 إلي 80%، خصوصا في مجالات الصناعات التي تصدر إلي الخارج كصناعة الأقمشة والملابس. كما بينت بعض الدراسات ان الشركات والمؤسسات التي تتبوأ فيها المرأة مراكز تنفيذية تحصل علي نسبة أعلي من الأرباح من الشركات والمؤسسات التي توجد بها نسبة اقل في مراكز القرارات. ويعزو البعض السبب إلي قدرتها علي التواصل مع الآخر والعمل ضمن فريق وليس بشكل فردي.

لكن رغم كل هذه النجاحات والإحساس بالاكتفاء الذاتي والتحرر النفسي والمادي، إلا أن المرأة بدأت ايضا تشعر بان نجاحها كان علي حساب اشياء أخري كثيرة. فخروجها للعمل لم يخدمها في كل شيء والمساواة لم تكن دائما في صالحها، وهذه المشاعر تسري علي المرأة في المجتمعات المتقدمة وغيرها من المجتمعات. ففي لبنان، علي سبيل المثال لا الحصر، ونتيجة الحاجة الاقتصادية، اصبح لزاما عليها العمل للمساهمة في احتياجات البيت والأسرة، لكن مسؤولياتها خارج البيت لم تلغ مسؤولياتها بداخله، وبالتلاي تضاعفت علي حساب راحتها النفسية والجسدية، والمقابل امتيازات لا توازي الجهد المبذول.

فالمرأة التي طالبت بالخروج إلي العمل ما زالت المسؤولة الاولي، وفي أغلب الاحيان الوحيدة، عن الواجبات الأسرية، لجهة تربية الاولاد ومتابعتهم والقيام بالاعمال المنزلية، أو علي الاقل الاشراف عليها اذا استطاعت الاستعانة بخادمة. وهذا يجعلها تتوق الي بعض الراحة وأن تلعب دور «الزوجة التقليدية» في بعض الأحيان، حتي يقوم زوجها عنها بمعظم المهام الخارجية علي الاقل. والملاحظ ان النساء العاملات لم يعدن يشعرن بالحرج من إظهار تبرمهن بهذه «الصفقة الخاسرة» أو الخجل من خذلان بنات جنسهن اللواتي ناضلن لسنوات للحصول علي هذا الحق، بما فيهن بعض من وصلن الي مواقع يحسدن عليها.

فهن لا ينكرن حاجتهن الي الراحة والاسترخاء بعيدا عن هموم العمل والمسؤوليات الكثيرة الملقاة علي عاتقهن، ولو لفترة يشحذن فيها قوتهن وطاقتهن. تقول الاعلامية في المؤسسة اللبنانية للارسال، دوللي غانم، وهي أم لولدين، أنها تتمني لو كان دوام عملها محددا. فبرنامج «نهاركم سعيد» الذي تقدمه عبارة عن حوار صباحي مع ضيف سياسي «يتطلب متابعة دائمة لإختيار الضيوف وتحضير الأسئلة واطلاع علي المستجدات وغيرها من المتابعة الدؤوبة. حبي لعملي لا يلغي حبي لبيتي وعائلتي لكن هذا أيضا لا يمنع أني اصل أحيانا إلي مرحلة من الضغط النفسي والتعب وأحلم ببعض الراحة». وتتابع دوللي ان ما يساعدها علي التحمل اكثر، ويخفف عنها وطأة الضغط انها تحرص علي الخروج للنزهة كلما تيسر لها الوقت أو مشاهدة فيلم أو السفر لمفردها، في حين يتولي زوجها المسؤولية في غيابها.

أما عن مشكلة الشعور بالذنب والتقصير التي تعاني منها معظم النساء العاملات والناجحات فتعلق دوللي غانم أنها لا تفارقها «خصوصا حين أعمل طوال اليوم فيما يمضي ولداي عطلات الاعياد في المنزل او مع أصدقائهما. لقد اعتادا هذا الأمر لكني بعكسهما أشعر بالانزعاج». وتضيف ممازحة «أنا غير مصابة بعقدة الرجل ولا يراودني هاجس التساوي به أو تحديه لأنني أعمل بهدف ارضاء طموحي المهني، لكني اتمني أن ينقلب الوضع ولو قليلا، ويتساوي الرجل بالمرأة في تحمل هذه المسؤولية المضاعفة». ولا يختلف رأي ريما يوسف، المسؤولة في أحد مصارف العاصمة عن رأي دوللي، فهي ايضا تري ان حياة المرأة العاملة يشبه الماراثون لانها، حسب قولها، تستيقظ عند السادسة الا ربعا «لأحضّر ابني للمدرسة ثم استعد للتوجه الي عملي، واعود الي البيت نحو الخامسة والنصف أو السادسة مساء لأبدأ في الطبخ. لا أنكر اني أشعر بعقدة ذنب بسبب غيابي المتواصل، هذا عدا أني لا أجد وقتا للاهتمام بنفسي أو للراحة، وهذا ما لا يتفهمه المحيطون بي، خصوصا حين لا اقوم بالواجبات الاجتماعية في الأفراح والاحزان». لكن اللافت ان ريما، عكس بعض النساء اللواتي يكتفين بالتذمر والتحسر، تعمل علي تغيير حياتها للأحسن، فهي مصمّمة علي متابعة دورة في أصول التغذية حتي تتمكن من تأسيس عملها الخاص وتتخلّص من مشكلة الدوام وتتحكم في وقتها «لن أنتظر سن التقاعد لتحقيق ذلك». وهذا التفرغ شبه الدائم للعمل يفرض نفسه علي الأديبة اميلي نصرالله، التي تعتبر ان «التنظيم الداخلي هو الاساس، تليه الارادة والطموح الي تحقيق الذات والوصول بالافكار الي غاياتها. ولبلوغ ذلك كله لا بد من السعي الدؤوب واعتماد خريطة طريق». وتعترف إميلي بفضل احدي السيدات التي ساعدتها علي تربية ابنائها الأربعة: «لولاها ما استطعت امتهان الكتابة خصوصا في مراحل طفولة اولادي. كما ان زوجي تفهم خصوصية عملي وحاجتي الي الانفراد في غرفتي الخاصة والي التحرر الاقتصادي لئلا تكون كتابتي مرتهنة، وهذا ما نصحت به الكاتبة البريطانية فيرجينيا وولف. وكانت نصيحتها مفيدة طوال حياتي المهنية. لكن يعود الفضل الأول في التحرر من العبء الاقتصادي الي زوجي، لأن الادب في بلادنا لا يطعم خبزا رغم أن كتبي تباع وتقرأ وتترجم».

وتري نصر الله أن المساواة مطلب المرأة الذي «لن تناله من دون الجد والتضحية فلكل جني ثمنه ولا بأس ان يخرجها سعيها من خدر الازمنة الماضية لتحقيق النجاح لا لمنافسة الرجل». أما الاختصاصية في علم الاجتماع، الدكتورة سهي هاشم، فشددت علي ضرورة "تنظيم الوقت والاقتناع بأن العمل أساسي للمرأة «فإذا تكامل الأمران استطيع تأدية واجباتي والا تحولت المساواة عبئا وانعكست توترا علي، لا سيما انه من غير الممكن أن أرضي نفسي من دون ان أكون مساوية للرجل» وتضيف «أؤمن بالاختلاف ايضا ولكن هذا لا يعني أنني ادني مستوي من زوجي لأنني لا أعامله بصفته «سي السيد» بل اتقاسم معه القرارات والواجبات فلا أقبل ان يمارس سلطته بطريقة تقليدية، ذلك ان سلطة الاسرة هي التي تفرض نفسها».

وتري هاشم أن «المساواة في بلادنا مرهقة لأنها ليست مقرونة بقوانين تحفظ للمرأة حقها ذلك «أننا نحن نعيش في مجتمع ذكوري، ما يرتب عليها مسؤوليات إضافية في توزيع الادوار المنزلية الي جانب عملها.

ولكن هذه المسألة حلّت عبر استقدام خادمة، لكنني أحرص علي عدم اشراكها في تربية الاولاد لاسيما في سنواتهم الاولي، ولا أسمح بأن تكون العنصر الاساسي أو المرادف في الاهتمام بشؤونهم، أو الاطلاع علي تفاصيل حياتهما لمعرفة كيف يتطوران أولا وكيف يتأثران بالفضاء الخارجي ثانيا ولأوفق بين دوافعهم وميولهم من جهة والضوابط الاجتماعية من جهة أخري».

وتقول ان المعادلة التي توصلت إليها أن تعطي عملها حقه كاملا، لكن ليس علي حساب بيتها، الا في الحالات الطارئة. وفي هذه الحالات تحاول أن تعوّض عن تقصيرها في أيام الإجازات «لكن هناك نقطة مهمة وهي انه لا يمكن حماية الاسرة وتوفير رفاهيتها وراحتها علي أساس الكمّ في قياس الوقت لأنه لا ينفع، فنوعية الوقت الذي نمضيه مع اسرنا هو المهم».


عمل المرأة إذا لازمه الإختلاط بالرجال الأجانب

أجمل ما قيل في المرأة

المرأة في نظر بعض الفلاسفة

المَرأة وَ الملكيَة

لماذا كان نصيب المرأة من الإرث نصف نصيب الرجل ؟

راتب الزوجة سلاح ذو حدين

جوهر خلق المرأة و الرجل

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)