• عدد المراجعات :
  • 1344
  • 8/3/2009
  • تاريخ :

فصل الدين عن السياسة

الامام المهدي ، اهل البيت

إننا ربما عدنا – من ناحية منهجية – بسبب ما نعانيه اليوم من انتشار الذهنية الغربية ، التي تؤمن بفصل الدين عن السياسة لدى الكثير من أبناء أمتنا.

ربما عدنا ملزمين ، بأن نشير في مداخل بحوثنا حول الحكم الإسلامي إلى ما في هذه النظرة من مفارقة ، تبعدنا تماماً عن واقع الإسلام ، الذي لايعترف بفصل الدين عن السياسة ، و إنما يعتبر السياسة جزءاً من الدين ، و الذي يعد ذلك من ضرورياته ، التي لاتحتاج – بطبيعتها – إلى أكثر من الالتفات و التنبه إليها . و لعل ما نلمسه من واقع ذلك باستقراء التشريع الإسلامي ، و بقراءة تاريخ الحكومات الإسلامية كافٍ في لفت النظر إليه ، و في التنبه عليه.

على أن فقهاءنا – و بخاصة المعاصرين منهم – أكدوا كثيراً على جانبي ، اشتمال الإسلام على النظم الكاملة ، التي منها النظام السياسي ، و لزوم القيام بتطبيقها كاملة . و لعله لما يرونه من شيوع هذه الذهنية الغربية لدى أبناء المسلمين..

يقول السيد الحكيم جواباً للسؤال التالي ، الذي وجّه لجملة من مراجع التقليد بتاريخ ( 26/3/1379 هـ  ) حينما حاول أعداء الإسلام إثارة الغبار حول توفر الإسلام على نظام كامل للحياة ، مستغلين فرصة عدم تطبيقه ، و عدم فهم الأمة له نتيجة فصله عن الدولة ، و إبعاده عن مناهج التربية و التعليم .

و السؤال هو : ( هل في الإسلام نظام متكامل شامل ، يتناول جميع مظاهر الحياة بالتنظيم ، و جميع مشاكل الإنسان بالحل الصحيح الناجع ، و يعنى بشؤون الفرد و المجتمع عناية تامة في مختلف ، و شتى مجالات الاقتصاد و السياسة و الاجتماع و غيرها؟..) ، ( و هل الدعوة إلى تطبيق هذا النظام الإسلامي واجبة على المسلمين ) ، يقول – دام ظله العالي - : ( نعم .. في الإسلام النظام الكامل على النهج المذكور في السؤال ، و يتضح ذلك بالسبر و النظر في الأوضاع ، التي كان عليها المسلمون في العصور الأولى ) .

- ( و تجب الدعوة إلى هذا التطبيق ) ؟

و يقول السيد ميرزا عبد الهادي الشيرازي جواباً للسؤال المتقدم : (لاريب في أن دين الإسلام هو النظام الأتم الأكمل ، لما فيه الحل الصحيح لجميع مشاكل الإنسان في جميع الأعصار و الأدوار ) .

_ ( و يجب الدعوة إلى تطبيقه) ؟

و يقول السيد ميرزا مهدي الشيرازي جواباً للسؤال المتقدم أيضاً : ( نعم .. الإسلام نظام متكامل شامل لجميع مظاهر الحياة ، و يحل جميع مشاكل الإنسان ، بأفضل حل ، لم يسبقه في ذلك سابق ، و لايلحقه فيه لاحق ، صالح للتطبيق في جميع الأزمنة و الأمكنة ، قال الله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم ، و أتممت عليكم نعمتي ، و رضيت لكم الإسلام ديناً ) ، و الدعوات إلى تطبيق الإسلام واجبة على جميع المسلمين ، قال الله تعالى : (ادع إلى سبيل ربّك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالّتي هي أحسن ) ، .. ) .

و يقول السيد البروجردي : ( لايبقى شك لمن تتبع قوانين الإسلام و ضوابطه ، في أنه دين سياسي اجتماعي ، و ليست أحكامه مقصورة على العباديات المحضة المشروعة لتكميل الأفراد ، و تأمين السعادة في الآخرة ، بل يكون أكثر أحكامه مربوطة بسياسة المدن ، و تنظيم الاجتماع ، و تأمين سعادة هذه النشأة ، أو جامعة للحسينين ، و مرتبطة بالنشأتين ، و ذلك كأحكام المعاملات و السياسات من الحدود و القصاص و الديات و الأحكام القضائية المشروعة لفصل الخصومات ، و الأحكام الكثيرة الواردة لتأمين الماليات ، التي يتوقف عليها حفظ دولة الإسلام كالأخماس و الزكوات و نحوها.. ، و لأجل ذلك اتفق الخاصة و العامة على أنه يلزم في محيط الإسلام وجود سائس و زعيم يدبر أمور المسلمين ، بل هو من ضروريات الإسلام ).

و يقول – قدس سره – أيضاً : ( لايخفى أن سياسة المدن و تأمين الجهات الاجتماعية في دين الإسلام ، لم تكن منحازة عن الجهات الروحانية ، و الشؤون المربوطة بتبليغ الأحكام و إرشاد المسلمين ، بل كانت السياسة فيه من الصدر الأول مختلطة بالديانة و من شؤونها ، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنفسه يدبر أمور المسلمين ، و يسوسهم ، و يرجع إليه في فصل الخصومات ، و ينصب الحكام للولايات ، و يطلب منهم الأخماس و الزكوات و نحوهما من الماليات . و هكذا كانت سيرة الخلفاء من بعده من الراشدين و غيرهم، حتى أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإنه بعد ما تصدى للخلافة الظاهرية ، كان يقوم بأمر المسلمين ، و ينصب الحكام و القضاة للولايات.

و كانوا في بادئ الأمر يعملون بوظائف السياسة في مراكز الإرشاد و الهداية كالمساجد ، فكان إمام المسجد بنفسه أميراً لهم ، و بعد ذلك كانوا يبنون المسجد الجامع قرب دار الإمارة ، و كان الخلفاء و الأمراء بأنفسهم يقيمون الجمعات و الأعياد ، بل و يدبرون أمر الحج أيضاً ، حيث أن العبادات الثلاث مع كونها عبادات قد احتوت على فوائد سياسية ، لايوجد نظيرها في غيرها ، كما لايخفى على من تدبر . و هذا النحو من الخلط بين الجهات الروحية و الفوائد السياسية من خصائص دين الإسلام و امتيازاته ) .


ضرورية الحكم الإسلامي زمن الغيبة الكبرى

السرُّ في أهميَّة الانتظار

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)