• عدد المراجعات :
  • 990
  • 2/18/2009
  • تاريخ :

الوصية في المراحل الاُولى ( 150 ـ 178 هـ )

الامام الرضا(ع)

في المراحل الاولى من تصدّي الإمام الكاظم (عليه السلام) للامامة نجده يوصي بإمامة ولده علي الرضا (عليه السلام) لخاصة اصحابه وللثقات الذين يحفظون الاسرار ولا يبوحون بها في المحافل العامة، وكان يصرّح أحياناً ويلمح اُخرى .

فعن داود بن رزين قال : حملت الى ابي ابراهيم مالا فأخذ منّي بعضه، وردّ عليّ الباقي، فقلت له : جعلت فداك لِمَ رددت عليّ هذا، فقال : امسكه حتى يطلبه منك صاحبه بعدي، فلما مضى موسى (عليه السلام) بعث اليّ الرضا (عليه السلام) أن: هات المال الذي قبلك فوجّهت به إليه [1] .

فالإمام في هذه الرواية لم يصرّح لداود بـاسم الإمام الموصى اليه وإنّما جعل الأمر لولده الرضا (عليه السلام) ليؤكد له إمامته فيما بعد .

وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) يجمع بين التلميح والتصريح على امامة الرضا (عليه السلام) في قول واحد لاختلاف المستويات الفكرية والعقلية في درجة التلقي والادراك .

فعن علي بن عبدالله الهاشمي قال : كنّا عند القبر ـ أي قبر رسول الله(صلى الله عليه وآله) ـ نحو ستين رجلاً منّا ومن موالينا، إذ أقبل أبو ابراهيم موسى ابن جعفر (عليهما السلام) ويد عليّ ابنه في يده، فقال : أتدرون من أنا ؟ قلنا : أنت سيدنا وكبيرنا، فقال: سمّوني وانسبوني، فقلنا : انت موسى بن جعفر بن محمد، فقال : من هذا معي ؟ قلنا : هو علي بن موسى بن جعفر، قال : فاشهدوا أنّه وكيلي في حياتي ووصيّي بعد موتي [2] .

وهذا النص هو نص بالامامة وهو في نفس الوقت قابل للتفسير الظاهري وهو الوصية العادية للأب الى الابن، جعله الإمام (عليه السلام) من الالفاظ المتشابهة بسبب سوء الاوضاع السياسية من إرهاب وملاحقة وكبت للحريّات .

وكان الإمام الكاظم (عليه السلام) يعلن إمامة الرضا (عليه السلام) أمام بعض الافراد أحياناً، وأمام تجمع من اصحابه وأهل بيته احياناً اخرى تبعاً لمتطلّبات الظروف .

فعن داود بن كثير الرقي، قال : قلت لموسى الكاظم (عليه السلام) جعلت فداك اني قد كبرت سنّي فخذ بيدي وأنقذني من النار، مَن صاحبنا بعدك ؟ فأشار الى ابنه أبي الحسن الرضا، فقال : هذا صاحبكم بعدي [3] .

وعن حيدر بن أيوب قال : كنّا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا فيه محمد بن زيد بن علي، فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه، فقلنا له: جعلنا الله فداك ما حبسك ؟ قال : دعانا ابو ابراهيم (عليه السلام) اليوم سبعة عشر رجلاً من ولد علي وفاطمة (عليهما السلام)، فأشهدَنا لعليّ ابنه بالوصية والوكالة في حياته وبعد موته، وأنّ أمره جايز عليه وله.

ثم وضّح محمد بن زيد مقصود الإمام (عليه السلام) فقال : والله يا حيدر لقد عقد له الامامة اليوم ... [4] .

وكان يستعمل لتثبيت إمامته ألفاظاً واضحة لا تحتاج الى تأويل، فعن عبدالله بن الحارث وامّه من ولد جعفر بن أبي طالب انه قال : بعث إلينا أبو ابراهيم (عليه السلام) فجمعنا ثم قال : أتدرون لم جمعتكم ؟ قلنا : لا، قال : اشهدوا أنّ عليّاً ابني هذا وصيي والقيّم بأمري وخليفتي من بعدي ... ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني الاّ بكتابه [5] .

هذا في اجتماعاته الخاصّة بينما كان لا يصرّح بذلك في التجمّعات العامة وانّما يأتي بالفاظ متشابهة ويترك للمجتمعين حرية التأويل والتفسير لكلامه .

قال حسين بن بشير : أقام لنا أبو الحسن موسى بن جعفر(عليهما السلام) ابنه علياً(عليه السلام) كما أقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً (عليه السلام) يوم غدير خم، فقال: يا أهل المدينة أو يا أهل المسجد هذا وصيي من بعدي [6] .

وفي رواية اُخرى قال عبدالرحمن بن الحجّاج : أوصى ابو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) الى ابنه عليّ(عليه السلام)، وكتب له كتاباً أشهد فيه ستين رجلاً من وجوه أهل المدينة [7] .

وفي سنة ( 178 هـ ) أخبر محمد بن سنان بوصيته بامامة ابنه علي الرضا (عليه السلام) [8] .

الوصية في مرحلة الاعتقال

لقد اعتقل الإمام الكاظم (عليه السلام) في سنة (179 هـ ) قبل التروية بيوم، أي في اليوم السابع من ذي الحجة سنة ( 179 هـ ) على رواية، وفي يوم (27) رجب سنة (179 هـ ) كما في رواية أخرى [9] .

وبعد خمسين يوماً من اعتقاله دخل اسحاق وعلي ابنا عبدالله بن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) على عبدالرحمن بن أسلم وهو في مكة ومعهما كتاب الإمام الكاظم (عليه السلام) بخطه فيه حوائج قد أمر بها، فقالا : إنه أمر بهذه الحوائج من هذا الوجه، فاذا كان من أمره شيء فادفعه الى ابنه عليّ فإنه خليفته والقيّم بأمره [10] .

وفي طريقه (عليه السلام) الى سجن البصرة أرسل على عبدالله بن مرحوم فدفع اليه كتباً وأمره ان يوصلها الى ابنه عليّ وقال له : فإنّه وصيي والقيّم بأمري وخير بنيّ [11] .

ومن داخل سجن البصرة أرسل كتباً إلى أصحابه يوصي بها الى ابنه الإمام الرضا (عليه السلام) :

فعن الحسين بن مختار قال : خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن (عليه السلام) ـ وهو في الحبس ـ عهدي الى أكبر ولدي [12] .

في سنة (180 هـ ) ـ بناءً على رواية بقاء الإمام سنة في البصرة ـ وصل الإمام الكاظم (عليه السلام) الى بغداد، فدخل عليه علي بن يقطين فوجد عنده عليّ الرضا (عليه السلام) فقال له : يا علي بن يقطين هذا عليّ سيّد ولدي، أما إني قد نحلته كنيتي.

وحينما حدّث هشام بن الحكم بذلك قال له هشام : أخبَرك أنّ الأمر فيه من بعده [13] .

وفي الفترة بين سنة (181 هـ ) وسنة ( 183 هـ ) كتب من الحبس الى عليّ ابن يقطين : ان ابني سيد ولدي وقد نحلته كنيتي [14] .

 

الهوامش:

[1] اُصول الكافي: 1/313، واختبار معرفة الرجال: 313 ، والارشاد: 1/251، 252، وعنه في اعلام الورى : 2/47 و كشف الغمة : 3/61 ، 62 والغيبة للطوسي : 93 ح18 ، وبحار الأنوار: 49/25 .

[2] عيون أخبار الرضا : 1 / 27 .

[3] الفصول المهمة : 243 ـ 244 .

[4] عيون أخبار الرضا : 1 / 28 .

[5] اُصول الكافي: 1/312، وفي عيون أخبار الرضا: 1/27 والارشاد : 2/250 ، 251 عن الكليني وعنه في اعلام الورى : 2/45 والطوسي في الغيبة: 37 وعنها جميعاً في بحار الأنوار: 49/16 .

[6] عيون أخبار الرضا : 1 / 29 .

[7] عيون أخبار الرضا : 1 / 28 .

[8] عيون أخبار الرضا : 1 / 32 .

[9] بحار الأنوار : 48 / 206 ـ 207 .

[10] عيون أخبار الرضا 1 / 39 .

[11] عيون أخبار الرضا : 1 / 27.

[12] الكافي : 1 / 312، وعيون أخبار الرضا: 1/300، والارشاد : 2/250 عن الكليني وعنه في الغيبة للطوسي: 36/12 واعلام الورى: 2/46 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3/61 وعن الارشاد والاعلام والغيبة في بحار الأنوار: 49/24 .

[13] الكافي : 1 / 311 وعنه في الارشاد : 2/249 وعيون أخبار الرضا: 1/21، والغيبة للطوسي: 35 .

[14] الكافي : 1 / 313، يبدو أن الإبهام من الراوي في ظرف نقل الخبر باعتبار حراجة الظرف والمقصود به الإمام الرضا (عليه السلام) فالنص هكذا : إنّ علياً ابني سيّد ولدي .


سفر الإمام الرضا ( عليه السلام ) إلى البصرة

مناظرة الإمام الرضا (ع) مع متكلمي الفرق الإسلامية

حديث السلسلة الذهبية

حث الإمام الرضا ( عليه السلام ) أصحابه على الدعاء

مناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام ) مع أرباب المذاهب الإسلامية

مناظرة الإمام الرضا ( عليه السلام ) مع أصحاب الأديان

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)