• عدد المراجعات :
  • 2113
  • 5/7/2006
  • تاريخ :

تجليات مفهوم الحب في الإسلام... وطريق القرب لله

حول مفهوم الحب في الاسلام وكيف تكون العاطفة الاسلامية طريقا الي اعلي درجات القرب من الله العلي القدير يقول الباحث الاسلامي الدكتور عبدالله محمد كامل: العاطفة الاسلامية غاية الايمان ومهمة الاسلام بعد ان تشتتت العواطف الانسانية نحو ما يرديها واتجهت الاحاسيس البشرية بعيدا عن دينها وربها وصار الحب في غير الله شغل الكثير من العباد ومناط سعيهم ومجال حديثهم مستخدمين هذه الكلمات ستارا للمعاصي ودفنا للحياء والفضائل في حين انها كلمة المؤمنين الذين ساروا في طريق الله عز وجل واحساس الصادقين في المعرفة بالله وغناء المحبين لرسول الله صلي الله عليه وسلم، ويقول الحق تبارك وتعالي: "ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا اشد حبا لله" " البقرة 561".

ويوضح د. عبدالله ان الآية الكريمة واضحة في الحديث عن غريزة الحب وخطورة توجيهها فالوجهة المطلوبة ان تكون كل المشاعر مسبحة بحمد ربها عارفة بقدر منشيها وخالقها وان تكون كل الاحاسيس في عبادة ربها ساعية مجدة بين رهبة ورغبة وخوف ورجاء والا انشغلت هذه العواطف بغير الله ورسوله فصار العبد اقرب الي البعد عنه الي القرب وادني الي الطرد منه الي الوصل اذ كيف يدعي الايمان من لا يحس به وكيف يزعم الاسلام من تتأبي عاطفته عليه.

ويضيف: ولنتدرج في الايمان لتري ان اسهل شيء هو النطق بكلمتي الشهادة وتردادها ثم تجد الفجوة بين النطق بها وبين مقتضياته فتجد من اللازم ان يصحب النطق اقتناع عقلي بالوحدانية المطلقة لله تعالي وبالكمال اللانهائي للذات الالهية ثم الاطمئنان القلبي الي انه تعالي القادر المقتدر المعطي المانع الضار النافع منه كل رحمة واليه كل منتهي وله كل جلال وجمال فيتولد الحب وتتعلق المشاعر بمن لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو السميع البصير ويصبح للايمان حلاوة وللعبادة لذة وللاسلام طعما وروحا فيحب الانسان في الله ويبغض في الله ويعطي في الله ويمنع في الله وكان ذلك مصداقا لقول حبيبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه انس: من أحب في الله وأبغض في الله واعطي لله ومنع لله فقد استكمل الايمان"، قد يكون الايمان مجرد تصديق لايخضع له الوجدان او اعتقاد لاتتأجج له العاطفة فيكتوي الانسان بنار الشوق الي المحبوب وينشغل بذكر علام الغيوب حبا وهياما ووجدا وغراما ويصير كل من دله عليه وارشده اليه حبيبا له ويصير كل قريب من الله قريبا منه وكل حبيب لله حبيبا له وبهذا يصبح احب الخلق الي نفسه سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فهو الحبيب الاول والمحب الاول جاءنا كل الخير علي يديه هداية ونورا ورحمة وشفاعة وضياء فتح الله به اعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلقا تزكية للمؤمنين وهداية للحائرين ورحمة للعالمين وبشير ونذير للخلق اجمعين وهو القائل عن نفسه صلي الله عليه وسلم: "أنا حبيب الله والمصلي عليّ حبيبي فمن اراد ان يكون محبا للحبيب فليكثر من الصلاة علي الحبيب" وبهذا يتبلور الاتجاه الصادق لمن اراد الله ربا وارتضاه إلها وعرف انه وحده الحق الواحد الاحد الفرد الصمد ويتحدد الطريق امام من رغب الصلة بخالق الارض والسماوات ان يسلك سبل الحبيب محمد عليه ازكي الصلوات واتم التسليمات وفي هذا يقول عز وجل: قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم" "آل عمران 31".

فيتلقف التابع الهدي منه ويستضيء السالك بالنور الآتي به ويتجه اليه محبا مغرما حبا مشوقا يطلب رضاه وهديه وشفاعته وقربه متبعا لا مبتدعا مسلما لامجادلا موقنا لا متشككا فيزداد ايمانا واحساسا بحلاوة الايمان ويرقي في الاسلام والاخذ بعزائم الرجال فيستهين بكل شيء في سبيل رضا الله ورسوله ويتحمل كل مشقة من اجل نظرة رضا ولحظة انس بل تصير كل المتاعب راحة وكل المشقات هونا.

ويقول الله تعالي في ذلك: "ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون" الحجرات 7". انظر الي وصف الله لهم بأنهم الراشدون فليس الرشد مجرد المعرفة بالفعل او الاحاطة بالمعلومات او استظهار المقالات ولكن الرشيد من ملك زمام عواطفه ثم اطلقها في سبيل الله فكان الله ورسوله احب اليه مما سواهما وصار كتاب الله ربيع قلبه ونور بصره وجلاء همه وحزنه وصار ذكر الله أنشودته واغنيته وراحة باله وهدوء نفسه الا بذكر الله تطمئن القلوب" قلوب العاشقين السالكين وقلوب العارفين الواصلين وصار الصحابة وآل البيت الكرام اهل وداده وأنسه واحق بتكريمه ونظره ملتمسا هديهم متمنيا قربهم عارفا بفضلهم وامامتهم وسبقهم ومكانتهم وكان للجهاد في سبيل الله سباقا وللصلاة قواما وللعبادات شواقا متمثلا حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: حين سئل عن احب الاعمال الي الله قال: "الصلاة لوقتها ثم اي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله" فان من احب، احب رضا المحبوب واجتهد في طلب مرضاته واحسانه وصار احب اليه من المال والنفس والولد: "لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم وابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم اولئك كتب في قلوبهم الايمان وايدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه اولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون "المجادلة 22".

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)