• عدد المراجعات :
  • 2438
  • 9/19/2004
  • تاريخ :

شخصية الإمام الحسين عليه السلام
أخلاق سيد الشهداء عليه السلام  

الإمام الحسين (عليه السلام) شخصية مثالية متميزة ليس لها في الوجود نظير ، فقد تغذى في حجر جده المصطفى (صلى الله عليه و آله وسلم) العطف والحب والحنان، وفي ظل أُمه فاطمة الزهراء (عليها السلام) وجد الأُمومة الرؤوفة، وهي مهجة قلب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وترعرع مع أبيه علي (عليه السلام)، ومنه تلقى الرعاية والعناية والمعرفة، وعاش مع أُخوته وأولاده أعواماً مليئة بالحب المتبادل والاحترام المقدس.وبعبارة أُخرى أنه تخرج من جامعة الحبيب المصطفى مـحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و أهل بيته (عليهم السلام)، حيث شملتهم العناية الإلهية بقولـه تعالى: > إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً .

وحديث الكساء أكبر شاهد على مكانتهم ومنزلتهم عند الله تعالى، وكتب وأحاديث أهل السنة تصرح بذلك والتي منها: عن أُم سلمة أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جَلَّلَ على الحسن والحسين وعليٍّ وفاطمة كساءً، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصَّتي، أذهب عنهم الرجس وطهِّرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: إنكِ إلى خير. قال: هذا حديث حسن، وهو أحسن شيءٍ رُويَ في هذا الباب.

و عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن فاطمة الزهراء (عليها السلام): قالت:... فقال الله عز وجل : ( يا ملائكتي ويا سُكانَ سماواتي إنِّي ما خلقتُ سماءً مَبنْيَّةً ولا أرضاً مَدْحِيَّةً ولا قَمَراً مُنيراً ولا شَمْساً مُضيئةً ولا فَلَكاً يَدُور ولا بَحْراً يَجْري وَلا فُلْكاً يَسْري إلاَّ في مَحَبَّةِ هؤلاءِ الخَمْسَةِ الذين هُمْ تحت الكِساءِ. فَقَال الأمينُ جَبرائيل: يا رَبِّ وَمَنْ تحت الكِساء؟ فقال عَزَّ وَجَلَّ: هم أهلُ بيتِ النبوَّةِ وَمَعْدِنُ الرِّسالةِ، هُمْ فاطمةُ وأَبوها وَبَعْلُها وَبَنُوها..)

و أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في حق ولديه الحسن و الحسين شاهدة على علاقة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهما ، و منها التي رواها أهل السنة في صحاحهم و كتبهم ، منها:

- عن الحسين بن علي (عليه السلام) قال : دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و عنده أُبيّ بن كعب . فقال لي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) : مرحباً بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات و الأرض . قال أُبيّ : و كيف يكون يا رسول الله زين السماوات و الأرض أحد غيرك ؟ ، قال : يا أُبيّ والذي بعثني بالحق نبيّاً ، إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض ، و إنه المكتوب على يمين العرش ، أنه مصباح هدى و سفينة نجاة ، و إمام غير وهن ، و عز و فخر ، و علم و ذخر. و إن الله عزّ و جلّ ركّب في صلبه نطفة مباركة طيبة زكيّة ، خُلقت من قبل ان يكون مـخلوق في الأرحام ، ما يدعو بهنَّ مـخلوق إلاّ حشره الله عزّ و جلّ معه ، و كان شفيعه في آخرته ، و فرّج الله عنه كربه ، و قضى بها دينه ، و يسَّر أمره ، و أوضح سبيله ، و قوّاه على عدوّه ، و لم يهتك ستره...

- عن أنس بن مالك قال : كتب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم ) لرجل عهداً ، فدخل الرجل يسلِّم على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، و النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يصلّي ، فرأى الحسن و الحسين يركبان على عنقه مرَّة ، و يركبان على ظهره مرَّة ، و يمران بين يديه و من خلفه. فلما فرغ (صلى الله عليه وآله وسلم) من الصلاة قال له الرجل : ما يقطعان الصلاة؟ ، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، و قال (صلى الله عليه وآله وسلم ) : ناوِلْني عَهْدَك فأخذه و مزَّقه، ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : من لم يرحم صغيرنا ، و لم يُوَقِّر كبيرنا ، فليس منّا ولا أنا منه.

- عن مدرك بن زياد قال : كنت مع ابن عباس في حائطٍ، فجاء الحسن و الحسين فسألا الطعام ، فأكلا ثم قاما ، فأمسك لهما ابن عباس الركاب ، فقلت : أتمسك الركاب لهذين و أنت أكبر منهما ؟ ، فقال : ويحك هذان ابنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، أوَليس هذا مما أنعم الله عليَّ به أن أمسك لهما و أسوّي عليهما .

- و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : سمّى هارون ابنيه شبراً و شبيراً ، و إني سمّيت ابني الحسن و الحسين بما سمّى به هارون ابنيه . في حديث أسماء بنت عميس في مـجيء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى بيت فاطمة ، عندما ولد الحسين (عليه السلام) . قالت أسماء : فجاءني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا أسماء هلّمي بابني. فدفعته في خرقة بيضاء . فأذَّن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى ، و وضعه في حجره و بكى! ، قالت أسماء ، قلت : فداك أبي و أمي ممَّ بكاؤك ؟ ، قال : على ابني هذا . قلت : ولد الساعة و تبكيه ؟! ، قال : يا أسماء تقتله الفئة الباغية من بعدي ، لا أنالهم الله شفاعتي . ثم قال : يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا ، فإنها قريبة عهد بولادة . ثم قال لعليّ : أي شيء سمَّيت ابني ؟ ، فقال : ما كنت لاسبقك باسمه يا رسول الله ... قال النبي (صلى الله عليه وآله و سلم): ولا أنا اسبق باسمه ربّي . ثم هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال : يا مـحمد العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام ، و يقول : عليّ منك بمنزلة هارون من موسى و لا نبيّ بعدك ، فسمّ ابنك هذا باسم ابن هارون . قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : و ما اسم ابن هارون ؟ ، قال : شبير .  قال : لساني عربيّ يا جبرئيل . قال : سمّه الحسين ... و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : الحسن و الحسين اسمان من أسماء أهل الجنة ، ما سمّيت العرب بهما في الجاهلية .

- عن أبي رافع ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) أذن في أُذن الحسين حين ولدته فاطمة عن عبد العزيز بإسناده ، عن النبي (صلى الله عليه وآله و سلم) ، قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جالساً فأقبل الحسن و الحسين ، فلما رآهما (صلى الله عليه وآله وسلم) قام لهما ، و استبطأ بلوغَهُما، فاستقبلهما و حملهما على كتفيْه ، و قال : نِعْمَ المطيُّ مطيُّكما ، و نِعْمَ الراكبان أنتما  .

- عن ابن عباس قال : كان رسول الله (صلى الله عليه وآله و سلم ) حامل الحسين بن علي على عاتقه ، فقال رجل : نِعْمَ المركب ركبت يا غلام ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : و نِعْمَ الراكب هو .

- عن جابر قال : دخلت على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو يصلي و الحسن و الحسين على ظهره ، و قلت: نعم الجمل جملكما ، و لما فرغ قال : نعم . نعم العدلان أنتما ، و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الحسن و الحسين ريحانتاي من الدنيا ،و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : خيرُ رجالكم علي بن أبي طالب ، و خيرُ شبابكم الحَسَن و الحُسَيْن ، و خير نسائكم فاطمة بنت مـحمد .

- عن جعفر بن مـحمد ، عن أبيه قال : بايع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) الحسن و الحسين و عبد الله بن جعفر و هم صغار ، و لم يُبايع قطّ صغيرٌ إلا هم (عليهم السلام) .

- و روي عن جعفر بن مـحمد الصادق (عليه السلام) أنه قال: اصطرع الحسن و الحسين (عليهما السلام) بين يدي رسول الله ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : إيهاً حسن ، فقالت فاطمة (عليها السلام) : يا رسول الله استنهضت الكبير على الصغير ، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : هذا جبرائيل يقول للحسين: إيهاً حسين خذ الحسن ، فشخصية الحسين ، و هو فتىً كانت بلا حدود ، و قد ورثها من جده و أبيه و أُمه و أخيه ، فكانت قوته و جرأته قد ظهرت منذ صباه .

- فقد ورد عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنّه قال : أتيت عمر بن الخطاب و هو يخطب على المنبر فصعدت إليه، فقلت له : انزل عن منبر أبي و اذهب إلى منبر أبيك . فقال عمر : لم يكن لأبي منبر، منبر أبيك و الله لا منبر أبي ، ثم قال لي: من علمك هذا ؟ ، فقلت:  و الله ما علمني أحد . فقال : لا تزال تأتينا ، فجئت يوماً و هو خال بمعاوية و ابن عمر على الباب فرجعت ، فلقيني فقال : ألم أقل لك تأتينا ؟ ، قلت : قد جئت وأنت خال بمعاوية و ابن عمر على الباب ، قال: أفأنت مثل ابن عمر ؟ ، و هل أنبت على رؤوسنا الشعر إلاّ الله ثم أنتم ، إذا جئت فلا تستأذن ، ( كل هذا إشارة إلى أهليتهم للإمامة و الخلافة و هم صغار ؛ لقول النبي : الحسن و الحسين إمامان قاما أو قعدا ، و قول الحسين (عليه السلام) لعمر كلام خطير للغاية ، حيث نبهه على عدم التصدي للخلافة ؛ لأنّ صعود المنبر معناه تزعم الخلافة . عن هشام بن مـحمد قال : لما أُجري الماء على قبر الحُسَيْن . نضب بعد أربعين يوماً ، و امتحى أثر القبر فجاء أعرابي من بني أسد ، فجعل يأخذ قبضة قبضة ، و يشمّه حتى وقع على قبر الحسين و بكى ، و قال : بأبي و أُمي ما كان أطيبك و أطيب تربتك ميتاً ، ثم بكى ، و انشأ يقول:

أرادوا ليخفوا قبره عن وليِّه
فطيب تراب القبر دلّ على القبر

 

 

و أما نظمه (عليه السلام) فمن ذلك ما نقله عنه ابن أعثم صاحب كتاب الفتوح ، و هو أنـّه لما أحاطت به جموع ابن زياد (لعنه الله) ، و قتلوا من قتلوا من أصحابه ، و منعوهم الماء كان له ولد صغير فجاءه سهم فقتله ، فرمله الحسين (عليه السلام) ، و حفر له بسيفه ، و صلى عليه ، و دفنه ، و قال شعراً منه :

 

غدر القوم وقدماً رغبوا
عن ثواب الله رب الثقلين
قتلوا قدماً علياً وابنه
حسن الخير كريم الأبوين
حسداً منهم وقالوا اقبلوا
نقتل الآن جميعاً للحسين
خيرة الله من الخلق أبي
ثم أُمّي فأنا ابن الخيرتين
فضة قد صفيت من ذهب
فأنا الفضة وابن الذهبين
من له جد كجدي في الورى
أو كشيخي فأنا ابن القمرين
فـاطم الزهراء أُمّـي وأبي
قاصم الكفر ببدر وحنين

 

 

  

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)