• عدد المراجعات :
  • 628
  • 9/10/2011
  • تاريخ :

الشكر مفتاح النعم الالهية

الشکر

قال الله تعالى:

(لِيَكْفُرُواْبِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (الروم: 34)

حينما تمطر السماء يستفيد كل جبل وسهل بقدره، وكذلك الأراضي الموجودة فهي إما أن تستفيد منه و إما أن تجمع المياه فيها، هذا ما أشار إليه القرآن الكريم حيث قال: (أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) .

من هنا انطلق سماحة المرجع المدرسي (حفظه الله) بذكر وصية الإمام علي (ع) لكميل النخعي حيث قال (يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها) فكلما كان القلب أكبر أتسع للعلم والمعرفة أكثر.

واستمر سماحته بالحديث قائلاً:

قلوب الناس كالأراضي عند المطر، فالبعض منهم مستعد أن يتحول إلى أرضٍ خضراء وبعضهم كأرض تحفظ الماء لغيرها، وأما البعض الآخرفلا يستفيد منه شيئاً وهو قلب المنافق.

فهنا أريد أن استفيد من هذه الفئات الثلاثة لأقول: أن وعاء الإنسان هو المهم ، فلا يكون همنا دائماً عن مقدار النعمة، فالنعم الإلهية موجودة و لكن الإنسان بوعائه الضيق قد لا يستوعبها فينكر وجودها!

ووعاء المنافق ضيق لا يصدق عليه (فخيرها أوعاها) فهو كأرض جرداء كلما أمطرت السماءعليها لم تنتفع به، على عكس المؤمن الذي ينتفع به. ولكن المؤمنين أيضاً لهم درجات، فبعضهم يكفر بالنعم ولا يؤدي شكرها فهؤلاء بمثابة تلك الأراضي القاحلة. والقرآن الكريم يستهدف أمرين من الناحية الثقافية:

الأول: زيادة ما في الوعاء من المعلومات .

والثاني وهوالأهم: أن يوسع الوعاء ,فمن لا يستفيد منها يكون ممن قال عنه الرب: (مَثَلُ الَّذينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمينَ) (5الجمعة)

 ذكر سماحته أن وعاء الإنسان وقدرته على الاستفادة من المعلومات والنعم الإلهية هي أساس موضوعات القرآن، ولكن المشكلة تكمن في البشر الذي يكفر بالنعم ولا يشكرها، كالعين العمياء والأذن الصماء التي لا تنفع صاحبها بشيء.

ورأى سماحته هنا أن القرآن ذكر كلمة هي المفتاح وينبغي علينا أن نتأمل فيها ونتفحصها في كل الآيات القرآنية، يقول ربنا: (فتمتعوا) فهو يخاطب الذين يكفرون بالأنعم الإلهية بأن منتهى حدودكم هو التمتع، فماذا يعني "التمتع" ؟

جاءت هذه الكلمة بمشقاتها (تمتع، تمتعوا، متاع، متعة) في مسائل تكون الفائدة منها محدودة إما زماناً أو حجماًومنها:

أ‌. قوله تعالى: (متاع قليل) وقوله سبحانه: (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلاّ قليل)يعني الشيء القليل.

ب‌. وقوله تعالى (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام والنار مثوىًلهم) فهم لا يستفيدون من النعمة وإنما يلتذون بشكل عابر منها.

فكيف - إذن- نشكر الله تعالى ونستفيد من النعم الاستفادة القصوى؟

بيّن سماحته هنا عدة أمثلة وهي:

 أولاً: أول النعم طيب الولادة ، كما جاء في الروايات.

 فاللبن الذي رضعت به كان حلالاً، وباسم الله انعقدت نطفتك ، وكان عقد الوالدين صحيحاً، والأكل الذي تناولته كان طيباً طاهراً.

وإذا وجدتم أنفسكم اليوم تحضرون مجالس الذكر والتفسير فبسبب طيب الولادة. فكيف نؤدي شكرها؟!

- ببر الوالدين والدعاء لهما حيين كانا أو ميتين. فاشكروا والديكم لأن (من لم يشكر المخلوقلم يشكر الخالق) و(بروا آباءكم ليبركم أبناؤكم).

ثانياً: نعمة الإيمان .. فالبعض لا يتحسس وجود هذه النعمة في نفسه حيث أنه ولد وعاش في بيئة مؤمنة، ولكنها جوهرة عظيمة لا تكون من نصيب جميع الأشخاص.

وشكرها أن نفتخر بإيماننا ومن ثم نقويه.

ثالثاً: نعمة العلم .. وزكاة العلم نشره، فالزكاة تعني الطهارة والنمو ففي الحديث: (من تعلم علماً فقد تعلم علماً واحداً ومن علّم علماً فقد تعلم أربعة علوم) وقد قال الرسول الأكرم (ص) في خطبة حجة الوداع: (نضَّرَ الله عبدًا سَمِع مقالتي فوعاها، فبَلَّغها مَن لَم يَسْمعها، فرُبَّ حامل فِقْه إلى مَن هو أفقه منه، ورُبَّ حامل فِقْه لا فِقْهَ له).وتعني كلمة (نظّر) أن يصبح وجهه متنوراً.

رابعاً: نعمة الجاه .. وزكاة الجاه بذله أيضاً. فقد ذُكر أن الإمام الصادق (ع) كان يطوف مع احد أصحابه فجاء احد الأشخاص لصاحب الإمام وقال شيء وذهب، ثم سأله الإمام عن ذلك. فقال: كان شخص يريد الاستفادة من جاهي في مسألة كذا. فقال الإمام له فلماذا لم تذهب؟ قال: لأني في حالة الطواف. قال لو كنت ذهبت كان خيراً لك من ألف طواف وطواف.. (حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم فتحل عليكم النقم) و (كان الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه)

خامساً: نعمة الوقت .. فهي من النعم التي تتطلب الحرص عليها كالحرص على المال ولكن مع الأسف لا نرى لها أهمية في مجتمعاتنا اليوم.

فكل نعمة لها حدود و لها شكر، وأول شكرها أن نعرف أنها نعمة.

 آية الله محمد تقي المدرسي

اعداد سيد مرتضى محمدي

القسم العربي - تبيان


أثر الطعام في روح الانسان

الهدوء النفسي

النزاع بين الميول النفسانية والوجدان الأخلاقي

القواعد والأسس المعنوية والنفسية للتوبة الحقيقية

التغذية السليمة في القران

التحليل النفسي في الاسلام

الروح الضعيفة

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)