• عدد المراجعات :
  • 1921
  • 1/2/2011
  • تاريخ :

هل الإعجاز يخالف أصل العليّة؟

الورد

إنّ بديهة العقل تحكم بأنّ كلّ ظاهرة إمكانية، تحتاج في تحققِها إلى علّة، وهذا أمر لم يختلف فيه إثنان، وعليه أساسُ التجربة والبحث العلمي، فإنّ العلماء في المختبرات وغيرها يبحثون عن علل تكوّن الظواهر، وموجداتها، فشأنهم كشفُ الروابط بين العلل المادية ومعاليلها، هذا من جانب.

ومن جانب آخر، إنّ الكتب السماوية، والسِيَر التاريخية، تَنْسِبُ إلى الإنبياء، أموراً لا تتفق بظاهرها مع هذا الأصل، فتنسب إلى موسى عليه السَّلام: أنّه ألقى عصاه الخشبية الصمّاء، فانقلبت حيّةً تسعى. وأنّ المسيح عليه السَّلام كان يمسح بيده على المرضى فيبرؤن. وأنّ الحصى سبّحت في كفّ النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وغير ذلك من المعاجز. والإعتقاد بهذه لا يجتمع مع قبول الأصل العقلي المذكور، لأنّ الثعبان يتولد من البيضة بعد مرورها بمراحل عديدة من الإنفعالات الداخلية. وإزالة المرض وعود الصحة، رهن استعمال الأدوية وإجراء العمليات الجراحية، والتسبيح نوع تكلم يحتاج إلى حنجرة وفم ولهوات، يقوم به العاقل. وهكذا.

وعلى الجملة، فظهور المعاجز على مسرح الوجود، مع عدم علل مادية تُظْهِرُها، يُعَدُّ خرقاً لقانون العلية، وقول بتحقق المعلول بلا علّة.

 

الجواب

إنّ المعترض خَلَطَ بين عدم وجود العلّة المادية الّتي اعتاد عليها الإنسان في حياته، وعدم العلّة على الإطلاق. فالذي يناقض قانون العلّية هو القول بأنّ المعجزة ظاهرة اتفاقية لا تستند إلى علّة أبداً. وهذا ممّا لا يقول به أحد من الإلهيين.

وأمّا القول بعدم وجود علّة مادية متعارفة للمعجزة، فليس هو بإنكار لقانون العلية على الإطلاق ونفياً للعلّة من الأساس، وإنّما هو نفي دور وتأثير قسم خاص من العلل، ونفي الخاص لا يكون دليلاً على نفي العام.

وهذا القسم الخاص من العلل، المنفي في مورد المعجزة، هو العلل المادية المتعارفة الّتي أنس بها الذهن، ووقف عليها العاِلم الطبيعي، واعتاد الإنسان على مشاهدتها في حياته. ولكن لا يمتنع أن يكون للمعجزة علّة أخرى لم يشاهدها الناس من قبل، ولم يعرفها العلم، ولم تقف عليه التجربة، وبعبارة أخرى، كون المعجزة معلولاً بلا علّة شيءٌ، وكونها معلولةٌ لعلّة غير معروفة للناس والعلمِ شيءٌ آخر. والباطل هو الأول، والمُدَّعى هو الثاني.

*الإلهيات،آية الله جعفر السبحاني.


المسلمون ووحي القرآن ( 1)

المسلمون ووحي القرآن (2)

المسلمون ووحي القرآن (3)

المسلمون ووحي القرآن (4)

حاجة المجتمع إلى المعرفة (1)

حاجة المجتمع إلى المعرفة (2)

حاجتنا الى القادة الالهيين

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)