• عدد المراجعات :
  • 1342
  • 3/14/2010
  • تاريخ :

علاج الفقر بحماية مال الامة

الامام علي(علیه السلام)

ولا يعالج الفقر عند الإمام بالمواعظ والخطب، وإنما يعالج بحماية مال الأمة من اللصوص والمستغلين، ثم بصرفه في موارده.

وبهذا عالجه الإمام، فكان عيناً لا تنام عن مراقبة ولاته على الأمصار، وعن التعرف على أموال الأمة وطرق جبايتها وتوزيعها.

وكم من وال عزل وحوسب حساباً عسيراً لأنه خان أو ظلم أو استغل.

وكم من كتاب كتبه (عليه السلام) إلى ولاته يأمرهم أن يلزموا جادة العدل فيمن ولوا عليهم من الناس (1).

وبينما هو يأمرهم بهذا يضع عليهم العيون والرقباء ليرى مدى طاعتهم وتنفيذهم لأوامره.

لقد كان (عليه السلام)، بهذا، أول من اخترع نظام التفتيش.

ولقد كان يكتب إلى ولاته: (إن أعظم الخيانة خيانة الأمة) ، (2). وليس الولاة أعضاء في شركة مساهمة هدفها أن تستغل الأمة وإنما هم كما كان يكتب إليهم (خزان الرعية، ووكلاء الأمة، وسفراء الأئمة) ، (3).

وكون الأموال العامة هي أموال الأمة مفهوم لم يأخذ صيغته الحقة إلا على لسان الإمام (عليه السلام) وفي أعماله. لقد جاءه أخوه عقيل يطلب زيادة عن حقه فرده محتجاً بأن المال ليس له وإنما هو مال الأمة (4)، وجاءه ثان يطلب إليه أن يعطيه مالاً، بما بينهما من رابطة الحب فرده قائلاً: (إن هذا المال ليس لي ولا لك وإنما هو فيء للمسلمين)، (5).

بهذا كله لم يكفل الإسلام ولا الإمام أمر التزام الفضيلة في السلوك إلى الضمير وحده وإنما جعلا لها سنداً من القانون يكفل لها أن تصير واقعاً اجتماعياً تنبني عليه العلاقات الاجتماعية والسلوك الإنساني. ولكنهما لم يجعلا القانون كل شيء في حياة الإنسان لئلا يكون آلة مسيَّرة لا تملك اختيار ما تريد، وإنما أناطا جانباً من سلوكه بملزمات الضمير بعد أن أيقظا هذا الضمير. ولم يكلا أمر صيانة المجتمع من أخطار التفاوت الطبقي إلى الفضيلة وحدها، لأنها لا تسد حاجات الإنسان التي لا يقوى بدونها على التزام الفضيلة ومكارم الأخلاق، وإنما أناطا جانباً من مهمة الصيانة بالاقتصاد لأنه هو الذي يسد حاجات الإنسان.

وهكذا، بين الضمير اليقظ والقانون الواعي لحاجات الفرد والمجتمع ينمو الإنسان المسلم، ويأخذ سبيله إلى الكمال النسبي الذي يتاح للإنسان.

----------------------------------------------

الهوامش:

1 - نهج البلاغة - راجع مثلاً كتابه على الأشعث بن قيس عامل آذربيجان، رقم النص: 5، وكتابه إلى زياد بن سمية وهو متول على البصرة، رقم النص: 20 - 21، وكتابه إلى بعض عماله، رقم النص: 46، وغير ذلك كثير نجده في باب المختار من كتب أمير المؤمنين في القسم الأخير من نهج البلاغة.

2 - نهج البلاغة - من عهد له إلى بعض عماله على الخراج، رقم النص: 26.

3- نهج البلاغة - من كتاب له إلى عماله على الخراج، رقم النص: 26.

4- نهج البلاغة - رقم النص: 222.

5- نهج البلاغة - من كلام له مع عبد الله بن زمعة، رقم النص: 230.


الفضيلة مصدر القيمة الاجتماعية  نهج البلاغه

الامام – عليه السلام – يوصي الحکام بالعدل

ماهي التقوى؟

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)