• عدد المراجعات :
  • 3037
  • 12/1/2008
  • تاريخ :

   العدالة بين الاطفال

الاطفال

 الطفل الاَول في الاسرة ، يكون موضع حب و حنان و عناية من قبل والديه ، لاَنّه الطفل الاَول و الطفل الوحيد ، فيمنح الاهتمام الزائد ، و الرأفة الزائدة ، و تلبّى كثيراً من حاجاته المادية و النفسية ، فنجد الوالدين يسعيان إلى إرضائه بمختلف الوسائل ، و يوفرّون له ما يحتاجه من ملابس و ألعاب و غير ذلك من الحاجات ، و يكون مصاحباً لوالديه في أغلب الاوقات سواء مع الاَُم أو مع الاَب أو مع كليهما ، و بعبارة أُخرى يلقى دلالاً و اهتماماً استثنائياً ، و مثل هذا الطفل و بهذه العناية و الاهتمام ، سيواجه مشكلة صعبة عليه في حالة ولادة الطفل الثاني ، و تبدأ مخاوفه من الطفل الثاني ، لانّه سيكون منافساً له في كلِّ شيء ، ينافسه في حب الوالدين و رعايتهم له ، و ينافسه في منصبه باعتباره الطفل الوحيد سابقاً ، و ينافسه في ألعابه ،و تبدأ بوادر الغيرة عليه منذ أول يوم الولادة ، إذ ينشغل الوالدان بالوضع الطارىء الجديد و سلامة الوالدة و الطفل .

فاذا لم ينتبه الوالدان إلى هذه الظاهرة ، فان غيرة الطفل الاَول ستتحول بالتدريج إلى عداء وكراهية للطفل الجديد.

و ينعكس هذا العداء على أوضاعه النفسية و العاطفية ، و يزداد كلمّا انصّب الاهتمام بالطفل الجديد ،  و أُخرج الطفل الاول عن دائرة الاهتمام ، فيجب على الوالدين الالتفات إلى ذلك ، و الوقاية من هذه الظاهرة الجديدة ، و ابقاء الطفل الاول على التمتع بنفس الاهتمام و الرعاية و اشعاره بالحب و الحنان ، و تحبيبه للطفل الثاني ، و اقناعه بانه سيصبح أخاً أو أختاً له يسلّيه و يتعاون معه ، و انه ليس منافساً له في الحب و الاهتمام ، و يجب عليهما تصديق هذا الاقناع في الواقع ، بأن تقوم الاَم باحتضانه و تقبيله ، و يقوم الاَب بتلبية حاجاته أو شراء ألعاب جديدة له ، إلى غير ذلك من وسائل الاهتمام و الرعاية الواقعية ،

والحل الامثل هو العدالة والمساواة بين الطفل الاول والثاني فانها وقاية وعلاج للغيرة والكراهية والعداء وتتأكد أهمية العدالة والمساواة كلمّا تقدم الطفلان في العمر ، إذ تنمو مشاعرهما وعواطفهما ونضوجهم العقلي واللغوي بالتدريج يجعلهما يفهمان معنى العدالة ومعنى المساواة ، ويشخّصان مصاديقها في الواقع العملي .

و قد وردت الروايات المتظافرة ، لتؤكد على إشاعة العدالة بين الاطفال ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم : « اعدلوا بين أولادكم ، كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف » .

و العدالة بين الاطفال مطلقة و شاملة لكلِّ الجوانب الحياتية ، التي تحيط بالاطفال في جانبها المادي و المعنوي ، أي في إشباع حاجاتهما الماديّة و حاجاتهما المعنوية للحب و التقدير  والاهتمام جاء عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :  «أنه نظر إلى رجل له ابنان ، فقبّل أحدهما ، و ترك الآخر ، فقال صلى الله عليه و آله و سلم : فهلاّ ساويت بينهما »، و قال صلى الله عليه وآله وسلم : «اِنّ الله تعالى ، يحبّ أن تعدلوا بين أو لادكم ، حتى في القُبَل» .

و أكدّ صلى الله عليه وآله وسلم على العدالة في العطاء و الهدية سواء في الاَكل و الشرب و الثياب  والالعاب إلى غير ذلك ،  كما جاء في قوله صلى الله عليه و آله وسلم : « ساووا بين أولادكم في العطيّة ، فلو كنت مفضلاً أحداً ، لفضلّتُ النساء » .

و قال صلى الله عليه وآله وسلم : « اعدلوا بين أولادكم في النحل ،  كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ و اللطف» .

و العدالة لا تعني عدم التفضيل بين الاطفال ، فبعض الاطفال يكونون أكثر جاذبية من بعض من قبل الوالدين ، فعن رفاعة الاسدي قال : « سألت أبا الحسن ـ موسى بن جعفر عليه السلام ـ عن الرجل يكون له بنون ، و أُمهم ليست بواحدة ، أيفضل أحدهم على الآخر ؟ ، قال عليه السلام : نعم ، لا بأس به ، قد كان أبي عليه السلام يفضلّني على أخي عبدالله » ، و التفضيل يجب أن يكون مستوراً ، لا يظهره أمامهم ،ا و يحتفظ به في مشاعره القلبية ، أمّا في الواقع ، فلا يعمل إلاّ بالعدالة و المساواة ، كما قال الاِمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام : « قال والدي : و الله لاَصانع بعض ولدي ، و أجلسه على فخذي و أكثر له المحبّة ، و أكثر له الشكر ، وا نّ الحق لغيره من ولدي ، ولكن محافظة عليه منه ، و من غيره لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف اخوته » ، لاَن عدم العدالة له تأثيره السلبي على نفسية الا طفال ، تؤدي إلى زرع روح الكراهة و البغضاء بينهم ،  و تؤدي بهم في النتيجة إلى العداء المستحكم ، و اتخاذ الموقف غير السليم ، كما فعل اخوة يوسف به حينما ألقوه في البئر .

و قد كانت السيرة قائمة على أساس إشاعة العدالة بين الاطفال سواء كانوا أخوة أو أرحام ، فعن عبدالله بن عبّاس قال :

(كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى فخذه الايسر إبنه ابراهيم وعلى فخذه الايمن الحسين بن علي ، وهو تارة يقبّل هذا وتارة يقبّل هذا) .

 

فإبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و الحسين ابن بنته ، و مع كلِّ هذهِ الاختلافات في الروابط فانه صلى الله عليه و آله و سلم ، لم يفرّق في المعاملة بينهما .

العدالة بين الاطفال

و في رواية ، كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم ، يصلي فجاء الحسن و الحسين فارتدفاه ، فلما رفع رأسه أخذهما أخذاً رفيقاً فلمّا عاد عادا ، فلما انصرف أجلس هذا على فخذه الاَيمن، و هذا على فخذه الاَيسر .

و كان رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ، يخطب على المنبر فجاء الحسن و الحسين ، يمشيان ، ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم من المنبر ، فحملهما و ، وضعهما بين يديه .

ومن مصاديق العدالة والمساواة هو عدم إقامة المقارنة بين الاطفال ، في صفاتهم الجسمية والمعنوية والنفسية ، فلا يصح ان يقال فلان أجمل من فلان ، أو أذكى منه أو أكثر خُلقاً منه لانّها ستكون منبعاً للحقد ، لانّ المقارنة بين الاطفال تؤدي إلى (الغيرة من بعضهم وإلى التنافس) .

والمقارنة تؤدي إلى فقدان الثقة بين الاشقاء والعكس صحيح (عدم التفرقة في المعاملة هو أكبر دعامة لخلق جو من الثقة المتبادلة بينه وبين سائر أفراد العائلة) .

والمقارنة تؤدي إلى فقدان الثقة بين الاشقاء والعكس صحيح (عدم التفرقة في المعاملة هو أكبر دعامة لخلق جو من الثقة المتبادلة بينه وبين سائر أفراد العائلة) .

ونلاحظ عند كثير من الآباء مواقفَ غير مقصودة بأن يقول : ان ابني فلان يشبهني ، وفلان لا يشبهني ، فحتى هذه المقارنة تعمل عملها في الغيرة والتنافس ، والافضل اجتنابها .

ومن العدالة هو عدم التمييز بين الولد والبنت ، لانّ التميز يؤثر تأثيراً سلبياً على نفسية البنت ، وعلى زرع العداوة والحقد بين الاخت وأخيها ، وهذه ظاهرة شائعة في أغلب البلدان ، حيثُ يميل الابوين إلى الابن أكثر من ميلهما إلى البنت ، ويلبيّان مطاليب الولد أكثر من مطاليب البنت ، ولغرض التقليل من شأن هذهِ الظاهرة جاءت الروايات لتعطي للبنت عناية استثنائية وتمرّن الابوين عليها كما جاء عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «من دخل السوق فاشترى تحفة فحملها إلى عياله كان كحامل صدقة إلى قوم محاويج ، وليبدأ بالاناث قبل الذكور..» .

والبدء بالاناث لا يوّلد أي تأثير سلبي على الطفل الابن ، لانّه يراه أمرا طبيعياً فلابدّ من تقديم أحدهم ، وغالباً ما يسكت الطفل ولا يلتفت إلى التمييز إنْ حصل على عطاء والديه ، سواء كان العطاء أولاً أو ثانياً .

والعدالة بين الاطفال لا تعني ان لا نتخذ اسلوباً للتشجيع بان تخصص هدية إضافية لمن يعمل عملاً صالحاً ، فان ذلك ضروري لتشجيع الطفل على السلوك الصالح ، وقد ينفع في إقامة المنافسة المشروعة بين الاطفال لا تؤثر على نفسياتهم بصورة سلبية ، بل يجدونها أمراً مشروعاً وحقاً طبيعياً ، وعلى الوالدين التعامل بحذر في مثل هذه الحالة بالتعرّف على نفسية أطفالهم ، وابتكار الاساليب الناجحة في التشجيع المنسجمة مع حالاتهم النفسية التي لا تؤدي إلى الشعور بعدم العدالة .

ومهما تحققت العدالة والمساواة بين الاطفال فانّها لا تستطيع إنهاء بعض المظاهر السلبية كالشجار والصراع بين الاطفال ، وهي ظاهرة طبيعية تحدث بين الاطفال في كلِّ أو أغلب الاسر ،

ومهما تحققت العدالة والمساواة بين الاطفال فانّها لا تستطيع إنهاء بعض المظاهر السلبية كالشجار والصراع بين الاطفال ، وهي ظاهرة طبيعية تحدث بين الاطفال في كلِّ أو أغلب الاسر ، فتحدث حالات من النقاش الحاد أو الاشتباك بالايدي بين الاطفال ، ويتهم أحد الاطفال أخاه أو اخته بانه المقصر في حقه أو البادىء في العدوان عليه ، وفي مثل هذه الحالة على الوالدين ان يدرسا المشكلة دراسة موضوعية وان ينظرا إلى الشجار والصراع بانّه حالة طبيعية ، فاذا كان سهلاً وبسيطاً ومحدوداً ، فالافضل عدم التدخل في إنهائه ، وان يترك الاطفال يعالجون أمورهم بأنفسهم لانهاء الشجار ، وليس صحيحاً ان يدخل الوالدان أو أحدهما كقاضي في الحكم بينهما ، لانّ الحكم لاَحد الاطفال دون الآخر لا ينسجم مع مبدأ تطبيق العدالة والمساواة مع الاطفال ، امّا اذا تكرر الشجار والصراع عدة مرّات أو كان مستمراً طول النهار ، أو كان قاسياً وخطراً على الاطفال ، يأتي دور الابوين في التدخل لانهائه ، باصدار الاوامر لكليهما بالتوقف السريع عن الاستمرار به ، أو إلفات نظرهم إلى موضوع آخر ، واشغالهم به، أو التدخل لابعاد أحدهم عن الآخر ، واذا تطلبّ الاَمر استخدام التأنيب أو العقوبة المعنوية فالافضل ان تكون موجهة لكليهما انسجاماً مع تطبيق العدالة بين الاطفال .

مأخذ : تربية الطفل في الاسلام


تحدثي الى طفلك الأول قبل مجىء الطفل الثا ...

کيف يکون دور الاب فاعلا في تربيه الطفل?

كيفية التعامل الصحيح مع الطفل العنيد

متى نكون آباء ومتى نكون أصدقاء لأطفالنا؟

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)