• عدد المراجعات :
  • 2594
  • 8/27/2006
  • تاريخ :

أقسام التمثيل في القرآن

أقسام التمثیل فی القرآن

قد عرفت أنّ التمثيل عبارة عن إعطاء منزلة شيء لشيء عن طريق التشبيه أو الاستعارة أو المجاز أو غير ذلك، فهو على أقسام:

1. التمثيل الرمزي: وهو ما ينقل عن لسان الطيور والنباتات والاَحجار بصورة الرمز والتعمية ويكون كناية عن معاني دقيقة، وهذا النوع من التمثيل يعجّ به كتاب "كليلة ودمنة" لابن المقفع، وقد استخدم هذا الاَُسلوب الشاعر العارف العطار النيشابوري في كتابه "منطق الطير".

ويظهر من الكتاب الاَوّل أنّه كان رائجاً في العهود الغابرة قبل الاِسلام ، وقد ذكر الموَرّخون أنّ طبيباً إيرانياً يدعى "برزويه" وقف على كتاب "كليلة ودمنة" في الهند مكتوباً باللغة السنسكريتية ونقلها إلى اللغة البهلوية، وأهداه إلى بلاط أنوشيروان الساساني، وقد كان الكتاب محفوظاً بلغته البهلوية إلى أن وقف عليه عبد الله بن المقفع (106ـ143هـ) فنقله إلى اللغة العربية، ثمّ نقله الكاتب المعروف نصر الله بن محمد بن عبد الحميد في القرن السادس إلى اللغة الفارسية وهو الدارج اليوم في الاَوساط العلمية.

نعم نقله الكاتب حسين واعظ الكاشفى إلى الفارسية أيضاً في القرن التاسع ومن حسن الحظ توفر كلتا الترجمتين.

وقام الشاعر "رودكي" بنظم، ما ترجمه ابن المقفع، باللغة الفارسية.

ويظهر من غير واحد من معاجم التاريخ أنّه تطرق بعض ما في هذا الكتاب من الاَمثلة إلى الاَوساط العربية في عصر الرسالة أوبعده، وقد نقل أنّ عليّاً(عليه السلام) قال: "إنّما أُكلت يوم أُكل الثور الاَبيض" وهو من أمثال ذلك الكتاب.

وهناك محاولة تروم إلى أنّ القصص القرآنية كلّها من هذا القبيل أي رمز لحقائق علوية دون أن يكون لها واقعية وراء الذهن، وبذلك يفسرون قصة آدم مع الشيطان، وغلبة الشيطان عليه، أو قصة هابيل وقابيل وقتل قابيل أخاه، أو تكلم النملة مع سليمان (عليه السلام) ، وغيرها من القصص، وهذه المحاولة تضادّ صريح القرآن الكريم، فانّه يصرّح بأنّها قصص تحكى عن حقائق غيبيّة لم يكن يعرفها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ولا غيره، قال سبحانه: ( لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاَُولى الاََلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَىءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُوَْمِنُون ). (1)

فالآية صريحة في أنّ ما جاء في القصص ليس أمراً مفترىً، إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على أنّ القرآن بأجمعه هو الحقّ الذي لا يدانيه الباطل.

2. التمثيل القصصي: وهو بيان أحوال الاَُمم الماضية بغية أخذ العبر للتشابه الموجود. يقول سبحانه: ( ضَرَبَ اللهُ مَثلاً لِلّذِينَ كَفَرُوا امرأةَ نُوحٍ وَامرأةَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَينِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيئاً وقِيلَ ادْخُلا النّارَ مَعَ الدّاخِلِين ). (2)

والقصص الواردة في أحوال الاَُمم الغابرة التي يعبر عنها بقصص القرآن ، هي تشبيه مصرّح، وتشبيه كامن والغاية هي أخذ العبرة.

3. التمثيل الطبيعي: وهو عبارة عن تشبيه غير الملموس بالملموس، والمتوهم بالمشاهد، شريطة أن يكون المشبه به من الاَُمور التكوينية، قال سبحانه: ( إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الاََرْضِ مِمّا يَأْكُلُ النّاسُ وَالاََنْعامُ حَتّى إِذا أَخَذَتِ الاََرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيّنَت وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالاََمْسِ كَذلِكَ نُفَصّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون ).

والاَمثال القرآنية تدور بين كونها تمثيلاً قصصيّاً، أو تمثيلاً طبيعيّاً كونيّاً. وأمّا التمثيل الرمزي فإنّما يقول به أهل التأويل.

يحسنوا الاختيار ، وأن يكون هدفهم الإنسان الذي يمكن التفاهم معه ، لا الإنسان الذي يريد من الأشياء أن تدور في فلكه ومداره .

----------------------------------------------

الهوامش

1 ـ يوسف:111.

2 ـ التحريم:10.


ما هو المراد من ضرب المثل القرآني ؟

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)