كيف يمكن زيادة الترسانة المعلوماتية ؟
بفعل متغيرات الواقع فقد أصاب لغتنا الكثير من المصطلحات وبخاصة تلك التي تراكبت لغويا لتشكل نسيجا لفظيا سداته الواقع ولحمته التطور حتى جاء عنوان مقالتي هذه ما تقرأونه، وكنا فيما مضى من الأيام الأخيرة قليلا ما نسمع عبارة ترسانة فنعزوها الى مرافقتها لكلمة (أسلحة) بالضرورة، لكن هناك حشودا تتخفى وراء العبارة تكمن في عبارة المعلوماتية والعلوم والآداب مضافا إليها التصاق العبارة ( ترسانة ) بالكثير ومنها الترسانة النووية والكيماوية وغيرها.
موضوعنا اليوم عن الترسانة المعلوماتية تلك التي تختلف جذريا من حيث المعنى والمبنى عن مثيلتها والتي هي أصل الكلمة (ترسانة الأسلحة)، وهذه الأخيرة يحدد لها واقعها حجوم وسعات تناسب الكمية وحجم السلاح، مثلا لو أردنا تخزين الف بندقية لاحتاجت هذه الكمية الى حيز محدد من المكان للتخزين وإذا زادت بندقية واحده لاحتاجت الى مكان جديد بينما نجد أن عملية تخزين المعلومات تختلف من حيث الحجم المطلوب إذ تخضع المعلومات أساسا إلى عملية ضغط الحيز لغاية النقل أو الحفظ مثلا بينما لا يمكننا ضغط حيز الأسلحة المتواجدة في ترسانتها ولا بمثقال ذرة واحدة لسبب فيزيائي انه لا يمكن تصغير حجم الأسلحة المصنعة الى ما هو اقل حجما أو مساحة، بينما يمكننا تخزين كمية من المعلومات تفوق حجم المساحة المخصصة لها بأضعاف مضاعفة مع الاحتفاظ بالقيمة العلمية الكاملة للمعلومة.
لكن لدينا مشكلة اكبر من عملية التخزين لمعلومات تواجدت بين أيدينا وهي أن المعلومة تتوالد وتتكاثر بشكل لحظوي مديد وعلى المستويين الهاردوير والسوفتوير ومن قبل الشركات المصنعة لكلا النوعين إذ نتعرض في هذا الامر لمسألتين أساسيتين الاولى مساحة التخزين والثانية التعامل مع المعلومة ( حفظا وتجربة وإتقانا ) بمعنى أننا نحتاج لهضم المعلومة من اجل استثمارها الأمثل لتتناسب مع معطياتنا وظروف عملنا وإلا لماذا نتعامل مع هذا النوع من العلوم وفيها أمور شائكة ؟ أن الأمية المعلوماتية كما يبدو ستبقى متفشية في مجتمعنا بنسبة عالية للغاية وهذا يعود لأسباب أهمها الفروق الكبيرة بين الأجيال وظروف ضغط العمل الذي لا يسمح لفترات التعلم إضافة لأخطر من هذا أن البعض الكثير ما يزال لا يقنع بالالتحاق بهذه الثورة التي لابد ستصيب لقاحها جميع شرائح المجتمع رغم كل شيء.
وإذا ما دخلنا إلى صلب الموضوع فإننا نجد ان هناك وسائط تخزين بيانات متطورة جدا سعة وسرعة وأداء تغطي أحجاما خيالية من مخزون ترسانة المعلومات مع تعددية أشكالها الثابتة منها الهاردات الضخمة والمحمولة والفلاشات الكبيرة وفي كلا النوعين نجد ضمانة وسلامة بياناتنا متوفرة ضمن كلا الشكلين في طاقتها الإنتاجية الكاملة،
لكننا نعود لذات المشكلة من حيث الاستيعاب لهذه المعلومات فلدينا كم هائل جدا منها لكننا لو أتينا بمقياس يحدد نسبة فهمنا واستيعابنا لهذه الطاقة العالية والمخزون الكبير من المعلومات لوجدنا اننا لم نتمكن من استيعاب نسب ضئيلة للغاية من هذا المنتج وذلك لأسباب عديدة منها اننا لا نملك القدرة على استيعاب حتى ولو أجزاء يسيرة منها عدا عن ان ظروف الزمن غير متاحة لنا بالقدر المؤهل لفهم هذه الطاقة من المعلومات ولو بأي سرعة سيما وان فهم المعلومة يحتاج الى بعض الوقت، ولدينا هنا نقطة انشغالنا في معطيات الحياة ومنعطفاتها الكثيرة فلنتصور واقعيا أن لدينا موضوع مثلا تركيب نسخة ويندوز إكس بي على الجهاز فكم ستنال من وقتنا وجهدنا عملية التركيب تلك ثم ما مدى استيعابنا لهذه العملية وماذا نتصرف فيما لو تعرضنا الى مطبات في التركيب وهذا كثيرا ما يحصل.. إذ أن عملية التركيب تحتاج زمنا حقيقيا حوالي الساعة ونصف هذا اذا كنا على حالة من استيعاب كامل لتنفيذ العملية بدقة وتراتبت الأمور بدون أي عثرات كتعطيل السواقة او عدم التمكن من الحصول على السيريال نمبر أو أن السي دي معطوب في مكان ما وغير ذلك من التعطيلات ولكن عملية فهم طريقة التركيب تحتاج إلى أيام تمتد إلى عشرة منها للدراسة والتبصير والتدريب والتجريب فإلى ان نحن ذاهبون ؟
ومن هنا نجد لزاما علينا الإحاطة ما أمكن بدقة المعلومة وفهمها وهضمها وطريقة معالجة الحاسب لها والمراحل التي مرت في طريق التنفيذ والعثرات المتوقعة والمرتبطة بأداء الذاكرة مثلا او بتوزيع البرامج على مناطق الهارد الآمنة وغير المأهولة بالعطب المزمن أو المفاجىء.. وغير المكتشف لدى المستثمر بعد، وهناك على الأقل ملايين المعطيات التي يجب علينا فهمها بدقة حتى ننجح في الحدود الدنيا للتعامل مع الحاسب على الوجه الممكن.
اما اذا كنت رب عمل ومشغول فوق العادة والعلاقة مبتورة بينك وبين حاسب شركتك فستتعرض مرة تلو مرة الى قرف التواصل مع الحاسب خاصة اذا كان الموظف المختص على الحاسب ما يزال في طور التنمية المعلوماتية للألف باء أبجدية الحاسب وهنا مشكلة كبيرة بل ورطة.. أكيدة قلت قبل قليل ( ملايين المعطيات ) وهذا حقيقة لا محال فأحيانا – إن لم تكن – على أهلية كاملة إلى حد ما في التعامل مع الحاسب قد تتعرض إلى موقف لا تحسد عليه وإذا ما فقدت أعصابك بعض الشيء قد تلجأ إلى تكسير الحاسب وبناء برج من الحقد على المعلوماتية وعلى أنظمتها التي من وجهة نظرك ( بائسة )..
اعلم يا أخي أن المسألة ليست في المعلومات وبثقة أقول لك.. المشكلة عندنا نحن ونحن فقط اذ يقدم احدنا على شراء الحاسب والمسافة بينه وبين المعلومات أبعد من مئات السنوات الضوئية فيأتي فورا للعمل على الحاسب ويتصور بنفسه قدرات هائلة لا تكاد تطفو على شفاههم حتى تهبط هبوطا منكرا وإذا ما تكرر ذلك فقد يحصل المكروه للحاسب..
ولا تتصور سيدي أنني متشائم هنا بل دائما أقرأ نقطتين وهما الرومانسية والواقعية.. وأتعامل مع الأخيرة بمصداقية تحاشيا للمطبات والمحذورات..
إن رؤيتي لملايين المعطيات كانت من زاوية الترسانة المعلوماتية التي عنونت بها مقالتي والتي أرى من خلالها تلك الملايين من المعطيات التي إذا ما تجمعت في ذهن أحدنا فإنا تضمن بشكل جلي القدرة المتفوقة في التعامل مع الحاسب الأمر الذي يؤدي الى راحة البال والطمأنينة في التعامل مع الحاسب حتى لو كان من النوع التجاري البسيط واقصد هنا تلك الأجهزة ذات المعالج ( سيليرون ) وهذا أفضل أنواع المعالجات الهابطة ولا اقصد بهذه العبارة الإساءة الى التجار المستوردين او الشركات الصانعة فلا مصلحة لي بهما بل أقول ذلك للأمانة العلمية فقط بمعنى حتى لو كان المعالج من هذا النوع والعامل عليه متمكن من فهم نسبة عالية من مخزون الترسانة المعلوماتية لأمكنه من تسيير أمور الحاسب بالطريقة المثلى.. وبنفس الوقت حتى لو كان المعالج من النوع الراقي والأداء المتميز وكان العامل عليه فقير معلوماتيا لربما يتعرض حاسبه لأعطال غير محسوبة قد تكون أسوأ من أعطال المعالج السابق الذكر.. ومن هنا انصح جميع الأصدقاء بالتعامل مع الترسانة المعلوماتية بقراءة هادئة وتجربة رائدة وفهم واحاطة كبيرين وذلك لرغبتي أن يتمكنا من التعامل مع الحاسب ولو بالحدود الممكنة.
كيف يمكنني زيادة الترسانة المعلوماتية ؟ ان قراءة هادئة لمعلومة ما من كتاب او سمعتها من صديق او عاينتها بالحاسب ميدانيا او تمكنت من الوصول إليها صدفة ( رغم انه لا في العلم ولا في الدين من صدفة ) ففي كل الأحوال مطلوب مني التفكر مليا في المعلومة ومناقشتها على احتمالاتها المتعددة وتجربتها عمليا حتى آخذ منها ما يرضيني وادع ما تبقى فلكل معلومة تقريبا أكثر من طريقة للتعامل معها وهذا متوفر على الأغلب في برنامج مايكروسوفت وورد 2007 الواصل أخيرا وهذه الأمور من تواجد أكثر من طريقة متوفرة تقريبا في البرامج والعتاد على السواء لاحظ انه يمكنك استعمال أكثر من مفتاح على لوحة المفاتيح لفعل واحد وخاصة في برامج الرسوم مثلا كما يمكنك استخدام نفس المفتاح مع أكثر من برنامج مثال المفتاح كونتروك + الحرفz لغاية إلغاء آخر فعل قمت به مثلا.. كما يمكنك تنفيذ فعل النسخ عن طريقين لوحة المفاتيح والماوس كل بطريقته.. وارغب إليك بفهم المعلومة من خلال تجربتك وحدك لأنها الأكثر نضجا لك والأسرع فهما والأبقى زمنا مضافا إليها عملية تكرار ذات العملية عدة مرات لتترسخ في الذاكرة فتصبح جزء من الكيان في مخيلتك.
أنصحك بأن لا تتوهم من كلمة الترسانة ففي مجملها تعتبر مخزون خبراتك مضافا إليها ما حوته بطون الكتب المتخصصة ولا يخفاك أن هناك من المعطيات ما لم يرد ذكرها في كتاب وبقيت قيد التفاعل بين العامل على الحاسب والحاسب فقط لكن هذه النقطة لا يصل إليها سوى الخبراء من درجة معينة .
هشام محمد الحرك/باحث تقني وعضو اتحاد كتاب الانترنت العرب وعضو منظمة كتاب بلا حدود