الامام محمد الباقر عليه السلام
فرعٌ من فروع الدوحة النبوية الشريفة، هو من النادرين في تاريخ الأرض وقد تميز تميزاً واضحاً يلفت النظر إلى الشكل والمضمون في العلوم التي بقرها، كأنه من نسيج الفضاء، لا تحده حدود، إنه
محمد بن علي بن الحسين (عليهم السلام). لبس درع الرسالة الإسلامية فوجد في كل حلقة فيه نبضة قلب تتفجر عزيمة، والعزيمة تشع كضوء يتماوج بألف لون ولون. ثم نظر إلى موقع قدميه فلمح كوة تتفتح على الجنة فيها آباؤه وأجداده الأطهار، ورفع بصره إلى فوق فإذا بنسمة عريضة من الفم الملائكي وكأنها تقول له: سر في درب الحق وأسرع في العطاء النبيل الجليل فأنت محوط بالعناية الإلهية.
نقف بإجلال وتقدير كبيرين عند إشراقة من حياة الإمام الخامس من أئمة
أهل البيت (عليهم السلام) عند أبي جعفر (عليه السلام) مجمع الفضائل، منتهى المكارم سبق الدنيا بعلمه وامتلأت الكتب بحديثه، وليس من نافلة القول في شيء إن قلنا أن الإمام أبا جعفر كان من أبرز رجال الفكر ومن ألمع أئمة المسلمين، ولا غرو من أن يكون كذلك بعد أن سماه
رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالباقر في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري، لأنه بقر العلم بقراً، أي فجّره ونشره فلم يُروَ عن أحد من أئمة أهل البيت، بعد
الإمام الصادق (عليه السلام)، ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام)، فها هي كتب الفقه والحديث والتفسير والأخلاق، مستفيضة بأحاديثه، مملوءة بآرائه فهو يغترف من معين واحد: كتاب الله وسنة رسوله، وما أودع الله من العلم اللّدُنيّ بصفته من أئمة الحق وساسة الخلق وورثة الرسول العظيم (صلى الله عليه وآله).
كان الإمام الباقر (عليه السلام) الرائد والقائد للحركة العلمية والثقافية التي عملت على تنمية الفكر الإسلامي، وأضاءت الجوانب الكثيرة من التشريعات الإسلامية الواعية التي تمثل الأصالة والإبداع والتطور في عالم التشريع.
لقد ترك الإمام الباقر (عليه السلام) ثروة فكرية هائلة تعد من ذخائر الفكر الإسلامي، ومن مناجم الثروات العلمية في الأرض وفتق أبوابها، وسائر الحكم والآداب التي بقر أعماقها، فكانت مما يهتدي بها الحيران، ويأوي إليها الضمآن، ويسترشد بها كل من يفيء إلى كلمة الله. لقد كانت حكمه السائرة وآدابه الخالدة من أبرز ما أثر عن أئمة المسلمين في هذا المجال، فقد ملأت الفكر وعياً وأترعت القلب إيماناً ومكنت النفس ثقة وصقلت الروح جلالاً وصفاءً.
وللإمام الباقر (عليه السلام) الدور العظيم في تفسير القرآن الكريم فقد استوعب اهتمامه فخصّص له وقتاً، ودوّن أكثر المفسرين ما ذهب إليه وما رواه عن آبائه في تفسير الآيات الكريمة.
نعم إن الظروف التي مرّت على الإمام الباقر (عليه السلام) كانت مواتية، فاستغل (عليه السلام) هذه الفرصة الذهبية ونشر ما أمكنه نشره من العلوم والمعارف، فأتمّ ما كان والده قد أسّسه.
وهكذا كانت هذه الكواكب من آهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) كواكب مشرقة على مفارق الطرق، كل واحد منهم قام بدوره على أكمل وجه وفي ظروفه وأوضاعه.
وقد وقف الإمام الباقر (عليه السلام) حياته كلها لنشر العلوم الإسلامية ونشر المثل الإنسانية بين الناس، وعاش في يثرب كالينبوع الغزير يستقي منه رواد العلم من نمير علومه وفقهه ومعارفه، عاش لا لهذه الأمة فحسب، وإنما عاش للناس جميعاً.
مكارم الأخلاق الباقريةالمنهج التثقيفي عند الإمام الباقر (عليه السلام)العلم القرآني للإمام الباقر(عليه السلام)انطباعات عن شخصية الإمام محمّد الباقر(عليه السلام)