الانفتاح الثقافي
من المهم جداً ، أن نعرف كيف نننشئ أطفالنا ، و كيف نبني شخصياتهم ، و ماذا نقدم لهم من ثقافات ؛ حتى تتشكل مواهبهم و شخصياتهم ، و تصبح سوية ، و ذلك لأن لكل أمة من الأمم واقعها و حضارتها و قيمها ، فلايصح في أي مقياس ، أن تؤخذ التجارب من بيئات مجردة من شروطها الاجتماعية و التاريخية و الثقافية و الحضارية ، لننشرها في بيئات مغايرة ؛ لأن ذلك يعتبر نوعاً من أنواع التقليد الممجوج ، و هذا إعتساف يقضي إلى الخسران و الضياع ،
فمن المهم معرفة ، أن الانفتاح على ثقافة الغرب دون ضوابط في مجال الكتابة للأطفال ، هو وسيلة هدم لأبنائنا ، و طمس للهوية الثقافية للطفل .
بل تغريب للطفل في مجتمعه و بيئته ، فيصبح متنكراً لمجتمعه ، رافضاً له و لتقاليده ، لأنه يعيش بروحه في ثقافات أخرى يحاكيها ، و ينتسب إليها ، فيدمر نفسه و مجتمعه .
و لايعني ذلك أن نرفض كل الكتب أو الثقافات لمنظار الفحص و النقد و التمحيص للتأكد من عدم إصطدامها بقيم المجتمع و آدابه ، أو تنمية قيم أجنبية لاتتفق و ديننا أو عاداتنا و قيمنا .
و لهذا فإننا نؤمن بالاستفادة من خبرات الآخرين ، و من معارفهم و علومهم ، ولكن بضوابطنا نحن ، فنحن نرفض أن نكون كـحطاب بليل لايفرق بين أخضر و يابس ، بل نقر بالاستفادة من الآخرين بعد وضع تجاربهم و علومهم و ثقافاتهم تحت المجهر ، و ذلك لتحليلها والإحاطة بأبعادها ؛ فإذا وجدناها تتلائم و قيمنا و واقعنا و أهدافنا ، أخذناها وأفدنا منها ، و جعلناها بعضاً من مكاسبنا .
و مما لاشك فيه ، أن لثقافة الكاتب و خبرته و إتجاهاته أثراً في إبداعه و توجهاته ، لذا فلا غرابة إذرأينا بعض الكُتَّاب ، يتجهون إلى الأصول و الثوابت الإسلامية ، لينهلوا منها ، و يقربوها إلى أذهان أطفالنا ، و هناك البعض الآخر ممن يتجه لإلى منجزات العلم فيوظفها في أدبه و إبداعه ، أو يستشرف ما يمكن أن يأتي به المستقبل من تكنولوجيا ، أو مَنْ يتخذ الكواكب و أعماق البحار و باطن الأرض بيئة لأحداث قصصه و رواياته ، أو مَنْ يسمح لخياله بالانطلاق ، حتى يصور لنا عوالم ليست واقعية ولكن يمكن تصويرها ، أو مَنْ ينمي لدى الطفل استحضار صور لم يسبق إدراكها من قبل . إذ أن على الأدباء و ممن يكتبون للأطفال ، أن ينهلوا من تراث هذه الأمة العريقة .
حسن عبدالحميد الدراوي
تعريف الفن
رجال و أدب
السيف و القلم
أقوال عظيمة