• عدد المراجعات :
  • 4186
  • 2/27/2008
  • تاريخ :

التعزية ام ايذاء النفس

 

الامام الحسين(ع)

 

سر سعادة الانسان هو ان يستفيد بشکل صحيح من النعم التي اعطاها الله له عن طريق الوحي الآلهي.

ان الانسان لا يصل الى السعادة  الا علي اساس الوحي الآلهي ولكن هناك موانع هي: «هوي النفس من الداخل وابليس والشياطين والمنافقين من الخارج » و ذلك لكي تمنع الانسان من الوصول الى طريق الحق وتدفعه الى ما لا يحبه الله تعالى، وهذا هو الضلال بعينه وليس السعادة. کقول الله تعالي « يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ» (1)

فالشياطين يريدون اطفاء نور الله باضلالهم الانسان. والله تعالى متم نوره وحافظه، وان أنبيائه وأئمته هم وسيلة الحفظ و اتمام النور.

يوم القيامة هو يوم الحساب والجزاء، والضالين يشکون من الشيطان. والشيطان يقول لهم ان الله وعدکم وانا وعدتکم، فالله صادق وانا كاذب، وهل تعلمون اني عملت يوما غير الضلال واخلاف الوعود. وهذا الضلال هو واقع يبتلى به كثير من الناس.

والنتيجة ان العدو الداخلي والخارجي کلاهما يدفعون الانسان الي الانحراف ويسلبونه الفکر الصحيح لکي لا يصل الى السعاده.

في هذه الاية « يُرِيدُونَ » فعل  مضارع ويعني الاستمرار ويقصد بها ان العدو دائما ً يفكر ويسعى لاطفاء نور الله تعالى حتي في وقت نوم الانسان لانه اذا لم يوجد النور لا يمكن تيميز الاشياء والمقصود هنا هو الحق.

وکذلك يوجد في الاية فکرة « تمييز العدو»

ايها الانسان إحذر فالعدو في جهد دائم واراده لكي يضلك وهذه مشکلة الانسان، لو انه ميز الحق من الباطل بشکل صحيح وعن طريق الوحي لسعد.

و بهذه المقدمة عرفنا بان الشياطين يدفعون الانسان باساليب مختلفة الي الضلال، احد هذه الامورهي عزاء الامام الحسين سيد الشهداء عليه السلام ومن المؤسف ان يوجد فيه کثير من البدع والانحرافات. ان البعض يميلون الي هذه الانحرافات لان الشياطين عملوا بجد، وهؤلاء الاشخاص نسوا الهدف الاصلي من عزاء الحسين (ع) الذي هو القرب من الله.

هذه المقالة تبين هذه المواضيع و ستکون انشاء الله سببا للهداية .

إن الغرض من إحياء واقعة عاشوراء هو لنتعلم المحافظة على الدين في کل الاحوال إذا ما إبتلينا بمصائب والتي لن تکون طبعا کمصائب أهل البيت (ع) وهذا هو ما يريده الامام (ع)  منا.

عزاء الإمام الحسين (ع) يجب ان يليق بالإمام (ع) ولا يسبب الضعف والاهانة للاسلام وبالاخص المذهب الشيعي بل المطلوب ان يسبب البقاء والعزة للاسلام کما إن قيامه کان لهذا السبب

الکلام مع الذين انتموا الي الخرافات:

 يجب علي الانسان المحافظة عن النفس والجسم وهي احدى الامانات التي اعطاها الله تعالى له ومن الواجب المحافظة عليه وعدم الاضرار به حتي بخدش لانک مسؤول عنه وسوف تحاسب عليه.

قال سبحانه وتعالي في سورة المائده «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ» (2)

بالطبع هذه المراقبة لا تشمل الجسم فقط وتشمل ايضاً الروح والقلب کذلك، ولکن بحثنا عن الجسم الذي تمت الاشارة في هذه الآية.

وفي آية اخري قال الله تعالي: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» (3)

المؤمن في هذه الآية علي مفهومين:

الاول: هو الشخص بذاته

والثاني: الاخر

وکلاهما لا يجوز وفيه غضب ولعنة من الله تعالى وفي هذه الآية نفهم بان قتل النفس وأيذاءها حرام.

لا يجوز للمسلمين ان يريقوا دمهم الا بدليل شرعي وعقلي وهو الدفاع عن الدين ونواميسهم او وطنهم. لا يوجد في القران ولا في السنة النبوية ولا عند الائمة الاطهار عليهم السلام ما يسمح بايذاء النفس وإراقة للدماء ولا حتي في عزاء الامام الحسين (ع). أهذا هو التجليل لعزاء ابا عبد الله (ع) والذي يمس الدين ويسبب ضياع آيات القران، هل يوجد لهذا العزاء مکانه؟

 

التعزية

 

المواساة مع زينب سلام الله عليها

البعض يعتقدون بان التطبير هو مواساة العقيلة زينب (ع) لانها بعد إستشهاد أخاها الحسين(ع) ضربت رأسها الشريف بالمحمل فانشجّ جبينها وسالت الدماء منه.

لماذا هذا الظلم والتحريف  بحق أهل البيت (ع)؟ وما حدوده؟

هذا بيان بعدم معرفة مثل هؤلاء الاشخاص بأهل بيت الوحي والرساله (ع)، هؤلاء يتصورون بان آهل البيت (ع) لا يعلمون بآيات الله تعالى ولکن بالعکس هم أول من يعمل بها بأفضل شکل وبمنتهى الدقيق وهذا کله ما هو إلا تحريف ولم يذکر في أي مقتل ومن المؤسف إن الرواديد وأصحاب المنابر يظلمون العقيلة زينب (ع) ويذکرون هذه الحادثة في لطمياتهم

 سيرة الائمة الاطهار في عزاء الامام الحسين (ع)

قال رسول الله (ص) في اواخر عمره الشريف «اني تارك فيکم الثقلين کتاب الله وعترتي آهل بيتي ما ان تمسکتم بهما فلن تضلوا بعدي ابدا...»

في الفقرة الاولي من هذا الموضوع أستعنا بالقران الکريم والنتيجة کانت عدم جواز وحرمة هذا العمل وفي هذا المجال نبحث ونستعين بسيرة الرسول (ص) والائمة الاطهار (ع) في عزاء الإمام الحسين (ع)

 - لا يستطيع أحدا ان يدعي  بان معرفته بالامام (ع) أکثر من الائمة الاطهار(ع).

- ولا يستطيع أحدا ان يدعي بواسطة هذه المعرفة حبه للامام (ع) اکثر من الائمة (ع).

- وکذلك لا يستطيع أحداً ان يدعي بان إشرافه علي القران وعلمهُ بالآيات القرانية أفضل من الائمة.

سؤال: لماذا الائمة الاطهار (ع) لا يعملون هذه الاعمال في عزاء جدهم الحسين (ع) بعد إستشهاده؟

کما جاء في التاريخ مع إن الإمام السجاد (ع) هو الذي شهد تلك الواقعة المرة والصعبة وفقدان الاب، والاخوان وکل اعزائه و لکنه لم يعمل عمل غير منطقي. لقد کان يستفيد من أي فرصة  لإحياء عاشوراء ونقل واقعة کربلاء.

نـُقل بان الإمام السجاد (ع)  کان يبکي کثيراً کلما شرب الماء وفي جواب الذين يسئلونه عن بکائه  کان يقول « لماذا لا ابکي وهذا الماء الذي يشرب منه الطيور والوحوش حرم ابي منه».(4)

ويروي ان بکاء الإمام السجاد (ع) کان الي اخر عمره. وحدّث مولى له قا : انه برز يوما الى الصحراء فتبعته، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة، فوقفت وانا اسمع شهيقه، واحصيت عليه الف مرة يقول: ( لا اله الا الله حقا حقا لا اله الا الله تعبدا ورقا، لا اله الا الله ايمانا وصدقا ) ثم رفع رأسه من سجوده وان لحيته ووجهه قد غمرا من دموع عينيه، فقلت: يا سيدي اما آن لحزنك ان ينقضي، ولبكائك ان يقل؟ (5)

فقال الإمام (ع): ويحك ان يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم كان نبيا وابن نبي، له اثنا عشر ابنا فغيّب الله واحدا منهم، فشاب رأسه من الحزن، واحـدودب ظـهره من الغم، وذهب بصره من البكاء، وابنه حي في دار الدنيا، وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي، صرعى مقتولين، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟ .(6)

هذه سيرة الإمام السجاد (ع) في احياء عزاء الإمام الحسين (ع).

في زمن الإمام الباقر(ع) وبالاخص الإمام الصادق (ع) لوجود فضاء سياسي منفتحاً اکثر کان ينقلون روايات کثيرة من حادثة کربلاء وشهادة الإمام الحسين (ع)  واصحابه. سيرتهم کانت اقامة المجالس العزاء والرثاء للشهداء ويذکر ان الإمام الصادق (ع) کان يبکي کثيراً حتي ترتطب محاسنه من دموعه، وکان يدعو الشعراء برثاء الواقعة وهو ينقل الواقعة.

في عصر الإمام الکاظم (ع) و الإمام الرضا (ع) ينقل بان اذا دخل شهر محرم لا يري الامام الکاظم (ع) باسماً ودائماً کان محزوناً وفي يوم العاشر يقول «هذا هو ذلک اليوم الذي قتل فيه جدي الحسين(ع)».(7)

روي ريان بن شيبعن طريقة عزاء الإمام الرضا (ع) لسيد الشهداء

قال: دخلت في يوم الاول من محرم الحرام علي الإمام الرضا (ع) فقال لي الإمام (ع) «اذا اردت ان تکون معنا في درجات النعيم احزن لحزننا وافرح لفرحنا».(8)

ينقل شاعر اهل البيت دعبل الخزاعي: دخلت في  ايام عاشوراء علي الإمام الرضا (ع) واصحابه فرحب بي وقال (ع): « مرحبا بمن ينصرنا باليد واللسان »، ثم اجلسني عنده وقال(ع): « يا دعبل احب ان تنشد لي قصيدة لان هذه الايام ايام حزننا وفرح العدو بالاخص بني امية».

قام وضرب ستارا بيننا وبين أهل بيته لتجلس خلفه النساء للعزاء والبكاء على مصاب جده الحسين(ع)، وهو کذلك ينقل الحادثة مع البکاء.

وفي هذا الزمن الذي هو عصر الغيبة يذكرالإمام (عج) في زيارة الناحية المقدسة المصائب التي اصابت الإمام الحسين (ع) واهل بيته الاطهار ويشکو حزنه بهذا الشکل : «(يا جداه) فلئن اخرتني الدهور وعاقني عن نصرك المقدور ولم اکن لمن حاربك محارباً و لمن نصب لك العداوة مناصباً فلاندبنك صباحاً ومساءً ولابکين لك بدل الدموع دماً و تاسفاً علي ما دهاك وتلهفاً حتي اموت بلوعة المصائب وغصة الاکتاب ».

هذه سيرة ائمة الاطهار في عزاء الحسين (ع) .

قال الإمام الحسن العسکري  «کونوا زيناً ولا تکونوا شيناً، جروا الينا کل مودة وادفعوا عنا کل قبيح»،هل هؤلاء الاشخاص الذين يعملون البدعة يتصورون بانهم زينة آهل البيت (ع)،هل عملهم يثير المحبة لآهل البيت (ع) ويبعد الشبهة والاهانة التي تمسهم؟هل عملهم لرضاية آهل البيت (ع) ام انفسهم؟ فمن الافضل ان يفکرون بعملهم.

يجب ان يکون العزاء متناسبا مع روح الاسلام ومکانة آهل البيت (ع) ولا ينافي احکام الله.

 

التطبير

 

التطبير بين النفي والإثبات

لا يخفى على المطّلع على روايات أهل البيت عليهم السلام اهتمام العترة الطاهرة بقضية سيد الشهداء عليه السلام ونظرتهم وتقديسهم لهذه القضية الدينية التي تصب في المعتقد الجعفري لما لها من أبعاد دينية وسياسية تخدم القضية الدينية، وقد اهتم أهل البيت عليهم السلام بالقضية الحسينية بأشكال مختلفة من حيث التطبيق الخارجي لعنوان بقاء القضية حارةً في نفوس الشيعة والمحبين كي يتوارثها الشيعة جيلاً بعد جيل.

ومن الأشكال التي نال اهتمام أهل البيت عليهم السلام هو الجزع على الحسين عليه السلام وإظهاره بالشكل الذي ينسجم مع العاطفة الإنسانية بالدرجة الأولى في مراحل الحزن الإنساني للمصائب التي تعتري الإنسان على الصعيد الشخصي، وقد وردت كثير من الأحاديث التي تفيد محبوبية إظهار الجزع على الحسين عليه السلام والبكاء عليه صلوات الله وسلامه عليه وإقامة العزاء عليه وذلك لحرص أهل البيت عليهم السلام على استمرار رسالة سيد الشهداء عليه السلام والعمل على إبقاءها خالدة على مر العصور والدهور كي يصل صوت الحسين الثائر على طغيان بني أمية ولبيان رسالة السماء المتمثلة بأهل البيت عليهم السلام .

وإظهار الجزع على سيد الشهداء عليه السلام ما هو إلا مصداق للآية الكريمة (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ) وذلك لما لها دلالة على الله سبحانه وتعالى المتمثل بالحق الحسيني فهو أمر مستحب ولا يخالف أحد من الشيعة بهذا الأمر .

وأيضا لا يخالف أحد من الشيعة على كون البكاء وإظهار الجزع من الأمور المستحبة المقربة للمولى جل وعلا والتي ينال بها العبد الآجر والثواب على أدائهما وليس هذا محل البحث .

و إنما وقع الكلام على كون التطبير هل هو من مصاديق إظهار الجزع أم لا؟

لا يستطيع أحدٌ أن ينكر مشروعية البكاء على الحسين عليه السلام ذلك لما ورد من نصوص تدل على مشروعية البكاء بل على محبوبيته ويبقى الكلام في مسالة إظهار الجزع فما هو المقصود من إظهار الجزع وما هو حدوده وما هي الأمور التي تندرج تحت هذا العنوان الكلي من المصاديق.

إظهار الجزع عنوان كلي ويتحقق هذا العنوان عندما يطبق بالخارج بأحد المصاديق.

ويرجع بهذا إلى العرف الذي يعنون كل مصداق ويجعله تحت الحكم الكلي لهذا المصداق باعتبار انه عنوان مشير إلى ذلك الكلي.

بالنسبة لمسألة التطبير فإن بعض الناس يرون هذا الفعل نوع من أنواع الجزع وانه من الأفعال المشيرة لذلك العنوان الكلي كما فهم الشاعر أن كتابته للقصيدة نوع من أنواع الجزع

فهؤلاء الناس يعبرون عن حزنهم بهذه الطريقة (التطبير) ويعتبرون هذا الفعل مندرج تحت ذلك العنوان الكلي آلا وهو استحباب الجزع وإظهاره .

ومن هنا ينطلق في ذهن السائل سؤالين وهما

هل يعتبر التطبير مصداق للحزن وإظهار الجزع ؟

والسؤال الآخر هو :

هل هناك ما يدل على حرمة التطبير بنفسه بحيث انه لا يصلح أن يكون فرداً من أفراد الجزع كما مثلنا بالأغاني والخمرة؟

أما الجواب على السؤال الأول فهو خاضع للعرف المحيط ويمكننا أن نقتص نظر العرف من خلال انحصار هذه القضية بالجزع والحزن فانه لم يُرى إلى اليوم إنسان يعبر عن فرحه بالتطبير واصبح التطبير محصوراً بالحزن مما يدل على كون العرف جعلها في جادة التعبير عن الحزن مضافا إلى هذا فسؤالنا ما إذا وجهنه إلى من يقوم بهذه العملية نرى انهم يفعلون هذا حزنا وليس فرحا وذلك لما فهموه من كون هذا الفعل أحد أفراد إظهار الجزع والحزن.

و أما الجواب على المسالة الثانية

فإنه لا يوجد دليل على حرمة التطبير بنفسه وإلا لما لجأ المحرمين للتطبير إلى العنوانين الثانوية كهتك المذهب وتوهين المذهب .

وربما يستشكل مستشكل إلى كون هذا الفعل حرام لانه يؤدي إلى الضرر.

فنقول أن ليس كل ضرر محرم فكثير من الأضرار لا دليل على حرمتها مثل التتن والدخان وغيرها وقد قام الدليل على استحباب بعضها لكونها مقدمة لامر ما مثل الحجامة فان الحجامة ما هي إلى إخراج الدم من الجسد وهذا يستلزم الضرر بضرب الجسد بالموس ومع هذا نرى الأدلة قامت على استحباب الحجامة .

و أما نظر البعض من كون هذا الفعل يضر بالنفس فهو مجرد استحسان عقلي لا دليل عليه إلا اللهم أن نقول أن يكون هذا الضرر يؤدي إلى هلاك النفس فهنا يحرم وهذا ما جاء في عبارات الفقهاء أعلى الله مقامهم .

ومن هنا يمكننا أن نخلص إلى نتيجة واحدة وهي أن التطبير لا دليل على حرمته بالعنوان الأولي وربما يكون بالعنوان الثانوي مثل هتك المذهب وهلاك النفس وان التطبير ربما يرجح فعله إذا سلمنا انه أحد أفراد العنوان الكلي لمحبوبية إظهار الجزع والحزن على سيد الشهداء عليه السلام والقول بان الضرر محرم مطلقا باطل باعتبار أن ليس كل ما يضر يحرم و إنما هي مجرد استحسان عقلي يفتقر الى دليل ولا يستطيع الفقيه أن يحكم على ضرر بأنه محرم إذا لم يعثر على دليل يعضده وتبقى المسالة عند مراجع التقليد فمن يقلد من يجيز التطبير يستطيع أن يطبر ومن يقلد من لا يجيز التطبير لا يستطيع أن يطبر ولا يجوز لمن يقلد المانع من التطبير أن يفرض رأي مرجعه على من يجيز له مرجعه ولا العكس وتبقى المسالة اجتهادية يجب أن تحترم بها كل الآراء وان لا يسيطر الاستحسان العقلي على أحكامنا وعلى أفكارنا.(9)

من اين جاء الزحف الي حرم الائمة الاطهار

من المؤسف ان البعض حين يذهبون لزيارة الإمام الحسين (ع) او الإمام الرضا (ع) يبدئون بالزحف من مسافة بعيدة وهذا کذلك تحريف اخر دخل في اعتقادات الشيعة ولا يوجد في القران ولا في السنة، يذکر التاريخ كيفية زيارة الإمام الصادق (ع) قبر جده الحسين (ع) کان يذهب بکل أدب واحترام وتواضع الي قبره .

و کذلك ذکر في عدة من الروايات طريقة زيارة القبور المطهرة ولا يوجد في اي واحدة منها الزحف الي الحرم.

ينقل بان بعد حرب صفين وصل الامام علي (ع) الي مدينة « الانبار» وجاء جماعة من کبار القوم واشرافهم لاستقبال الإمام (ع) وهم يرکضون أمام المرکب فقال لهم الإمام (ع): «لماذا تعملون هکذا؟ هذا يهينکم ويذلکم، ولماذا تهينون انفسکم لي وانا خليفتکم؟ انا مثلکم». نري بان الإمام (ع) (وکل الائمة) کان يخالفون الاهانة والذلة للانسان.

اي عمل يهين الانسان لا يجوز.

الامام لا يريد کلبا يريد انسانا

ان البعض يسمون انفسهم کلب الإمام الحسين (ع) ويذکرون هذا في اشعارهم و يقلدون بمشيهم مشي الکلب وينبحون مثله , ان هولاء الاشخاص يناقضون فلسفة بعثة الانبياء. لان الانبياء بعثوا لکمال الانسان وهدايته واخراجه من الحالة الحيوانية الهمجية التي کان فيه «اذا کانو يريدون تلك الحالة الحيوانية للانسان فلماذا هذا التعب والمشقة لتربية البشر واخراجهم من الجاهلية» هل يريدون من الانسان الرجوع الي الجاهلية والحيوانية.

هل جائوا لتربية البشر والانسانية ام تربية الکلاب.

هؤلاء الافراد الذين  يسمون انفسهم " الکلب" بعيدون من مقام الانسانية وهذا الامر لا يجوز وهذا لا يتناسب مع أهدف عاشوراء السامية. لذا لا يجوز تحقير الانسان حتي من قبل الشخص لذاته وله عقاب اخروي.

سيرة الرسول والائمة هو اعطاء الاحترام والمکانة للانسان لعباد الله في اي لباس و لون و مذهب.

للتعرف على الدين او المذهب يجب الرجوع الي الينابيع والاصول لان الماء اذا خرج من العين کان طاهراً وزلالا ومن المحتم انه في الطريق يتلوث وينقص من زلاليته.

لذا للتعرف علي الدين الاسلامي يجب علينا مراجعه القران والسيرة النبوية والائمة الاطهار عليهم السلام .

سوال: هل رايتم ان احد العلماء قام بهکذا اعمال؟ لماذا لا ناخذ باعمال واقوال العلماء في نظر الاعتبار؟

الاعلام المعادي للدين

ان الاعلام العالمي المعادي للاسلام وللمذهب الشيعي بالذات يستغل مثل هذه الأمور ليظهر الشيعة والاسلام بطريقة مشوهة وهو يعلم ان الناس في تلك البلدان وخاصة في الغرب تتجه انظارها نحو الدين الاسلامي فهو دين الفطره وکذلك نحو التشيع. ان العقل الذي صار يدرك مادية هذا العالم والحياة التي يعيشها صار يدرك ان الاسلام دين الحق والانسانية لذلك نجد الاعلام هناك يجتهد بکل ما اوتيه من قوة وقدرة لتشويه الصورة من خلال إستغلال هذه الامور التي تقام في عزاء الامام الحسين عليه السلام ليظلل هؤلاء الناس ويبعدهم عن التفكير باعتناق الدين الاسلام وبالتشيع بالذات.

کلام مع اعداء الاسلام. 

وعلي اثرهذه الاعمال التي ينتمي لها القلة من الشيعة نجد ومن المؤسف ان وکالات الانباء في انحاء العالم تنشر هذه الاخبار والصور ليرسخون في عقول البشرية بان التشيع مذهب کله وحشيه وجمود وجهل ولا يحترم انسانية البشر وبذلك يشوهون المذهب الشيعي وهنا يجب ان ننتبه.

وظيفة العلماء

نقطة الانحراف في اي حرکة هي ان الجهلة من الناس يقومون مقام العلماء وأهل الفضل. مثل هولاء يعتبرون انفسهم بانهم ليسوا بحاجه الي التدبر والمطالعة وربما ان العوام يستقبلونهم وينتمون اليهم فيجوز لهم اصدار الراي والحکم في الدين ولکن هذا الامر لا ينقص من وظائف العلماء ورجال الدين.

قال الامام علي (ع) «ما اخذ الله علي اهل الجهل ان يتعلموا حتي اخذ علي اهل العلم ان يعلموا».(10)

اساس اقامة العزاء علي اهل البيت (ع) هو امر ممدوح وواجب لکن کما قال الامام علي (ع) لا توجد اي حرکة الا وهي محتاجة الي معرفة(11). واعطاء هذه المعرفة للناس من واجب العلماء.

هذا الذي يميز العلماء والفضلاء من غيرهم حيث يجب عليهم التبيين والارشاد الي طريق الاسلام وسيرة أهل البيت (ع) علي سبيل العقل والعرفان الذي هو الممدوح من جهة ومن جهتاً اخري الارشاد الي طريق العزاء الصحيح وابعاده الروحية وهذه هي حساسية الموقف وخطورته ومن الممکن ان يصيبها الاخطاء والانحرافات.

قال الله تعالي:«الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبا».(12)

هذه الاية خطاباً لرسول الله (ص) والائمة الاطهار(ع) والعلماء، الانبياء کانوا يبلغون رسالات الله تعالى وکان خوفهم من الله لا من غيره، ونحن يجب ان نکون کذلك لا نخشي الا الله

و المفرض ان العلماء لا يخافون من مواجهت البدع وتوضيح وتبيين موقف الاقران والسنة منها والله هو حسبهم.

الاية 67 سورة المائدة « يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ  َاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» تشير الآية الي وظائف العلماء انهم هم المتسلطون علي الدين يعرفون التجدد والبدعة الداخلة في الدين ويجب عليهم ان لايسکتوا لان السکوت من الرضي.

قال رسول الله (ص):«اذا ظهرت البدع في امتي، فليظهر العالم علمه فمن لم يفعل فعليه لعنة الله»(13) 

يعني يجب علي العالم اظهار علمه اذا ظهرت بدعتاً في الدين والمواجهة الصريحة الواضحة مع البدعة والا استوجب لعنة الله.

ورواية اخري تبين دور العلماء ووظيفتهم  « صنفان من امتي اذا صلحا صلحت امتي، واذا فسدا فسدت امتي»(14) قيل: يا رسول الله من هما ؟ قال (ص): «الفقهاء والامراء».

يبين ان اول وظيفة العلماء هو تعريف الدين للناس والثاني المواجهة ومحاربة البدع لان البدعة خطر يهدد حيثية الدين وحفظ الدين من واجب العلماء.

ان الامام علي (ع) يعدد بعض وظائف الائمة وخلفائهم الذين هم العلماء ويشير الي حساسية الموضوع.

«انه ليس علي الامام الا ما حمل من امر ربه: الابلاغ في الموعظة، و الاجهاد في النصيحة، والاحياء للسنة، واقامة الحدود علي مستحقيها واصدار السهام علي اهلها» .(15)

واخيراً نفهم ان وظيفتهم وظيفة خطيرة وحساسة و نرجوا من الله التوفيق لهؤلاء في طريق اعتلاء احکام ومعارف دين الاسلام.

التكايا الحسينية خشوع وقدسية وجمال متفرد

الهوامش:

1- سورة الصف:8

2- سورة المائده:105

3- سورة النساء:93

4- .البداية و النهاية،ج 9، ص107

5- امالي شيخ صدوق: المجلس29، ص 107

6- کامل الزيارات، باب 32

7- امالي شيخ صدوق: المجلس27

8- امالي شيخ صدوق: المجلس27

9- السيد جواد القزويني

10- نهج البلاغة، الحکمة478

11- تحف العقول

12- سورة الاحزاب:39

13- اصول الکافي

14- الخصال، شيخ صدوق

15- نهج البلاغة،الخطبة104

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)