الرجل غريزي وغير عاطفي.. مفهوم خاطئ
تقول إحدى المتخصصات في علاج المشاكل الجنسية، الدكتورة فوزية الدريع: "إن من الخطأ أن ننظر إلى الرجل على أنه أكثر تعاملاً مع غريزته من المرأة، مما يعني أن الرجل غريزي بحت وغير عاطفي.. فعلى العكس، فالرجل يملك عاطفة، ويفضل الجنس الممزوج بعاطفة عنه من الجنس البهيمي المباشر.
وكثير من حالات البرود الجنسي قد رأيتها خلال خبرتي العملية، كان الرجل فيها يؤكد أنه يريد هذه المرأة التي تستشعر معه اللذة.
إذن.. فالرجل ليس غريزياً بحتاً يؤدي حاجته بطريقة بهيمية... كلاّ، فإن كثيراً من الرجال يؤكدون أن استمتاعهم بالجنس يكون مضاعفاً إذا كانت هناك عاطفة متبادلة وشاعرية.. كما أن كثيراً من الرجال يشعرون بألمٍ وتقزز من ذاته إذا ما هو سعى إلى إشباع جنسي بدون عاطفة، حيث يشعر الرجل حينئذ كأنه يمارس الاستمناء الذاتي، أو ما يسمى بـ"العادة السرية"، أو كأنه يدفع ثمن غريزته إلى امرأة تبيع الجنس.
وتسوق الدكتورة فوزية الدريع مقولة أحد الأزواج:
"أنا كرجل أحتاج إلى الجنس، وزوجتي ترفضه بادعائها أنها لا تستمتع، فأضطر أحياناً كثيرة أن أمارس الجنس معها بدون رغبتها، لكن بعد انتهاء العملية الجنسية أشعر بقرف شديد وأحتقر نفسي.. وقتها أشعر بأني حيوان، أو بأني أمارس الجنس مع جثة هامدة".
ويُفهم من هذا.. أن كثيراً من الرجال قد يتعفف من الجنس، إلا إذا كان من خلال عاطفة، وإذا كان الرجل غريزياً فإنه في ذات الوقت يتمنى ويفضل أن تكون غريزته من خلال عاطفة.
وفي ذات الوقت نجد أن الحكم على المرأة بأنها عاطفية فقط، هو حكم مُبالغ فيه وغير دقيق، فصحيح أن الدراسات النفسية تؤكد أن المؤشر العاطفي عند المرأة أقوى، وأن المرأة غالباً لا تتقبل الجنس إلا إذا كان عبر قناة العاطفة، لكن العاطفة لا تنفي الغريزة عند المرأة، فالمرأة مثل الرجل، مدفوعة بالغريزة الجنسية، حيث لها فيها دورة اشتهائية صِرفَه، بدليل أننا نجد الزوجة التي ربما لا تربطها علاقة مودّة مع زوجها، قد لا تمانع المعاشرة الجنسية، بل تسعى لها وتستمتع بها.
ولذا، فإن الاعتقاد السائد بأن المرأة تستطيع أن تعيش مع الرجل بغير إشباع جنسي هو اعتقاد خاطئ في الرؤية العاطفية للمرأة، فكون كثير من النساء لا يسعين للإشباع الغريزي بدون عاطفة، فإنما هو نتاج التربية التي تركز على فضيلة غير الإفصاح عن رغباتها الجنسية، كما أنه نتاج الخوف من غضب الزوج وانصرافه عنها.
فالمرأة تعايشها الغريزة ـ بالضبط مثل الرجل ـ وتمارس العادة السرية كما يستمنى الرجل، كما أنها تثور لإنعدام الجنس كما يثور الرجل.
وفي هذا الاعتراف الذي أدلت به إحدى الزوجات ما يفصح جلياً عن ذلك، حيث تقول: "إنّ زوجي يعاندني ويعاقبني بهجري في فراش الزوجية، وعلى الرغم من محاولاتي بأن أُظهِرَ اللامبالاة بشأن هذا الأمر، فإنني أشعر بحاجتي الجنسية إليه بدافع من الإلحاح الغريزي الكامن في أعماقي، فأجد نفسي أثور لأتفه الأسباب، وما يحزنني أني أصبُّ جامَ غضبي على أطفالي الأبرياء".
نخلص من ذلك إلى القول: إن المرأة غريزية الشهوة، لكنها تفضلها من خلال الإحساس العاطفي.. وإن المرأة والرجل كلاهما يملك الغريزة والعاطفة بنسب متقاربة، لكن لظروف تربوية مكتسبة، ولظروف بيولوجية "حيوية"، كانت جرعة الغريزة أكبر من العاطفة عند الرجل في بعض الأحيان، وجرعة العاطفة أكبر من الغريزة عند المرأة في أحيان أخرى.