• عدد المراجعات :
  • 802
  • 9/25/2011
  • تاريخ :

أُسطورة ابن سبأ وما فيها من مخالفات للواقع

عبدلله ابن سبا

يقول الدكتور في كتابه الفتنة الكبري عن عثمان *:

وهناك قصّة أكبر الرواة المتأخرون من شأنها، وأسرفوا فيها حتي جعلها كثير من القدماء مصدراً لما كان من الاختلاف علي عثمان، ولما أورث هذا الاختلاف من فرقة بين المسلمين لم تمح آثاره، وهي قصّة عبداللّه‏ بن سبأ الذي يعرف بابن السوداء. قال الرواة: كان عبداللّه‏ بن سبأ يهودياً من أهل صنعاء حبشي الأُم، فأسلم في أيّام عثمان، ثم جعل يتنقل في الأمصار يكيد للخليفة ويغري به، ويحرّض عليه، ويذيع في الناس آراء محدثة أفسدت عليهم رأيهم في الدين والسياسة جميعاً...

وإلي ابن السوداء يضيف كثير من الناس كل ما ظهر من الفساد والاختلاف في البلاد الإسلامية، أيام عثمان، ويذهب بعضهم إلي أنّه أحكم كيده إحكاماً، فنظم في الأمصار جماعات خفية تتستر بالكيد؛ وتتداعي بينها إلي الفتنة، حتي إذا تهيّأت لها الاُمور وثبت علي الخليفة؛ فكان ما كان من الخروج والحصار وقتل الإمام.

ويخيّل إليَّ أنّ الذين يكبّرون من أمر ابن سبأ إلي هذا الحدّ يسرفون علي أنفسهم وعلي‏التاريخ إسرافاً شديداً، وأوّل ما نلاحظه أنا لا نجد لابن سبأ ذكراً في المصادر المهمة التي قصت أمر الخلاف علي عثمان، فلم يذكره ابن سعدحين قصّ ما كان من خلافة عثمان، وانتقاض الناس عليه، ولم يذكره البلاذري في أنساب الأشراف، وهو فيما أري أهم المصادر لهذه القصة وأكثر تفصيلاً. وذكره الطبري عن سيف بن عمر، وعنه أخذ المؤرّخون الذين جاءوا بعده فيما يظهر . ولست أدري أكان لابن سبأ خطر أيّام عثمان أم لم يكن؟ ولكن أقطع بأنّ خطره ـ إن كان له خطر ـ ليس ذا شأن، وما كان المسلمون في عصر عثمان ليعبث بعقولهم وآرائهم وسلطانهم طارئ من أهل الكتاب أسلم أيّام عثمان...

ومن أغرب ما يروي من أمر عبداللّه‏ بن سبأ هذا أنّه هو الذي لقن أباذر نقد معاوية فيما يقولون من أنّ المال هو مال اللّه‏، وعلمه أنّ الصواب أن يقول: إنه مال المسلمين. ومن هذا التلقين إلي أن يقال إنّه هو الذي لقّن أبا ذر مذهبه كلّه في نقد الأمراء والأغنياء... فالذين يزعمون أنّ ابن سبأ قد اتّصل بأبي ذر فألقي إليه بعض مقاله يظلمون أنفسهم، ويظلمون أبا ذر ويَرْقون بابن السوداء هذا إلي مكانة ما كان يطمع في أن يرقي إليها. والرواة يقولون: إنّ أبا ذر قال ذات يوم لعثمان بعد رجوعه من الشام إلي المدينة: لا ينبغي لمن أدي زكاة ماله أن يكتفي بذلك حتي يعطي السائل، ويطعم الجائع،وينفق في سبيل اللّه‏، وكان كعب الأحبار حاضراً هذا الحديث. فقال: من أدي الفريضة فحسبه. فغضب أبو ذر وقال لكعب: يا ابن اليهودية! ما أنت وهذا ! أتعلّمنا ديننا؟ ثم وَجَأه بمحجنه. فأبو ذر ينكر علي كعب الأحبار أن يعلمه دينه، بل أن يدخل في أُمور المسلمين حتي بإبداء الرأي، مع أنّ كعب الأحبار مسلم، أبعد عهداً بالإسلام من ابن سبأ وكان مجاوراً في المدينة...

وأكبر الظنّ أنّ عبداللّه‏ بن سبأ هذا كان كلّ ما يروي عنه صحيحاً إنّما قال ما قال ودعا إليه بعد أن كانت الفتنة، وعظم الخلاف، فهو قد استغل الفتنة ولم يثرها، وأكبر الظن كذلك أنّ خصوم الشيعة أيّام الأُمويين والعبّاسيين قد بالغوا في أمر عبداللّه‏ بن سبأ هذا ليشكّكوا في بعض ما نُسب من الأحداث إلي عثمان وولاته من ناحية، وليشنّعوا علي عليّ وشيعته من ناحية أُخري، فيردّوا بعض أُمور الشيعة إلي يهودي أسلم كيداً للمسلمين.. إلي أن يقول: هذه كلّها أُمور لا تستقيم للعقل ولا تثبت للنقد، ولا ينبغي أن تقام عليها أُمور التاريخ. ثم يأخذ الدكتور في بيان أسباب الثورة علي عثمان.

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي : تبيان

*راجع الفتنة الكبري: صفحة 134


مناقشة أدلة تحريم البكاء على القبور

نقض فتاوى الوهابية - تسطيح القبور

نقض فتاوى الوهابية - الاحاديث الواردة في زيارة قبر النبي (ص)

نقض فتاوى الوهابية - تهديم القبور

رواة الشيعة وأصحاب الصحاح‏ في منهاج السنّة لابن تيميه والرد عليه

ادلة السنة على التفات الميت ودركه الأشياء

الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وآله‏

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)