التشيّع في نواحي الريّ
أدّت الارتباطات بين مدن المنطقة الجبليّة إلى انتشار التشيّع في أرجاء تلك المنطقة، بحيث تأثّرت نفس منطقة الريّ بمدينة قمّ بلحاظ النزوع للتشيّع. وقد أدّت هجرة أسرة بابَوَيْه من قم إلى الريّ إلى رسوخ تشيّع قمّ في منطقة الريّ. ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى أبي محمد جعفر بن أحمد بن عليّ القمّي الذي سكن في الريّ، وهو عالم كبير في عداد علماء الشيعة ومؤلّفيهم.
وأدّى انتشار التشيّع في الريّ إلى اعتناق أهالي المناطق المجاورة للتشيّع بمرور الوقت، فلم يبقَ ـ إلى عصر المستوفي ـ على مذهب أهل السنّة من سكّان القرى إلاّ عدد يسير فقط.
وأدّى انتشار التشيّع في الريّ إلى اعتناق أهالي المناطق المجاورة للتشيّع بمرور الوقت، فلم يبقَ ـ إلى عصر المستوفي ـ على مذهب أهل السنّة من سكّان القرى إلاّ عدد يسير فقط.
وكانت الريّ ـ قبل أن توجد مدينة طهران ـ مركزاً للنواحي المختلفة التي تقع إلى شمال الريّ وشرقها.
وبعد القرن السابع للهجرة، ومع الدمار الذي لحق بالريّ، اكتسبت بعض نواحي الريّ أهميّة أكبر. ونُشير فيما يلي إلى الوضع المذهبيّ لنواحي الريّ:
تُعتبر مدينة « وَرامِين » من المدن الهامّة التابعة للريّ، وقد ذكر المستوفي أنّ هذه المدينة كانت في السابق قرية، ثمّ أضحت قصبة (1).
وأشار السمعاني ( ت 562 هـ ) إلى ورامين على أنّها إحدى قرى الريّ، وذكر أنّ فيها رئيساً متموّلاً يُنفق أموالاً كبيرة في إعمار الحرمَين الشريفَين المكّي والمدنيّ، وأنّ ابنه المدعو حسين الورامينيّ قد حجّ البيت مرّات كثيرة، وأنّه يحبّ أمور الخير وإتياء الصدقات، لكنّه يغلو في تشيّعه (2).
وتشير المعلومات التي أوردها الشيخ عبدالجليل الرازي عن ورامين إلى أن أهل ورامين كانوا، في القرن السادس، من الشيعة الاثني عشريّة، على الرغم من وجود بعض الأحناف والشافعيّة فيها. وقال: إنّ ورامين قرية لا تقلّ عن المدن في آثار الشريعة وأنوار الإسلام الظاهرة فيها، من العبادات والطاعات وملازمة أعمال الخير والإحسان، وأنّ كلّ ذلك ببركة رضيّ الدين أبي سعد وأولاده، حيث بنى الشيخ المذكور مسجداً جامعاً في ورامين وبنى المدرسة الرضويّة والمدرسة الفتحيّة، وأوقف عليها أوقافاً، وعيّن فيها مدرّسين علماء لتدريس الدين. وذكر الشيخ عبدالجليل أنّ أهل مدينة ورامين يقيمون كلّ سنة في شهر رمضان مأدبة إفطار كبيرة يدعون إليها جميع المسلمين على اختلاف طوائفهم دونما تعصّب ولا تفرقة (3).
وقد أشار إلى شيعة ورامين، فذكرهم في مصافّ شيعة آبَة وساري وقم وكاشان (4)؛ وتطرّق إلى ذِكر المسجد الجامع في ورامين فوصفه بأنّه المسجد الجامع للشيعة (5).
وذكر المستوفي ( في القرن الثامن الهجريّ ) أنّ أهل ورامين هم من الشيعة الاثني عشريّة (6).
وتحدّث ياقوت الحمويّ ( في القرن السابع الهجريّ ) عن ورامين، فقرنها بمدينة ورام ـ وهي مدينة قرب الريّ ـ التي قال عن أهلها بأنّهم من الشيعة (7).
وأورد الشيخ منتجب الدين في كتابه طائفة من علماء ورامين، منهم: الشيخ أسد الدين حسن بن أبي الحسن بن محمّد الورامينيّ؛ والشيخ صفاء الدين حسن بن عليّ بن حسين ابن علويه الورامينيّ؛ والأديب رشيد الدين حسين بن أبي الحسين الورامينيّ؛ والشيخ رشيد الدين عبّاس بن عليّ بن علويه الورامينيّ؛ وعبدالملك بن محمّد بن عبدالملك الورامينيّ وآخرون غيرهم.
وذهب الشيخ القاضي نور الله إلى أنّ تشيّع ورامين يرجع إلى عصور قديمة، ثمّ أورد معلومات عن تشيّع ورامين في عصره (8).
ومن المناطق المشهورة التابعة للريّ منطقة « قوهد »، التي ينتسب إليها طائفة من علماء الشيعة. وتشمل هذه المنطقة « قوهد العُليا » و « قوهد السُّفلى »، وكانت هاتان المنطقتان من المناطق العامرة، وقد أُسس فيهما خانقاه ( تكية ) للصوفيّة في سنة 617 هـ (9).
والظاهر أنّ احدى هاتين المنطقتين كانت ذات غالبية شيعيّة، وأنّ الثانية كانت ذات غالبيّة سنّية؛ فقد كتب المستوفي ( في القرن الثامن ) يقول: وأهل الريّ وأكثر الولايات الأخرى هم من الشيعة الاثني عشريّة، عدا قرية « قوهد » وبعض المناطق الأخرى، فقد كان أهلها من الأحناف (10).
ويبدو أنّ منطقة « قوهد العليا » كانت منطقة شيعيّة، فقد جاء في فهرست الشيخ منتجب الدين أنّ الشيخ نجيب الدين زيدان بن أبي دُلَف الكُلَينيّ ـ الذي وصفه بالعالم العارف ـ كان يسكن في منطقة قوهد العليا، وأنّ السيّد كمال الدين عبدالعظيم بن محمّد بن عبدالعظيم الحسنيّ الأبهَريّ كان يسكن في قوهد العليا أيضاً، وأنّ الشيخ عفيف الدين إبراهيم بن خليل القوهديّ كان يسكن خوارزم (11).
ومن توابع الريّ: منطقة « دورَيْست » ذكرها ياقوت الحمويّ في ( معجم البلدان ) وقال بإنّ عبدالله بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر الدوريستي يُنسب إليها. وهذا العالم الجليل أحد فقهاء الشيعة الإماميّة، ويرجع نسبه إلى حُذيفة بن اليمان. قَدِم إلى بغداد سنة 566 هـ، ثمّ عاد إلى دوريست. وتوفيّ بعد سنة 600 هـ بفترة وجيزة (12).
وذكر الشيخ منتجب الدين هذا العالم وقال بأنّه يروي عن أسلافه مشايخ دوريست الذين كانوا فقهاء شيعة.
وأسرة الدوريستي من أُسَر الريّ المشهورة، ينحدر منها جعفر بن محمّد الدوريستي ( 380 ـ 473 هـ )، وهو من تلامذة الشيخ المفيد والسيّد المرتضى. وكان نظام المُلك يقصده لسماع الحديث منه (13). وابنه عبدالله بن جعفر الذي ذكره ياقوت الحمويّ.
ومن علماء دوريست الشيعة: محمّد بن أحمد بن العبّاس بن فاخر الدوريستيّ (14).
ومن توابع الريّ: منطقة « كُلَين » التي يُنسب إليها الشيخ محمّد بن يعقوب الكُلَيني أحد أبرز علماء الشيعة، مؤلّف كتاب « الكافي »، ذكره النجاشيّ في رجاله وقال عنه بأنّه شيخ الشيعة في الريّ. توفّي الكلينيّ في بغداد سنة 329 هـ.
وتقع قرية كُلَين جنوب غربيّ الريّ، وتبعد عن الريّ حوالي 38 كيلومتراً. وكانت هذه القرية من القرى الشيعيّة منذ قديم الزمان.
ومن علماء كُلين الشيعة: علاّن الكلينيّ، وهو خال الشيخ الكلينيّ مؤلّف الكافي.
-------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- نزهة القلوب55
2- الانساب587
3- النقض200
4- النقض94-111-127-276-309
5- النقض395
6- نزهة القلوب55
7- معجم البلدان370
8- مجالس المؤمنين 94
9- معجم البلدان416
10- نزهة القلوب54
11- الفهرست83-64-55
12- معجم البلدان ، لسان الميزان 269
13- الفهرست37
14- امل الامل للحر العاملي 496
المصدر:شبکة الامام الرضاعليه السلام
كتاب « الفهرست » لمنتجب الدين وصورة التشيّع في الريّ
العلويّون الذين قُتلوا في الريّ
علويّو الريّ خلال العصر السلجوقيّ
شيعة الريّ خلال العصر السلجوقيّ
شيعة الريّ وضغوط الغَزْنَويّين
أسرة آل بُوَيه في الريّ
انتشار التشيّع في الريّ في عصرِ آل بُوَيْه