تفسیر القرآن الکریم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر القرآن الکریم - نسخه متنی

محمود الشلتوت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تفسير القرآن الكريم

لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمود شلتوت

مقدمة:

عُني المسلمون منذ فجرالإسلام، وانبثاق نور الهداية الإلهية على ربوع العالم بالقرآن الكريم، مصدر تلك الهداية، ومنبع ذلك الإشراق، عناية كبرى شملت جميع نواحيه، وأحاطت بكل ما يتصل به، وكانلها آثارها المباركة الطيبة في حياة الانسان عامة، والمسلمين خاصة، أفاد منها العلم، وأفاد منها العقل، وأفاد منها الدين، وأفاد منها الفن، وأفاد منها القانونوالتشريع، وأفادت منها الفلسفة والأخلاق، وأفادت منها السياسة والحكم، وأفاد منها الاقتصاد والمال، وأفاد منها كل مظهر من مظاهر النشاط الفكري والعملي عرفه الناس فيحياتهم المادية والروحية.

ولقد زخرت المكتبة الإسلامية من آثار هذا النشاط العظيم، بل زخرت مكتبات أخرى في لغات أخرى وأمم أخرى، بكنوز رائعة يقف العقل أمامها حائرامشدوها، يخالجه مزيج من الإعجاب والمهابة، ويملكه معنى عميق من معاني الخضوع، أمام هذه العظمة التي لا كفاء لها إلا الإقرار بالعجز والخضوع ‍!

ولكي ندرك مدى هذهالعناية الكبرى التي تلقى بها المسلمون القرآن الكريم في جميع عصورهم ومراحل حياتهم، وعلى أيدي علمائهم وملوكهم ووزرائهم وأمرائم وأغنيائهم وأرباب الفن فيهم، وأهلالإحسان في كل ناحية من نواحي الإحسان لكي ندرس مدى هذه العناية الكبرى، علينا أن نلتفت إلى ما سجله التاريخ الفكري للمسلمين.


لا نكاد نعرف علماً منالعلوم التي إشتغل بها المسلمون في تاريخهم الطويل إلا كان الباعث عليه هو خدمة القرآن الكريم من ناحية ذلك العلم، فالنحو الذي يقوِّم اللسان ويعصمه من الخطأ، أريد بهخدمة النطق الصحيح للقرآن، وعلوم البلاغة التي تبرز خصائص اللغة العربية وجمالها، أريد بها بيان نواحي الإعجاز في القرآن، والكشف عن أسراره الادبية، وتتبع مفرداتاللغة، والتماس شواردها وشواهدها وضبط الفاظها، وتحديد معانيها، أريد بها صيانة الفاظ القرآن ومعانيه أن تعدو عليها عوامل التحريف أو الغموض، والتجويد والقراءات لضبطأداء القرآن وحفظ لهجاته، والتفسير لبيان معانيه، والكشف عن مراميه، والفقه لاستنباط أحكامه، والأصول لبيان قواعد تشريعه العام وطريقة الاستنباط منه وعلم الكلام لبيانما جاء به من العقائد، وأسلوبه في الاستدلال عليها، وقل مثل هذا في التاريخ الذي يشتغل به المسلمون تحقيقاً لما أوحى به الكتاب الكريم في مثل قوله: (نحن نقص عليك أحسنالقصص). (وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك). (ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر) وقل مثل هذا ايضاً في علم تقويم البلدان وتخطيط الأقاليم، الذي يوحى به مثلقوله تعالى: (سيروا في الأرض). (فامشوا في مناكبها) وفي علوم الكائنات التي يوحى بها مثل قوله: (أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماءكل شئ حي). (ألم تر أن الله يزجى سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عمن يشاء يكاد سنابرقه يذهب بالابصار، يقلب الله الليل والنهار، إن في ذلك لعبرة لأولى الأبصار، والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي علىأربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شئ قدير).

وهكذا علوم الفلك والنجوم والطب، وعلوم الحيوان والنبات وغير ذلك من علوم الإنسان، لا يخلوا علم منها أن يكون الاشتغالبه في نظر من اشتغل به من


المسلمين مقصوداً به خدمة القرآن، أو تحقيق إيحاء أوحى به القرآن حتى الشعر إنما اشتغلوا به ترقية لأذواقهم، وتربيةلملكاتهم، وإعدادا لها كي تفهم القرآن وتدرك جمال القرآن، وحتى العروض كان من أسباب عنايتهم به أنه وسيلة لمعرفة بطلان قول المشركين: إن محمداً شاعر، وإن ما جاء به شعر.

وتبعاً لهذه الأنحاء المختلفة في نظر المسلمين إلى القرآن واشتغالهم به، نرى التفاسير ذات ألوان متنوعة، فمنها ما يغلب عليه تطبيق قواعد النحو وبيان إعراب الكلماتوبنائها، ومنها ما يغلب عليه بيان نواحي البلاغة والإعجاز، ومنها ما يهتم بالفقه والتشريع وبيان أصول الأحكام وهكذا.

ولعل مما يدلنا أيضاً على مدى هذه العناية أنالذين فاتتهم القدرة على معالجة القرآن من هذه النواحي العلمية، لم يفتهم أن يضربوا بسهم في نواحٍ أخرى، جعلوها مظهراً من مظاهر عنايتهم، وسبيلاً إلى نيل حظهم من رضاالله وثوابه، فهذا يكتب القرآن بخط جميل، وهذا يزخرف صفحاته وأوائل سوره، وهذا يرقم آياته، وهذا يطرز سجله وغلافه، وهذا يرصد الأموال لتحفيظه، والمكافأة على التبريزفيه، وما زالت المساجد إلى يومنا هذا محتفظة بمظهر من هذه المظاهر هو تلك المقارئ التي يجتمع فيها القراء يتبادلون فيها قراءته وتجويده والاستماع إليه.

لهذا كلهأعتقد أني لا أتجاوز حد القصد والاعتدال إذا قلت: أنه لم يظفر كتاب من الكتب سماوياً كان أو أرضياً في أية أمة من الأمم قديمها وحديثها بمثل ما ظفر به القرآن على أيديالمسلمين، ومن شارك في علوم المسلمين. ولعل هذا يفسر لما جانبا من الرعاية الإلهية لهذا الكتاب الكريم الذي تكفل الله بحفظه وتخليده في قوله: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا لهلحافظون) فما كان الحفظ والتخليد بمجرد بقاء ألفاظه وكلماته مكتوبة في المصاحف، مقروءة بالألسنة، متعبَّدا بها في المساجد والمحاريب، إنما الحفظ والخلود بهذه العظمةالتي شغلت الناس، وملأت الدنيا، وكانت مثارا لأكبر حركة فكرية إجتماعية عرفها البشر ! ومن فضل الله


علينا في هذا العصر، أن الركب سائر لم يقف، ولميفتر، وأن هذا الروح الكريم ما يزال يسيطر على المسلمين، وينتقل فيهم من جيل إلى جيل يورثه الآباء للأبناء وسيظل كذلك ـ إن شاء الله ـ حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خيرالوارثين.

وهؤلاء هم المسلمون، على تفرقهم في البلاد والأقاليم، وتفرقهم في السلطان والنفوذ، وضعفهم المادي أمام دول الغرب، وبالرغم مما غمروا به وغزوا من علوممتنوعة، وثقافات متعددة ذات ألوان مادية، وأدبية، وإجتماعية، وتشريعية، لا يزالون يعتصمون بالقرآن، ويدينون بقدسية القرآن، ويتآزرون على خدمة القرآن. وإنهم ليستشرفونجميعاً لمطلع ذلك اليوم الذي يعود فيه سلطان القرآن فيكون التشريع تشريع القرآن، والأخلاق أخلاق القرآن، والهدى هدى القرآن، ونرجوا أن يكون قريبا.

واذا كان المسلمونقد تلقوا كتاب الله بهذه العناية، واشتغلوا به على هذا النحو الذي أفادت منه العلوم والفنون، فإن هناك ـ مع الأسف الشديد ـ ناحيتين كان من الخير أن يظل القرآن بعيداًعنهما، احتفاظا بقدسيته وجلاله، هاتان الناحيتان هما: ناحية استخدام آيات القرآن لتأييد الفرق والخلافات المذهبية، وناحية استنباط العلوم الكونية والمعارف النظريةالحديثة منه، وأحب أن أثبت على صفحات هذه المجلة، وبين يدي ما سأكتبه لها من التفسير، رأيي في هاتين الناحيتين واضحاً، فأقول:

أما الناحية الأولى: فإنه لما حدثت بدعةالفرق، والتطاحن المذهبي، والتشاحن الطائفي، وأخذ أرباب المذاهب، وحاملوا رايات الفرق المختلفة، يتنافسون في العصبيات المذهبية والسياسية، امتدت أيدهم إلى القرآن،فأخذوا يوجهون العقول في فهمه وجهات تنفق وما يريدون، وبذلك تعددت وجهات النظر في القرآن، واختلفت مسالك الناس في فهمه وتفسيره، وظهرت في أثناء


ذلكظاهرة خطيرة، هي تفسير القرآن بالروايات الغريبة، والاسرائيليات الموضوعة التي تلقفها الرواة من أهل الكتاب، وجعلوها بياناً لمجمل القرآن، وتفصيلاً لآياته ومنهم منعني بتنزيل القرآن على مذهبه أو عقيدته الخاصة، وبذلك وجدت تحكمات الفقهاء والمتكلمين وغلاة المتصوفة وغيرهم ممن يروِّجون لمذاهبم، ويستبيحون في سبيل تأييدها والدعايةلها أن يقتحموا حمى القرآن، فأصبحنا نرى من يؤول الآيات لتوافق مذهب فلان، ومن يخرجها عن بيانها الواضح، وغرضها المسوقة له، لكيلا تصلح دليلاً لمذهب فلان، وبهذا أصبحالقرآن تابعاً بعد أن كان متبوعاً، ومحكوماً عليه بعد أن كان حاكما !

كانت هذه ثورة ! ثورة غير منظمة، عقدت حول القرآن غباراً كثيفاً حجب عن العقول ما فيه من نورالإرشاد والهداية، وكان من سوء الحظ أن صادفت هذه الثورة عهد التدوين، فحفظت ودونت كثير من الآراء الباطلة في بطون الكتب وأخذت بحكم الأقدمية ومرور الزمن نوعاً منالقداسة التي يخضع لها الناس، فتلقاها المسلمون في عصور الضعف الفكري، والانحلال السياسي كقضايا مسلمة، وعقائد موروثة لا يسوغ لهم التحلل منها، ولا الاعتداء عليها، ولاالتشكيك فيها.

قيّد هذا التراث العقول والأفكار بقيود جنت على الفكر الإسلامي فيما يختص بفهم القرآن، والانتفاع بهداية القرآن، فجمد الناس على تقليد هذه الكتبواتخذوها حكما بينهم، واعتقدوا كل ما فيها من غير تمييز بين حق وباطل، ونافع وضار، واعتقدوا أنه لا يصح لمؤمن أن ينكر شيئاً منها، وقالوا: هذا شئ درج عليه السابقونالمتقدمون ودوّنوه في كتبهم، وشرحوا به كتاب الله، وتلقته الأمة بالقبول، وما كان لنا، ولسنا بأعلم منهم بالدين، ولا بأبعد نظراً في فهم أساليب القرآن، وتخريج الأحكام،أن نحيد عما تلقيناه منهم قيد شعرة، ولا أن نخالفه في قليل ولا كثير، وبذلك أسلموا عقولهم إلى غيرهم، وجنوا على أنفسهم بحرمانها لذة التفكير، وجنوا على دينهم باعتقاد أنهذه الأوهام من الدين، وقعدوا عن


النظر في القرآن، وامتلأت أذهانهم بألوان من الأوهام الفاسدة عن التشريع والعقيدة، وما يحل وما يحرم، وصار كثير منالمسلمين يعتقد أن الحلال ما أحله فلان في كتاب كذا، وأن الحرام ما حرّمه في كتاب كذا، بل وصل الأمر ببعض أهل العلم إلى أن يقول: إن هذا الشئ ثابت في القرآن، لأن فلاناًوفلاناً حملوا عليه بعض آيات الكتاب الحكيم.

وأما الناحية الثانية: فإن طائفة أخرى هي طائفة المثقفين الذين أخذوا بطرف من العلم الحديث، وتلقنوا، أو تلقفوا، شيئاً منالنظريات العلمية والفسلفية والصحية وغيرها، أخذوا يستندون إلى ثقافتهم الحديثة، ويفسرون آيات القرآن على مقتضاها.

نظروا في القرآن فوجدوا الله سبحانه وتعالى يقول:(ما فرطنا في الكتاب من شئ) فتأولوها على نحو زين لهم أن يفتحوا في القرآن فتحا جديداً، ففسروه على أساس من النظريات العلمية المستحدثة، وطبقوا آياته على ما وقعوا عليه منقواعد العلوم الكونية، وظنوا أنهم بذلك يخدمون القرآن، ويرفعون من شأن الإسلام، ويدعون له أبلغ دعاية في الأوساط العلمية والثقافية.

نظروا في القرآن على هذا الأساسفأفسد ذلك عليهم أمر علاقتهم بالقرآن وأفضى بهم إلى صور من التفكير لا يريدها القرآن، ولا تنفق مع الغرض الذي من أجله أنزله الله، فإذا مرت بهم آية فيها ذكر للمطر، أو وصفللسحاب، أو حديث عن الرعد أو البرق، تهللوا واستبشروا وقالوا: هذا هو القرآن يتحدث إلى العلماء الكونيين، ويصف لهم أحدث النظريات العلمية عن المطر والسحاب وكيف ينشأوكيف تسوقه الرياح. وإذا رأوا القرآن يذكر الجبال أو يتحدث عن النبات والحيوان وما خلق الله من شئ، قالوا: هذا حديث القرآن عن علوم الطبيعة وأسرار الطبيعة، وإذا رأوهيتحدث عن الشمس والقمر والكواكب والنجوم، قالوا: هذا حديث يثبت لعلماء الهيئة والفلكيين أن القرآن كتاب علمي دقيق.


ومن عجيب ما رأينا من هذا النوع أنيفسر بعض الناظرين في القرآن قوله تعالى: (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم) بما ظهر في هذا العصر من الغازات السامة، والغازات الخانقة التيأنتجها العقل البشري فيما أنتج من وسائل التخريب والتدمير، يفسرون الآية بهذا ويغفلون عن قوله تعالى بعدها: (ربَّنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون) (أنَّى لهم الذكرى وقدجاءهم رسول مبين، ثم تولوا عنه وقالوا: معلَّم مجنون).

روى أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود وقال له: تركت في المسجد رجلاً يفسر القرآن برأيه، يفسر قوله تعالى (فارتقب يومتأتي السماء بدخان مبين) بأن الناس يوم القيامة يأتيهم دخان فيأخذ بأنفاسهم حتى يأخذهم كهيئة الزكام، فقال ابن مسعود: (من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم،إنما كان هذا لأن قريشا استعصوا على النبي (صلى الله عليه وسلم) فدعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجَهد حتى أكلوا العظام، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى بينهوبينها كهيئة الدخان من الجَهْد.

وأغرب من هذا وأعجب أن يفسر بعض هؤلاء المفسرين الحديثين شأناً غيبياً من شؤن الله الخاصة لم ينزل بتفصيله وحي، ولم يطلع الله علىحقيقته أحداً من خلقه، ببعض الظواهر الحاضرة التي اكتشفها العلم واهتدى إليها بنو الإنسان، يفسر: (الكتاب المبين) و (الإمام المبين) الذي تحصى فيه الحسنات والسيئات ويعرضعلى أصحابها يوم القيامة، بالتسجيل الهوائي للأصوات، ويقول: أظهر العلم ذلك بالمخترعات البشرية، واستخدمه الإنسان فيما يختص بالأصوات، ولا يبعد أن يستخدمه فيما يختصبحفظ الحركات والسكنات والخواطر النفسية، والله القادر خلق الكون على هذه السنن لغاية أسمى من ذلك، هي محاسبة الناس يوم القيامة، وعرض أعمالهم عليهم، كشريط مسجل يضمجميع حركات الناس وسكناتهم وخواطرهم وأقوالهم، وما قدموا من عمل.

يقولون هذا ويفسرون به قوله تعالى: (علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي


ولا ينسى)وقوله تعالى: (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً) ويهجمون على الغيب بما لم يأذن به الله، ويجدون من العلماء من يؤيدهم ويشجعهمويزكيهم ويتمنى أن يكثر الله من أمثالهم !

إن هؤلاء في عصرنا الحديث لمن بقايا قوم سالفين فكروا مثل هذا التكفير ولكن على حسب ما كانت توحي به اليهم أحوال زمانهم،فحاولوا أن يخضعوا القرآن لما كان عندهم من نظريات علمية أو فلسفية أو سياسية.

ولسنا نستبعد إذا راجت عند الناس في يوم ما نظرية داروين مثلاً ـ أن يأتي إلينا مفسر منهؤلاء المفسرين الحديثين فيقول: إن نظرية داروين قد قال بها القرآن منذ مئات السنين.

هذه النظرة للقرآن خاطئة من غير شك، لأن الله لم ينزل القرآن ليكون كتاباً يتحدثفيه إلى الناس عن نظريات العلوم ودقائق الفنون وأنواع المعارف.

وهي خاطئة من غير شك لأنها تحمل أصحابها والمغرمين بها على تأويل القرآن تأويلاً متكلفا يتنافى معالإعجاز، ولا يسيغه الذوق السليم.

وهي خاطئة لأنها تعرض القرآن للدوران مع مسائل العلوم في كل زمان ومكان، والعلوم لا تعرف الثبات ولا القرار ولا الرأي الاخير، فقديصح اليوم في نظر العلم ما يصبح غداً خرافة من الخرافات.

فلو طبقنا القرآن على هذه المسائل العلمية المتقلبة، لعرضناه للتقلب معها، وتحمل تبعات الخطأ فيها، ولأوقفناأنفسنا بذلك موقفا حرجاً في الدفاع عنه.

فلندع للقرآن عظمته وجلالته، ولنحفظ عليه قدسيته ومهابته، ولنعلم أن ما تضمنه من الإشارة إلى أسرار الخلق وظواهر الطبيعةإنما هو لقصد الحث على التأمل والبحث والنظر، ليزداد الناس إيماناً مع إيمانهم.

وحسبنا أن القرآن لم يصادم ولن يصادم حقيقة من حقائق العلوم تطمئن اليها العقول. قيل:يا رسول الله، ما بال الهلال يبدو دقيقاً مثل الخيط، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان، لا يكون


على حالة واحدة؟ فنزل قوله تعالى: (يسألونك عن الأهلة، قل هي مواقيت للناس والحج. وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها، ولكن البر من اتقى، وأتوا البيوت من أبوابها، واتقوا الله لعلكمتفلحون).

وإنك لتجد هذا في سؤالهم عن الروح حيث يقول عزوجل: (ويسألونك عن الروح قل الوح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً) أليس في هذا دلالة واضحة على أنالقرآن ليس كتاباً يريد الله به شرح حقائق الكون، وإنما هو كتاب هداية وإصلاح وتشريع ؟

وإني لأرجو أن أوفق فيما أعرض له من تفسير آيات القرآن الكريم على صفحات (رسالةالإسلام) إلى الخطة المثلى التي يجب أن يستقبل بها المسلمون كتاب الله (ربَّنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا).

من الحكم النبوية

المؤمن للمؤمنكالبنيان يشد بعضه بعضا.

يد الله مع الجماعة.

إن ذا الوجهين لا يكون عند الله وجيها.

المرء كثير بأخيه.

لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.

دع ما يريبك إلىما لا يريبك.

المرء على دين خليله.

/ 1