مقدّمة التحقيق‏ - تفسیر القرآن الکریم، مفتاح أحسن الخزائن الالهیة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر القرآن الکریم، مفتاح أحسن الخزائن الالهیة - جلد 1

السید مصطفی الخمینی‏

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مقدّمة التحقيق‏

بسم اللّه الرحمن الرحيم


القرآن ?المستقيم و الذكر الحكيم و الكتاب العظيم و القسطاس القويم، و هو كتاب الهداية لسعادة البشر، يشتمل على القوانين التي يحتاجها في حياته الفردية و الاجتماعية و السياسية، و الروحية و المادّية. و هو الكتاب المعجز و المعجون الملكوتي الباهر، و الموسوعة الربّانية المليئة بالعجائب و المحاسن، و الدستور السماويّ الخالد، الموافق لجميع الأعصار و الأمصار، الهادي إلى أعلى طريقة و أحسن أسلوب و سلوك في الحياة، و هو نور من الضلالة بجميع مراتبها، فهو كتاب من عند اللّه يحتوي على الحقائق الاعتقادية و الأخلاقية و الأفعال التي يجب الأخذ بها، و هو يشتمل على جميع أسباب الهداية، و هو رسالة اللّه تعالى إلى عباده أوحاها إلى خير خلقه و خاتم النبيّين محمّد صلى الله عليه وآله وسلم و هو معجزة الإسلام الخالدة و هو أحسن الخزائن الإلهيّة.


هذه شذرات من كلمات العلّامة الشهيد قدّس سرّه في حق القرآن العظيم وردت في تفسيره هذا الذي نحن بصدد التقديم له.


و القرآن الكريم هو الكتاب الذي أنزله اللّه تبارك و تعالى على رسوله الأكرم خير خلقه و خاتم النبيّين محمّد صلوات اللّه عليه و آله، التدبّر و التفكّر فيه عبادة من أفضل العبادات و أجلّها، دعا إليها ربّنا تبارك و تعالى في كتابه العزيز: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها.

و القرآن هو الثّقل الأكبر الذي قرنه رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بأهل بيته الطاهرين عليهم السّلام و هم الثّقل الأصغر، و هذان الثقلان خلّفهما رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في أمّته ليكونا سببا للهداية و النجاة ما إن تمسّكوا بهما، فهل أخذت الامّة بوصيّة نبيّها و استمسكت بخليفتيه فيها؟ أمّا الثقل الأصغر أهل بيت العصمة صلوات اللّه عليهم فقد تركوا أحاديثهم و لم يقتفوا آثارهم و تخلّفوا عنهم و لم يأخذوا منهم قولا و لا عملا و لا عقيدة.

و أمّا القرآن العظيم حبل اللّه المتين الممدود من السماء إلى الأرض فقد هجروه أيضا كما قال تعالى على لسان نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم:

يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً فقد تركوا هدايته و تعاليمه، و لم يتدبّروا آياته و لم يتأمّلوا في معانيه و لم يتخلّقوا بأخلاقه، و اكتفوا بقراءته بصوت حسن و التغنّي به بلحن جميل، كما أوضح ذلك إمام الامّة الراحل قدّس سرّه في مقدّمة وصيّته، و قد ذكر قدّس سرّه: أنّ الثقلين متلازمان لا يمكن التمسّك بأحدهما دون الآخر و أنّ ترك أحدهما معناه تركهما معا.


هذا كما أنّ كثيرا من علماء الامّة قضوا أعمارهم بالبحث و التدقيق ببحوث جانبيّة بعيدة عن مقاصد القرآن العظيم، و لا تخدم أهدافه السماوية العالية، و اشتغلوا بمواضيع قليلة الجدوى في فهم الكتاب‏
العزيز، بل و خاضوا فيما ليس له ارتباط في تفسير القرآن الكريم إلّا من بعيد تضخيما لتفاسيرهم و تكثيرا لأجزائه، و تحميلا لكتاب اللّه ما لا يتحمّله بعيدا عن مقاصده و مراداته إعلاء لشأنهم و إظهارا لعلومهم، فشطّوا عن الحقّ و عن أهداف القرآن العظيم في هداية الناس و إخراجهم من الظلمات إلى النور.

إنّ واجب المفسّر لكتاب اللّه تعالى هو أن يستنطق آياته و يستنبط معانيه، و يغوص إلى أعماقه مستهديا بالقرآن العظيم و قرنائه، باحثا عن علومه و أنواره، ناشرا لمقاصده و أهدافه، مبيّنا لمرامه و مراده، كاشفا عن غوامضه و أسراره، سابرا لأعماقه و أغواره، و ذلك بحسب قدرته و عون اللّه له و توفيقه.

و حين يبتعد المفسّر عن أهداف القرآن الكريم و يملأ تفسيره ببحوث قليلة الجدوى و أفكار لا ربط لها بمعاني القرآن السامية يصبح تفسيره موجبا للظلمة و الحجاب مانعا للنور و الهداية، فأين هذا التفسير من القرآن الذي انزل هدى للناس و نورا من الظلمات؟ فالتفسير علم عظيم مشتمل على علوم و فنون كثيرة، و مستلزم لمقوّمات عديدة يجب على المفسّر أن يتوفّر عليها، و إلّا فلا يقترب من هذا الحصن المنيع، و ليدعه لأهله العلماء الربّانيين و الأولياء العرفاء الذين تسبق أعمالهم أقوالهم و الذين أتعبوا للّه أبدانهم، و أسهروا في طلب العلم لياليهم و قضوا فيه أعمارهم.

و هذا التفسير الماثل بين يديك، من التفاسير النادرة الحاوية على الفوائد العظيمة، و العلوم الكثيرة، و النكات العلمية المتنوّعة،
و المواعظ الدينية النافعة، و الأخلاق الإسلامية الرفيعة، ممّا يحيي القلوب و يزيد المؤمن إيمانا و اطمئنانا و يشرح الصدور و يملؤها هداية و نورا.

و لا عجب حيث إنّ مؤلّفه جامع للمعقول و المنقول، عارف بالعلوم العربية من لغة و صرف و نحو و بلاغة و غيرها، ملمّ بالكلام و الحكمة و العرفان، و هو بعد ذلك فقيه اصوليّ بارع، و قد أخذ على نفسه مع توسّعه في تفسيره أن يتجنّب البحوث التي لا طائل تحتها و لا تمتّ إلى أهداف القرآن بصلة، و لا يجتني منها القارئ هداية و لا يكتسب منها نورا، و أن يهذّب كتابه هذا عن الآراء السقيمة و الوجوه الباردة الخالية عن النفع و الفائدة.

و قد اهتدى صاحب هذا التفسير بالسنّة المطهّرة و الأحاديث الشريفة في تفسيره هذا، كما عزّز آراءه بالدليل و البرهان حيث إنّ السّنّة المطهّرة قرينة القرآن الكريم، و العقل الرشيد مؤيّد لهما و هاد إليهما، فهي جميعا متطابقة. و بهذا استطاع هذا المفسّر العلّامة أن يغور في فهم القرآن الكريم بدقّة و عمق، و يكشف عن أسرار الآيات الشريفة.

و قد تميّز هذا التفسير فوق ذلك بتدقيقه في كلمات القرآن كلمة كلمة، مناقشا للغويّين في آرائهم، كاشفا عن مواطن خطئها، مبديا لرأيه في قبالهم عن علم و اجتهاد و تحقيق، و قد استفاد من ذلك كثيرا في تفسيره من خلال تأمّله في دقائق الألفاظ و تراكيب الكلام.


هذا، و قد كتب الشهيد العلّامة تفسيره هذا الفريد في أسلوبه و طريقته الوحيد في شموليّته و استيعابه في النجف الأشرف حين اقصي‏
عن وطنه مع والده الحكيم العارف العلّامة المحقّق البارع المجاهد الكبير الإمام الخمينيّ العظيم قدّس سرّه الشريف، و ذلك أثناء تدريسه تفسير القرآن الكريم.

و لم تتّسع مهلة الحياة للعلّامة الشهيد لإتمام تفسيره هذا، و مع أنّه سيخرج للملأ العلمي- بإذن اللّه- في خمسة مجلّدات، إلّا أنّه لم يتجاوز الآية السادسة و الأربعين من سورة البقرة ابتداء من سورة الفاتحة.

و قد تمّ طبع هذا الكتاب من قبل بجهد تلميذه حجّة الإسلام و المسلمين السيّد محمّد السجّادي شكر اللّه سعيه.

و حين أشرفت على الحلول الذكرى السنويّة العشرون لاستشهاد العلّامة المصنّف قدّس سرّه، سعت مؤسّسة تنظيم و نشر آثار الإمام الخميني قدّس سرّه باهتمام بالغ إلى تصحيحه و تحقيقه و طبعه مع ثلاثة و عشرين مجلّدا آخر من تراثه الغزير في الفقه و الأصول و الفلسفة.

/ 457