الإهداء: - ظلامة أبی طالب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ظلامة أبی طالب - نسخه متنی

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الإهداء:


بسم الله الرحمن الرحيم



والحمد لله والصلاة والسلام على محمد وآله.







  • أبا طالب يا صفوة الفضل والتقى
    جهادك صان العلمُ والحلمُ والحجى
    به حفظ الله النبي محمداً
    فبوركت فذّاً أوحدياً لقد زكا
    خلقت كما قد شاء ربك آية
    ونورك في أصلاب خير سلالة
    تحدر في الأصلاب وهي شوامخ
    لأن علياً نوره نور أحمد
    ومن عجب أن يجمعا منذ آدم
    ومذ ظهرت من ذلك النور شعبة
    وأشرق في صافي محياك باهر
    فبوركت عرشاً للولاء وكعبة
    بأستارها قلب الموالي تعلقا



  • وغطريف مجد للذرى للذرى ارتقى
    مزاياه مذ رواه بالنبل والتقى
    به نور دين الله في الكون أشرقا
    بمغناك غرس المكرمات وأورقا
    الكمال به آياته فيك حققا
    من الأنبياء الأكرمين تألقا
    وأرحام طهر ملؤها الصفو والنقا
    معاً قبل خلق الخلق في العرش علقا
    ومن قبل لا والله لم يتفرقا
    النبوة فيها فاز من كان أسبقا
    إلى العرش والكرسي في مده ارتقى
    بأستارها قلب الموالي تعلقا
    بأستارها قلب الموالي تعلقا






مكة المكرمة 15/12/1421هـ







تقديم وتوطئة:



بسم الله الرحمن الرحيم



والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين.



وبعد..



فإننا نشهد في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، والمقروءة، هجمة شرسة على حقائق الدين، وشرائعه، وأحكامه، وعلى حماته، ورموزه، وأعلامه..



وقد ضاعف هؤلاء الجناة من هجماتهم التي تنضح بالحقد واللؤم، وبالتعصب المقيت، الذي لم يجدوا إلى إخفائه سبيلاً، لأنهم يرون كيف أن الإسلام الحق المتمثل بأطروحة أهل البيت عليهم السلام، ونهجهم القائم على التمسك بحبل ولايتهم، والاعتقاد بإمامتهم، يزيد تألقاً، وسطوعاً، وإشراقاً، خصوصاً بعد سقوط حكم الشاه في إيران، ثم ما سجَّله أبناء هذا النهج الأعزاء البررة، من انتصارات على أعداء الإنسانية، في كل اتجاه، الأمر الذي زاد من قوة انطلاقة الإسلام في مختلف أرجاء المعمورة، ليعمر القلوب بالهدى والنور، ويغمرها بالمحبة والسلام، ويأخذ بأزمَّتِها ليسلك بها سبل الحق ومناهجه، ويقودها إلى فردوس

الرضا الإلهي ومباهجه..



وقد تكفلت فئات وجهات كثيرة، بالسعي لإطفاء هذا النور، نور الإسلام الحق، بأفواههم: {وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}. [الصف ـ 8]. و {المشركون}، والمتعصبون، والأذناب الحاقدون..



وكانت لهم أساليبهم الماكرة، وسبلهم اللاإنسانية المختلفة، فقد تفننوا في اختراع وسائل الخداع، والتزوير للحق، والكيد لأهله، على طريقة دس السم في الدسم، فيما يثيرونه من أجواء، وما يطرحونه من أفكار، من خلال وسائل إعلامهم المرئية والمسموعة، وما يبثونه عبرها من حوارات مصطنعة، وفي مسلسلاتهم، ومختلف برامجهم المشبوهة، حتى الترفيهية، فضلاً عما يزعمون أنها ثقافية منها..



وأصبح كل همهم التسويق للباطل، ولأهله بطريقة التجني والافتراء، وتزوير الحقيقة ما وجدوا إلى ذلك سبيلاً..



فعرضت تلك القنوات ولا تزال تعرض أفلاماً ومسلسلات كثيرة، فيها الكثير من الإفك والخيانة، لن يكون آخرها المسلسل الذي بثته إحدى الفضائيات عن الحجاج، ثم عن عمرو بن العاص، حيث سعوا إلى إقناع الناس بأن للحجاج قيمته ومكانته، وبأن عمرو بن العاص، من عباد الله الصالحين، وأوليائه المتقين، حتى ليخيل إليك أنه يصلح لأن يكون وصياً، إن لم يكن يصلح لأن يكون نبياً!!..




ثم هم في الجانب الآخر يصورون أبا طالب، شيخ الأبطح، عليه السلام، ومستودع الوصايا، والذي تقول النصوص إنه من أوصياء النبي عيسى عليه السلام، على أنه الرجل المصر على الشرك، والعناد، فلا يخضع للحق، ولا يستجيب لنداء الله، رغم أنه يعيش كل أجواء الإيمان، ويرى الدلائل والمعجزات لرسول الله صلى الله عليه وآله، الواحدة تلو الأخرى.



وهو يعرف رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر من كل أحد سواه، لأنه كفله ورباه، وأيده، ورعاه، ودافع عنه ونافح، وجاهد في سبيل حفظه، وحفظ دعوته، وكافح..



وحين وجه إلينا بعض الإخوة سؤالاً عن هذه المفارقات، وحتّم علينا الواجب إجابته الصريحة والواضحة، وإن كانت لأهل الإفك جارحة، كان لا بد لنا في هذا البحث المقتضب، من أن نقدم إلى القارئ الكريم طائفة من النصوص التاريخية التي توضح له الحقيقة، وتزيل أية شبهة أو لبس، سواء فيما يرتبط بتاريخ وسيرة عمرو بن العاص، أم فيما يرتبط بتاريخ، وسيرة، وعظمة، وحقيقة إيمان أبي طالب عليه السلام المظلوم والمفترى عليه..



من أجل ذلك كان لا بد من تقديم فصل نعرض فيه بعض ما يدل على حقيقة عمرو بن العاص..



ثم نعرض فصولاً تتحدث عن أبي طالب عليه السلام، وعن جهاده، وتضحياته، وعن إيمانه، وفضائله..



فإلى ما يلي من فصول ومطالب:







الفصل الأول

هذا هو عمرو بن العاص..






بداية:



إن إعطاء لمحة عن عمرو بن العاص، في تاريخه، وفي ممارساته.. وفي العديد من شؤونه يفرض علينا عرض طائفة من النصوص، مقتصرين من المصادر على أقل القليل، رغم أن بالإمكان حشد العشرات بل المئات منها..



وإنما آثرنا التخفيف من حجم المصادر، لأننا اعتقدنا: أن ذلك لم يعد ضرورياً، بعد أن أصبحت أجهزة الكومبيوتر قادرة على تقديم مقادير وافية وكافية منها، لكل من أحب ذلك..



فلا ضير إذن من إيكال أمر تكثيرها إلى القارئ، الراغب في ذلك، ما دام أن الباب قد أصبح مفتوحاً أمامه، ولم يعد الاشتغال بتكثيرها يمثل أولوية ملحة، بل ربما يكون الأولى هو الانصراف إلى ما هو أهم، ونفعه أعم..



ومهما يكن من أمر، فإننا قد اخترنا للقارئ الكريم طائفة من النصوص قادرة على إعطائه الصورة التي رسمها لنا التاريخ بملامحها الواقعية، التي يسعى أصحاب الأهواء إلى العبث بها، واستبدالها بصورة تغاير الحقيقة، ولا تعكس إلا خيالات وأوهاماً، ولا تجد لها منطبقاً على

صعيد الواقع. بل هي مرفوضة جملة وتفصيلاً، حتى على سبيل التقدير والافتراض..



والذي اخترناه منها هو ما يلي:





عمرو يحتمي بعورته:



1 ـ إن هناك حادثة اشتهرت فيما بين عمرو بن العاص والإمام علي عليه السلام أيما اشتهار، وهي حادثة مبارزته للإمام علي عليه السلام، حيث إنه لم يجد وسيلة تنجيه من سيفه في واقعة صفين، إلا كشف عورته، ليصرف الإمام علياً عليه السلام عنه، وينجو هو بنفسه، والقضية معروفة ومشهورة..(1)



وقد قال الوليد بن عقبة يرد على معاوية، ويذكر كشف عمرو لسوأته:







  • يقول لنا معاوية بن حرب
    يشد على أبي حسن علي
    فيهتك مجمع اللبات منه
    فقلت له: أتلعب يابن هند
    أتغرينا بحية بطن واد
    وما ضبع يدب ببطن واد
    أتيح له به أسد مهيب



  • أما فيكم لواتركم طلوب
    بأسمر لا تهجنه الكعوب
    ونقع الحرب مطَّرد يؤوب
    كأنك بيننا رجل غريب
    إذا نهشت فليس لها طبيب
    أتيح له به أسد مهيب
    أتيح له به أسد مهيب











  • بأضعف حيلة منا إذا ما
    سوى عمرو وقته خصيتاه
    كأن القوم لما عاينوه
    لعمرو أبي معاوية بن حرب
    لقد ناداه في الهيجا علي
    فأسمعه ولكن لا يجيب



  • لقيناه ولقياه عجيب
    وكان لقلبه منه وجيب
    خلال النقع ليس لهم قلوب
    وما ظني ستلحقه العيوب
    فأسمعه ولكن لا يجيب
    فأسمعه ولكن لا يجيب






فغضب عمرو، وقال: إن كان الوليد صادقاً فليلق علياً، أو فليقف حيث يسمع صوته. وقال عمرو:







  • يذكرني الوليد دعا علي
    متى تذكر مشاهده قريش
    فأما في اللقاء فأين منه
    وعيرني الوليد لقاء ليث
    لقيت ولست أجهله علياً
    فأطعنه ويطعنني خلاساً
    فرمها منه يابن أبي معيط
    وأقسم لو سمعت ندا علي
    ولو لاقيته شقت جيوب
    عليك ولطمت فيك الخدود..(2)



  • ونطق المرء يملؤه الوعيد
    يطر من خوفه القلب الشديد
    معاوية بن حرب والوليد
    إذا ما شد هابته الأسود
    وقد بُلَّت من العلق اللبود
    وماذا بعد طعنته أريد
    وأنت الفارس البطل النجيد
    لطار القلب وانتفخ الوريد
    عليك ولطمت فيك الخدود..(2)
    عليك ولطمت فيك الخدود..(2)





وراجع محاورة عمرو بن العاص، ومعاوية حول هذه القضية أيضاً..(3) فإنها محاورة طريفة، ويا ليتهم يعرضونها، ويعرضون سائر ما جرى بهذا الخصوص، في مسلسلاتهم أيضاً!!..





كشف العورات ينجي من الهلكات:



ومن المفارقات: أنه قد جرى لبسر بن أبي أرطأة مع الإمام علي عليه السلام في صفين، نفس ما جرى لعمرو، حيث حمى نفسه من سيف علي، بكشف سوأته أيضاً..(4)



قال ابن عبد البر: «وللشعراء فيهما أشعار كثيرة مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب..(5) منها فيما ذكره ابن الكلبي، والمدائني، قول الحارث بن نضر الخثعمي، وكان عدواً لعمرو بن العاص، وبسر بن أبي أرطأة:







  • أفي كل يـوم فارس لك ينتهي
    يكف لها عنه علي سنانه
    بدت أمس من عمرو فقنع رأسه
    فقولا لعمرو ثم بسر: ألا انظرا
    ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما
    ولولاهما لم تنجوا من سنانه
    وتلك بما فيها عن العود ناهية



  • وعورته وسط العجاجة بادية
    ويضحك منها في الخلاء معاوية
    وعورة بسر مثلها حذو حاذية
    لنفسكما لا تلقيا الليث ثانية
    هما كانتا والله للنفس واقية
    وتلك بما فيها عن العود ناهية
    وتلك بما فيها عن العود ناهية











  • متى تلقيا الخيل المغيرة صبحة
    وكونا بعيداً حيث لا يبلغ القنا
    نحوركما إن التجارب كافية..(6)



  • وفيها علي فاتركا الخيل ناحية
    نحوركما إن التجارب كافية..(6)
    نحوركما إن التجارب كافية..(6)




الإمام علي عليه السلام يصف عمرواً:



ومن الواضح: أن الإمام علياً عليه السلام، كان أعرف بعمرو بن العاص من كل أحد، فضلاً عن هؤلاء المتحذلقين المغرضين، وهو أصدق منهم قولاً فيه، لأن له حاجزاً من دينه، يمنعه من قول غير الحق، أو التجني والحيف، حتى على أعدائه..



ونختار من النصوص التي روت لنا ما قاله فيه، ما يلي:



1 ـ قال علي عليه السلام في جماعة، منهم عمرو بن العاص:



«والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة، ما أسلموا، ولكن استسلموا، وأسرُّوا الكفر فلما وجدوا أعواناً رجعوا إلى عداوتهم منا»..(7)



2 ـ وقال أمير المؤمنين عليه السلام واصفاً له:



«واعجباً لابن النابغة: يزعم لأهل الشام: أن فيَّ دعابة، وأني امرؤ تلعابة، أعافس وأمارس، لقد قال باطلاً، ونطق آثماً.



أما ـ وشر القول الكذب ـ إنه ليقول فيكذب، ويعد فيخلف، ويُسأل فيبخل، ويسأل فَيُلْحِف، ويخون العهد، ويقطع الإلَّ.



فإذا كان عند الحرب، فأي آمر وزاجر هو؟! ما لم تأخذ السيوف

مآخذها، فإذا كان ذلك كان أكبر مكيدته أن يمنح القوم سبته..(8)



أما والله، إني ليمنعني من اللعب ذكر الموت، وإنه ليمنعه من قول الحق نسيان الآخرة..



وإنه لم يبايع معاوية حتى شرط له أن يؤتيه أتيَّة، ويرضخ له على ترك الدين رضيخة»..(9)



3 ـ وحين قال عمرو للإمام علي عليه السلام في صفين: أتشبهنا بالكفار؟!



قال عليه السلام: «يابن النابغة، ومتى لم تكن للكافرين ولياً، وللمسلمين عدواً؟ وهل تشبه إلا أمك التي دفعت بك»؟!..



فقام عمرو، وقال: لا يجمع بيني وبينك بعد اليوم مجلس.



فقال الإمام علي عليه السلام: إني لأرجو الله أن يطهر مجلسي منك، ومن أشباهك..(10)





سورة نزلت في عمرو بن العاص:



وروى يونس بن بكير، عن أبي عبد الله الجعفي، عن جابر، عن

محمد بن علي، قال:



«كان القاسم ـ أي ابن النبي صلى الله عليه وآله ـ بلغ أن يركب الدابة، ويسير على النجيبة، فلما قبضه الله، قال عمرو بن العاص: لقد أصبح أبتر.



فأنزل الله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ـ عوضاً يا محمد عن مصيبتك بالقاسم ـ {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}..(11)





عمرو بن العاص في كلام الرسول صلى الله عليه وآله:



وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه قال عنه وعن معاوية:



«إذا رأيتموهما اجتمعا ففرقوا بينهما، فإنهما لا يجتمعان على خير»..(12)



وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أنه مر بعمرو بن العاص، والوليد بن عقبة، وهما يشربان ويغنيان، في حمزة لما قتل، بهذا البيت:







  • كم من حواري تلوح عظامه
    درء الحروب بأن يجر فيقبرا



  • درء الحروب بأن يجر فيقبرا
    درء الحروب بأن يجر فيقبرا







فقال صلى الله عليه وآله:



«اللهم العنهما، واركسهما في الفتنة ركساً، ودعهما إلى النار دعاً»..(13)



وروى الهيثمي في تطهير الجنان: أن عمرو بن العاص صعد المنبر، فوقع في علي عليه السلام، ثم فعل مثله المغيرة بن شعبة ـ أي عند معاوية ـ والحسن عليه السلام حاضر.



فقيل للحسن عليه السلام: اصعد المنبر لترد عليهما. فامتنع، إلا أن يعطوه عهداً أن يصدقوه إذا قال حقاً، ويكذبوه إن قال باطلاً، فأعطوه ذلك.



فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أنشدك الله يا عمرو ويا مغيرة، أتعلمان أن النبي صلى الله عليه وآله لعن السائق والقائد، أحدهما فلان؟ ـ يعني معاوية ـ .



قالا: بلى.



ثم قال: يا معاوية، ويا مغيرة، ألم تعلما أن النبي صلى الله عليه وآله لعن عمرواً بكل قافية قالها لعنة؟




قالا: اللهم بلى الخ..(14)





الإمام الحسن عليه السلام يصف عمرواً:



وقد اجتمع عمرو بن العاص مع المغيرة بن شعبة، والوليد بن عقبة، في مجلس معاوية، وطلبوا منه أن يحضر الحسن عليه السلام لسبه وسب أبيه، فأرسل إليه فحضر، وجرى بينهم وبينه كلام، فكان مما قاله الإمام الحسن لعمرو في هذا المجلس:



«.. وضعتك أمك مجهولاً من عهر وسفاح، فتحاكم فيك أربعة من قريش، فغلب عليك جزارها، ألأمهم حسباً، وأخبثهم منصباً..



إلى أن قال:



وقاتلت رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع المشاهد، وهجوته.



وآذيته بمكة..



وكدته كيدك كله..



وكنت من أشد الناس له تكذيباً..



وعداوة..



ثم خرجت تريد النجاشي، مع أصحاب السفينة، لتأتي بجعفر وأصحابه إلى أهل مكة..




فلما أخطأك ما رجوت، ورجعك الله خائباً، وأكذبك واشياً، جعلت حدك على صاحبك عمارة بن الوليد، فوشيت به إلى النجاشي، حسداً لما ارتكب من حليلتك، ففضحك الله، وفضح صاحبك..



فأنت عدو بني هاشم في الجاهلية وفي الإسلام..



ثم إنك تعلم، وكل هؤلاء الرهط يعلمون: أنك هجوت رسول الله صلى الله عليه وآله بسبعين بيتاً من الشعر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:



«اللهم إني لا أقول الشعر، ولا ينبغي لي، اللهم العنه بكل حرف ألف لعنة»..



فعليك إذن من الله ما لا يحصى من اللعن.



وأما ما ذكرت من أمر عثمان، فأنت سعَّرت عليه الدنيا ناراً، ثم لحقت بفلسطين، فلما أتاك قتله، قلت: أنا أبو عبد الله، إذا نكأت قرحة أدميتها.



ثم حبست نفسك إلى معاوية، وبعت دينك بدنياه، فلسنا نلومك على بغض، ولا نعاتبك على ود. وبالله ما نصرت عثمان حياً، ولا غضبت له مقتولاً..



ويحك يابن العاص، ألست القائل في بني هاشم، لما خرجت من مكة إلى النجاشي:







  • تقول ابنتي أين هذا الرحيل
    فقلت: ذريني، فإني امرؤ
    لأكويه عنده كية
    وشانئ أحمد من بينهم
    وأجري إلى عتبة جاهداً
    ولا أنثني عن بني هاشم
    فإن قبل العتب مني له
    وإلا لويت له مشفري..(15)



  • وما السير مني بمستنكر
    أريد النجاشي في جعفر
    أقيم بها نخوة الأصعر
    وأقولهم فيه بالمنكر
    ولو كان كالذهب الأحمر
    وما اسطعت في الغيب والمحضر
    وإلا لويت له مشفري..(15)
    وإلا لويت له مشفري..(15)








ابن العاص أم ابن أبي سفيان:



ولا ندري لماذا لا يذكرون في تلك المسلسلات قصة نسب عمرو إلى العاص بن وائل، مع أن المرجحات تشير إلى أنه ابن أبي سفيان، فإنه قد اختصم فيه أبو سفيان، والعاص بن وائل، فحكَّموا أمه في ذلك، فقالت: إنه من العاص بن وائل.



فقال أبو سفيان: أما إني لا أشك أني وضعته في رحم أمه، فأبت إلا العاص..



فقيل لها: أبو سفيان أشرف نسباً!!.



فقالت: إن العاص بن وائل كثير النفقة علي، وأبو سفيان شحيح.



ففي ذلك يقول حسان بن ثابت:







  • أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت
    ففاخر به إما فخرت ولا تكن
    وإن التي في ذاك يا عمرو حكمت
    من العاص عمرو تخبر الناس كلما
    تجمعت الأقوام عند المحافل..(16)



  • لنا فيك منه بينات الدلائل
    تفاخر بالعاص الهجين بن وائل
    فقالت رجاء عند ذاك لنائل
    تجمعت الأقوام عند المحافل..(16)
    تجمعت الأقوام عند المحافل..(16)






ماذا عن أم عمرو بن العاص!:



فأما النابغة فقد ذكر الزمخشري في كتاب: «ربيع الأبرار».. قال:



كانت النابغة أم عمرو بن العاص أَمَةً لرجل من عنَزَة، فسُبيت، فاشتراها عبد الله بن جدعان التيمي بمكة، فكانت بَغِيّاً، ثم أعتقها، فوقع عليها أبو لهب بن عبد المطلب، وأمية بن خلف الجمحي، وهشام بن المغيرة المخزومي، وأبو سفيان بن حرب، والعاص بن وائل السهمي، في طهر واحد، فولدت عمراً، فادعاه كلهم، فحُكِّمت أمه فيه، فقالت: هو من العاص بن وائل، وذاك لأن العاص بن وائل كان ينفق عليها كثيراً.



قالوا: وكان أشبه بأبي سفيان.



وفي ذلك يقول أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب في عمرو بن العاص:







  • أبوك أبو سفيان لا شك قد بدت
    لنا فيك منه بينات الشمائل..(17)



  • لنا فيك منه بينات الشمائل..(17)
    لنا فيك منه بينات الشمائل..(17)




من مخزيات عمرو:



وقال المعتزلي:



«وكان عمرو أحد من يؤذي رسول الله صلى الله عليه وآله بمكة..



ويشتمه..



ويضع في طريقه الحجارة، لأنه كان صلى الله عليه وآله يخرج من منزله ليلاً فيطوف بالكعبة، وكان عمرو يجعل له الحجارة في مسلكه ليعثر بها.



وهو أحد القوم الذين خرجوا إلى زينب ابنة(18) رسول الله صلى الله عليه وآله لما خرجت مهاجرة من مكة إلى المدينة، فروَّعوها، وقرعوا هودجها بكعوب الرماح، حتى أجهضت جنيناً ميتاً من أبي العاص بن الربيع بعلها.



فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله، نال منه، وشق عليه مشقة شديدة، ولعنهم. روى ذلك الواقدي.



وروى الواقدي أيضاً وغيره، من أهل الحديث:



أن عمرو بن العاص هجا رسول الله صلى الله عليه وآله هجاء كثيراً، كان يعلمه صبيان مكة، فينشدونه، ويصيحون برسول الله إذا مر بهم،

رافعين أصواتهم بذلك الهجاء.



فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي بالحجر:



«اللهم إن عمرو بن العاص هجاني، ولست بشاعر: فالعنه بعدد ما هجاني»..



وروى أهل الحديث أن النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، وعمرو بن العاص، عمدوا إلى سلى جمل، فرفعوه بينهم، ووضعوه على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو ساجد بفناء الكعبة، فسال عليه.



فصبر، ولم يرفع رأسه، وبكى في سجوده، ودعا عليهم.



فجاءت ابنته فاطمة عليها السلام، وهي باكية، فاحتضنت ذلك السلا، فرفعته عنه فألقته. وقامت على رأسه تبكي، فرفع رأسه صلى الله عليه وآله، وقال: «اللهم عليك بقريش».. قالها ثلاثاً..



ثم قال رافعاً صوته: «إني مظلوم فانتصِر».. قالها ثلاثاً.



ثم قام فدخل منزله؛ وذلك بعد وفاة عمه أبي طالب بشهرين.



ولشدة عداوة عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وآله، أرسله أهل مكة إلى النجاشي ليزهِّده في الدين، وليطرد عن بلاده مهاجرة الحبشة، وليقتل جعفر بن أبي طالب عنده، إن أمكنه قتله، فكان منه في أمر جعفر ما هو مذكور مشهور في السير، وسنذكر بعضه..(19)






معاوية وعمرو عند عمر بن الخطاب:



هذا، وقد ذكر ابن عبد ربه: «أن عمرواً قدم من مصر، ومعاوية من الشام على عمر بن الخطاب، فأقعدهما بين يديه، وجعل يسائلهما عن أعمالهما، إلى أن اعترض عمرو في حديث معاوية، فقال له معاوية: أعملي تعيب؟! هلم أخبر الخليفة عن عملي، وأخبره عن عملك!



قال عمرو: فعلمت أنه بعملي أبصر مني بعمله، وأن عمر لا يدع هذا الحديث، حتى يصير إلى آخره، فأردت أن أفعل شيئاً أشغل به عمر عن ذلك، فرفعت يدي فلطمت معاوية.



فقال عمر: تالله ما رأيت أسفه منك، قم يا معاوية، فاقتص منه.



فقال معاوية: إن أبي أمرني أن لا أقضي أمراً دونه..



فأرسل عمر إلى أبيه، فأتى.



فلما قص عليه ما جرى قال: لهذا بعثت إلي؟! أخوه، وابن عمه، وقد أتى غير كبير، وقد وهبت ذلك له..»(20)





عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص في الحبشة:



فأما خبر عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي، أخي خالد بن الوليد مع عمرو بن العاص، فقد ذكره ابن إسحق في كتاب المغازي قال:



كان عمارة بن الوليد بن المغيرة، وعمرو بن العاص بن وائل، بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله، خرجا إلى أرض الحبشة على




/ 8