موسوعة الإمام المهدی (علیه السلام) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الإمام المهدی (علیه السلام) - نسخه متنی

فارس الحسون

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






طول عمره (عليه السلام)



قالوا: يبعد بقاؤه هذه المدّة الطويلة.



قلنا: وهل يستبعد ذلك الاّ من سلب الله قدرته وقد مضى في السوالف نحوه فقد بعث الله شعيب إلى خمس أمم ولبث نوح في قومه الف سنة إلا خمسين عاماً، وروي انه عاش ألفاً وأربعمائة سنة وعاش لقمان ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة وقيل عاش عمر سبعة أنسر وسمّى آخرها لبد، وقال: طال الأبد على لبد.



وقد روى المنكر لبقاء المهدي عن نافع عن ابن عمر خبر الدجال وغيبته وبقائه المدة الطويلة وظهوره آخر الزمان وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ما بعث الله نبياً إلا أنذر قومه فتنة الدجال وان الله أخره إلى يومكم هذا).



قالوا: إنما أجرى الله عادته بالتطويل في غير هذه الأمة، قلنا: لا يضرنا ذلك بحال مع إتفاق الأكثر على بقاء الخضر والدجال على ان ذلك وان لم يقع لغيره لم يدل على نفيه عنه ويكون معجزة له فان كل المعجزات خوارق للعادات.



قالوا: نمنع حياة الخضر لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لو كان الخضر حيّاً لزارني) قلنا: اخرج مسلم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدجال انه محرم عليه ان يدخل المدينة فينتهي إلى بعض السباخ فيخرج اليه رجل هو خير الناس فيقول: أشهد انك الدجال الذي حدثنا النبي بحديثه فيقول الدجال: ان قتلت هذا ثم أحييته اتشكون في أمري؟ فيقولون: لا فيقتله ثم يحييه فيقول: ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن فيريد الدجال قتله ثانياً فلا يسلط عليه، فقال إبراهيم بن سعد: يقال هذا الرجل الخضر. وذكر قول الخضر (حدثنا رسول الله) دلّ حديثه على اجتماعه برسول الله وفيه تكذيب (لو كان حياً لزارني).



وعيسى ايضاً حيّ إلى الآن قال الضحاك وجماعة أيضاً من مفسري المخالف في قوله تعالى: (إني متوفيك ورافعك الي) أي بعد إنزالك من السماء، وقال الكلبي والحسن وابن جريح: رافعك من الدنيا إليّ من غير موت ويؤكد ذلك ما رواه الفرا في كتابه شرح السنة وأخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قول النبي: (كيف أنتم اذ أنزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم)، وفي تفسير (وان من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته) قال ابن المرتضى: قال قوم الهاء في موته كناية عن عيسى أي قبل موت عيسى عند نزوله من السماء في آخر الزمان فلا يبقى أحد الا آمن به حتى يكون به الملّة واحدة ملة الاسلام ويقع الامنة في الناس... ولا شك ان هذه المقالة معها ظاهر الآية اذ لم يؤمن بها منهم منذ نزولها إلى الآن فلابد من كون ذلك في آخر الزمان وفي الحديث: ينزل عيسى في ثوبين مهرودين أي مصبوغين بالهُرد وهو الزعفران. (البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 220 ـ 222 و227).



قالوا: مضت الآباء والأعصار وأنتم في هذا الانتظار.



قلنا: ليس في ذلك شناعة مع قوله تعالى: (اقتربت الساعة) القمر: 1.



1 ـ طول الغيبة والعمر



واما تعجبهم من طول بقائه وعمره فالكلام عليه ان نقول: التعجب من طول العمر اما أن يكون من حيث اعتقاد المتعجب ان ذلك مستحيل وهو غير مقدور واما أن يكون من حيث كونه خارقاً للعادة.



اما الاول فهو قول الدهرية والطبائعيين الذين لا يقرون بالصانع المختار العالم ويكذبون بما جاء في القرآن من قوله في نوح: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً) وفي أصحاب الكهف: (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين....) وبما هو مشهور بين الأمة من قصة المعمرين من الأنبياء والحكماء والملوك وغيرهم....



وإما الثاني وهو أنه خارق للعادة فلا شك فيه ولكنا قد بينا في الكلام في النبوة أن خرق العادة في حق غير الأنبياء جائز حسن وأنه ليس فيه وجه قبح ويوافقنا على ما ذكرناه الصوفية وأصحاب الظاهر والأشعرية...والتعجب من طول استتاره وغيبته وعدم العثور على مستقره فمما لا يصح التمسك به في إبطال وجوده... أليس الخضر موجودا قبل زمن موسى والى وقتنا هذا بإجماع أهل النقل واتفاق أهل السير والأخبار؟... فانّ الأمة مجمعة على بقائه ولا يراه احد ولا يعرف مكانه... وكان من قصة يوسف وغيبته عن ابيه واخوته وذويه...وغيبة يونس نبي الله عن قومه وفراره منهم... وأمر أصحاب الكهف...وقصة الحمار الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها....



ثم وكم من الأمور العجيبة التي يعتقدها من دان بالإسلام وأقرّ به مما لم ير نظيره ولم يعتد مثله كرفع عيسى وإسراء نبينا... فليس ما نقوله ونذهب إليه في الغيبة بأعجب منها.



ثم واني اقول: أن استبطاء خروج صاحب الزمان وظهوره والتمسك به واتخاذه وحده طريقاً الى نفي وجوده يشعر باعتقاد نفي القيامة والبعث والنشور وذلك لانّ الاستبطاء في ذلك اعظم واكد وأكثر من حيث أن جميع الأنبياء كانوا ينذرون اممهم بالقيامة... وبعد لم تقم القيامة الى الآن... فان كان مجرد تأخر خروج صاحبنا عليه السلام واستبطاء القوم ظهوره طريقاً إلى نفيه فتأخر القيامة واستبطاء الخلق ظهورها وقيامها اولى بأن يتخذ طريقاً إلى نفيها.(الرازي ـ المنقذ 2: 398 ـ 401).



واما طول حياته فمما لا يتعجب منه لان هذا الانكار إما أن يكون ممن يثبت قدرة الله أو ممن لا يثبتها، فمن أثبتها إن شك في ان الله تعالى قادر على إبقائه أحداً مع أنه قادر على جميع المقدرات فهو كمن شك في أن الله تعالى عالم بجميع الجزئيات مع انه عالم بجميع المعلومات وإن كان لا يثبته قادراً على ذلك فالكلام معه لا يكون في الإمامة والغيبة ولكنه في كونه تعالى قادراً ومن ثم الى هنا بون بعيد، فعلمنا ان ذلك غير منكر.(محمد بن سعيد الراوندي ـ عجالة المعرفة: 40 ـ 41).



واما استبعاد الخصم بقاء مثل هذا الشخص هذا العمر فضعيف لأنه لا شك في امكانه، والوقوع مستفاد من الأدلة التي ذكرناها وكيف يستبعد ذلك مع ما وجد في قديم الزمان من تطاول الأعمار اضعاف ذلك، لا يقال: استتاره مفسدة لا يجوز فعلها من الله تعالى ولا منه لعصمته فهو غير موجود، لانا نقول: لا نسلم ان استتاره مفسدة بل فيه مصلحة خفية لا نعلمها نحن اما من الخوف على نفسه او لامر آخر غير معلوم لنا على التفصيل. (العلامة الحلي ـ مناهج اليقين: 482).



وأما الاستبعاد ببقاء مثله فباطل لأنّ ذلك ممكن خصوصاً وقد وقع في الأزمنة السالفة في حق السعداء والأشقياء ما هو أزيد من عمره عليه السلام. (مقداد السيوري ـ شرح الباب الحادي عشر: 52).



اما استبعاد طول حياته فجهالة محضة لان طول العمر امر ممكن بل واقع شايع كما نقل في عمر نوح ولقمان وغيرهما وقد ذهب العظماء من العلماء الى أن أربعة من الأنبياء في زمرة الأحياء: خضر والياس في الارض وعيسى وادريس في السماء، على أن خرق العادة جائز إجماعاً سيما من الأولياء والأوصياء.(ابن مخدوم ـ شرح الباب الحادي عشر: 205).



ان الله اخبر عن عمر نوح،... فهل يعجز الله ان يبقى إنساناً طويل العمر مضافاً إلى أن الرسول قال ذلك.(مؤتمر علماء بغداد: 196).



2 ـ طول الغيبة



وطول غيبة الامام كقصرها فانه ما دامت العلة الموجبة حاصلة فانه مستتر إلى أن يعلم الله تعالى زوال العلة، فيعلم ذلك بما وقفه عليه آباؤه من الوقت المعلوم، وبالإمارت اللائحة للنصر، وغلبة الظن يقوم مقام العلم في ذلك... وطول عمر صاحب الزمان عليه السلام وإن كان خارقاً للعادة، فالله تعالى قادر عليه بلا خلاف بيننا وبين من خالفنا من الأمة، وخرق العادات على من ليس بنبي قد بينا جوازه فلا وجه لاستبعاد ذلك.



وقد رأينا كيف استتر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الشعب تارة وفي الغار اخرى فلا ينبغي أن يتعجب من ذلك، وليس لهم أن يقولوا: إن استتار النبي كان مدة يسيرة وذلك ان استتارة في الشعب كان ثلاث سنين وإذا جاز الاستتار ولو يوماً واحداً لعلة جاز الاستتار الطويل مع استمرار العلة، وليس لهم أن يقولوا: أن النبي استتر بعد اداء الشرع، وذلك أن وقت استتاره في الشعب لم يكن ادى جل الشريعة لان معظم الشريعة نزل بالمدينة على ان في كون النبي بين الخلق لطفاً ومصلحة فأي شيء قالوه في ذلك قولنا بعينه....(الطوسي ـ الاقتصاد: 370 ـ 371).



.... اما.... إمكان بقاء المزاج الإنساني مثل المدة التي ندعيها لهذا الإمام القائم فالعلم به ضروري ويدل على ثبوت الإمكان تواتر الوقوع، وإما... ثبوت البقاء في أمزجة مشهورة فهو أيضاً بين، ولنذكر عدة من أعمار المعمرين الذين تواترت بتعيين أعمارهم الأخبار، فمن أولئك الربيع بين ضبيع الفزاري (الفصول العشرة في الغيبة: 96، الغيبة للطوسي: 80، كمال الدين 512، 522)... ومنهم المستوغر وهو عمر بن ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد مناة (الفصول العشرة في الغيبة: 97، الغيبة للطوسي: 80)... ومنهم امانة بن قيس بن الحارث بن شيبان بن العارك بن معاوية بن الكندي (كمال الدين: 557)... ومنهم عبد المسيح بن بقيلة الغساني (الغيبة للطوسي: 81)... ومنهم دويد بن زيد بن نهد...(الغيبة للطوسي: 83).



واما من عاش في الاسلام وقبيل الاسلام المأتين وفوقها فكثيرون... فهؤلاء من عاش الى هذه المدة في هذا القرن، واما الأخبار عن أعمار من كان في القرون الأولى فمشهورة وقد نبه القرآن العظيم على بعضها كعمر نوح... وما اشتهر عن عمر لقمان... وبالجملة فالعلم التواتري حاصل بامتداد الحياة الانسانية هذه المدة وامثالها.



... ولو سلمنا انه لم يوجد بقاء المزاج الانساني الى الحد المذكور الا ان ذلك من الامور الممكنة والله تعالى قادر على جميع الممكنات ومن مذهب الكل ان خرق العادة في حق الاولياء والصالحين امر جائز وحينئذ يكون الاستنكار والاستبعاد قبيحاً.... (ابن ميثم ـ النجاة في القيامة: 204 ـ 207).



3 ـ طول العمر ووجوب وجوده



قال العلامة الحلي: (ولا استبعاد في طول عمره عليه السلام فقد وجد في الأزمنة الماضية والقرون الخالية من عمّر مديداً أطول من عمره، وإذا ثبت أن الله تعالى قادر على مقدور فلا شك في إمكان بقائه عليه السلام مدة طويلة فلا استبعاده ووجوب القطع بوجوده عليه السلام هذا العمر الطويل للنص الدال عليه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن الأئمة والمنقول المتواتر بين الإمامية، ولوجوب نصب الرئيس في كل زمان ووجوب العصمة).



قال المقداد السيوري في شرحه:.... لا شك ان هذا امر ممكن والله تعالى قادر على كل الممكنات فيكون قادراً على ابقائه هذا الشخص هذه المدة الطويلة هذا مع ان مثل هذا التعمير واضعافه قد وقع اما في حق الانبياء فكما في نوح وشعيب عليهما السلام، وإما في حق الأشقياء فكما في السامري والدجال، وإذا جاز ذلك في حق الطرفين فليجز في حق الوسط وهم الأولياء وحيث الحال كذلك فلا وجه لاستبعاد الخصم طول عمره عليه السلام.



في بيان وجوب وجوده في هذه المدة الطويلة وذلك لوجهين:



1 ـ النصوص الدالة على وجوده وولادته وطول عمره وغيبته نقلتها الشيعة خلفاً عن سلف نقلاً متواتراً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة عليهم السلام.



2 ـ الدليل الدال على ان كل زمان لابد فيه من إمام معصوم وغيره ليس بمعصوم بالاجماع فيجب أن يكون هو موجوداً في هذه المدة الطويلة من حين وفاة ابيه الحسن العسكري عليه السلام الى انقطاع التكليف وإلا لزم خلو الزمان من إمام معصوم وهو باطل بالاجماع.(المقداد السيوري ـ ارشاد الطالبين: 377 ـ 379، وباختصار: الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد: 99).



4 ـ طول العمر



.... ان مسألة بقاء الإنسان مئات السنين في عالم الدنيا بهذا الجسم العنصري جائز وممكن من وجهة نظر قرانية وعلمية وتجريبية:



اما القرآن فقد ذكر حياة نوح عليه السلام وصرّح بأنها امتدت إلى ألف سنة إلا خمسين عاماً... ويذكر حياة النبي يونس (فلو لا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) وهو إشارة صريحة إلى أنه لولا تسبيحه لأمكن له أن يبقى في بطن الحوت الى يوم البعث، وكذا يلوح من الآيات الواردة حول النبي عيسى في أنه حيّ يرزق....



واما من وجهة نظر علمية فحسبك شهادات الدكاترة الأطباء ذوي الاختصاص في علم الطب حول هذه المسألة....



واما من وجهة نظر تجريبية فقد قام العلماء المختصون باجراء التجارب العديدة على حيوانات مختلفة وتوصلوا عملياً إلى إمكان بقائها لمدة طويلة تفوق مدة عمرها الطبيعي بكثير....



ويمكننا من خلال ما تقدم القول بأن البقاء لمدة طويلة هو الأصل بينما الموت هو استثناء ينزل بالإنسان متى ما نزل به ما يصرم حبل حياته، إذن فلا غرابة ولا عجب في بقاء الإنسان سنين متمادية بل لابد من البحث حول سر الموت وحلّ لغز العمر.(هامش كتاب (الاعتماد في شرح واجب الاعتقاد) للمحقق للكتاب: 96 ـ 98).



5 ـ طول العمر



ان سأل سائل فقال: كيف يصح ما اوردتموه من تطاول الأعمار وامتدادها وقد علمتم ان كثيراً من الناس ينكر ذلك ويحيله ويقول أنه لا قدرة عليه ولا سبيل اليه، وفيهم من ينزل في إنكاره درجة فيقول: انه وان كان جائزاً من طريق القدرة والإمكان فانه مما يقطع على انتفائه لكونه خارقاً للعادات، وان العادات إذا وثق الدليل بانها لا تنخرق الا على سبيل الآية والدلالة على صدق نبي من الأنبياء عليهم السلام علم ان ما روي من زيادة الاعمار على العادة باطل مصنوع لا يتلفت الى مثله.



الجواب: قيل له: أما من ابطل تطاول الأعمار من حيث الاحالة أو أخرجه عن باب الإمكان فقوله ظاهر الفساد، لأنه لو علم ما العمر في الحقيقة وما المقتضي لدوامه إذا دام وانقطاعه إذا انقطع لعلم من جواز امتداده ما علمناه، والعمر هو استمرار كون من يجوز ان يكون حياً وغير حيّ حياً وان شئت ان تقول: هو استمرار كون الحيّ الذي لكونه على هذه الصفة ابتداء حيا، وإنما شرطنا الاستمرار لأنه يبعد أن يوصف من كان حالة واحدة حياً بانّ له عمراً بل لابد من أن يراعوا في ذلك ضرباً من الامتداد والاستمرار وإن قلّ، وشرطنا أن يكون ممن يجوز أن يكون غير حيّ أو يكون لكونه حياً ابتداء لئلاّ يلزم عليه القديم تعالى لأنه تعالى جلت عظمته ممن لا يوصف بالعمر وإن استمر كونه حياً، وقد علمنا ان المختص بفعل الحياة هو القديم تعالى، وفيما تحتاج اليه الحياة من البينة والمعاني ما يختص به عزوجل ولا يدخل الا تحت مقدوره كالرطوبة وما يجري مجراها، فمتى فعل القديم تعالى الحياة وما تحتاج إليه من البينة ـ وهي مما يجوز عليه البقاء ـ وكذلك ما تحتاج اليه فليست تنتفي الا بضد يطرأ عليها او بضد ينفي ما تحتاج إليه والأقوى أنه لا ضد لها في الحقيقة، وإنما إدعى قوم أنه ما يحتاج اليه، ولو كان للحياة ضد على الحقيقة لم يخل ما نقصده في هذا الباب، فمهما لم يفعل القديم تعالى ضدها أو ضد ما تحتاج إليه ولا نقض ناقض بنية الحي استمر كون الحي حياً، ولو كانت الحياة لا تبقى على مذهب من رأى ذلك لكان ما قصدناه صحيحاً لأنه تعالى قادر على أن يفعلها حالاً فحالاً ويوالي بين فعلها وفعل ما تحتاج اليه فيستمر كون الحي حياً.



فاما ما يعرض من الهرم بامتداد الزمان وعلو السن وتناقض بنية الانسان فليس مما لابد منه، وإنما اجرى الله تعالى العادة بأن يفعل ذلك عند تطاول الزمان ولا ايجاب هناك ولا تأثير للزمان على وجه من الوجوه وهو تعالى قادر على ان يفعل ما أجرى العادة بفعله، وإذا ثبتت هذه الجملة ثبت ان تطاول العمر ممكن غير مستحيل، وإنما أتى من أحال ذلك من حيث اعتقد أن استمرار كون الحي حياً موجب عن طبيعة وقوة لهما مبلغ من المادة، متى انتهتا إليه انقطعتا واستحال ان تدوما ولو أضافوا ذلك إلى فاعل مختار متصرف لخرج عندهم من باب الاحالة.



فاما الكلام في دخول ذلك في العادة او خروجه عنها فلا شك في أن العادة قد جرت في الأعمار باقدار متقاربة يعد الزائد عليها خارقاً للعادة إلا أنه قد ثبت أن العادة قد تختلف في الأوقات وفي الأماكن ايضاً، ويجب أن يراعي في العادة اضافتها الى من هي عادة له في المكان والوقت.



وليس يمتنع ان يقل ما كانت العادة جارية به على تدريج حتى يصير حدوثه خارقاً للعادة بغير خلاف ولا يكثر الخارق للعادة حتى يصير حدوثه غير خارق لها على خلاف فيه، واذا صح ذلك لم يمتنع ان تكون العادات في الزمان الغابر كانت جارية بتطاول الاعمار وامتدادها ثم تناقص ذلك على تدريج حتى صارت عادتنا الآن جارية بخلافه وصار ما بلغ مبلغ تلك الاعمار خارقاً للعادة وهذه جملة فيما أردناه كافية.(المرتضى ـ الامالي 1: 270 ـ 272).



6 ـ طول الغيبة



... اما طول العمر وامتداد الحياة مئات من السنين فليس من المستحيلات بل روى المؤرخون وقوع ذلك كثيراً في تاريخ البشرية، فآدم عليه السلام عمّر ألف سنة، ولقمان عمّر ثلاثة آلاف وخمسمائة سنة، وسلمان عمّر طويلاً في الأرض، وادعى بعض المؤرخين أنه عاصر المسيح وأدرك الإسلام... إلى كثير وكثير ممن عمّر مئات السنين خبرهم المؤرخون وبخاصة السجستاني الذي جمع أخبارهم في كتاب (المعمرون)....



واما القرآن فهو أصدق قيلاً... وقد قال أن نوحاً لبث في قومه يدعوهم (950) عاماً والله أعلم كم عاش قبل الدعوة وبعد الطوفان، وأن يونس بقي في بطن الحوت مدة طويلة من الزمن ولولا فضل الله عليه لبقي في بطنه الى يوم القيامة (فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون)، ومعنى هذا اللبث بقاؤه حياً الى يوم القيامة وبقاء الحوت حياً معه خلال هذه الآماد المتمادية، وإن أهل الكهف (لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً)، ولا نعلم كم عاشوا قبل دخولهم الكهف وبعد خروجهم منه، وان (الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها قال: أنى يحيى هذه الله بعد موتها فاماته الله مائة عام...)، ولعل بقاء الطعام والشراب مائة عام دون أن يفسد أعجب من طول عمر الانسان وأغرب، هذا كله بالاضافة الى ما تناقله مؤلفوا السير ورجال الحديث وتلقوه بالقبول من حياة الخضر من قبل زمان موسى عليه السلام وإلى آخر الزمان... وموضوع غيبة المهدي من هذا القبيل بالضبط ولابد لنا من القول باستمرار حياته جرياً مع تلك النصوص وتصديقاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم.(آل ياسين ـ اصول الدين: 416 ـ 419).



7 ـ طول العمر والطب الحديث



... العلم الحديث يصرح بأن بإمكان الإنسان البقاء الاف السنين لو تهيّأ له من وسائل المحافظة على القوى البدنية ما يساعده على البقاء.



إن العلماء الموثوق بعلمهم يقولون: ان كلّ الأنسجة الرئيسية من جسم الحيوان تقبل البقاء الى ما لا نهاية له، وأنه في الإمكان أن يبقى الانسان حياً الوفاً من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته، وقولهم هذا ليس مجرد ظن بل هو نتيجة عملية مؤيدة بالإمتحان. أن الانسان لا يموت لانه عمّر كذا من السنين سبعين أو ثمانين او اكثر، بل لان العوارض تنتاب بعض أعضائه فتتلفها ولارتباط اعضائه بعضها ببعض تموت كلها، فاذا استطاع العلم أن يزيل هذه العوارض أو يمنع فعلها لم يبق مانع يمنع استمرار الحياة مئات من السنين.



وإن جان روستان يعتقد بضوء الاكتشافات والتجارب العلمية أن اتباع طريقة حفظ الإنسان لم يعد يبدوا مستحيلاً فان الاكتشافات التي سجلها عدد من مشاهير العلماء منذ حوالي قرن تترك بعض الأمل في إمكانية التوصل إلى مركب متناسق يساعد في تحقيق المزيد من التقدم اعتماداً على تجارب علمية سجلها براون سيكوارد وألكسي كاريل وفوارنوف ومينشبنكوف وبونحو مولتينر وفيلا توف وغيرهم.



اما روبرت اينتجر الذي وضع أخيراً كتاباً قيماً بعنوان (الانسان هل يمكن أن يخلد حياً) فقد خلق آمالاً جديدة إذ قال: إن الإنسان الذي يعيش ويتنفس الآن يملك حظ البقاء من الناحية الفيزيائية.



هذا كله مضافاً إلى التصريحات الكثيرة بشأن إمكان المحافظة على حياة الانسان الوف السنين لو جُمّد خلال هذه الفترة وذلك باعتبار أن التجميد يحافظ على كل الخلايا الحية... ومهما يكن من أمر فان تصريحات العلماء تؤكد إمكان طول عمر الإنسان، وان هذا الإمكان هو المحفز الأكبر لهم على المثابرة والسعي لمعرفة الوسائل التي تحقق ذلك، واذا صح إمكان طول عمر الإنسان بحسب الاستعداد والطبيعة كان ممكناً وصحيحاً طول عمر المهدي طيلة هذه القرون بحسب الطبيعة والإرادة الإلهية.(آل ياسين ـ اصول الدين: 420 ـ 422).



8 ـ طول العمر



لا تعجب من غيبة القائم عليه السلام وطولها وطول عمره صلوات الله عليه بعد ما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأوصياء بعده بذلك في أخبار تكاد تبلغ حدّ التواتر مع امكان ذلك ووقوع مثله... من الأنبياء والأولياء فان كثيراً منهم كانت لهم غيبات طويلة واعمار مديدة وكذلك كانت كثير من الملوك السالفة ـ وقد ذكر طرفاً من ذلك شيخنا الصدوق في كمال الدين... وقد صح عن النبي انه قال: (كلما كان في الامم السالفة يكون في هذه الامة مثله حذوا النعل بالنعل والقذة بالقذة، وقد نطق القرآن بطول عمر نوح (ثم ذكر روايات في عمر الأنبياء)، وأيضاً فان عيسى والخضر من أولياء الله باقيان الى الآن باتفاق اكثر الامة كذلك إبليس والدجال، واما عيسى وإبليس فبنص الكتاب والسنة في غير موضع، وإما الخضر والدجال فبالنصوص المستفيضة من النبي والأئمة.



اما الخضر فقد قال ابن جرير الطبري: الخضر والياس باقيان يسيران في الارض (ثم كر حديثاً من صحيح مسلم يدل على بقاء الدجال والخضر)، واما الدجال فقد روى الصدوق باسناده عن طرق العامة عن ابن عمر....(الفيض ـ علم اليقين 2: 797 ـ 803).



ولا استبعاد في طول عمره عليه السلام كما قالوا فانه أمر ممكن والله على كل شيء قدير، وقد اتفق ذلك للأولياء والأشقياء كالخضر والياس وعيسى والدجال وغيرهم، فلا استبعاد في وقوع ذلك له عليه السلام فوجب القول به عقلاً ونقلاً.(السيد شبر ـ حق اليقين 1: 270).



واما استبعاد من استبعد منهم ذلك لطول عمره الشريف فما يمنع من ذلك الا جاهل بالله وبقدرته وبأخبار نبينا وعترته أو عارف ويعاند بالجحود... فكيف يستبعد بطول الأعمار؟ وقد تواتر كثير من الأخبار بطول عمر جماعة من الأنبياء وغيرهم من المعمرين، وهذا الخضر باق على طول السنين... وكيف يستبعد طول عمره الشريف من يصدق بالقرآن وقد تضمنت قصة أصحاب الكهف أعجب من هذا.....(السيد بن طاووس ـ الطرائف 1: 268).



9 ـ طول العمر



قال المرتضى: وطول الغيبة كقصيرها لأنها متعلقة بزوال الخوف الذي ربما تقدم أو تأخر وزيادة عمر الغائب على المعتاد لا قدح به لان العادة قد تنخرق للأئمة بل للصالحين.



شرح ذلك:



اذا كان السبب في استتاره وغيبته ما بيناهُ يتناه من خوفه على نفسه جاز أن يطول زمان غيبته لاستمرار أسبابها التي اوجبها لأنها متعلقة بها، فلا يجوز ظهوره مع ثبوت السبب الموجب للغيبة لأنه يؤدّي ذلك الى تغريره بنفسه، ولا ينبغي أن يستبعد استمرار أسباب الغيبة لأن ذلك ممكن غير ممتنع.



فاما طول الغيبة وخروجه عن العادة فلا اعتراض به أيضاً لأمرين: احدهما: انا لا نسلم أن ذلك خارق للعادة، لأن من قرأ الأخبار ونظر في أحوال من تقدم، ووقف على ما سطر في الكتب من ذكر المعمرين علم أن ذلك قد جرت العادة بمثله، وقد نطق القرآن ببعض ذلك (كما في نوح عليه السلام)... وما ذكر من أخبار المعمرين من العرب والعجم قد صنفت فيه الكتب... والوجه الأخير: إنّا لو سلمنا أن ذلك خارق للعادات كلها عادتنا وغيرها كان أيضاً جائزاً عندنا لأن اكثر ما في ذلك ان يكون معجزاً وإظهار المعجزات عندنا يجوز على ما ليس بنبي من إمام أو صالح وهو مذهب أكثر الامة غير المعتزلة والزيدية والخوارج، وإن سمى بعضهم ذلك كرامات لا معجزات، ولا اعتبار بالأسماء بل المراد خرق العادات. (المرتضى ـ شرح جمل العلم: 233 ـ 235. ونحو بتفصيل اكثر وشواهد اكثر من تقريب المعارف لابي الصلاح: 448 ـ 456).



وأما استبعاد الخصم بقاءه عليه هذه المدة فانما نشأ من ضعف البصيرة، وإلا فكيف يقال ذلك مع العلم بقدرة الله وقيام الدلالة على امكان فعل الكرامات للاولياء؟ غاية ما في الباب ان يقال: هو خرق العادة ونحن نمنع ذلك أولاً ثم نسلّم ونجعل ذلك معجزاً له عليه السلام.



واعلم ان تطاول الأعمار أضعاف عمر القائم عليه السلام وقع وقوعاً مستمراً حتى حصل ذلك لجماعة من الملوك والجبابرة فلا يكون ذلك خرقاً للعادة، بل مما جرت به العوائد، فان القرآن المجيد أخبر في طرف الصلحاء أنّ نوحاً عاش زيادة عن ألف سنة إلا خمسين عاماً، وفي نقل أهل التاريخ في طرف غير الصلحاء مثل شداد بن عاد بن إرم انه عاش سبع مائة سنة، ومن المعلوم بين أهل المذاهب وجود الخضر وعمره أضعاف عمر القائم عليه السلام، ولو حملت العصبية على انكاره لكان النقل من طرقهم مساعداً لنا، ولو فرق بين المقامين بان الامان يناط به أمور لا يتعطل مثلها لغيبة الخضر كان فرقاً في غير موضعه، لأنا نتكلم على استبعادهم طول العمر لا على فوات المصالح، وقد أجبنا على العذر فيما يفوت من المصالح بغيبة الإمام بأن الحال في ذلك من جهة المخيف لا من جهته عليه السلام، وبينا أن الحال فيه كالحال في النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين استتر فما وجه استبعاد ذلك في حق القائم عليه السلام.(المحقق الحلي ـ المسلك: 283 ـ 284 ونحوه الرسالة الماتعية للمؤلف: 313).



فاما طول عمره فغاية الخصم فيه الاستبعاد وهو مدفوع بوجوه:



1 ـ إن من نظر في أخبار المعمرين وسيرهم علم أن مقدارعمره وأزيد معتاد، فإنه نقل عن لقمان انه عاش سبعة آلاف سنة وهو صاحب النسور، وروى أنّ عمرو بن حممة الدوسي عاش أربعمائة سنة....



2 ـ قوله تعالى أخباراً عن نوح: (فلبث فيهم الف سنة إلاّ خمسين عاماً) العنكبوت: 14.



3 ـ الاتفاق بيننا وبين الخصم على حياة الخضر والياس عليهما السلام من الأنبياء والسامري والدجال من الأشقياء، وإذا جاز ذلك من الطرفين فلم لا يجوز مثله في الواسطة أعني طبقة الأولياء؟ (ابن ميثم ـ قواعد المرام: 191 ـ 192).



10 ـ طول عمره



شبهة:



تعلق الخصوم بانتقاض العادة في دعوى طول عمره، وبقائه على تكامل أدواته منذ ولد على قول الإمامية في سني عشر الستين والمائتين والى يومنا هذا، وهو سنة أحد عشر وأربعمائة، وفي حملهم في بقائه وحاله وصفته التي يدعونها له بخلاف حكم العادات، وانه يدل على فساد معتقدهم فيه. (الشيخ المفيد ـ الفصول العشرة ـ ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 3/ 91 و 47).



نقول: إن طول العمر وإن خرج عما نعهده نحن الآن من أحوال البشر، فليس بخارج عن عادات سلفت لشركائه في البشرية وامثالهم في الانسانية.



وما جرت به عادة في بعض الأزمان لم يمتنع وجوده في غيرها، وكان حكم مستقبلها كحكم ماضيها على البيان، ولو لم تجر عادة بذلك جملةً لكانت الادلة على أن الله تعالى قادر على فعل ذلك تُبطل توهم المخالفين للحق فساد القول به وتكذبهم في دعواهم.



وقد أطبق العلماء من أهل الملل وغيرهم أن آدم ابا البشر عليه السلام عمّر نحو الألف لم يتغير له خلق، ولا انتقل من طفولية إلى شبيبة، ولا عنها إلى هرم، ولا عن قوّة إلى عجز ولا عن علم إلى جهل، وأنه لم يزل على صورة واحدة إلى أن قبضه الله عزوجل.



والقرآن مع ذلك ناطق ببقاء نوح نبي الله في قومه تسعمائة سنة وخمسين سنة للانذار لهم خاصة... وأن الشيب لم يحدث في البشر قبل حدوثه في ابراهيم الخليل عليه السلام.



والاخبار متناصرة بامتداد ايام المعمرين من العرب والعجم والهند واصناف البشر واحوالهم... وقد اثبت اسماء جماعة منهم في كتابي المعروف بـ (الايضاح في الامامة) (راجع كتاب المعمرون: 1 ـ 114 كمال الدين 2: 523 ب 46) منهم لقمان بن عاد الكبير عاش على رواية ثلاث آلاف سنة وخمسمائة سنة. ورُبيع بن ضبيع عاش ثلاثمائة سنة واربعين سنة، والمستوغر بن ربيعة بن كعب عاش 333 سنة واكثم بن صيفي الاسدي عاش 380 سنة و....



ويذكر الفرس أن قدماء ملوكها زادت في الطول من الأعمار من جملتهم من عاش الفي وخمسمائة سنة، واكثر أهل العلم يقولون بان سلمان الفارسي رأى المسيح وادرك النبي وعاش بعده...(الشيخ المفيد / الفصول العشرة / ضمن مصنفات الشيخ المفيد: 3/ 91 ـ 103).



11 ـ اثبات طول عمر



در سوره زخرف آيه 28 آمده: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) ومراد از اين آيه حضرت امام مهدى ميباشد. (عبدالكريم مشتاق ـ مذهب شيعة حق3 ص 59).



12 ـ حيات امام



از سوره قدر استفاده ميشود كه در شب قدر ملائكه نازل ميشوند، واين حقيقت اظهر من الشمس است كه ملائكه بر حجت خدا نازل ميشوند، پس ما به اين نتيجه ميرسيم كه حتماً حضرت مهدى زنده وموجود است. (عبد الكريم مشتاق ـ مذهب شيعه حق 3 ص 60).



13 ـ طول عمره



حول مسأله طول عمره عجل الله تعالى فرجه الشريف نقول في الجواب الحلي:



إن السؤال عن إمكان طول العمر، يعرب عن عدم التعرف على سعة قدرة الله سبحانه (وما قدروا الله حق قدره) (الانعام: 91) فانه اذا كانت حياته وغيبته وسائر شؤونه، برعاية الله سبحانه، فاي مشكلة في أن يمد الله سبحانه في عمره ما شاء، ويدفع عنه عوادي المرض ويرزقه عيش الهناء أضف الى ذلك ما ثبت في علم الحياة، من إمكان طول عمر الإنسان إذا كان مراعياً لقواعد حفظ الصحة، وأن موت الانسان في فترة متدنية، ليس لقصور الاقتضاء، بل لعوارض تمنع عن استمرار الحياة، ولو أمكن تحصين الانسان منها بالادوية والمعالجات الخاصة لطال عمره ما شاء.



وبالجملة اتفقت كلمة الأطباء على أن رعاية أصول حفظ الصحة توجب طول العمر، واذا قرأت ما تدونه أقلام الأطباء في هذا المجال، يتضح لك معنى قوله سبحانه وتعالى:



(فلولا أنه كان من المسبحين ـ للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) (الصافات: 143). (جعفر سبحاني / الالهيات: 4/ 150).



14 ـ المهدي عليه السلام



الإمام المنتظر ليس منتظراً لشيعة بحار الانوار وغاية المرام فقط بل لجميع المسلمين، فقد اتفق علماؤهم وكتب أحاديثهم ومنها بعض الصحاح على أنه لابد من امام يخرج في آخر الزمان يسمى محمداً من نسل عليّ عليه السلام وفاطمة يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وإنما الخلاف في أنه ولد أو سيولد، وأئمة أهل البيت وشيعتهم قالوا بولادته وبوجوده في الأمصار غائباً عن الأبصار حتى يأذن الله له بالخروج حسبما تقتضيه حكمته... ولا مانع من بقائه وطول عمره كما طال عمر نوح وعيسى والخضر وإلياس من الأبرار والدجال وإبليس من الأشرار...وإن جاء في خبر أنه يسكن الجزيرة الخضراء وصح سنده فلا مانع من قبوله، وإلا كان كباقي الأخبار الضعيفة المشتملة عليها كتب الفريقين.... (السيد محسن الامين ـ نقض الوشيعة: 24).



15 ـ سبب غيبة الخضر



وأما سبب غيبة الخضر عليه السلام إن صح كونه حياً موجوداً الى الآن كما عليه أكثر علماء الفريقين، فلعلّ العلّة في غيبته كراهته لمعاشرة هذا الخلق المنحوس وتجافيه عن مباشرة البشر الذي ثلثاه شرّ بل كلّه شرّ الا من عصم الله ممن يصل اليهم أو يصلون إليه ويأنس بهم ويأنسون إليه أراد ـ ونعم ما أراد ـ أن يعيش متباعداً عن هذه الجلبة والضوضاء، وكان وظيفته بين الأنبياء ـ إن كان نبياً ـ تكميل الخواص من عباد الله من السياح والزهاد والأبدال والأوتاد بخلاف سائر الأنبياء فان وظيفتهم دعوة العامة من سواد الناس الى الإيمان.... (كاشف الغطاء ـ جنة المأوى: 207).



16 ـ حياة الخضر عليه السلام



قال النووي في (تهذيب الأسماء): اختلفوا في حياة الخضر ونبوّته، فقال الأكثرون من العلماء هو حيّ موجود بين أظهرنا وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة، وحكاياتهم في رؤيته والاجتماع به، والأخذ عنه وسؤاله وجوابه، ووجوده في المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصى وأشهر من أن تذكر، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في فتاويه: هو حيّ عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم، وإنما شذّ بإنكاره بعض المحدثين. (تهذيب الاسماء واللغات 1: 176).



وقال الزمخشري في ربيع الأبرار: أن المسلمين متفقون على حياة أربعة من الأنبياء اثنان منهم في السماء وهما إدريس وعيسى واثنان في الارض الياس والخضر، وان ولادة الخضر في زمن إبراهيم أبي الأنبياء. (ربيع الابرار 1: 397، تهذيب الاسماء 1: 177) و (كاشف الغطاء ـ اصل الشيعة: 225).



17 ـ طول عمره



حول مسألة طول عمره عجل الله تعالى فرجه الشريف نقول في الجواب النقضي:



فقد دل الذكر الحكيم على أن شيخ الأنبياء عاش قرابة الف سنة قال تعالى (فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما) (العنكبوت: 14).



وقد تضمنت التوارة اسماء جماعة كثيرة من المعمرين، وذكرت أحوالهم في سفر التكوين (التوراة، سفر التكوين،الاصحاح الخامس، الجملة 5)، وقد قام المسلمون بتأليف كتب حول المعمرين، ككتاب المعمرين لأبي حاتم السجستاني، كما ذكر الصدوق أسماء عدة منهم في كتاب كمال الدين ص 555، والعلامة الكراجكي في رسالته الخاصة، باسم (البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان) (البرهان على طول عمر الامام صاحب الزمان للكراجكي ملحق بـ (كنز الفوائد) له ايضا الجزء الثاني لاحظ في ذكر المعمرين ص 114 ـ 155 ط دار الاضواء بيروت ـ 1405)، والعلامة المجلسي في البحار (البحار ج 51 الباب 14 ص 225 ـ 293) وغيرهم. (جعفر سبحاني / الالهيات: 4/ 148).



18 ـ طول الغيبة والعمر



وما أخذتم عليهم (أي على الشيعة) من طول غيبة المهدي عليه السلام، فأنتم تعلمون أنه لو حضر رجل وقال: أنا أمشي على الماء ببغداد يجتمع لمشاهدته لعل كل من يقدر على ذلك منهم، فاذا مشى على الماء وتعجب الناس منه، فجاء آخر قبل أن يتفرقوا وقال أيضاً: أنا أمشي على الماء فان التعجب منه يكون أقل من ذلك فمشى على الماء، فان بعض الحاضرين ربما يتفرقون ويقل تعجبهم، فاذا جاء ثالث وقال: أنا ايضاً أمشي على الماء، فربما لا يقف للنظر اليه الا قليل، فاذا مشى على الماء سقط التعجب من ذلك، فإذا جاء رابع وذكر أنه يمشي ايضاً على الماء فربما لا يبقى أحد ينظر إليه ولا يتعجب منه، وهذه حالة المهدي صلوات الله عليه لأنكم رويتم أن إدريس عليه السلام حيّ موجود في السماء منذ زمانه إلى الآن، ورويتم ان الخضر حي موجود منذ زمان موسى أو قبله إلى الآن، ورويتم أن عيسى حي موجود في السماء وأنه يرجع إلى الأرض مع المهدي عليه السلام، فهذه ثلاثة نفر من البشر قد طالت أعمارهم وسقط التعجب بهم من طول أعمارهم، فهلا كان لمحمد بن عبد الله صلوات الله عليه أسوة بواحد منهم أن يكون من عترته آية لله في أمته بطول عمر واحد من ذريته، فقد ذكرتم ورويتم في صفته أنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، ولو فكرتم لعرفتم إن تصديقكم وشهادتكم أنه يملأ الارض بالعدل شرقاً وغرباً وبعداً وقرباً أعجب من طول بقائه وأقرب إلى أن يكون ملحوظاً بكرامات الله لأوليائه، وقد شهدتم أيضاً له ان عيسى بن مريم يصلي خلفه مقتدياً به وتبعاً له ومنصوراً به في حروبه وغزواته، وهذا أيضاً أعظم مقاماً مما استبعدتموه من طول حياته. (ابن طاووس ـ كشف المحجة: 106 فصل: 79).



إن مسألة طول عمر الإمام الثاني عشر عليه السلام سهلة لمن اعتقد بالمعجزات وخوارق العادات، اذ الامتناع العادي لا يمنع عن امكانه كسائر المعجزات فان العلل والاسباب لا دليل على انحصارها في الاسباب العادية الموجودة المألوفة... ولكن لا يذهب عليك إن عدم اليأس عن كشف طرق للاطالة لا يخرج طول عمر الإمام الثاني عشر عن كونه خارق العادة لان طول العمر المذكور بدون كشف طرق الإطالة غير طبيعي سيما اذا بقي على صورة رجل له أقل من أربعين سنة كما في بعض الأخبار، وعليه فطول عمره إعجاز أخبر به النبي والأئمة بالتواتر، وأجمع عليه الأصحاب على الأيمان به كسائر المعجزات.



نعم يزيد مثل هذه المعجزة على سائر المعجزات التي ليست من قبيلها من جهة وجود الإمكان العلمي فيها الذي قاله العلامة الطباطبائي: (إن عالم الطب لم ييأس حتى الآن من كشف طرق لاطالة عمر الانسان) دون سائر المعجزات.... (الخرازي ـ بداية المعارف 2: 155 ـ 156).



بقاء الإنسان أبد الدهر ممكن عقلاً والله قادر على كل ممكن، أليس الكفار في جهنم والمؤمنون في الجنة مخلدين، فيزيد عمر كل منهم من عمر المهدي في الدنيا بكثير، أليس الشيطان باقياً إلى الآن؟ ألم يكن نوح عاش اكثر من ألف عام؟ والمعمرون كثيرون كما ضبطهم التاريخ، والعلم الحديث أيضاً ينطق بصحة دوام عمر الإنسان وزيادة تعيشه، فالإشكال باطل بالقرآن والسنة والتاريخ والعلم الحديث مع أنه في نفسه ليس إلا إستبعاد محض. (المحسني ـ صراط الحق 3: 456).



من تدبر وأنصف عرف أنّ الإنسان إذا أمكن أن يعيش سنة أمكن أن يعيش ألوف السنين فإنّ من وهبه الحياة سنة يقدر أن يمدها الى ما شاء الله. (كاشف الغطاء ـ جنة المأوى: 207).



راجع مجلدات المقتطف السابقة تجد فيها المقالات الكثيرة والبراهين الجليّة العقلية لأكابر فلاسفة الغرب في إثبات إمكان الخلود في الدنيا للإنسان، وقال بعض كبار علماء أوروبا: لولا سيف ابن ملجم لكان علي ابن ابي طالب من الخالدين في الدنيا، لانه قد جمع جميع صفات الكمال والاعتدال. (كاشف الغطاء ـ اصل الشيعة: 326).



19 ـ طول العمر عند المنجمين



وجد بخط الشيخ السعيد أبي عبد الله الشهيد، وذكره أيضاً شيخنا المفيد في أخبار كثيرة: لا يخرج القائم إلا على وتر من السنين، ويمكن ان تكون ولادته في وقت يقتضي طول غيبته، فقد حكي عن علماء المنجمين أنّ دور الشمس ألف وأربعمائة وإحدى وخمسون سنة، وهو عمر عوج بن عناق عاش من نوح الى موسى، ودور القمر الأعظم ستمائة واثنان وخمسون، وهو عمر شعيب بعث الى خمس أمم، ودور زحل الأعظم مائتان وخمسة وخمسون قيل: وهو عمر السامري من بني إسرائيل، ودور المشتري الأعظم أربعمائة وأربعة وعشرون قيل وهو عمر سلمان الفارسي، ودور الزهرة الأعظم ألف ومائة وإحدى وخمسون قيل وهو عمر نوح، ودور عطارد الأعظم أربعمائة وثمانون قيل وهو عمر فرعون، وقد كان في اليونان مثل بطلميوس، وفي الفرس مثل الضحاك عاش ألف سنة وأقل وأكثر، وقد حكي عن سام إذا مضى من الف السمكة سبعمائة سنة يكون العدل ببابل، وعن سابود البابلي نحو ذلك وعن بعض العلماء اذا انقضت سبعمائة سنة يكون الآيات والعدل. (البياضي ـ الصراط المستقيم 2: 245).



20 ـ طول الغيبة والعمر



وأمّا تعجبهم من طول بقائه وعمره فالكلام عليه أن نقول: التعجب من طول العمر أما أن يكون من حيث اعتقاد المتعجب أنّ ذلك مستحيل وهو غير مقدور، وإما ان يكون من حيث كونه خارقاً للعادة.



اما الأول فهو قول الدهرية والطبائعيين الذين لا يقرون بالصانع المختار العالم، ويكذبون بما جاء في القرآن من قوله في نوح: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاماً)، وفي اصحاب الكهف: (ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين...)، وبما هو مشهور بين الأمة من قصة المعمرين من الأنبياء والحكماء والملوك وغيرهم.



وأما الثاني وهو أنه خارق للعادة فلا شك فيه، ولكنا قد بينا في الكلام في النبوة أنّ خرق العادة في حق غير الأنبياء جائز حسن، وأنه ليس فيه وجه قبح، ويوافقنا على ما ذكرناه الصوفية، وأصحاب الظاهر والأشعرية... والتعجب من طول استتاره وغيبته وعدم العثور على مستقره فمما لايصح التمسك به في إبطال وجوده... أليس الخضر موجوداً قبل زمن موسى وإلى وقتنا هذا باجماع أهل النقل واتفاق أهل السير والأخبار؟... فإنّ الامة مجمعة على بقائه ولا يراه أحد ولا يعرف مكانه...وكان من قصة يوسف وغيبته عن ابيه واخوته وذويه... وغيبة يونس نبي الله عن قومه وفراره منهم... وأمر أصحاب الكهف... وقصة الحمار الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها.



ثم وكم من الأمور العجيبة التي يعتقدها من دان بالاسلام وأقرّ به ممّا لم ير نظيره ولم يعتد مثله كرفع عيسى وإسراء نبينا... فليس ما نقوله ونذهب إليه في الغيبة بأعجب منها.



ثم وإني أقول: إن استبطاء خروج صاحب الزمان وظهوره والتمسك به واتخاذه وحده طريقاً الى نفي وجوده يشعر باعتقاد نفي القيامة والبعث والنشور، وذلك لأنّ الاستبطاء في ذلك أعظم وأكد وأكثر من حيث أنّ جميع الأنبياء كانوا ينذرون أممهم بالقيامة... وبعد لم تقم القيامة الى الآن... فإن كان مجرد تأخر خروج صاحبنا عليه السلام واستبطاء القوم ظهوره طريقاً إلى نفيه فتأخر القيامة واستبطاء الخلق ظهورها وقيامها أولى بأن يتخذ طريقاً الى نفيها. (الرازي ـ المنقذ 2: 398 ـ 401).



وأما طول حياته فمما لا يتعجب منه لأنّ هذا الإنكار إمّا أن يكون ممن يثبت قدرة الله أو ممن لا يثبتها، فمن أثبتها إن شك في أنّ الله تعالى قادر على إبقائه أحداً مع أنه قادر على جميع المقدرات، فهو كمن شك في أنّ الله تعالى عالم بجميع الجزئيات مع أنّه عالم بجميع المعلومات، وأن كان لا يثبته قادراً على ذلك فالكلام معه لا يكون في الإمامة والغيبة ولكنه في كونه تعالى قادراً، ومن ثم الى بون بعيد، فعلمنا أنّ ذلك غير منكر. (محمد بن سعيد الراوندي ـ عجالة المعرفة: 40 ـ 41).



وأمّا استبعاد الخصم بقاء مثل هذا الشخص هذا العمر فضعيف لانه لا شك في إمكانه، والوقوع مستفاد من الأدلة التي ذكرناها، وكيف يستبعد ذلك مع ما وجد في قديم الزمان من تطاول الاعمار أضعاف ذلك، لا يقال: استتاره مفسدة لا يجوز فعلها من الله تعالى ولا منه لعصمته فهو غير موجود، لأنّا نقول: لا نسلم أنّ استتاره مفسدة بل فيه مصلحة خفية لا نعلمها نحن، إمّا من الخوف على نفسه أو لأمر آخر غير معلوم لنا على التفصيل. (العلامة الحلي ـ مناهج اليقين: 482).



وأمّا الاستبعاد ببقاء مثله فباطل، لأن ذلك ممكن خصوصاً وقد وقع في الأزمنة السالفة في حق السعداء الاشقياء ما هو أزيد من عمره عليه السلام. (مقداد السيوري ـ شرح الباب الحادي عشر: 52).



أما استبعاد طول حياته فجهالة محضة، لأن طول العمر أمر ممكن بل واقع شايع كما نقل في عمر نوح ولقمان وغيرهما، وقد ذهب العظماء من العلماء الى أنّ أربعة من الأنبياء في زمرة الأحياء خضر والياس في الارض، وعيسى وادريس في السماء، على أن خرق العادة جائز اجماعاً سيما من الأولياء والأوصياء. (ابن مخدوم ـ شرح الباب الحادي عشر: 205).



إن الله اخبر عن عمر نوح،... فهل يعجز الله أن يبقى انساناً طويل العمر مضافاً الى أن الرسول قال ذلك. (مؤتمر علماء بغداد: 196)



/ 27