• عدد المراجعات :
  • 935
  • 11/26/2011
  • تاريخ :

الصفات الفعلية – نظرية الاشاعرة (3)

الصفات الفعلیة – نظرية الاشاعرة (3)

قال سبحانه: { وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا } (سورة يونس: الآية 99).

فهذه الآية تعرب عن عدم تعلق مشيئته سبحانه بإيمان من في الأرض ، ولكن من جانب آخر تعلقت مشيئته بإيمان كل مكلف واعٍ. قال سبحانه: { وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ } (سورة الاحزاب: الآية 4). فقوله: « الحقّ » عام ، كما أنَّ هدايته السبيل عامة مثله لكل الناس.

وقال سبحانه: { يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } (سورة النساء: الآية 26)  ، إلى غير ذلك من الآيات الناصَّة على عموم هدايته التشريعية.

الثالث : إِنَّ العصاة والكفار مكلّفون بما كُلّف به أهل الطاعة و الإيمان بنصّ القرآن الكريم ، و التكليف عليهم لا يكون ناشئاً من إرادة الله سبحانه ،و إلاّ لزم تفكيك إرادته عن مراده ، و لا بدّ أن يكون هناك منشأ آخر للتكليف ، و هو الذي نسمّيه بالكلام النفسي تارة ، و الطلب أُخرى ، فيستنتج من ذلك أنَّه يوجد في الإِنشاء شيء غير الإِرادة.

و قد أجابت عنه المعتزلة بأن إرادته سبحانه لو تعلقت بفعل نفسه ، فلا تنفك عن المراد ، و أمَّا إذا تعلَّقتْ بفعل الغير، فبما أنَّها تعلقت بالفعل الصادر من العبد عن حرية و اختيار ، فلا محالة يكون الفعل مسبوقاً باختيار العبد ، فإن أراد و اختار العبد يتحقق الفعل ، و إن لم يرد ، فلا يتحقق.

و بعبارة أخرى : لم تتعلق مشيئته سبحانه على صدوره الفعل من العبد على كل تقدير ، أيْ سواء أراده أمْ لم يرده ، و إنَّما تعلقت على صدور منه بشرط سبق الإِرادة ، فإنْ سبقت يتحقق الفعل و إلاَّ فلا.

و الأوْلى أنْ يقال : إِنَّ إرادته سبحانه لا تتخلف عن مراده مطلقاً من غير فرق بين الإِرادة التكوينية و الإرادة التشريعيَّة . أمَّا الأُولى ، فلأنَّه لو تعلقت إرادته التكوينية على إيجاد الشيء مباشرة أوْ عن طريق الأسباب ، فيتحقق لا محالة ، قال سبحانه: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (1).

وأمَّا الثَانية ، فلأن متعلّقها هو نفس الإنشاء و البعث ، أو نفس الزجر والتنفير ، و هو متحقق بلا شكّ في جميع أوامره و نواهيه ، سواء امتثل العبد أمْ خالف.

وأمَّا فعل العبد و انتهاؤه ، فليسا متعلقين للإِرادة التشريعية في أوامره ونواهيه ، فتخلُّفُهما لا يُعَدّ نقضاً للقاعدة ؛ لأنَّ فعل الغير لا يكون متعلقاً لإِرادة أحد ، لعدم كون فعل الغير في اختيار المريد (2) ؛ و لأجل ذلك قلنا في محله إِنَّ الإِرادة التشريعية إنّما تتعلق بفعل النفس ، أيْ إنشاء البعث و الزجر ، لا فعل الغير.

فخرجنا بهذه النتيجة ، و هي أنَّ الإِرادة التشريعيَّة موجودة في مورد العُصاة و الكُفّار، و المتعلَّق متحقق ، و إِنْ لم يمتثل العبد.

الرابع  : ما ذكره الفَضْل بن رُوزبَهان من أنَّ كلّ عاقل يعلم أنَّ المتكلم من قامت به صفة التكلّم ، ولو كان معنى كونه سبحانه


الصفات الفعلية – نظرية الاشاعرة (1)

الصفات الفعلية – نظرية الاشاعرة (2)

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)