• عدد المراجعات :
  • 3381
  • 11/15/2006
  • تاريخ :

طرقات على أوتار الغزو الثقافي

الغزم الثقافي

الثقافة والحضارة

الثقافة لغة/ ثقّف الشيء أقام المعوجه منه وسواه ثقف الإنسان أدبه وهذبه وعلمه و(الثقافة)، هي التمكن من العلوم والمعارف والفنون وثقف الرمح قومه وسواه والولد تثقف هذبه وعلمه فتهذب وتعلم فهو مثقف (1) .

وألان هنا نتسائل من هو الأقدم، الثقافة أم الحضارة؟ أو بعبارة أخرى مَن الذي ولد مَن، الثقافة ولدت الحضارة أم العكس؟

طبعاً ،سوف يترتب على الإجابة أو التأييد لأحدى الاحتمالين ،نتائج معكوسة، فأن قلت الحضارة تلد الثقافة، قلنا هذا، يعني أن البشرية ، بنت أول أشكال التنظيم دون سابق معرفة البته ، وأن قلت العكس ، فإن أول أشكال التنظيم الإنساني،  جاءت نتيجه وجود ثقافة معينه.

إذن الاحتمال الثاني هو الأقرب للواقع ، يقول المجدد الشيرازي قدس سره :

الحضارة وليدة الثقافة والثقافة تنبعث أول ما تنبعث من فكر إنسان عادة سواء كان ذلك الإنسان يتلقى الثقافة من الوحي والألهام أو من متطلبات زمانه ثم تنتشر وتتوسع حتى تعم قطراً أو أقطاراً وقد تكتسح العالم بأجمعه (2) .

إذن الجواب قد تقدم في كون الثقافة، هي التي تلد الحضارة و أن الثقافة بدورها تولد عن طريقين:

أ/ عن طريق الرسل والأنبياء سلام الله عليهم ، باعتبارهم مبلغين عن السماء.

ب/ المفكرين والعلماء من كل أمه.

الثقافة عقيدة

عندما تولد الثقافة و هي غالباً ، ما تكون على شكل تعليمات، سواء كانت قوليه أم سلوكية (عمليه) و نتيجة للأيمان بها ، سوف يتم تلقيها والعمل بها ،و تكرارها ، يؤدي ذلك إلى ما يعرف بـ( التراکم الثقافي )، و الذي سيتحول تدريجياً إلى عقيدة ، يستميت الإنسان في الدفاع عنها ومنها ، ينطلق نحو تشكيلالحضارة ، فنجد أن الإسلام و نبيه الكريم صلى الله عليه واله وسلم ، لم يشكل حضارة و دوله،  إلا بعد أن استطاع ، أن يحول الثقافة الإسلامية إلى عقيدة ، أستمات المسلمون في الدفاع عنها و التضحيه بكل ما يملكون من أجل بناء الحضارة الإسلامية ، التي وصلت إلى قمة الحضارات الإنسانية في وقتها.

الثقافة ماء الحضارة

أن الحضارة ، لن تستطيع الصمود والوصول إلى القمة السامية ، دون أن تتغذى ، و تروى من معين الثقافة ، وأن يكون ذلك الغذاء مستمر ومنتظم، فالحضارات شأنها شأن الإنسان،  يولد فيحتاج في نموه إلى الغذاء ، من أجل ان يحقق الهدف من وجوده ، فعندما ينقطع عنه الغذاء ، يموت

و الحضارة عندما تنقطع عن الثقافة،  تضعف ،  وتموت ،

و أن كل حضارة لها نوع غذاء ثقافي معين ، فإن تغير تغيرت الحضارة ، وأن كان مزيجاً كانت الحضارة مرقعه هزيله، لاتلبث أن تختفي  و تتلاشا عن الأنظار.

الأمم والغزو الثقافي

أن وحدة قياس قوة ألأمه، هي مقدار تمسكها بثقافتها  و حضارتها ، فكل أمه إذا ما أرادت الخلود والقضاء على منافستها من الأمم، ابتدأت بالقضاء على غذائها الحضاري المتمثل بثقافة تلك ألأمه،  ولن يستمر ذلك القضاء ، إلا بحلول ثقافة جديد محل الثقافة الأصيلة للامه، ثقافة تتلائم و الحضارة ألغازيه ، فهذا ما يعرف في عالم اليوم بـ( الغزو الثقافي) ، الذي يجد الطريق معبداً أمام في حالة تخلي أي حضارة عن ثقافتها الأصيلة، أما إذا وجد الطريق مسدودة أمامه ، فأنه يحاول جاهداً يجاد طريق أخرى من أجل تحقيق هدفه مهما كلف الأمر.

يقول الإمام الراحل،  محمد الشيرازي ( قدس سره)  في معرض حديثه حول الثقافة الإسلامية ،« ثم جاءت الثقافة والحضارة المزيجة من المسيحية واليهودية والإلحاد ، تريد قلع جذور الثقافة والحضارة الإسلامية وحيث أنهما وجدتا أرضاً صلبه عامرة بالإسلام وثقافته لم تجدا بداً من سلوك ألف سبيل وسبيل وأجراء أنهر من الدماء والدموع لتكريس أهدافها»، (3).

الحضارة الإسلامية والانهيار الثقافي

مما لا ريب فيه وكما تقدم ، أن الحضارة وليدة الثقافة والثقافة، لن تغذي الحضارة دون أن يكون لها راعاً من جهة و وعى ثقافي من جهة أخرى و من هنا ، نستطيع القول ، أن أسباب انهيار الحضارة الإسلامية:

أ/ تقاعس حكام البلاد الإسلامية في نشر الوعي الإسلامي : بل محاربتهم لمن يحاول جاهداً نشر مفاهيم الإسلام وثقافته.

ب/ اللامبالاة من قبل المسؤولين في تحقيق الرفاهية للبلاد الإسلامية :الأمر الذي أدى إلى هجر المجتمع للثقافة الإسلامية وذلك للشعور بعدم مقدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة منها.

ومن هنا وقعت الواقعة و غزيت البلاد الإسلامية و ما تزال تحت نير الغزو الثقافي الغربي و الشرقي،  الذي يزداد قوة يوم بعد يوم ، و نحن ننظر فهم يعملون و نحن نتفرج بانتظار النتائج مثلنا اليوم، مثل عبد أينما توله ، لايأتي بخير.

فإذا ما أراد المسلمون ، أن يرجع أليهم عزهم و حضارتهم ، لابد لهم من الرجوع إلى الثقافة الإسلامية الأصيلة قال تعالى: «وأطيعوا الله ورسوله ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين».

لا...ولن.... يرجع إلى المسلمين ما فقدوه إلا بإعادة الحضارة الإسلامية.

ثم لا..ولن...ترجع إلى المسلمين الحضارة الإسلامية ، إلا بنشر الوعي الإسلامي و رجوع الثقافة الإسلامية.

أما كيف ننشر الوعي الإسلامي؟

وكيف ترجع الثقافة الإسلامية؟

فذلك شيء يحتاج (إلى نهضة ثقافية إسلامية عالمية) في كل الأبعاد وبكل الوسائل والإمكانات.

----------------

(1) المنجد باب ثقف، المعجم الوسيط باب ثقف.

(2) السيد محمد الشيرازي ـ إلى نهضة ثقافية إسلامية ـ مركز الرسول الأعظم لتحقيق ونشر ـ بيروت لبنان ـ ص7.

(3) السيد محمد الشيرازي ـ المصدر سابق ـ ص8.

تعليم الشباب بين التلقين والتحليل

قيمة الاصالة في حياة الشباب

تربية الشباب بين الاصالة والتجديد

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)